عشرة أسرار خفية لم تكن تعرفها عن الامبراطورية العثمانية

الإمبراطورية العثمانية
أراجيك
أراجيك

11 د

شهد العالم على مدار عصوره المختلفة ظهور إمبراطوريات عظيمة دانت لها دول عديدة وخضعت لسيطرتها، ولم تكن الإمبراطورية العثمانية باسثناء عن سابقاتها، فقد سيطرت هذه الإمبراطورية على مناطق شاسعة في الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا، وامتد نفوذها جنوبًا ليشمل منطقة شبه الجزيرة العربية.

وكانت الإمبراطورية العثمانية معروفة بقبضتها الحديدية على ولاياتها المختلفة، فكانت قادرة على إخماد جميع الثورات التي اندلعت في وجهها على مدار السنين، بيد أنها في المقابل كانت مشهورة كذلك بسمات خاصة ميزتها عن غيرها من الإمبراطوريات، ولا سيما فيما يتعلق بشؤون الحكم والصراعات الداخلية بين أفراد الأسر الحاكمة.

ولذا، كان من الطبيعي أن يعج تاريخ حكامها بأسرار كثيرة وغامضة، وهنا سنستعرض بعضًا من الأسرار الخفية للإمبراطورية العثمانية:


10- قتل الأخ:

صورة لسلطان عثماني في إحدى غزواته

لم يمارس السلاطين العُثمانيون الأوائل ما يُعرَف بحق البكورة، حيث يَرِث الابن كل شيء، نتيجةً لذلك طَالَبَ العديد من الأخوة بالعرش مما أزعجَ هؤلاء المُدّعُون الدولة في أيامها الأولى، والذين اتجهوا إلى دولٍ معاديةٍ مما سبب اضطراباً لعدةِ أعوام.

وعندما حاصر محمد الفاتح القسطنطينية، كان عمهُ يقاتِل ضِدهُ من وراء الجدران، فتعامل مُحَمَد مع هذهِ المُشكلة بقسوةٍ معتادة، فعند اعتلائِه للعرش أعدَمَ معظم أقارِبه من الذكور، ومن ضِمنِهم أخوه الرضيع الذي قُتل شنقاً في سريرهِ. ولاحقاً أصدَرَ قانونَهُ البِشع والذي يقولُ فيه: على من يعتلي عرش السلطنة من أبنائي أن يقتل إخوته فإن ذلك ما يُلائِم النِظام العالمي، وقد أباحَ مُعظم العُلماء له ذلك.

ومنذ ذلك الحين، وجب على كل سلطان يعتلي العرش حديثاً أن يقتل جميع أقارِبِهِ من الُذكور. وقام محمد الثالث عندما طلبَ أخوهِ الصغير الرحمة منه بتمزيقِ لحيَتِهِ بحُزن قائلاً له: لا تَنبُس بأي كلمة. فأُعدِم الولد مع ثمانيةَ عشر شخصاً من إخوته. ويقال إن منظر أجسام الأخِوة التِسعةَ عشر المُكَفنة التي جابت رُبُوع الشوارع قد جعلت اسطنبول جميعها تذرِف الدُموع.

وحتى بعد انتهاء الجولةِ الأولى من الَقتل، لم يكن أقاربُ السلطان في مأمنٍ قط، فقد كان سُليمان القانوني يُشاهِد ابنُه بصمتٍ من خلفِ الستار يُشنَق بوترِ القوس، علماً أن هذا الطِفل كان قد أصبح معروفًا جداً لدى الجيش لدرجةٍ تجعل السُلطان يشُعر بالأمان.


9- القفص:

قصر توبكابي

لم تكُن سياسة قتل الأخ معروفة لدى العامة أو رجال الدين في الامبراطورية العثمانية، لذا تخلى الحكام عن هذه السياسة رويداً رويداً عقِبَ موت أحمد الأول فجأة عام 1617. وبدلاً من ذلك، احتجز الوَرَثة المُحتملون لاعتلاء العرش في قصر (طوب قابي) في اسطنبول في غُرف مُخَصَصَة تُعرف بالأقفاص.

