هل ينذر ChatGPT وأشباهه باستبدال البشر في العديد من الوظائف خلال سنوات؟
منذ أن أطلقت OpenAI برنامجها الآلي ChatGPT في شهر نوفمبر الماضي، انقلب عالم التكنولوجيا رأسًا على عقب. في غضون أسبوع واحد فقط من إطلاقه تجاوز عدد مستخدميه المليون مستخدم، وبين انبهار وفضول وتعجب، بدأت تنتشر آراء حول العالم عن احتمالية استبدال البرنامج بالعديد من البشر والوظائف في المستقبل، بل وإمكانية استبداله بمحرك البحث جوجل. شيء مذهل ومرعب أليس كذلك؟ فإن البرنامج عمله الأساسي هو تحصيل أكبر قدر ممكن من المعلومات للإجابة عن أي أسئلة يتم توجيهها له في شتى المجالات.. مستخدمًا قاعدة بيانات تعتمد على محتويات الويب المنشورة قبل أواخر2021.
إذًا هل تلك الادعاءات تحتمل الصواب أم أنها مجرد شائعات؟ قبل أن نتطرق لمناقشة مدى صحة تلك الآراء.. لنتعرف أولًا على ماهية هذا البرنامج؟ وكيف يعمل؟ ولماذا هو محور الحديث حول العالم الآن؟
ما هو ChatGPT وكيف يمكن استخدامه؟
ChatGpt هو بالأساس روبوت محادثة تم إنشاؤه باستخدام تقنية GPT-3، وهو الإصدار الثالث مما تمت تسميته بالمحولات التوليدية المدربة مسبقًا "Generative Pre-Trained Transformer"، وهي نماذج لغوية تستخدم التعلم العميق لإنتاج نص شبيه بالنص البشري، وتم إنشاؤه بواسطة هيئة الأبحاث المستقلة OpenAI المتخصصة في أبحاث الذكاء الاصطناعي التي ساهم Elon Mask في تأسيسها عام 2015.
ذكر موقع Insider على لسان ماثيو ساج أستاذ القانون وحقوق النشر للتدريب واستخدام نماذج اللغة مثل ChatGPT في جامعة إيموري أنه تمت تغذية روبوتات الدردشة بكميات كبيرة من البيانات والمعلومات وتقنيات الحوسبة لتستطيع عمل تنبؤات لربط الكلمات معًا بطريقة مفيدة، مماثلة للغات البشر باختلافاتها. فهم لا يستفيدون فقط من قدر هائل من المفردات والمعلومات، بل ويفهون الكلمات داخل سياقها والاحتفاظ بالأسئلة المطروحة من قبل ليجيبوا عنها لاحقًا.. وهو الأمر الذي جعل التحدث مع ChatGPT تجربة أذهلت عقول مستخدميها. لهذا، أوضح ماثيو قائلًا: "هناك فرق جوهري بين الطريقة التي ينتج بها البشر اللغة، والطريقة التي تقوم بها نماذج اللغة مثل ChatGPT".
وكما أعلنت الشركة فإن برنامج شات ChatGPT مُتاح مجانًا، كما أن طريقة استخدامه سهلة؛ فبمجرد الدخول إلى موقع OpenAI الإلكتروني والنقر فوق زر Try ChatGPT، يمكنك تسجيل الدخول؛ إما بإنشاء حساب جديد وإما الدخول باستخدام حساب OpenAI الخاص بك لبدء استخدام ChatGPT. لكن الخدمة مقتصرة على بعض الدول المتاح فيها استخدام التطبيق كبلد المنشأ وبعض الدول الأوروبية.. ويمكن التحايل على هذا الأمر عبر استخدام برنامج VPN وإعداده على الدولة الداعمة للبرنامج، وعندما سُئل سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI عما إذا كانت الخدمة ستظل مجانية إلى الأبد، قال إنه سيتعين عليهم استثمارها في مرحلة ما وجني المال من ورائها، فكما جاء على لسانه "تكاليف الحوسبة مذهلة".
هل يشكل ChatGPT خطرًا على توظيف البشر خلال السنوات القادمة؟
للإجابة عن هذا السؤال يجب استيعاب كم المهام التي يستطيع روبوت ChatGPT القيام بها، فهو يقوم بكتابة المقالات والأطروحات وحل المعادلات الرياضية سواء كانت بسيطة أو معقدة وكتابة الأكواد البرمجية، كما يقوم بتقديم تبسيط وشرح لمفاهيم مختلفة وترجمة للنصوص والإجابة عن أي سؤال أو استفسار كما ذكرنا سابقًا. وبينما يقوم بكل ذلك، فإنه يحتفظ بتاريخ المشاركات بينه وببين المستخدم، مما يولد شعورًا بأنك تتعامل مع إنسان مثلك ومن هنا جاء التهديد لمملكة محرك البحث جوجل، الذي تربع على عرش محركات البحث منذ إنشائه وأصبح الملجأ الأول لأي استفسار.
كما أوضح مسؤول تنفيذي بالشركة لجريدة التايمز أن ChatGPT قد يدفع الناس إلى التخلي عن محرك بحث جوجل الذي يعتمد بشكل كبير على عائدات الإعلانات والتجارة الإلكترونية، فبينما يتيح محرك البحث عند توجيه سؤال له كمًا هائلًا من الروابط التي تساعد المستفسر في إيجاد الإجابة عن سؤاله بعد إعطائه سؤالًا محددًا ودقيقًا، يقدم ChatGPT إجابة واحدة مفصلة ودقيقة تبعًا للمعلومات التي تمت تغذيته بها سابقًا كما أنه يسمح بإجراء مناقشة حول تلك الإجابة يقدم فيها ردودًا وحججًا منطقية للغاية. مما يجعل إمكانية الوصول لإجابة محددة عملية سريعة لا تستهلك وقتًا أو مجهودًا كبيرًا. ولكن كما تشير بعض الآراء مثل موقع Mint أن ChatGPT لن يحل محل جوجل في أي وقت قريب؛ فمع كل مميزاته لا زالت لديه عيوب تمنعه من التفوق على جوجل.
التخوف الأكبر هو تهديده لبعض المهن مثل الصحافة والتصميم والبرمجة، فقدرته على القيام بالعديد من المهام التي ذكرناها بدقة عالية تمثل خطرًا على أصحاب تلك المهن.. فإذا كان هناك روبوت يمكنه القيام بمهام بعض البشر فلمَ اللجوء للبشر مرة أخرى، صحيح؟ لكن الإجابة ببساطة هي قطعاً لا، إذ يظل اللجوء إلى البشر أمرًا حتميًا، وذلك يظهر في إجماع أغلبية مستخدميه على شعورهم بوجود نقص ما، يعزي البعض ذلك لغياب الطابع البشري أو إحساس الخصوصية، فبالأساس يتعلم الروبوت كيف يستطيع أن يشبه آليات عمل البشر ومهاراتهم، لذا من الممكن أن يظل في حاجة دائمة إلى اتخاذ البشر كنموذج له، خاصةً وأنه الآن لا يستطيع خوض أي نقاش بخصوص أي حدث بعد 2021، مما يثبت أنه بحاجة إلى التدريب على نماذج قدمها البشر سابقًا ولا يستطيع حتى الآن التفوق على العقل البشري، فحتى وإن استطاع محاكاته فلن يستطيع مجاراته، على الأقل إلى الآن.
لا يمكن التكهن بشكل ووضع البرنامج خلال سنوات، لكن الأكيد أنه لا يهدد البشر باستبدال وظائفهم في اللحظة الحالية.. لكن الأمر الذي لا يدع مجالًا للشك هو أن روبوت شات ChatGPT هو أداة مساعدة للبشر مذهلة.. فنظرًا إلى مقوماته وإذا افترضنا أنه سيحسن من أدائه ويعالج مشاكله فيما بعد، فإننا أمام ثورة في عالم الذكاء الاصطناعي لن تقف عند هذا الحد، فالعبرة ليست بالبدايات، وهو ما أكده ألتمان ضمنيًا في إحدى تغريداته عبر Twitter.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.