البيتكوين يقفز فوق مستوى 22000 دولار، فهل سيستمر في الصعود؟

شهدت بداية عام 2023 ارتفاعًا كبيرًا في سعر البيتكوين تجاوز التوقعات مسجلًا أفضل بداية سنوية منذ عام 2013، حيث أضافت زيادة في سعرها بأكثر من 41% في يناير، ولكن ليس فقط البيتكوين هو الذي شهد ارتفاعًا،  ارتفعت عملة الإثيريوم أيضًا بنسبة 32% في الشهر الماضي، في حين أن سوق العملات البديلة أصبح على قيد الحياة مع عملات مثل SingularityNet (AGIX ) التي حققت مكاسب تجاوزت 800%.

لقد أسعد التحول السريع في الأسعار متداولي العملات الرقمية الذين عانوا للتو من أسوأ شتاء تشفير في تاريخ السوق، لكن لا يزال الكثيرون مترددين في العودة إلى الاستثمار في البيتكوين خوفًا من انتعاش السوق الهابطة.

ما التطورات التي ساعدت البيتكوين على الارتفاع في الأسابيع الأخيرة؟

أحد الأسباب الأكثر بديهية وفورية هو أن الاقتصاد الأمريكي يظهر علامات تحسن، مما يعني أن الدولار الأمريكي في ارتفاع مستمر وقد يخف من وضع التضخم الحاد، لذلك فإن الكثير من المحللين متفائلين بأن البنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يبطئ وتيرة رفع أسعار الفائدة خلال 2023.

وكما كان متوقعًا رفع البنك الاحتياطي سعر الفائدة بوتيرة أبطأ خلال اجتماعه الأول لعام 2023 في فبراير بنحو 25 نقطة أساس، بعد رفعها في اجتماع ديسمبر بنحو 50 نقطة أساس في أعقاب زيادة بنحو 75 نقطة أساس في ثلاث اجتماعات متتالية سابقة.

تمثل أسعار الفائدة المرتفعة تكاليف استثمار أعلى مما يؤدي إلى اضطراب الأصول الخطرة مثل الأسهم أو العملات المشفرة التي تمثل استثمارات عالية المخاطر، ولكن مع ابطاء وتيرة سعر الفائدة انتعش أداء الأصول ذات المخاطر العالمية والتي ظهرت في الارتفاعات الكبيرة في البيتكوين.

أحد الأسباب الرئيسية التي جعلتنا نشهد ارتفاعًا ملحوظًا في سوق العملات المشفرة هو تهدئة التضخم، وقد حفز الدخل الإضافي المتاح الناتج عن ضعف الرياح المعاكسة للتضخم المزيد من الناس على القيام باستثمارات أكثر خطورة، أدى هذا لاحقًا إلى الخوف القديم من الضياع، حيث كان سعر البيتكوين يسير في مسار إيجابي ويريد الجميع أن يكون جزءًا من النجاح.

المخاطر لا تزال قائمة لكن أسوأ شتاء التشفير قد ولى

لا يزال الكثيرون مترددين في العودة إلى العملات المشفرة المفضلة بسبب الكثير من المخاوف المبررة، بسبب مخاطر نظامية متعددة والتي لا تزال تشكل تهديدًا على المدى القريب، أحد هذه المخاطر هو الأزمة المستمرة بين  Digital Currency Group (DCG ) وشركة الإقراض Genesis التي تقدمت بطلب للإفلاس في يناير بسبب ديون دائنيها التي تتخطي 3.6 مليار دولار.

يقول أحد الخبراء أن شركة DCG لا تزال تمثل بالتأكيد خطرًا على الرغم من أن شركة Genesis تقدمت الآن بطلب للحصول على إفلاس، ولكن الأمل هو أن يبدأ المستثمرون في الحصول على بعض الوضوح حول حجم ونطاق التداعيات، لقد كان عام 2022 وابلًا حقيقيًا للغاية من المخاطر النظامية داخل النظام البيئي للعملات الرقمية وتم تسعير الكثير من الأخبار السيئة التي ساهمت في التراجع السريع للأسعار الذي شهدناه العام الماضي.

أفادت أخبار أن شركة DCG و Genesis توصلوا إلى اتفاق من حيث المبدأ بشأن شروط خطة إعادة الهيكلة مع مجموعة من الدائنين الرئيسيين للشركة والتي ستساعد في بدء عملية حل بعض المشكلات الرئيسية التي أدت إلى تقديم Genesis للإفلاس، تتضمن الاتفاقية خطة لإنهاء دفتر قروض Genesis وبيع الكيانات التابعة للمقرض المفلس.

تطورات مثل هذا، إلى جانب أداء سوق العملات المشفرة في يناير، تشير إلى أن " أسوأ فصل شتاء للعملات المشفرة انتهي"، لكن هذا لا يعني أن التقلبات لا تزال موجودة، فلا تزال DCG تمثل خطرًا بالتأكيد، كما هو الحال مع إمكانية زيادة الإجراءات التنظيمية، ناهيك عن موقف البنك الاحتياطي الفيدرالي الأكثر تشددًا، لذلك حتى لو كان الشتاء المشفر قد انتهي فهذا لا يعني أنها رحلة سلسة.

ما المنتظر للبيتكوين بحلول يونيو؟ وبنهاية عام 2023؟

بالنظر إلى المستقبل في النصف الثاني من عام 2023 يمكن أن تكون الولايات المتحدة في وضع يتم فيه طباعة المزيد من الأموال، وستنخفض معدلات الفائدة والتضخم بسبب هذا الأمر الذي قد يكون فرصة مثالية لصعود البيتكوين حتى نهاية عام 2023، قبل تداعيات بورصة FTX كان الكثير من الخبراء يروا الأسعار في حدود 22 ألف دولار – 40 ألف دولار وهو ما يمكن توقعه خلال المراحل الأخيرة من هذا العام.

ولكن هل هناك أي تطورات أخرى يمكن أن تعرقل الزخم الحالي؟ على الرغم من أنه من غير المحتمل، إلا أن التضخم المصحوب بالركود قد يشكل خطرًا لإفشال زخم البيتكوين والعملات المشفرة الأخرى، التضخم المصحوب بالركود هو مزيج مؤسف من التضخم المتزايد والبطالة المتزايدة والنمو الاقتصادي المنخفض، من الواضح أنه إذا جف مصدر رأس المال لملايين التجار حول العالم فإن السوق سيشهد اضطرابات شديدة، إلى جانب التضخم المصحوب بالركود التضخمي يمكن لقضايا مثل الاضطرابات الجيوسياسية والتغيرات الاقتصادية الكبرى مثل الركود أن تغير مسار تسعير العملة المشفرة، هذه عقبات ستشعر بها جميع الأسواق سواء كانت تقليدية أو لا مركزية بشدة إذا تفاقمت خلال عام 2023.

سيأتي "النصف" في عام 2024 مرة أخرى مما يقود دورة ازدهار البيتكوين

أحد العوامل التي يشعر بها العالم الخارجي بالتفاؤل تجاه عملة البيتكوين على المدى الطويل هو "حدث النصف" المتوقع حدوثه في عام 2024 أي خفض مكافآت عدد عملات البيتكوين التي يتلقاها عمال المناجم إلى النصف، مما يعني أن إنتاج العملة سيصبح أبطأ.

يتم خفض عدد البيتكوين المنتجة إلى النصف كل 4 سنوات، ووفقًا لأحداث النصف السابقة ، فإن سعر العملة يرتفع بدرجات متفاوتة نظرًا لانخفاض العرض بعد التخفيض إلى النصف، من المقرر أن يتم تخفيض البيتكوين في النصف التالي في عام 2024 ومن المتوقع أن يؤدي انخفاض العرض إلى رفع السعر، مما يجعل المستثمرين يبدأون في البيع.

يري المحللون أن حدث النصف هو عادةً بداية دورة عمل البيتكوين، والتي عادةً ما تؤدي إلى رفع العملة من 15 إلى 18 شهر قبل النصف الرسمي، وسيكون النصف التالي في حوالي مارس إلى مايو 2024، لهذا ليس من المستغرب أن تظهر علامات على وجود زيادة طفيفة في تلك الفترة.

ومن جهة أخري، فإن الاتجاه طويل الأجل لتوقعات أسعار الفائدة ستستمر في التراجع، لهذا من المرجح أن لدى البيتكوين فرصة لاختراق مستوى الدعم البالغ 30 ألف دولار في عام 2023، والاستمرار في التعافي ببطء في عام 2024 والعودة إلى السوق الصاعد في الموجة التالية من سياسات التيسير.

الجدير بالذكر أن بعض الخبراء يعتقدون أن هذا مجرد "انعكاس" لعملة البيتكوين، ولا يوجد اتجاه تصاعدي حقيقي، حيث يعتقدوا أنه نظرًا لارتفاع أسعار الطاقة ستنخفض عملة البيتكوين إلى مستوى 12000 دولار في عام 2023، بينما توقع بنك ستاندرد تشارترد في بداية العام أن أسوأ لحظة للعملات المشفرة لم تأت بعد، ومن المتوقع أن يصل إلى 5000 دولار فقط.