هل يُسمع صوت الحوت الأزرق؟
يمكن للحيتان الزرقاء أن تصدر أصواتًا أعلى من المحركات النفاثة، فتستطيع الحيتان التواصل مع أخرى تبعد عنها مسافات، لكن هل يُسمع صوت الحوت الأزرق؟
يُعتبر الحوت الازرق أكبرَ كائنٍ موجودٍ على كوكب الأرض، ويُسمى سيّد الأعماق، وهو حيوانٌ ثديٌّ؛ حيث تلدُ الأنثى عجلها وتتولى إطعامه الحليب لمده 6 إلى 7 أشهر، ويمكن أن يعيش الحوت من 80 إلى 90 سنةٍ.
وعلى الرغم من ضخامته المخيفة إلا أنه غيرُ مفترسٍ مما سمح بالاقتراب منه ودراسته ورصد أصواته وأغانيه الجميلة.
ولدى هذا الحيوان قلبٌ ضخمٌ ولكنه ينبض 5 لـ 6 مراتٍ فقط في الدقيقة الواحدة، ويُمكن سماع نبضات قلبه على بعد أكثر من ثلاثة كيلومترات، وما زالت الأصوات التي يُطلقها لغزًا يُحير العلماء ؛ حيث أظهرت دراساتٌ دامت أكثر من 40 عامًا أن الحيتان الزرقاء قد طوّرت أساليب اتصالٍ متطوّرةً تسمح لها بالتحدث مع بعضها عبر المحيطات، وهي مجبرةٌ على هذا التواصل الصوتي لأنها تُعتبر بطبيعتها كائناتٍ منفردةً نسبيًا؛ حيث عادةً ما يعيش الحوت الأزرق وحيدًا وأحيانًا يتواجد بشكلِ ثنائيٍّ مُكوَّنٍ من الأم وعجلها أو حوتين بالغين، وبالرغم من ذلك يسبحان تاركين مسافةً لا تقلُّ عن عدّة كيلومتراتٍ عن بعضهما، كما أن التزاوج والهجرة بحثًا عن بيئةٍ مناسبةٍ هي أهدافٌ لجميع الكائنات الحية وإصدار الأصوات يُسهِّل هذه العمليات.
مستوى تردد أصوات الحيتان الزرقاء
وخلال الحرب الباردة لاحظ مسؤولون في البحرية الأمريكية الذين كانوا يرصدون نشاط الغواصات السوفييتية في شمال المحيط الهادي أصواتًا عميقةً دائمةَ الظهور على راداراتهم المائية وحددوا مواقعها على بُعد أميال عديدةٍ منهم، ثم ما لبثوا أن اكتشفوا أنها أصوات الحيان الزرقاء التي يُمكن أن تكون صوتيةً عند تردداتٍ منخفضةٍ جدًا تصل إلى حوالي 14 هرتز أي أقل بكثيرٍ من قدرة السمع البشري؛ لأن تكرارها السريع جدًا يحدُّ من أن تُميّزه الأذن البشرية بشكلٍ كاملٍ، ويُعتبر هذا الأمر لُطفًا إلهيًا؛ لأن أصوات الحيتان تتصدر قائمة أقوى وأعلى الأصوات البيولوجية وأسرعها في المحيط فتخيل لو كان الإنسان يُدركها بشكلٍ واضحٍ لكان عندها أغلب سكان العالم مصابين بالصمم وأيضًا لسهّل صيد الحيتان المُهددة بالانقراض.
وتتكون أغاني الحيتان من مجموعةٍ من أصوات الأنين العميق والآهات والأزيز والتنهدات والنقرات التي تستمر لعشرةِ دقائقَ أو أكثر بقليلٍ، ويعتقد علماءٌ أن أغاني المغازلة ذات التردد المنخفض للغاية الآتية من الحيتان الزرقاء هي أقوى أصوات الحيتان، وغالبًا ما يقوم الذكر تحديدًا بهذه المهمة الصاخبة التي يتم تعطيلها حاليًا بسبب التلوث الضوضائي في العالم عمومًا وأصوات الشحن الحديث واختبارات المتفجرات في المحيطات خصوصًا.
