تريند 🔥

📱هواتف

قصة شاب لبناني زيّف شركة Madbird للتصميم، ووظّف أشخاصًا حقيقيين للعمل معه!

نوراليقين فرتوت
نوراليقين فرتوت

7 د

في عصر الإنترنت والأجهزة الذكية حيث أضحى العالم الشاسع قرية واحدة، يزداد عدد ضحايا الاحتيال الإلكتروني يومًا بعد يوم. غالبًا ما يُستغل المستخدمون الجدد في هذا العالم الخيالي لقلة خبرتهم في طريقة عمل الإنترنت وثقتهم الزائدة أو العمياء أحيانًا في كل ما يتوصلون به من معلومات دون التدقيق في مصادرها.

حسنًا، بالضغط  على زر معين يمكنك الفوز بهاتف آيفون جديد، شارك المنشور على واتس آب وستفوز برحلة مجانية إلى تركيا، شركة الاتصال تمنحك مكالمات غير محدودة وشركة أخرى تعمل على قرعة للفوز بسيارة فارهة يمكن المشاركة بها بإدخال بياناتك!! لا شك أنك صادفت أحد هذه العروض المغرية على وسائل التواصل الاجتماعي إذا لم تكن قد كنت ضحية إحداها. وإن كان كل ما ستخسره في هذا النوع من الاحتيال هو بعض الوقت في مشاهدة إعلانات مزعجة أو خصوصية بياناتك الشخصية أو تحميل فيروس على هاتفك في أسوأ الحالات، هناك أنواع أخرى من الاحتيال استغلها المحتالون للوصول الى جيوب المستخدمين لسرقتهم.

لا بد أنك سمعت يومًا عن قصة المرأة التي قدمت نفسها للعالم على أنها آنّا دِلفي، الوريثة الألمانية لثروة قدرها 60 مليون يورو والتي كانت في الحقيقة مجرد شخصية من الخيال استغلتها آنّا واستطاعت عبرها الاحتيال على الكثير من المعجبين وسرقة أموالهم. وصلت القصة إلى العالمية وانتشرت أكثر عندما أنتجت شبكة نتفليكس مسلسلًا قصيرًا بعنوان "ابتكار آنا" (Inventing Anna) ليروي حكاية آنا الكاملة بالتفصيل. على أي لم تكن هذه قصة الخداع الأولى أو الأخيرة، بل هناك عدد لا يحصى من قصص الاحتيال المماثلة، اليوم نحدثكم عن واحد من أشهر قصص الاحتيال التي انتشرت في الآونة الأخيرة والتي كان بطلها شاب لبناني وظف عشرات من الشباب كفريق مبيعات في شركة تصميم مزيفة.


علي عياد يؤسس شركة Madbird للتصميم

بدأت القصة حينما أخبر علي عياد -وهو شاب لبناني كان يملك 90 ألف متابع على إنستجرام في هذا الوقت- بعض المتابعين أنه كان مشاركًا في تأسيس شركة "مادبيرد - Madbird"، وهي شركة تصميم قال إنها كانت موجودة منذ مدة من الزمن، وكانت ضحية الوباء الذي أدى إلى إغلاق مكاتبها المعتادة وتحاول الاستمرار بالعمل عن بعد كما كان الحال مع الكثير من الشركات الأخرى التي تأثرت بجائحة كورونا.


علي عياد، مؤسس شركة Madbird الوهمية

خلال ذروة الوباء ومع وجود العديد من اليائسين والمتلهفين للعمل، قام علي بإنشاء حسابات مزيفة على منصة LinkedIn لما يفترض أنهم موظفون في شركة Madbird، ركز علي على كل التفاصيل في إنشاء الحسابات المزيفة واختار الصور الشخصية بعناية، رغم أن صورة الملف الشخصي التي استخدمها لمديره الإداري المزيف كانت في الواقع صورة صانع خلية نحل تشيكي.

