إجابات كورا والأفاعي الهندية، ما الذي حدث؟!
11 د
في فترة الاحتلال البريطانيّ للهند، وخوفاً من ارتفاع عدد الأفاعي السامّة المنتشرة في مدينة ديلهي، أعلنت الدولة عن برنامج لتحفيز السكان لمكافحة هذه الظاهرة؛ يحصل فيه كلّ مواطن يجلب أفعى كوبرا سامّة ميتة على مكافئة ماليّة. في الفترة الأولى لهذا البرنامج، نجح التحفيز في خفض عدد الأفاعي السامّة في المدينة، وبدا أنّ خيار التحفيز الماديّ بهذا الشكل كان الخيار الصائب.
لكن ما لم يأخذه رجال الدولة في الحسبان كان طبيعة النفس البشريّة الطمّاعة، وميل البشر بالمجمل إلى التلاعب بالأنظمة في ما يخدم أهدافهم الخاصّة؛ فقد تحوّل بعض السكان من صيد الأفاعي السامّة المنتشرة إلى تربية الأفاعي بهدف قتلها وبيعها للحكومة مما في نهاية المطاف دفع الحكومة لإيقاف البرنامج بعد اكتشاف الثغرة، وما بدوره أيضاً دفع البائعين لإطلاق الأفاعي في المدينة مسببين مشكلة أكبر من تلك التي بدأت الموضوع بأكمله.
رغم أنّ القصة بذاتها ليست مؤكّدة، إلا أنّها من أكثر القصص ذكراً عند الحديث عن الخلط بين مفاهيم الهدف والمقياس، فعندما يتحول المقياس إلى هدفٍ بحدّ ذاته، لا تعود النتائج ذات معنى، وهذه خلاصة قانوني كامبل وغودهارت.
في مجال بناء الشبكات الاجتماعيّة على الانترنت، يبقى قانونا كامبل وغودهارت في مقدّمة القوانين التي يفكّر بها المهندسين والمسؤولين عن تخطيط أنظمة التفاعل والتلعيب - Gamification لقواعد المنصّة، فبين الرغبة في زيادة التفاعل وأرقام المستخدمين للشبكة ككل، وبين جودة هذا التفاعل وبناء معنى لهذه الأرقام شرخٌ لا يمكن اجتيازه سوى بالتخطيط العاقل.
على سبيل المثال، في السنوات الأخيرة، شاهدنا منصّة يوتيوب تعاني للخروج من فخ استخدام المقاييس كأهداف، إذ وضعت في البداية هدفاً لزيادة وقت المشاهدة معتبرين هذا المعيار دليلاً على جودة المحتوى وأهميّته بنظر المستخدمين، ثم أصبح وقت المشاهدة للفيديوهات هدفاً بحدّ ذاته يلعب صنّاع المحتوى لعبةً من الكليك بيت والخداع لتحقيقه.
هذا الفخّ تماماً هو ما وقعت به منصّة كورا، وما قادها في السنوات الأخيرة لتصبح منصّة "الأسئلة الغبيّة" التي يستخدمها الكثير من متصفحي الشبكة لضرب المثل بالمحتوى المثير للسخرية والاشمئزاز، حتّى أولئك الذين استخدموها في بدايات انطلاق النسخة الانجليزية، وثم العربية لاحقاً.
كورا مقارنة بإجابات غوغل
يمكننا فهم الكثير من دراسة حالة منصة إجابات غوغل للباحثين - Google Answers Researcher، فهي سابقة لعصرها بشدّة في هذا المجال؛ أولاً قدّمت المال للباحثين الراغبين بالإجابة على الأسئلة، وأيضاً أتاحت نظام الدفع للمستخدمين الراغبين بطرح الأسئلة، مفهوم موازٍ لما تقدّمه منصّة كورا اليوم في قفل الإجابات خلف حاجز اشتراك شهريّ، وتوزيع الأرباح بحسب المشاهدات التي تحصل عليها الإجابة.