وقد يقضي سلطان الدولة العثمانية حياتهِ برُمتها محبوساً في القفص حيث يراقبهُ الحُراس بشكلٍ دائمٍ، وعادةً ما يتميز هذا الحبس بالرفاهية، ولكنه كان يُفرض بشدة، فبعض الأمراء قد أصابهم الجنون من الملل، والبعض الآخر قد أصبح مجنوناً من شرب الكحول. وعندما يؤخذ السلطان الجديد إلى “بوابة السعادة” لتلقي ولاء الوزراء، ربما تكون تلك هي المرة الأولى التي يكون فيها خارج محسبه منذُ عقود.

ومع ذلك، استمرت الإعدامات في صفوف الأخوة، ففي عام 1621، رفض كبير المُفتين أن يُشنَق أخ سليمان الثاني، وقد استعجل رئيس هيئة القُضاة في البلقان بإعطاءِ رأيٍ مضاد، وعلى أي حال فقد شُنق الأمير، وانقلب على عثمان نفسه من قبل الجيش والذي وجب عليهم أن يُخرِجوا أخيهِ الحي من القفص عن طريق إخراجه من على السطح وسحبه خارجاً بالحبل، وقد ظل الرجل المسكين دون طعام وشراب لمدةِ يومين وبقي مذهولاً بعد أن عَلِمَ أنه قد أصبح السلطان.


8 – القصر كان عبارة عن جحيم صامت:

قصر توبكابي

كانت الحياة في توبكابي خانِقة لدرجةٍ فظيعة حتى بالنسبة للسلطان، وقد كان من غير اللائق للسلطان أن يتحدث كثيراً، لذلك كان هناك لغة إشارة تستعمل، ويقضي السلطان طيلة اليوم يحاوطهُ الصمت التام ولهذا وجَدَ مصطفى الأول أن هذا مستحيلاً وحاول منع ذلك، ولكن وزرائهِ قد منعوهُ من ذلك وسرعان ما أصابه الجنون ووُجد على البحر يرمي النقود للسمك لكي تنفقها.

وقد استطونت المكائد في القصر، وذلك لسعيِ الوزراء والمتوددين والخصيان (والذين كانوا يعملون كأوصياء على النساء أو الخدم والحريم) إلى السلطة، وقد اكتسبت نساء القصر نفوذاً امتد لمئة وثلاثين عامًا حيثُ عُرفت هذه الفترة بـ”حريم السلطان”. وكان الترجمان وهو المترجم الرئيسي يتمتع بقوة كبيرة ودائماً ما يكون من اليونان.

وقُسم المخصيون على أسس عنصرية ضمن فئتين: رئيس الخصي الأسود، ورئيس الخصي الأبيض، وكان في كثير من الأحيان بينهما منافسة شرسة. ووسط هذا الجنون، كان السلطان مراقباً أينما ذهب. فقد أرسل أحمد الثالث إلى وزيره الأكبر يشكوه قائلاً: “إذا ذهبت إلى أحد الحجرات يصطف أربعون من الخدم وإذا هممت بارتداء البناطيل لا أشعر حتى بالراحة ولذلك يجب على الحراس أن يُطردوا، وأن يبقى أربعة أو ثلاثة منهم فقط، فربما أكون مرتاحَ البال حينها”. ولكن معظم السلاطين قضوا أيامهم في صمتٍ تام، مراقَبون دائماً في أجواء تتسم بالخطورة، فأصبح العديد منهم مرضى عقليين.


7- الإعدامات:

الإعدام شنقاً في الدولة العثمانية

كان السلطة العثمانية متحكمة بمصائر العباد، وكان هناك المحكمة الأولى في “قصر توبكابي” حيث يتجمع الزُوار في مكانٍ مخيفٍ جداً. ومما يُميز هذه المحكمة عمودان تُعرض عليهم الرؤوس المقطوعة، إضافة إلى ينبوع وحيد خاص لكي يغسل الجلادون أيديهم. وقد كان الجميع يكتمون أنفاسهم في المحكمة الأولى حين يدوي صوت مِدفعٍ خاص في كلِ مرة يُلقى فيها جسد في الماء.

