ما الفرق بين نظريتي لامارك وداروين في التطور؟ ولما تُعد نظرية داروين هي الأنجح؟
5 د
إنّ كلًّا من لامارك وداروين عالمان شهيران قاما بوضع نظرياتٍ تُفسر تطور الكائنات عبر السنين، فقد قام لامارك وداروين بدراسة ومراقبات الكائنات لسنين طويلة في محاولة لفهم الطريقة التي نشأت بها الكائنات وأصبحت بشكلها الحالي، لكن بينما أصبحت نظرية التطور مقترنة بداروين إلا أنّ الكثيرين يجهلون نظرية لامارك، ويجهلون الفارق بين النظريتين.
في الحقيقة، إن الكلام عن نظرية التطور في يومنا هذا أصبح مُقترناً بالكثير من الجدل العلمي والديني، لكن عمل كلٍّ من لامارك وداروين ومن تلاهما من العلماء تبرز نتائجه في العديد من المجالات العلمية، لذا من المهم للغاية التعرف على نظريات هذين العالمين وفهمها، ولهذا السبب بالذات قررنا أن نقدم لكم هذا المقال الذي يشرح نظريتي كلٍ من لامارك وداروين والفرق ما بينهما.
نظرية لامارك
كان لامارك عالماً فرنسياً عمل على تفسير نشأة الكائنات، وبذلك أنتج النظرية التي أصبحت تُسمى اللاماركية، أو نظرية التطور لـ لامارك، واعتمدت نظرية لامارك على أنّ الكائنات تتطور لتتكيف مع محيطها وبيئتها، ثم تقوم بتوريث هذه الصفات التي اكتسبتها عبر التطور إلى أبنائها، أي أنّ البيئة تتغير، فتكافح الكائنات لتتكيف مع تغير البيئة هذا فتتطور، ثم تقوم بتوريث هذه الصفات المكتسبة، وبحسب لامارك فإنّ العضو المستخدم بكثرة يتطور، أما الأعضاء التي لا يُستخدم بكثرة تضمر وتصبح عديمة الأهمية.
دائماً ما يتم اللجوء إلى مثال الزرافة لشرح نظرية لامارك، فبحسب لامارك كانت الزرافة كائناً عاشباً يمتلك رقبة قصيرة، لكن بسبب التجفاف وتناول مختلف الحيوانات لأوراق الأشجار لم يتبقَّ أوراق يستطيع هذا الحيوان تناولها، لذا بدأت رقبته تطول كي يستطيع الوصول إلى أوراق الأشجار الأعلى، وهكذا تطورت الزرافة تدريجياً إلى شكلها الحالي، وهذا ما يُفسر التنوع الحيوي الذي نشاهده اليوم، وذلك لأن بعض الكائنات تطورت وأخرى لم تتطور.
نظرية داروين
إنّ نظريات كلٍ من لامارك وداروين فسرت التنوع الحيوي لكن بشكلٍ مختلف، فنظرية داروين التي أسماها الانتخاب الطبيعي تستند على مفهومين رئيسيين هما الصراع من أجل البقاء والبقاء للأصلح، فبحسب داروين فإن الكائنات تتصارع لتحصل على الموارد في بيئتها، والكائنات الأصلح للحصول على هذه الموارد هي من ستحصل عليها وبالتالي ستنمو وتتكاثر على عكس باقي الكائنات.
الكائنات الأصلح ستورث الصفات التي جعلتها قادرة على البقاء إلى الأجيال القادمة، هذه الصفات سماها داروين الصفات المنتخبة، وقد وضح داروين نظريته عبر إيضاح الاختلاف الموجود ما بين الأنواع وأفراد النوع الواحد، وقد أوضح أنّ الاختلافات الناجمة عن صفات الفرد أي الصفات المكتسبة لا يُمكن توارثها، لكن الاختلافات الناجمة عن الحمض النووي يُمكن توارثها، كما أوضح أنّ بعض الأفراد ينجحون في البقاء على قيد الحياة لمدةٍ تكفي للتكاثر أكثر من غيرهم من الكائنات، لكن هذا ليس عشوائياً، فالكائنات الأصلح أي الأكثر قدرة على التأقلم هي من تنجح في البقاء.
إذا أردنا أن نطبق نظرية داروين على الزرافات، فبحسب داروين فالزرافات التي تمتلك رقبةً أطول بالأصل أصلح للبقاء من الزرافات ذات العنق القصيرة، هذا أدى إلى اندثار الزرافات ذات الرقبة القصيرة وبقاء الزرافات التي نعرفها اليوم لأنها أصلح وأكثر قدرة على البقاء والتكاثر.
ما هي التشابهات ما بين نظريتي كلٍ من لامارك وداروين؟
يُمكن القول أنّ كلًّا من لامارك وداروين كانا يتفقان أنّ الكائنات الحية والطبيعة التي نعرفها اليوم لم تكن دائماً بهذا الشكل بل هي نتيجة تطور الكائنات الحية لتستطيع التأقلم مع بيئتها، وأنّ هذا التطور مستمر بالحدوث حتى يومنا هذا، وكلًّا من لامارك وداروين كانا يتفقان أنّ الكائنات الحية تطورت من كائناتٍ بسيطة إلى كائناتٍ أكثر تعقيداً.
ديفيد كوامن يكشف الوجه الآخر لدارون..
ما السبب الذي جعل نظرية داروين أكثر نجاحاً من نظرية لامارك؟
على الرغم من أنّ كلًّا من لامارك وداروين عمل جاهداً لوضع نظرية تُفسر التنوع الحيوي في الطبيعة، لكن يُمكن القول أنّ نظرية داروين كانت أكثر نجاحًا وذلك لوجود عدد أكبر من الأدلة التي تدعمها وتُثبت صحتها، فعلى سبيل المثال نحن نعرف اليوم أنّ ما اقترحه لامارك من كون الصفات المكتسبة تُورث من الآباء إلى الأبناء هو خاطئ بالكامل، فإن قام شخصٌ ما بممارسة رياضة كمال الأجسام بشكلٍ يومي ستنمو عضلاته وتقوى لكنه لا يستطيع أن يُورث هذه الصفات إلى ابنه.
كما أنّ اعتقاد لامارك أنّ الكائنات ذاتها تطور أعضائها لتتكيف مع بيئتها يبدو خاطئاً بالكامل إذا ما نظرنا لوجود العديد من الكائنات البسيطة وأحادية الخلية في الطبيعة حتى يومنا هذا، كما أننا نعرف أنّ الرقبة لن تطول على سبيل المثال مهما احتجنا لذلك ومهما استخدمناها، لذا فإنّ العديد من الكائنات تنقرض باستمرار وذلك لعدم قدرتها على التطور والتكيف مع بيئتها وهو ما يتماشى مع نظرية داروين حول أنّ البقاء للأصلح.
كما أنّ اكتشاف الجينات ودراستها دعم نظرية داروين بشكلٍ كبير، فقد أثبتت الدراسات العلمية افتراضات داروين حول التنوع الطبيعي، وبالطبع لم يكن داروين يعرف بأمر الجينات وأنّ هذا التنوع ينبع من الاختلاف الجيني إلا أنّه استطاع ملاحظة تأثير الجينات على التنوع الطبيعي، كما أنّ اكتشاف الجينات أثبت أنّ الصفات يتم توريثها بدون أي دور للبيئة والعالم الخارجي، أي أنّ البيئة لا تؤدي إلى تطور الأفراد، لكن الأفراد ذوي الصفات الأصلح يعيشون أطول فينجحون بتوريث مورثاتهم على عكس الصفات غير الصالحة للبقاء.
بالطبع شرح أفكار كلٍ من لامارك وداروين يحتاج كتبًا ومقالاتٍ عديدة لكن نأمل أنّ يكون هذا المقال قد نجح بتقديم الخطوط العريضة لعمل كلٍ من هذين الرجلين العظيمين، ونجح بتوضيح أوجه التشابه والاختلاف ما بين نظريتهما، كما نجح بتوضيح الأسباب التي جعلت تشارلز داروين أب التطور في التاريخ.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.
للعلم تحقق طفرتين جنيتين يحتاج ل 100 مليون سنة أي ان الزرافة في سياق تطورها و تحولها كانت بحاجة الى مليارات المليارات من السنوات.انصح بقراءة كتاب ” أين أخطأ داروين”.
الزافة خلقت على هيئتها و لم تتطور كما تفترض النظريتين لمارك و داروين و الادلة كثيرة بينها القلب الضخم للزرافة المسؤول عن ضخم الدماء الى اعلى رأسها و المحابس التي تنضم عملية تدفق الدم اثناء انحناء العنق باتجاه الارض لشرب الماء .كما أن التفاوت في احجام اقدام الزرافة الأمامية و الخلفية ثبت علميا أن تنسجم تماما مع طول عنق الزرافة.أي أن كل شيء في الزرافة قد خلق على ما هو عليه لحظة خلقها و لم يخضع للتطور كما تفترض هاتين الفرضتين البائستين.