رغم إغلاق إجابات غوغل لاحقاً بسبب عدم إدرارها أرباحاً تغطّي أجور التشغيل -هذا في زمنٍ لم تكن فيه غوغل عملاقةً كما هي اليوم- إلا أنّها قدّمت فكرة ممتازة عمّا قد ينفع المستخدمين، ونجد كورا في بداياتها استفادت بشدّة من هذه الأفكار.
شخصيات ثقيلة
أولاً، في بدايات كورا نجد أن المنصّة استهدفت استقطاب الخبراء والمشاهير، فترى حساباً رسمياً للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما يتفاعل بشدة مع الأسئلة حول الرئاسة الأمريكية، وكذلك جاستن ترودو. ترى أيضاً مارك زوكربيرغ الذي أخذ فكرة شراء انستغرام من إجابة على أحد الأسئلة التي طرحها على المنصة.
هذا وضع كورا في منطقة عالية القيمة جداً للمستخدمين، فمن غير المعتاد التواصل مع هذه الشخصيات بهذا القدر من الانفتاح والتفاعل، وصيغة الأسئلة والأجوبة فعّالة ومميزة كطريقة لبناء صورة علاقات عامّة جيدة - هذا قدّم قيمة مشابهة، بل أفضل من تلك التي قدّمتها منصّة إجابات غوغل للباحثين.
حتى بالمقارنة مع قسم AMA من منصّة ريديت فهنا خطّ مفتوحٌ نسبياً بينك وبين هؤلاء، ولم يعد محصوراً بوقت محدد كما في ريديت.
لكن، ما لم تضعه المنصّة بعين الاعتبار أن بناء سمعة المنصّة على أنّها مكان "تسكّع" هذه النخبة، يعني أنّ جزءاً كبيراً من جاذبيتها ستختفي بمجرد اختفاء هؤلاء، وبالفعل، لم يطل استخدامهم للمنصة أكثر من عامٍ أو عامين في أكثر تقدير قبل أن تفقد بريقها.
المشكلة في المنصة للشخصيات هذه أنّها تتضمن قدراً كبيراً من الأسئلة المكررة والأسئلة منخفضة الجودة وعديمة الجديّة والمستفزة، وهذا برفقة المجهوليّة لطارحي الأسئلة عنى أنّ هذه النخبة لن تكون قادرة على أخذ المنصّة بجديّة.
حافزٌ ماليّ
أحد أهمّ أسباب انتشار أسئلة وإجابات كثيرة ومثيرة للجدل مصاغة بصياغات متقاربة، هو أنّ المنصّة في مرحلة من مراحلها أتاحت للمستخدمين تقاضي المال مقابل طرح الأسئلة.
وسبب أنّ الأسئلة تتراوح في جودتها وجديّتها أنّها في مرحلة لاحقة أتاحت كسب المال من خلال الإجابة.
وسبب عدم قدرة المستخدمين الاعتماد على المنصّة في العثور على إجابات عاليّة الجودة حالياً أنّ نموذجها الربحي يهدف لدفع الناس إلى الإشتراك بالمنصّة شهرياً حتّى يسمح لهم بالوصول إلى كامل الإجابات.
في كلّ من النقاط الثلاثة الماضية، يمكن لأي شخص العثور على مئات الثغرات التي تمنع من تحقيق الهدف الحقيقيّ للمنصة، وهو الحصول على إجابات عالية الجودة تنفع المستخدمين؛ بلل حدوث العكس، أي حصول زيادةٍ في المقاييس كزيادة عدد الأسئلة والإجابات وعدد المشتركين المدفوعين في المنصّة، التي لا تساهم في زيادة جودة المحتوى.
كما في قصّة الأفاعي الهنديّة، كورا ركّزت على "عدد الأسئلة" لا جودتها، و"عدد المشاهدات على الإجابات" لا جودتها، و"عدد المستخدمين" لا تجربتهم بالمنصّة.
