اكتشاف هيكل عظمي عمره 2000 سنة.. وتحليل أسنانه يُظهر طبيعة الحياة الاجتماعية في العصر الروماني
3 د
اكتشف باحثون هيكل عظمي لرجل سرماتي يعود تاريخه إلى 2000 سنة خلال مشروع بناء طريق في كامبريدجشير، إنجلترا.
أظهر تحليل الحمض النووي أن الرجل كان من أصل روسي جنوبي وأشارت التحليلات إلى تغيير في نظام غذائه يشير إلى رحيله إلى بريطانيا.
يشير الباحثون إلى إمكانية أن يكون الرجل هو ابن أحد أفراد وحدة الجيش السرماتية المتمركزة في بريطانيا خلال حياته، مما يبرز قصة معقدة حول الهجرة وتبادل الثقافات في تلك الحقبة التاريخية.
في إطار مشروع بناء الطرق في كامبريدجشير، إنجلترا، اكتشف علماء الآثار بقايا رجل سارماتي يعود تاريخها إلى 2000 عام، وتم التعرف عليها من خلال تحليل الحمض النووي. رغم الاعتقاد الأولي بأنه ينتمي إلى السكان المحليين خلال العصر الروماني البريطاني، أثار هذا الاكتشاف الضوء على وجود شخص من "جنوب روسيا". يُدعى هذا الرجل بأوفورد كلوني 203645، وقد دُفن بدون ممتلكات شخصية بين عامي 126 و 228 ميلادي، مما يتحدى الافتراضات السابقة حول تكوين السكان في تلك المنطقة خلال الفترة المعنية.
والسرماتيا هي إحدى الشعوب التاريخية الإيرانية، وهي مجموعة من القبائل النقية التي عاشت في القرون القديمة في منطقة تعتبر اليوم جزءًا من جنوب روسيا وأوكرانيا. كانت السرماتيا معروفة بمهاراتها في ركوب الخيل وكانت لديها تقاليد عسكرية قوية. تاريخياً، كان للسرماتيا تأثير كبير على الساحة السياسية والعسكرية في المنطقة، وتعاقبت عليها عدة إمبراطوريات وثقافات من بينها الفارسية والسكيثية والهنود اليونانيون. في القرن الثاني الميلادي، هُزمت السرماتيا على يد الرومان، مما أدى إلى نهاية هيمنتهم في المنطقة.
تم هذا الاكتشاف الرائد عندما قام باحثون من معهد فرانسيس كريك بتحليل الحمض النووي المستخرج من عظم الأذن الداخلية للهيكل العظمي. وأشارت مارينا سيلفا، الباحثة في المعهد، إلى أن المظهر الجيني لـ Offord Cluny 203645 يختلف بشكل كبير عن الأفراد الرومانيين البريطانيين الآخرين الذين تمت دراستهم حتى الآن. وكان الاستنتاج غير المتوقع هو أن الرجل كان من أصل سارماتي، وهو شعب يتحدث اللغة الإيرانية ويشتهر بمهاراته في ركوب الخيل.
قدّمت نتائج تحليل النظائر لأسنان أوفورد، الذي أجراه فريق بحث بقيادة جانيت مونتغمري من جامعة دورهام، رؤى إضافية حول حياته. أظهرت الدراسة أن أوفورد، خلال طفولته المبكرة، كان يتناول الدخن وحبوب الذرة الرفيعة، ما يتناسب مع ممارسات الزراعة في منطقة سارماتيان. ومع ذلك، يُشير التحول في نظامه الغذائي نحو استهلاك القمح، السائد في أوروبا الغربية، إلى أن أوفورد نفسه قد هاجر إلى بريطانيا. يتحدى هذا التغيير الغذائي على مر الزمن الافتراض السائد الذي يفترض أن أسلافه كانوا المسؤولين عن وجوده في تلك المنطقة.
يكشف السياق التاريخي أنه خلال حياة أوفورد، كانت وحدة من جيش سارماتيا متمركزة في بريطانيا. لذا يتوقع الباحثون أن أوفورد ربما كان ابنًا لأحد أعضاء هذه الوحدة أو حتى عبدًا في صفوفهم. توفر النتائج لمحة فريدة عن الترابط بين الحضارات القديمة وتنقل الأفراد خلال هذه الفترة.
إن تحديد أوفورد كلوني 203645 كرجل سارماتي مدفون في إنجلترا بين عامي 126 و228 م يتحدى المفاهيم السابقة حول تكوين السكان الرومانيين البريطانيين. إذ تشير النتائج الجينية والغذائية غير المتوقعة إلى قصة معقدة للهجرة والتبادل الثقافي خلال العصر القديم. لذا يفتح هذا الاكتشاف آفاقًا جديدة لفهم التأثيرات التاريخية المتنوعة التي شكلت الجزر البريطانية، مما يسلط الضوء على أهمية الرحلات الفردية في تشكيل النسيج الأوسع للتاريخ البشري. ويتوقع الباحثون المزيد من الاستكشاف للموقع للكشف عن أدلة إضافية حول حياة وتفاعلات المجتمعات القديمة في المنطقة.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.