مشروع المحفظة الرقمية Novi: عندما فشل زوكيربيرج في الدخول إلى سوق العملات الرقمية!

بهذه العبارة أعلنت Meta الشركة الأم لفيسبوك نهاية مشروع سعى لبناء شبكة مالية عالمية، لكنه كان بعيدًا كل البعد عمّا توقّعه مؤسسوه، بعد أقل من عام على إطلاقه قررت Meta إغلاق آخر ما تبقى من مشروع العملة المشفرة المتعثر "Novi pilot" في الأول من سبتمبر القادم.

ونصحت Novi المستخدمين باستخراج رصيدهم المتبقي قبل تاريخ التوقف، حيث يمكن للمستخدمين نقل أموالهم إلى بنوك أخرى، أو يمكنهم سحبها على شكل نقود، وفي حال نسي أحدهم سحب رصيده المتبقي تدّعي Meta أنها ستحاول تحويل أمواله إلى الحساب المصرفي ولكن ليس من الواضح ما تخطط الشركة لفعله بأي من الأموال التي لا تتم المطالبة بها.

وتقول الشركة المالكة لفيسوبك أيضًا إنه يمكن لمستخدمي Novi طلب نسخة من البيانات التي جمعتها الخدمة عنهم بحلول الأول من سبتمبر وتحذر من أنهم لن يتمكنوا من الوصول إلى سجل المعاملات أو البيانات بعد انتهاء الإصدار التجريبي، وكشفت الشركة أن المستخدمين لن يكونوا قادرين على الإيداع في حساباتهم اعتبارًا من 21 يوليو، كما ذكرت على موقع الويب أن كلًّا من تطبيق Novi و Novi على WhatsApp لن يكونا متاحين بعد الآن.

قدمت Meta المحفظة الرقمية Novi كطريقة سريعة وبسيطة لإجراء المعاملات المالية، فقد صممت خدمة Novi لتحويل الأموال بين الأشخاص بشكل مجاني وأسرع مما يمكنك القيام به عبر البنك الذي تتعامل معه وذلك باستخدام عملة مستقرة كوسيلة للتحويل، فقد حولت جميع أموال المستخدمين إلى العملة المشفرة "USDP" هذا يعني أن المبلغ الذي ستحصل عليه من سحب الأموال من حساب Novi الخاص بك كان يعتمد على قيمة عملة Pax Dollars المشفرة.

كان من المقرر أن تكون محفظة Novi طريقة آمنة لإرسال واستلام الأموال على الفور وبشكل آمن وبدون رسوم لكنها فشلت في التوسع خارج الولايات المتحدة وجواتيمالا، حتى أن الموقع لم يخرج من مرحلة الإصدار التجريبي إلى الإصدار المستقر الأول بالكامل، ولعل الأسباب التالية هي أبرز العوامل التي أدت إلى فشل محاولة زوكيربيرج اقتحام سوق العملات المشفرة.

لا تتمتع شركة Meta بسمعة طيبة فيما يتعلق بخصوصية المستخدمين وحماية بياناتهم، ويرى الكثيرون أن أي مشروع مرتبط بشركة مارك زوكيربيرج ما هو إلا حيلة حتى تتمكن الشركة من الحصول على بيانات المستخدمين لتتبعهم وإرسال المزيد من الإعلانات المستهدفة.

ففي البداية وقبل أن تغير الشركة اسمها من فيسبوك إلى ميتا كان تملك الشركة الأمريكية نظام دفع مستقر مبنيًا على بلوك تشين، أطلقت عليه اسم "Diem"، وكان موجهًا لمنصات التواصل الاجتماعي.

وفي عام 2019، كشفت الشركة عن عملتها الأولى عبر هذه المنصة والتي أسمتها "Libra" وكانت محفظة التشفير الخاصة بها تسمى "Calibra"، غيرت ميتا اسم محفظة التشفير تلك لاحقًا لتصبح Novi، في محاولة منها لإرباك المستخدمين وتضليلهم عن أصل تلك العملة وإبعاد الشكوك عن أي علاقة تجمع الشركة الأمريكية بتلك العملة.

ولكن ذلك التغيير كان بلا جدوى فبمجرد إطلاق مشروع Novi طالب أعضاء مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة بإغلاقه لأن الشركة لا يمكن الوثوق بها لإدارة العملة المشفرة، وأن الشركة تهدف غالبًا لجمع البيانات المالية، ما يحقق مكاسب للشركة على حساب المستخدمين وهذا أجبر ميتا على التراجع عن سعيها للهيمنة على التشفير.

في البداية لم تكن عملة الشركة الرقمية Diem تختلف عن غيرها، فكانت كباقي العملات المشفرة موجودة بشكل رقمي بالكامل، ولا توجد على شكل أوراق نقدية أو عملات معدنية مادية، وكان من المقرر تسجيل معاملات Diem في بلوك تشين. ولكن فيما بعد قامت الشركة بربط قيمة عملتها بالدولار الأمريكي، وهو تنسيق معروف على نطاق واسع باسم "العملة المستقرة".

وبالطبع، يتناقض هذا مع مبدأ العملات الرقمية كالبيتكوين والإيثريوم وغيرها، حيث لا يدعمها أي شيء، ما يؤدي إلى تأرجح قيمتها بشكل كبير استجابةً للتكهنات، ولهذا صُّممت Diem لتجعل تحويل الأموال عبر الإنترنت أكثر سهولة ولكن انهارت ولم تحقق النجاح المتوقع لها، ولعل السبب في ذلك أن الفئة المستهدفة لا تهتم بالعملات المستقرة على أي حال!

كان ديفيد ماركوس أحد الشخصيات المهمة في مجتمع التشفير منذ أن كان رئيسًا لشركة PayPal فهو من بين أول مجموعة من قادة التكنولوجيا الذين دعموا البيتكوين والعملات المشفرة الأخرى، عمل ماركوس سابقًا في مجلس إدارة Coinbase، انضم إلى فيسبوك في عام 2014 واستلم إدارة ماسنجر كما ترأس مشروع نوفي، ولكن بعد مضي شهر واحد فقط على إطلاق هذا الخدمة قرر ماركوس مغادرة ميتا؛ فبسبب الانتكاسات التي مرت بها الشركة والمعوقات التي واجهت مشروع Diem قلّصت الجهود المبذولة في مجال العملة المشفرة، فأعلن استقالته في شهر نوفمبر العام الماضي، وبعد رحيل ماركوس بدأت ميتا في التقليل من الأهمية التي توليها لـ Novi  إلى أن أعلنت نهايتها.

وفي شهر فبراير الماضي، أعلن بنك Silvergate -وهو بنك رائد للأعمال المبتكرة في مجال التكنولوجيا المالية والعملات المشفرة- أنه سيستحوذ على التكنولوجيا والأصول الأخرى لمشروع العملة المستقلة من ميتا Diem بصفقة تقدر بـ 182 مليون دولار.

لم تتخل Meta تمامًا عن طموحاتها في البلوك تشين، بل على العكس تمامًا أعلنت أنها متفائلة جدًا بشأن القيمة التي يمكن أن تحققها تقنيات البلوك تشين للأفراد والشركات في الميتافيرس، وأن الهدف الرئيسي الذي تعمل عليه الشركة في الوقت الحاضر هو توسيع أعمالها في الميتافيرس وجذب عدد كبير من الأشخاص إلى هذا العالم وهذا بدوره سيدر عائدات هائلة على الشركة.

وقد ساعدت Novi على جذب الأشخاص العاديين إلى الاهتمام بالعملات المشفرة والميتافيرس، بل إن الشركة تخطط لإعادة استخدام هذه التكنولوجيا للمنتجات المستقبلية، بما في ذلك مبادرة العوالم الافتراضية الخاصة بها، وهذا ما أكدته الشركة في تغريدة لها على تويتر تقول فيها:

في الأشهر الأخيرة بدأت Meta اختبار NFTs على إنستغرام ونشرت مؤخرًا دعمًا للرموز غير القابلة للاستبدال على فيسبوك لمنشئي المحتوى في الولايات المتحدة، كما أعلن زوكربيرج أيضًا في 22 يونيو عن تغيير العلامة التجارية Facebook Pay لتصبح Meta Pay وهي خطوة أولى لإنشاء محفظة رقمية للميتافيرس، ولكن ستظل متاحة لإرسال الأموال وإجراء عمليات الدفع أو التبرعات التي تجريها عبر مجموعة تطبيقات Meta (فيسبوك وماسنجر وإنستجرام وواتساب).

وعبّر زوكربيرج أنه يطمح في أن ينقل تجربة Meta Pay إلى الميتافيرس حيث ستكون محفظة عالمية لجميع العناصر الرقمية التى يشتريها المستخدم أو ينشئها فى الميتافيرس والتي ستشكل فرصًا أكبر لمنشئي المحتوى، بالإضافة إلى ذلك فإن الشركة تعمل أيضًا على إطلاق عملة رقمية تسمى "Zuck Bucks" والتي لا تعتمد على البلوك تشين.

بشكل عام، يمكن القول إن ميتا لا ترغب في ترك مجال العملات المشفرة دون غزوه، وإنها لا ترغب فقط في أن يكون لها الصدارة في الميتافيرس، وإنما أن تؤمّن وسائل الدفع داخله كذلك، ومع المشاكل الكبيرة التي تواجها شركة ميتا، فقد يكون ذلك أمل آخر يحاول به مارك زوكيربيج تعويض خسائر شركته، بما في ذلك خسائره مع المحفظة الرقمية Novi.