لم تقدم المنصّة حافزاً للأسئلة عالية الجودة والتقييمات مثلاً، ولو أنّ هذا الأسلوب في تحفيز المستخدمين فيه ثغرات أيضاً، إلا أنّها أقل سوءاً من التركيز على العدد فحسب.
لم تقدم المنصّة أيضاً حافزاً للإجابات عالية الجودة، بل الإجابات التي تحصّل على أكبر قدر ممكن من المشاهدات، وهذا عنى أنّ المستخدمين أصحاب المتابعين الكثر هو الأكثر استفادةً من هذا النظام، فعند إجابتهم على سؤال ما ستظهر هذه الإجابة في صفحة كلّ المتابعين.
ولم تقدّم المنصّة في النهاية أي ميزات إضافيّة حقيقية للمشتركين، بل أغلقت ميزات كانت متاحة للعموم سابقاً، بل كانت من الميزات المحورية للمنصة، ووضعتها خلف جدار مدفوع عشوائي لا يعمل دوماً؛ فالإجابات المخفيّة خلف الجدار المدفوع ليست واحدةً للكل المستخدمين، بل تختلف من مستخدم لآخر، وهي "موزّعة خوارزمياً" لتحفيز المستخدم على الاشتراك.
شخصياً، أظنّ أن سياسة المنصّة الحاليّة تدور في فلك زيادة الأرقام لا الجودة، وهناك دلائل عديدة على هذا التوجه الذي من البديهيّ أنّه سيخسف بجودة المحتوى.
الكثرة لا الجودة
ميزة دمج الإسئلة المتشابهة إحدى أهمّ ميزات منصّة كورا التي استخدمت في بدايات المنصّة، وهي من الميزات التي ترفع من جودة العثور على أسئلة مثيرة للاهتمام وتخفف من ضياع الجهد والوقت للمجيبين الجادّين على هذه الأسئلة؛ فبدلاً من طرح سؤال واحد بعشر أو عشرين صيغة، يضطر المجيب الدوران حول المنصّة للإجابة عليه، يمكن دمج عدّة أسئلة في سؤال واحد وجمع الإجابات تحته.
في الفترة الأولى للمنصة، كان مشرفوا المجتمع في كورا يعملون فعلاً على دمج الأسئلة ورفع جودة التجربة للمستخدمين باستخدام هذه الميزة، لكن مع الوقت لم تعد هذه السياسة مطبّقة بجدّية.
من ناحية، يمكنني تفهمّ سبب التخلي عن هذا المنطلق مع الوقت بسبب التكلفة العالية ماديّة ومن ناحية الوقت المستغرق في هذه الفلترة، لكن مع وجود ميزات مؤتمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي في تحليل المحتوى، لم يعد من الضروري الدمج يدوياً.
حتى مع دخول تقنيات تسمح بأتمتة هذه العملية لدرجة كبيرة لم تعتمد المنصّة على هذه العمليّة لدمج الأسئلة، بل اكتفت بجمع الإجابات تحت قسم "إجابات على أسئلة مشابهة" ضمن ذات الصفحة.
الهدف من هذا أيضاً يعود لتركيز المنصّة على زيادة أرقامها، فوجود صفحات منفصلة لكل سؤال، حتّى لو كانت أسئلة متكررة، سيضمن للمنصة الظهور على عدد أكبر من الكلمات المفتاحية في نتائج البحث.
هذا التوجه لزيادة انتشار المنصة في محركات البحث مفهوم؛ فكلّ منصّة رقميّة ترغب بالانتشار هذا، لكن عندما يكون على حساب جودة المحتوى في منصّة مثل كورا، سيدفع هذا المستخدمين للنظر لها بعين ساخرة حتماً.