ولم يُعنى العثمانيون بإنشاءِ فريقٍ من الجلادين فقد كانت الوظيفة على غير العادة ملقاةً على عاتِقِ الحُراس، الذين يقضون وقتهم ما بين القتل وزرع الزهور الجميلة التي نعرِفُها الآن. غير أنه كان من المُحَرَم إراقة دماء المسؤولين من الأسرة المَلَكية و ذويِ المكانةِ المرموقة ولذلك كانوا يلجؤون إلى الشنقْ. ونتيجةً لذلك، كان رئيس الحُراس دائماً ضخم الُبنية، رجلاً مفتولَ العضلاتِ قادراً على خنقِ الوزير حتى الموت في لمحِ البصر.

وفي الأيام الأولى للدولة العثمانية كان موظفو السلاطين يتباهونَ بانصياعهم لِنَزَواتِهم وكان من المألوف لهم أن يواجهوا الإعدام بسمو هادئ. وكان الوزير المشهور( قَرَا مصطفى باشا) محترماً جداً فقد حيا جلادهِ بتواضع قائلاً له فليكن ذلك، ثم ركع إلى الحبل ليعقدهُ حول رقَبَتِهِ. وفي الأعوام التالية تغيّرت المعايير، ففي الحقيقة، حارب حاكم القرن التاسع عشر مناضلاً ضد رجال السلطان، مما أفضى به أن يكون قتيلاً بالرصاص عند أرضيِة بيتهِ.


6- سباق الموت:

الجلاد في الدولة العثمانية



لم يكن هناك سوى سبيلٍ واحد للمسؤول المخلِص للهرب من غضبِ السلطان، بداية من أواخر القرن الثامن عشر، أصبح من العادة للوزير المُدان أن يُفلِت من مصيرهِ وذلك عن طريق هزيمة رئيس الحراس في سباقٍ في حدائق القصر. ويُستدعى المسؤول إلى اجتماع مع رئيس الحراس، وبعد تبادل التحيات يُعطى الوزير كوباً من العصير المُجَمد، فإن كان الشراب أبيض، فإن السلطان يمنحه فرصة للنجاة، ولو كان احمر، فإنه يُعدم.

وحالما يرى الوزير أن الشراب أحمر، فإنه يبدأ بالركض، فيجري في حدائق القصر مندفعاً بين الأشجار القُبرُصية ذات الظلال والخزامى، تراقِبُهُ على الأرجح عيون من وراءِ نوافذ القصر.

سلطان عثماني بين جنوده

وكان الهدف هو بوابة سوق السمك على الجانب الآخر، فإذا وصل الوزير إلى البوابة قبل رئيس الحُراس، فإنه يُنفى فقط، لكن رئيس الحراس دائماً ما يكون أصغر سناً وأقوى فيكون دائمًا في انتظارهِ ومعه حبل حريري. غير أن هناك القليل من الوزارء قد فازوا، فهاسي صالح باشا هو آخر الوزراء الذين خاضوا سباق الموت، وقد تلقى تهنئةً ذات نطاقٍ واسع وأصبح بعد ذلك حاكماً إقليمياً.


5- الجماهير:

صورة من الدولة العثمانية عام 1913

على الرغم من كونهم في المرتبة الثانية لدى السلطان من الناحية النظرية، فإن الوزراء الكبار يميلون لأن يُعدَموا أو يُلقَوا للجماهير ككبشِ فداء إذا حدث أي خطأ. وقد وجد (سليم الأول) أن الوزراء الكبار بدؤوا بحمل وصيتهم معهم في جميع الأوقات. وكان يجب على الوزراء أن يرُضوا شعب اسطنبول عندما يميلون إلى التظاهر عند القصر مطالِبين بالإعدام عند وقوع أي مصيبة. ولا يعني هذا أن الناس كانوا خائفين من اقتحام القصر إذا لم تلَبى مطالبهم، ففي عام 1730، قاد جندي أشعث يُدعى (باترون) الجموع داخل القصر وقاموا بالسيطرة على الدولة لعدة شهور.


4- الحريم:

الدولة العثمانية



ربما كان أفظع شيء في “قصر توبكابي” جناح الحريم المَلَكي، الذي يتألف مما يزيد عن ألفي امرأة، معظمهن قد اشترين أو اختطفن كعبيد، واللواتي يقَدَمن زوجات للسلاطين أو خليلات له، وقد كُنَّ في عُزلة في جناح الحريم، وبالنسبة للرجل إذا نَظَر إليهن فهذا يعني الموت الفوري، وكان يحرسهن ويعنى بهن رئيس الخصي السود والذي هيمن على منصِب من أقوى المناصب في الدولة.

