خمس مفارقات منطقية تحير العقل

المفارقة المنطقية هي عبارة أو مشكلة تبدو في ظاهرها منطقية ولكنها تنتج ناتجين متناقضين تماماً أو تقدم إثباتًا على شيء يخالف حدسنا. المفارقات كانت وتظل أحد أسس التفكير الفلسفي القادرة على تحدي المواقف التي نعتبرها بسيطة وسهلة وقلب ما نعتقد أنه حقيقي على رأسه وإثبات عكسه.

هذه المفارقة هي أحد مفارقات الفيلسوف زينون الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد وهي كالآتي: تخيل آخيل البطل الشهير يسابق سلحفاة، ولجعل الأمور أكثر عدلاً جعلنا السلحفاة تبدأ السباق قبل آخيل بفترة معينة حتى تصل إلى خمسمئة متر ثم بعد ذلك يبدأ هو بالجري، وعندما يصل آخيل إلى خمسمئة متر تكون السلحفاة تحركت مسافة خمسمئة وخمسة وخمسين متراً وعندما يصل هو إلى نفس هذه المسافة تكون هي قد تحركت مسافة 0.5 متر وعندما يعود آخيل ليصل إلى نفس المسافة تكون السلحفاة قد تحركت 0.125 متر زيادة وهكذا حتى مالانهاية من أعدادٍ أصغر وأصغر. السلحفاة دائماً تتحرك للأمام وآخيل دائماً يلحق بها.

منطقياً، يبدو أن آخيل لن يسبق السلحفاة أبداً فهو عندما يصل لنقطةٍ سبق للسلحفاة الوصول لها يكون هناك مسافة فارقة بينهما مهما كانت تلك المسافة صغيرة…بالطبع حدسنا يخبرنا أنه بإمكانه تخطي السلحفاة، الفكرة هنا ليست في أخذ المفارقة على أنها عبور مسافات وسباق ولكن إن أي رقم محدود يمكن قسمته عدد لا نهائي من المرات.

تلك المفارقة تم ذكرها في العديد من الأفلام والروايات وهي ببساطة كيف يمكن لشيء تم أخذه من المستقبل ووضعه في الماضي أن يوجد من الأساس.

أوضح مثال لها كان في كتاب البروفيسور دايفيد تومي (مسافرو الزمن الجدد) وهو كالآتي: تخيل أن أحد مسافري الزمن اشترى نسخة من رواية هاملت ورجع بالزمن وأعطاها لشكسبير الذي نسخها ونشرها تحت اسمه ومع مرور الزمن تم طبعها أكثر من مرة حتى انتهت على رف محل الكتب الذي أُخِذت منه في البدء ليشتريها مسافر الزمن وهكذا، السؤال هنا من الذي كتب رواية هاملت إذاً؟

تخيل عائلة لديها طفلين أحدهما نعرف أنه ولد، ما هو احتمال أن يكون الطفل الآخر ولداً أيضاً؟، حدسنا يخبرنا أن الاحتمال هو ½ ولكن في عائلة لديها طفلين يكون هناك في الحقيقة أربعة احتمالات للطفلين فيمكن أن يكونا ولدين (MM)، أو بنتين (FF)، أو ولد وبنت (MF)، أو بنت وولد (FM).

وفي حالتنا هذه نحذف احتمال أن يكونا بنتين (FF) فيتضح لنا أن احتمال كون الطفل الآخر ولداً هو 1/3 وليس ½ .

تخيل أنك تمسك بطاقة بريدية مكتوب على جانبها (العبارة على الجانب الآخر صحيحة) سنسمي هذه العبارة عبارة A، وعلى الجانب الآخر مكتوب (العبارة على الجانب الآخر خاطئة) سنسميها العبارة B، هذا يقودنا إلى مفارقة فإذا كانت Aصحيحة فإن B صحيحة أيضاً وبالتالي فإن A خاطئة!

والعكس إذا كانتA خاطئة فإنB خاطئة أيضاً مما يجعل A صحيحة!

تم وضع تلك المفارقة في بداية القرن العشرين على يد عالم المنطق فيليب جورداين وهي تبسيط لمفارقة الكاذب والتي تقر بعض العبارات الصحيحة التي تحتوي في فحواها على إثبات خطئها.

وتعرف أيضاً باسم مفارقة همبل نسبة إلى صاحبها عالم المنطق الألماني وهي تبدأ كالآتي بعبارة صحيحة (كل الغربان لونهم أسود) تتبعها عبارة ليست ضرورية ولكنها صحيحة أيضاً وهي (كل ماهو ليس أسود ليس غراب)، فكلما رأيت غراباً أسوداً هذا دليل على صحة العبارة الأولى وعندما ترى شيء ليس أسود أيضاً فهذا دليل على صحة العبارة الثانية فكلما رأيت تفاحة هذا دليل على صحة العبارة الثانية فالتفاحة ليست سوداء وليست غراب.

المفارقة هنا هي أنه من الواضح أن همبل أثبت أن رؤيتك للتفاحة يقدم لنا دليلاً حتى وإن لم تكن التفاحة لها علاقة باللون الأسود أو الغربان، هذا مثل قولك إنني أعيش في مدينة نيويورك وهذا دليل على أنني لا أعيش في مدينة لوس أنجيلس…ما هو كم المعلومات الذي يمكن أن نستنتجه من عبارة واحدة؟