لنا في إجابات ياهو عبرة
في عام 2021 أعلنت ياهو عن إغلاق منصّة الإجابات الشهيرة Yahoo! Answers أحد أعمدة المحتوى المبني على الأسئلة والإجابات في الإنترنت خارج سياق المنصّات المختصّة بالبرمجة أو التقنيّة مثل Stackoverflow.
يمكن اعتبار إجابات ياهو السلف المباشر لإجابات كورا؛ وبمعرفتنا أنّ موت المنصّة كان مدفوعاً بمزيج من كونها تابعة لياهو! إحدى أكثر الشركات تعثّراً في العشر سنوات الأخيرة، ومن كونها لم تكن قادرة على بناء نموذج ربحيّ فعّال، ومن كونها أيضاً أصبحت مرتعاً للمحتوى المتطرف غير المناسب للمعلين، مما قطع آخر مصادر الدخل الممكنة للاسترباح من المنصّة.
بإمكاننا بسهولة النظر لحال إجابات ياهو لحظة الوفاة، والنظر لحال كورا حالياً، ومعرفة المشاكل التي يمكن للمنصة مواجهتها في المستقبل القريب، وفهم الكثير من المشاكل الموجودة حالياً.
في البداية وقبل كلّ شيء، نرى في قاعدة كورا BNBR - Be Nice Be Respectful في تقنين المحتوى وإدارة الشكاوى مثالاً جيداً عن محاولة المنصّة لكبح الآراء المتطرفة المهاجمة للمستخدمين وغير المناسبة للمعلنين، ويبدو أنّ هذه القاعدة نجحت بنسبة لا بأس بها في تحقيق هذا، ويمكن الإشادة بهذا. لكنّها أيضاً قاعدة فضفاضة تلقى نقداً كثيراً من المستخدمين، وتترك الأمر لمزاجيّة المنصّة.
لكن، النموذج الربحيّ الحاليّ لكورا لا يبدو قابلاً للاستمرار، فهي تدمج بين الإعلانات وبين الجدران المدفوعة الموزّعة عشوائياً على الإجابات، وهذا يضع نقطة سلبيةً كبيرةً في مجال تجربة المستخدم والفائدة من المحتوى - ولا ننسى أن اختلاف كورا عن إجابات ياهو في هذه الزاوية مهم، فكورا جمعت جمهورها حول فكرة "إجابات من النخبة والخبراء" لا من ما هبّ ودب كما في ياهو، وهذا يعني أنّ المستخدم ليس في المنصّة لأجل "عيني" المنصّة، بل للفائدة.
النقطة الثالثة والأهم برأيي في المقارنة بين إجابات ياهو وكورا هي أنّها غير مملوكةٍ من ياهو، ما يعني أنّها "صديقة" لغوغل صاحبة أكبر محركات البحث الموجودة حالياً. وأهميّة هذا تكمن في توجه المنصّة الحالي في تحقيق أكبر عدد ممكن من الزيارات من خلال البحث، ولو كان على حساب جودة تجربة الاستخدام بالمنصّة وجودة المحتوى.
لكن، هل هذه النقاط كافية لحرف مصير كورا عن مصير إجابات ياهو؟ مجدداً، نتذكّر قصّة الأفاعي الهندية:
التركيز على الأرقام النهائية لعدد المستخدمين، أو لعدد الزيارات قد ينفع في تقييم نجاح المنصّة مادياً، لكن هذا لا يعني الكثير في هذا النوع من المنصّات، فمشكلة إجابات ياهو لم تكن ماديّةً بحتة، بل أنّها عجزت رغم وجودها الطويل أن تبني في أذهان المستخدمين صورةً نافعةً عنها.
تماماً كما حصل في موقع موضوع العربيّ أيضاً؛ الزيارات الكثيرة والمحتوى الكثير والمكرر ليس معياراً للنجاح، بل مدى ثقة المستخدمين واعتمادهم على المنصّة.
لنا في نجوميّة Stackoverflow عبرة
المقياس الحقيقي للنجاح على المدى الطويل هو مدى قدرة اعتماد المستخدمين على المنصة في العثور على ما يبحثون عنه حقيقةً ورسم صورة إيجابيّة في ذهن المستخدمين كلّما ظهر اسم المنصّة أمامهم.
سبب نجاح Stackoverflow حتّى الآن رغم الصعوبات الماديّة وكونها منصّة "نيش" تستهدف جمهوراً بعينه هو أنّ المنصّة "يُعتمد عليها" بالمجمل. ليس أنّها تظهر في نتائج البحث بكثرة، وليس أنّها ترهق المستخدمين حتّى يدفعوا لخدماتها، وليس أنّها تطبّق قواعد "احترام الآراء" الصارمة.
إن ذكرت اسم المنصّة أمام مبرمج قد يكون لديه تجربة سيئة ومسيئة لشخصه في المنصّة، لكنّه لن ينكر أنّها من أهمّ المنصات وأكثرها اعتماديّة في المجال، وأنّها مرجع للكثير من المبرمجين لنقاش المسائل والعثور على حلولها.
كورا في المقابل؟ لم ترتبط في أذهان المستخدمين سوى بالأسئلة المكررة والمستفزة والإجابات منخفضة الجودة، وأنّها تظهر في نتائج البحث سواء كانت تتضمن محتوىً مفيداً أم لا.
خصوصيّة حالة كورا العربية
كنت شخصياً من أوائل مستخدمي كورا العربيّة بعد سنوات طويلة من تصفح كورا الإنجليزيّة وترجمة بعض إجاباتها المثيرة للاهتمام إلى العربيّة، ولكن سرعان ما وجدت أنّ المشاكل ذاتها تكررت… حتى عندما رغبت بالعثور على أسئلة مثيرة للاهتمام للإجابة عليها والمساهمة في المجتمع، لاحظت التكرار الكثير.
لاحظت أيضاً مشاكل في جودة الإجابات وتكرارها، فحتّى أحسن المجيبين نيّة يقعون بشكل أو بآخر بفخّ التكرار وإعادة صياغة الإجابات لأنّ الأسئلة متشابهة وهذا يقتضي بالضرورة تكرار الكثير من المعلومات.
وكما في النسخة الإنجليزيّة، لاحظت أنّ أصحاب المتابعين الكثر يحصلون على التقييمات الكثيرة بغضّ النظر عن جودة الإجابة في كثير من الأحيان، فهذه البنية مؤصّلة في طريقة عمل المنصّة.
بالمختصر، المشاكل الموجودة في نسخة كورا الأصليّة بسبب طريقة بنائها، موجودة كما هي في النسخة العربية، ولكن هنا مرفقةً بإضافةٍ خاصّةٍ تنبع من خصوصيّة المجتمع الرقميّ العربي ممتزجةً بطبيعة المستخدم لهذا النوع من المنصّات.
أولاً، خصوصيّة المجتمع العربيّ التي تمزج بين الاحتداد في الرد على الأسئلة المستفزة في مواضيع مثل الدين والوطن والجنس، وبين التشغيب في المواضيع ذاتها، في علاقة غريبة بين الترولز والجادّين تماماً في الحديث عن هذه الأمور.
هذا مع مشكلة التكرار في المنصّة، ستجد عشرات الأسئلة التي تدور في نفس الفلك، عن "لماذا فلان يفعل كذا" أو "ما رأيك بالقاتل المجرم المدمّر فلان".
الحوارات المذكورة وإجاباتها وحتى الاستفزاز المرفق فيها ليس مصيبةً بالمجمل، لكن عليك أن تدرك أنّ المنصّة الموصومة بهذا النوع من المحتوى، لن تخرج من هذه الدائرة في نظرة مستخدميها بمجرد حصلت على هذه الصيغة، وأضف لذلك أنّ المنصّة نفسها ستصبح مهددةً بالحظر في دولٍ معيّنة ما لم تخفف من حدّة هذا الاستفزاز.
ثانياً، هذه المنصّات بطبيعتها تجذب أنواعاً تعشق الجدل من المستخدمين الترولز، أصحاب المواضيع الجدليّة الكثيرة، وتوفّر لهم صيوداً كثيرةً من الناس سهلي الاستفزاز والإغضاب، وهذا النوع من الصدامات في الجانب العربيّ من الشبكة غير مستدام، ولا يستحبّه المستخدمين.
مستقبل المنصّة
لا أدّعي أن المنصّة الآن ولا في وقت قريب ستموت بالكامل وتختفي بسبب هذا التوجه، بل على العكس، قد يكون هذا التوجه هو الخيار الأسلم ماديّاً في المدى المتوسط والقصير، لكن على المدى الطويل لا أرى لكورا وجوداً في قائمة مصطلحات مستخدمي الإنترنت إلا في سياق السخرية.
سيصل المحتوى في المنصّة قريباً، وربما وصل بالفعل إلى مرحلة الانقلاب من كونها "منصّة إجاباتٍ فيها الجميل والقبيح" إلى منصّة الأسئلة السخيفة، التي لا يدخلها من يبحث عن إجابات جادّة بغض النظر عن المجال.
ربما يكون هذا الانقلاب نتيجة بديهيّة لما بنيت منصّة كورا عليه: أي أنّها مجالٌ لتجمّع "المعرفة البشريّة" في مكان واحد، وهذه المعرفة بطبيعتها مكررة، وفيها الكثير مما لا فائدة منه.
بأي حال، لو سألتني إن عرض عليّ منصب رئيس الشركة الآن، ما الذي سأفعله لتغيير هذا التوجه؟ لما عرفت. هذا سؤال المليون دولار. شاركني برأيك حول حلولٍ متوقعة لما يحدث، وكيف كنت لتنقذ المنصّة لو كنت رئيساً لجمهورية كورا المتّحدة الشعبية.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.
شكرًا على مقالك البنّاء، طرحت مشكلة حقيقية، لا بد من تناولها بجديّة. هاك اقتراحاتي: – توظيف قدرات الذكاء الاصطناعي في دمج الأسئلة المتكررة. – وضع قواعد أكثر صرامة لجدية الأسئلة وقصرها على المحتوى المعرفي (لا مكان لأسئلة مثل ما رأيك في …) – توظيف عدد كبير من منقحي المحتوى لحذف الإجابات غير ذات القيمة أو الهادفة للسخرية. -حجب المحتوى الاستفزازي وإنذار أصحابه. – مكافأة أصحاب المحتوى القيم، ولو بشكل رمزي. – تعاون مستخدمي كورا أنفسهم مع الإدارة (نظام إشراف كما في Reddit) لتنقيح المحتوى. – تنظيم إجتماعات دورية رقمية وأخرى على الأرض لتعزيز وجود المنصة (أشبه بما تنظمه TED). د. عُبادة الحمدان، حاصل على لقب أفضل كاتب في كورا العربية لعام 2021
مقال صادق وأفكاره منظمة ، شكراً.
ولكن أكثر ما ضايقني هو أن هناك كثيراً ممن يسألون أسئلة معينة يفعلوا ذلك ليجدوا من يخبرهم بأن ما يريدونه صواب ، أما إذا كانت الإجابة على غير هواهم برغم منطقيتها وسلامتها ، فستجدهم يتجاهلوها تماماً
سجلت في موقع كورا العام الماضي وظللت أستخدمه لثلاثة أشهر تقريباً ، ثم تركته بعد أن ضقت ذرعاً بكل السلبيات المنتشرة بين أفراده مثل الحياة الواقعية تماماً مثل (حب الجدال ، والإساءة لمعتقدات وآراء الآخرين ، والغيرة بسبب كثرة المتابعين …. إلخ