وكانت الأحوال متنوعة في جناح الحريم على نحو محتمل، فقليل من المعلومات فقط عن الأحداث تكون متاحةً داخل هذه الجدران. وقد قيل إن بعض الخليلات بالكاد ما تنظر إلى السلطان، واستطاع بعضهن الآخر أن يحظى بنفوذٍ على مدار وجود الدولة. فقد وَقَعَ سليمان القانوني في حُب أحدِهِن والتي تدعى (رويكسلانا) فتزوجها وجعلها مستشارِته الرئيسية. وكان نفوذ (رويكسلانا) ذا درجةٍ عالية جعلت الوزير الأكبر يرسل القُرصان (بارباروسا) في مهمةٍ متهورة لخطف الجميلة الإيطالية (جوليا جونزاجا) لاعتقاده أنها الوحيدة التي تقارن بمفاتن (رويكسلانا).

وقد أحبط الخطة هذه شجاع إيطالي، والذي اندفع إلى غرفة نوم جوليا حاملاً اِيِاها على حِصَانه قبل وصولِ القراصنة، ويٌقال إنه بعدما شَكَرَت جوليا الرجل كثيراً على إنقاذها، قامت بطَعنِهِ حتى الموت وذلك لرؤيته لها في قميص النوم، العمل الذي حَظِيَ بإعجاب إيطاليا بأكملها. وحظيت السلطانة (كَوسم) بنفوذ أكثر من (رويكسلانا)، حين أدارت الدولة باعتبارها ولية عهد ابنها وحفيدها، ولكنها قد قابلت نظيرتها (توران) زوجة ابنها التي طاردت (كوسم) وشنقتها بالستارة قبل أن تحل محلها كوَلِيَة عهد.


3- جزية الولد:

الجيش الانكشاري



من أكثر الصفات ذات السمعة السيئة في الدولة العثمانية هي الدوشرمة (جمع المال) وهي عبارة عن جِزية للأطفال الصِغار من رعايا الدولة المسيحية. ومعظم الأولاد كانوا يلتحقون بالقسم الانكشاري وهو جيش من الجنود العبيد كانوا في طليعة الحروب العثمانية. وكانت تُطَبق هذه الجزية بغير انتظام وذلك عند حاجة الدولة لها، وكانوا يقصدون الأولاد ذوي الأعمار بين الثاني عشر والرابع عشر من اليونان والبلقان.

ويستَدعي المسؤولون العثمانيون جميع الأولاد في القرية ثم يتحققون من أسمائهم على سجلات المعمودية من الكنيسة المحلية. بعد ذلك يختارون الأقوى وربما يأخذون ولداً واحداً من كل أربعين أسرة. وبعد ذلك يُجمع الأولاد معاً ويسيرون إلى اسطنبول، حيث يسقط الأضعف قتيلاً على طول الطريق.

وأنشأ العثمانيين وصفاً تفصيلياً لكل طفل بحيث يمكن تعَقُبُه إذا لاذ بالفرار. وفي اسطنبول، يختن الأولاد ويتحولون إلى الإسلام، ثم يرسل أكثرهم وسامةً وذكاء إلى القصر، حيث يُدربون للانضمام إلى نخبة المقاتلين. وهؤلاء الأولاد يمكن أن يطمحوا للوصول إلى أعلى الرتب، وأصبح الكثير منهم من الباشاوات أو الوزراء، مثل الوزير الكرواتي الشهير سوكولو محمد الفاتح. أما بقية الأولاد فيرسلون إلى العمل في مزرعة لمدة ثمانيِ سنوات، حيث يتعلمون التركية ويكتسبون  القوة. وفي العشرينيات من العمر، يصبحون رسمياً من الانكشارية، وهم جنود النخبة الإمبراطورية الذين كانوا يخضعون لإجراءات تأديبية قاسية.

وكانت هناك استثناءات من الجزية. فقد كان ممنوعًا أن يؤخذ الطفل الوحيد للعائلة أو أبناء الرجال الذين خدموا في الجيش. وكان اليتامى محظور لهم الدخول لبعض الأسباب كما كان الهنغاريون غير موثوقٍ بهم. واستبعد مواطنو اسطنبول أيضاً على أساس أنه “ليس لديهم ما يدفعهم للشعور بالعار”.


2- العبودية:

صورة عن العبودية في الدولة العثمانية

على الرغم من أن (الدوشرمة) قد انتهت في القرن السابع عشر، فقد ظلت العبودية سِمة أساسية من سمات النظام العثماني حتى نهاية القرن التاسع عشر. ومع مرور الوقت، جاء معظم العبيد من أفريقيا أو من القوقاز (الشركس بشكل خاص)، في حين كانت الغارات سبباً في تدفق مستمر للعبيد الروس والأوكرانيين، وحتى البولنديين.

ومع أن المسلمين لا يمكن أن يستعبدوا من الناحية القانونية، فإن هذا الحكم يصبح طي النسيان  كلما جفَت الإمدادات من غير المسلمين؛ ففي كتابه الكلاسيكي (العِرْق والرق) في الشرق الأوسط، ناقش الباحث (برنارد لويس-Bernard Lewis) فكرة أن العبودية الإسلامية تطورت بشكل كبير بشكل مستقل من العبودية الغربية، وبالتالي كانت تتميز بعدد من الاختلافات الرئيسية. فعلى سبيل المثال، كان من الأسهل نوعاً ما للعبد العثماني الحصول على حريته أو بلوغ مواقع السلطة.

والمدافعون عن العثمانيبن يحبون أن يدّعوا أن معاملة العبيد البيض والسود على حد سواء كانت أقل عنصرية، وهو ادعاء تقلّص إلى حد ما في كتابات السود الحقيقية الذين عاشوا تحت هذا الحكم. ولكن ليس هناك شك في أن العبودية العثمانية كانت نظاماً وحشياً لا يصدق. فقد مات الملايين من الناس في غارات العبيد أو ممن عملوا حتى الموت في الحقول. هذا إضافة إلى عملية الإخصاء المستخدمة في إنشاء الخصيّ. وكما أشار لويس، استورد العثمانيون الملايين من العبيد من أفريقيا ولكن بقي قلة قليلة من الناس من أصل أفريقي في تركيا الحديثة اليوم.


1- المذابح الجماعية:

المذابح الجماعية

على العموم، كان العثمانيون إمبراطورية مُتسامِحة إلى حدٍ ما. وبصرف النظر عن الدوشرمة، فإنهم لم يقوموا بأي محاولة حقيقية لتغييرِ دين رعاياهم من غير المسلمين، ورحبوا باليهود ترحيباً حاراً بعد أن طُردوا من إسبانيا. ولم يميز العثمانيون أبداً بين رعاياهم، وكانت تدار الإمبراطورية عمليًا من الألبان واليونانيين. ولكن عندما يشعر العثمانيون بالتهديد، فيمكن أن يتحولوا إلى أشخاص شنيعين جداً. فعلى سبيل المثال، كان سليم الأول كان قَلِقاً جداً من الشيعة، الذين أنكروا سلطته كمدافع عن الإسلام وكان من الممكن أن يصبحوا عملاء مزدوجين لبلاد فارس. ونتيجة لذلك سار عبر شرق الإمبراطورية، وذبح أربعين ألف شخص على الأقل من العلويين وساقَ عدد لا يحصى من منازلهم.

وعندما بدأ اليونانيون أولًا الضغط من أجل الاستقلال، ارتكب العثمانيون بحقهم عدداً من المجازر الرهيبة. ومع تراجع الإمبراطورية، فقدت الكثير من التسامح القديم، وازدادت شراسة أكثر وأكثر تجاه أقلياتِها. وبحلول القرن التاسع عشر كانت المجازر تنمو بصورة شائعة وعلى نحوٍ متزايد. وقد وصلت هذه المجازر الشهيرة إلى ذروتها المُرعِبة عام 1915، عندما دَبَرَت الدولة -بعد عامين من انهيارها- مجزرة بحقّ ما يعادل 75% من سكان أرمينيا. وتوفيَ نحو 1.5 مليون شخص في الإبادة الجماعية للأرمن، إنها الوحشية التي لا تزال تركيا ترفض الاعتراف بها بشكل كامل.

ذو صلة

انظر أيضاً: 

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة