السعودية تطلق صندوقًا بقيمة 10 ملايين دولار لنهضة الشركات الناشئة في المدينة المنورة

في قلب المملكة العربية السعودية، تشهد المدينة المنورة تحولاً لافتاً مع إطلاق "برنامج مبادرات المدينة" - صندوق استثماري طموح بقيمة 10 ملايين دولار يهدف إلى وضع المدينة المنورة على الساحة العالمية كمركز للابتكار وروح ريادة الأعمال. هذه المبادرة لا تقتصر فقط على ضخ الأموال في الشركات الناشئة، بل تسعى إلى إيقاد شرارة الإبداع وبناء نظام بيئي يشهد ازدهار الأفكار الرائدة ويسمح لها بالانتشار والتطور.

تعتبر المدينة المنورة، التي تشتهر بأهميتها الثقافية والتاريخية، موطناً لأكثر من 60,000 مؤسسة صغيرة ومتوسطة، وتساهم حالياً بنسبة 7% في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة. وعلى الرغم من هذه الأرقام، هناك إمكانيات غير مستغلة تحتاج إلى الدعم والتوجيه لتصبح أكثر تأثيراً. برنامج "مبادرات المدينة" يهدف إلى استكشاف هذه الإمكانيات من خلال جذب أكثر من 30 مستثمراً سنوياً، واطلاق خمس شركات جديدة كل عام. ومن خلال هذا البرنامج، يُتوقع أن يتم تحفيز الاقتصاد المحلي ويُفتح المجال لفرص جديدة لخلق الوظائف.

وفي تصريح له، أكد عبد الرحيم شافعي، الرئيس التنفيذي لمركز التنمية الاقتصادية، قائلاً: "نحن على أعتاب مرحلة مثيرة. تركيزنا هو تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص من أجل بناء بيئة اقتصادية ديناميكية ومستدامة، حيث تتحقق الأفكار المبدعة وتصبح واقعاً نحتفل به."

برنامج "مبادرات المدينة" يمثل مثالاً حياً على قوة التعاون بين مختلف الجهات، حيث يجمع بين العقول الرؤيوية في "ستوديو فاليو ميكرز"، والخبرة الاستراتيجية لمركز التنمية الاقتصادية، والشبكة المؤثرة لغرفة تجارة المدينة المنورة. ومن جانبه، أكد الدكتور غسان خليفة، الأمين العام لغرفة تجارة المدينة المنورة، على أهمية التعاون بين رواد الأعمال والمستثمرين محلياً ودولياً قائلاً: "من خلال بناء علاقات قوية، نعمل على تطوير منظومة أعمال المدينة المنورة وتحويلها إلى أرض خصبة لنمو الأفكار الرائدة والمشروعات المستدامة."

وفي قلب هذا المشروع الطموح تكمن الرؤية المستقبيلية لشباب المملكة، الذين يمتلكون طاقة وحماسة لتحقيق طموحاتهم. وعلق معتز أبو عنق، مؤسس ومدير عام "ستوديو فاليو ميكرز"، قائلاً: "نحن نضع منصة شاملة حيث تتحول الأفكار إلى واقع. الأمر يتعلق بالابتكار، ولكن الأهم هو تمكين شباب السعودية ليكونوا مهندسي هذا التحول الاقتصادي الذي نشهد بدايته."

لا تعتبر شركة "ستوديو فاليو ميكرز" جديدة في هذا المجال، بل لديها سجل حافل في الاستثمار في 10 شركات ناشئة قيمتها تتجاوز 180 مليون دولار، بالإضافة إلى دعم أكثر من 350 رائداً للأعمال وخلق أكثر من 800 وظيفة. وتستعد هذه المبادرة لمضاعفة نجاحاتها من خلال برامج مثل "الجسر"، الذي يتيح للشركات الناشئة الدولية دخول السوق السعودي بسلاسة، و"سعودي برينير"، الذي يهدف إلى تزويد الشباب السعودي بالمهارات اللازمة لبدء مشاريع مبتكرة.

بينما يسير المارة في أسواق المدينة المنورة النابضة بالحياة، يتحدثون عن آمالهم وتطلعاتهم نحو هذا البرنامج الذي يمثل أملهم في تجسيد أفكارهم. قالت رائدة الأعمال المحلية عائشة المطيري، وهي تحتسي كوباً من الشاي بالنعناع التقليدي: "هذه المبادرة هي بمثابة حلم يتحقق. منذ فترة طويلة كانت لدينا أفكار نريد إطلاقها، والآن هناك فرصة حقيقية لتحقيقها."

إن برنامج "مبادرات المدينة" ليس مجرد حافز اقتصادي؛ إنه قصة تغيير، سطر جديد في تاريخ مدينة ترتبط أسماؤها بالحج والتراث، ولكنها الآن تتخذ خطوة جريئة نحو المستقبل، تحمل معها رؤى الابتكار والوحدة وفرص غير محدودة. المدينة المنورة ليست فقط تفتح أبوابها للاستثمار؛ بل تفتح قلبها للمستقبل.