وتصدر الحيتان الزرقاء أصوات تُوصف على أنها نبضات، أو آهات، أو أنين بتردد 15-40 هرتز، وهي أقل بكثير من قدرة السمع البشري القادر على سماع الترددات من 20-20000 هيرتز، حيث تنتقل هذه الاهتزازات والأصوات العميقة التي يصدرها الحوت الأزرق آلاف الأميال عبر البحر، وتصل شدة الصوت الذي يصدره لأكثر من 180 ديسيبل، مما يجعل صوت الحوت الأزرق أعلى صوت على هذا الكوكب بالرغم من انخفاض تردده، والأصوات التي يصدرها الحوت الأزرق والتي يمكن للبشر سماعها تكون عبارة عن أزيز أو طنين أو نخرات أو همهمات ذات وتيرة واحدة.
وتتواصل الحيتان مع بعضها البعض على مسافة تزيد عن 1000 ميل عبر الماء، كما تستخدم صوتها للتنقل واكتشاف الطعام، حيث تعيش الحيتان الزرقاء بمفردها أو بشكل ثنائي من أم وعجلها أو حوتين بالغين، وبسبب أسلوب الحياة هذا عملت الحيتان على تطوير طريقة استثنائية للتحدث مع بعضها البعض عبر مسافات كبيرة جدًا، فتستخدمها الحيتان للتواصل فيما بينها فهي تسمح بالتعرّف على الأفراد الآخرين، تحذيرهم من المخاطر وكذلك للتنقل.
سبب إصفرار الحوت الأزرق
يتصف الحوت الأزرق (Balaenoptera musculus) بكونه أضخم حيوان على وجه الأرض، يزن حوالي 150 طنًا وقد يصل طوله إلى أكثر من 30 مترًا، وهو من أنواع حيتان البالين، يتميز بلون أزرق تحت الماء، وعند صعوده إلى السطح يظهر أزرقًا مع بقع باللون الرمادي المزرق، يكتسي جلده في منطقة البطن مسحة من اللون الأصفر وذلك يعود إلى ملايين الكائنات الحية الدقيقة التي تستوطن ثنيات جلده، لذلك يُطلق على الحوت الأزرق اسم الحوت الكبريتي بسبب صُفرة الجانب السفلي منه المشابهة للون الأصفر الباهت لعنصر الكبريت.
تعيش الحيتان الزرقاء منفردة أو في مجموعات صغيرة في المحيطات، يُمكن مشاهدتها في خليج سانت لورانس وقبالة سواحل مونتيري، وكاليفورنيا، وباجا كاليفورنيا في المكسيك.
غذاء الحوت الأزرق
تتغذى على الكريل (نوع من القشريات الشبيهة بالجمبري)، يصل استهلاك الحوت الأزرق البالغ منها يوميًا ما يقارب ثمانية أطنان. وتمضي الحيتان وقتها في الصيف في المياه القطبية، في حين تتجه نحو خط الاستواء في الشتاء لتتكاثر؛ وتمتد فترة الحمل عند الإناث على مدار 12 شهرًا، ليولد بعدها عجل وحيد طوله حوالي 8 أمتار، سرعان ما يبدأ باكتساب الوزن بمعدل 90 كغ يوميًا بفضل حليب أمه الغني بالمغذيات. يُفطم الصغار بعد سبعة إلى ثمانية أشهر، عندما تبلغ من الطول حوالي 15 مترًا.
وفي النهاية نكون عرفنا أن الحيتان الزرقاء أصواتًا تتميز بأنها ذات تردد منخفض وغالبًا ما تكون غير مسموعة للبشر، لأنها تقع تحت عتبة السمع البشري، حيث يستطيع البشر سماع الأصوات ذي الترددات من 20 إلى 20000 هرتز، وتعتبر الأصوات التي يتراوح ترددها من 1000 إلى 5000 هرتز هي الأصوات التي نسمعها بشكل أفضل من غيرها.
بالتالي فإنّ الأصوات التي يصدرها الحوت الأزرق والتي يمكن للبشر سماعها تتميز بكونها أصوات نمطية أو ذات وتيرة واحدة والتي يمكن وصفها كنبضات، أو نخرات، أو همهمات، أو تأوهات، أو أنين.