صورة توضح بيانات شركة Madbird المزيفة والوظائف التي كانت شاغرة فيها

جمع علي حوالي 40 شخصًا في مكالمة Zoom -كان البعض منهم مجرد حسابات مزيفة يقوم عياد بإدارتها- جمعهم في مكالمة عمل لشركة التصميم العصرية للترحيب بالموظفين الجدد، حدث علي الموظفين الجدد في الشركة النامية وشجعهم وأطلعهم على خطط العمل. لم يترك علي مجالًا للشك، فقد كانت كل التفاصيل مضبوطة كما لو أنها شركة حقيقية فعلًا.

بدأت الشركة في العمل وكانت الأمور تمضي بثبات، يتواصل الموظفون مع علي عبر برنامج زووم من حين إلى آخر، ومن جهته يؤجل الحديث عن المستحقات ويعدهم بالحصول على رواتبهم بعد إنجاز مشاريع كبيرة. وافق الموظفون على العمل للست أشهر الأولى ضمن عقد الاختبار مقابل عمولة في الأرباح، وشمل عقد العمل الحصول على راتب سنوي يبلغ حوالي 35000 جنيه إسترليني بعد ذلك.


كيف خدع علي عياد الموظفين وأقنعهم؟

وفقًا لموظفي Madbird، كان عياد شخصًا واثقًا ذا كاريزما، كان يحدث الموظفين بثبات ليبرز سلطته كما كان من السهل الوثوق به. كما أن الأشخاص الذين وظفهم كانوا يائسين وفي أشد الحاجة إلى عمل، فقد كانوا يكافحون للعثور على وظائف جديدة وكانت Madbird فرصة مثالية بالنسبة لهم.

ترك بعض الموظفين الشركة في بدايتها لغياب أي صفقات جديدة مربحة،  إلا أن الكثير منهم استمروا وأقنعوا أنفسهم بالبقاء في ظل الوباء وغياب أي بديل مناسب على أمل أن تبرم الشركة صفقة جديدة ليحصلوا على راتبهم المتمثل في العمولة.

لم يكن من السهل على الموظفين التساؤل عن رواتبهم مع بعضهم البعض، فقد كان هناك افتراض شائع بأن عقود العمل مختلفة بالنسبة للموظفين الجدد، وكانوا يعتقدون أن مدراء ومسؤولي الشركة يحصلون على راتب شهري ثابت. في جميع الأحوال لم يكن هذا صحيحًا (نظرًا لأن المديرين ومعظم زملائهم لم يكونوا موجودين في الحقيقة وكانوا مجرد حسابات وهمية).

قدم علي الشركة الوهمية Madbird على أن لها مقرّ في لندن، وعمل العديد من الموظفين فيها من جميع أنحاء العالم، وقيل لهم إنهم إذا حققوا أهدافًا ومبيعات معينة واجتازوا فترة الاختبار (6 أشهر)، فإن الشركة ستساعدهم في الانتقال إلى المملكة المتحدة. هذا العرض المغري شكل حافزًا إضافيًا للبقاء في الوظيفة وتقديم الأعذار لتبرير الجوانب المشكوك بها.


كيف تم اكتشاف حقيقة تزييف شركة Madbird؟

بداعي الفضول، كانت جيما بريت -وهي مصممة جرافيك وموظفة جديدة في الشركة تبلغ من العمر 27 عامًا- تبحث عن مكاتب شركة مادبيرد على جوجل متسائلة عن إمكانية انتقالها إلى مكاتب الشركة عندما ينتهي الوباء. سرعان ما أدركت جيما أن عنوان الشركة المدرج كان مجرد عنوان سكني في لندن.

مع مزيد من البحث والتجسس، بدأت بريت تلاحظ المزيد والمزيد من التناقضات في قصة علي عياد. قامت بريت وزميلتها أنطونيا ستيوارت بإجراء مزيد من التحقيقات حول شركة التصميم هذه، وبدأت في إدراك أن العديد من زملائهم في العمل لم يحضروا الاجتماعات ولا يجيبون على الرسائل، كأنهم غير موجودين تمامًا.

باستخدام عمليات البحث العكسي عن الصور على الإنترنت، اكتشف الموظفون أن كل الأعمال التي ادعى علي أنها لشركة Madbird، هي في الأصل لشركات أخرى مأخوذة من الإنترنت بشكل عشوائي مع بعض التعديلات البسيطة. هذا وتم كشف الحسابات والصور المزورة على موقع لينكد إن. بعد التأكد من وهمية الشركة وعملية الخداع، أرسلت جيما وأنطونيا بريدًا إلكترونيًا لكل موظفي الشركة تحت اسم مستعار "جين سميث" كشفت فيه عن كل شكوكها المتمثلة في تزييف شركة مادبيرد.

الإيميل الذي تم إرساله لموظفين شركة Medbird

ادعى علي إياد عدم معرفته بالأمر وقدم اعتذارًا للجميع مشيرًا إلى أنه كان ضحية أيضًا وتعرض للخداع مثل الجميع. لكنه اختفى بعد ذلك وظل يخدع موظفيه السابقين الذين تراكم على بعضهم الديون في انتظار المال من Madbird.

رفع بعض الموظفين دعاوى ضد Madbird، لكن ونظرًا لأن الشركة كانت مفلسة بالفعل، لم يكن هناك أمل في الحصول على أي تعويضات مالية. ذكر أحد الموظفين أنه تلقى رسومًا رمزية من إياد تقديرًا لدورة تدريبية قصيرة كان قد أخذها، بينما تمكن آخرون من الحصول على مبلغ 30 جنيه إسترليني مقابل عمل استمر لست أشهر!


ماذا حدث لعلي عياد بعد انكشاف أمر شركته المزيفة؟

يمكن توقع ما قام به علي بعد انكشاف أمر الخدعة التي قام بها، حيث كان ماهرًا في الاختفاء بنفس درجة مهارته في إنشاء حساباته الوهمية، حيث حذف جميع أثاره من الإنترنت واختفى عن أنظار الجميع.

وكجزء من الوثائقي Jobfished الذي يستعرض هذه القصة الغريبة، تعقّب صحفيو BBC علي عياد لمواجهته غرب لندن ظهيرة أحد أيام أكتوبر الماضي، أصر مرة أخرى على أنه تعرض للخداع هو الآخر، وقال إنه لم يكن المحتال الحقيقي، رغم أن كل المؤشرات تشير إلى تورطه المباشر وأنه العقل المدبر والمؤسس الوحيد للشركة.


"كل ما أعرفه هو أننا خلقنا الفرص للناس في وسط كوفيد." - علي عياد بعد تعقبه واستجوابه من قبل BBC


نتعلم من هذه القصة، لا تثق بالمؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي!

نحن نعيش في حقبة يحكمها بشكل كبير المؤثرون على الإنترنت، حيث يتأثر الكثيرون -وخصوصًا الجيل الجديد Gen-Z- بما يروج له أي شخص على إنستجرام بعدد متابعين يتجاوز العشرة آلاف! ونحن نعتقد أن سببًا كبيرًا من نجاح خطة علي في إنشاء شركة Madbird المزيفة هو أنه كان يملك عددًا كبيرًا من المتابعين، ما منحه الثقة الفورية وتصديق كل ما يروج له.

ذو صلة

علي عياد، مؤسس شركة Madbird الوهمية

وعلى الرغم من المأساة التي تسبب بها علي، إلا أنه كان ذكيًا حقًا ويجب علينا الإشادة بمهاراته واستراتيجيته التي ساعدته في خداع هذا العدد من الموظفين، بل ويمكن القول إنه كان على وشك إنشاء شركة حقيقية بالفعل، حيث كان له كل المقومات لذلك والتي تتمثل في سمعة جيدة، والفريق المستعد للعمل بأقصى جهده لتحقيق النجاح المطلوب لشركة Manbird والذي سيعود عليهم في النهاية بالراتب والسكن في لندن.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة