🎞️ Netflix

موقع صراحة، ما بين النجاح التجاري، والكارثة البشرية

موقع صراحة بين النصح والوقاحة ... كيف تقدم نصيحة بناءة على موقع صراحة
مصطفى يسري
مصطفى يسري

8 د


هل أنت مُستعد لمواجهة الصراحة؟

بهذا السؤال الذي يُعد من أسئلة التحدي التي تُحفز الخلايا العصبية لدى الإنسان، وتدفعه لقبول التحدي على الفور، بدأ موقع صراحة رحلته نحو التربع على عرش المواقع العربية في الفترة الأخيرة. تجربةٌ نفسيةٌ ناجحة من الناحية التسويقية والتُجارية، ولكن، ماذا يرى الجمهور؟.

دعونا نُلقي نظرة مُتفحصة على موقع صراحة والقصة خلفه من خلال الأسطر التالية.


تعريفٌ بالموقع ومُؤسسه

موقع صراحة هو موقع من فئة مواقع التواصل الاجتماعي يهدف وببساطة إلى صُنع حلقة الوصل بين الشخص ومن يعرفوه من خلال إتاحة الفرصة لهم بأن يقولوا رأيهم في هذا الشخص –بُناء على رغبته الشخصية بالطبع في تقبل هذه الآراء- من خلال تسجيله في الموقع، ونشر الرابط الخاص به، ومن ثم ينتظر الآراء ممن هم حوله أو المُهتمين بأمره، وذلك بدون معرفة اسم المُرسل أو هويته كونه لا يتطلب التسجيل كي تقوم بإرسال رسالتك.

أُسس الموقع في نوفمبر من عام 2016، إلاّ أنّ صيته قد ذاع في يناير وفبراير الجاري، وهو يُشبه كثيراً المنصة الشهيرة “Ask.fm”،  والتي تُتيح لأي شخص إرسال سؤال إليك خلال ملفك الشخصي، ولكن يختلف الأمر قليلاً من حيث عِدة نقاط هي:

  • عروبة موقع صراحة، فموقع صراحة هو موقع عربي الاسم والهيئة وحتى الشعار وبالطبع النشأة.
  • عدم إمكانية الرد على الرسائل المُرسلة كما في “Ask.fm”، فهي فقط يتم عرضها على الموقع ليس أكثر.
  • عدم إمكانية فصح المُرسل عن اسمه كما في موقع “Ask.fm”، والذي يُعطي السائل خيار الإفصاح عن اسمه أو السؤال مع إخفاء الهوية، أو ما يُعرف بالموقع ب “Ask Anonymously”.

أمّا عن مُؤسس الموقع فهو “زين العابدين توفيق”، وهو مُواطن من المملكة العربية السعودية مضى من عمره 29 عام، يُقيم في مدينة الظهران، وقد تخرج من جامعة الملك فهد قسم بترول وتعدين، أمّا عن أسباب تأسيسه للموقع –حسب ذكره- فهي للسماح للموظفين بتوجيه بعض النقد لمُدرائهم دون أن يخافوا من كشف هويتهم، خاصةً –حسب قوله- أنّ مُعظم المُدراء لا يقبلون توجيه الانتقادات لهم من موظفيهم مما ساعد على زيادة الفجوة بين المُوظفين، والمُدراء في الفترة الأخيرة.

أمّا الأغراض الرئيسية للموقع والمُعلن عنها على صفحته فهي:

  • تعزيز نقاط القوة لدى المُستخدم.
  • مُعالجة نقاط ضعفه.
  • تعزيز الصداقات بمعرفة المزايا والعيوب.
  • تمكين الأصحاب من مُصارحة بعضهم البعض.

يبقى السؤال الأهم الآن وهو:

هل تحققت أهداف الموقع الحقيقية بالفعل؟

قبل البدأ في سبيل الإجابة على هذا السؤال، دعونا نُلقي نظرة على الموقع ككل في البداية، وعن مُستقبله حسب تصريحات المُؤسس.

الموقع ذا تصميم بسيط خالي من الإعلانات، ولا يمتلك سوى واجهة تُتيح لك مُصارحة من قمت بالدخول إلى ملفه الشخصي برسالة، أو تُمكنك من التسجيل كي تُتيح لمن يعرفوك مُصارحتك.

أمّا عن معرفة مُرسل الرسائل، والتي انتشرت العديد من الشائعات بأنّها ستكون مُتاحةً عما قريب، فقد أكد زين العابدين عبر تغريدة على موقع التغريد المُصغر “Twitter”، أنّه نفسه –كمُؤسس للموقع- لا يستطيع معرفة مُرسل هذه الرسائل، وهو ما نُؤكده نحن بدورنا، ليس لدعمنا للموقع، ولكن كونه –وببساطة- لا يتطلب أيّة معلومات أو بيانات من مُرسل الرسالة، فكل ما عليك هو الدخول إلى الموقع وكتابتها فقط.


أرجو عدم مراسلتي بخصوص معرفة صاحب الرسالة فأنا – صاحب الموقع – لا يمكنني معرفته!#صراحة

— زين العابدين توفيق (@ZainAlabdin878) January 28, 2017

حاولت العديد من الشركات شراء فكرة الموقع أو استقطاب زين العابدين للعمل معها، إلاّ أنّه رفض كل هذه العروض، وأكد على أنّه سيُكمِل المشوار الذي بدأه وحده وحده، مُؤكداً في أكثر من تغريده على أنه يعمل بمُفرده، وأن الموقع لا يمتلك فريق عمل كغيره من المواقع ومنصات التواصل الاجتماعي.

أمّا عن مُستقبل الموقع، فقد أبدى زين العابدين نيته في بعض النقاط، مُؤكداً في حواره مع جريدة الوطن المصرية أنّ الموقع لن يظل على ما هو عليه، وأنّ هناك المزيد من المُفاجآت التي سيُقدمها للمُستخدمين في الفترة القادمة.

كما أكد كذلك على قُرب توفر الموقع باللغة الإنجليزية في الفترة القادمة، بالإضافة لعمله على تطوير تطبيق خاص بالموقع على الهواتف المحمولة العاملة بكلاً من نظامي “Android” و “iOS” ليُسهل الأمر أكثر على المُستخدمين.

من الأشياء التي ذكرها المؤسس أيضاً هو نيته لإضافة إمكانية الرد على الرسائل داخل الموقع، وهو ما يتعارض مع ما قاله سابقاً في انتقاده لمنصة “Ask.fm“، والتي ذكر أنها أصبحت عبارة عن صندوق بريد عام ليس أكثر، مُضيفاً إلى أنّه ينوي إضافة خاصية مُشاركة الرسائل مُباشرة إلى المنصات الاجتماعية مثل “Facebook” و “Twitter” وغيرهم…؛ كي يُسهل على المُستخدمين مُشاركتها مع أصدقائهم بعيداً عن عناء التقاط صورة الشاشة وحفظها ورفعها كصورة.


خلطة النجاح السرية

قد يتعجب البعض منكم من عدم وجود أيّة إعلانات داخل الموقع، وقد يزيد من عجبهم عدم رؤية الموقع في أحد المنشورات المُدعمة على شبكة “Facebook” أو في إعلانات “Google” أو غيرها، وبالرغم من كل هذا فقد لاقى الموقع نجاحاً ساحقاً، ولنذكر بعضاً من عناصر هذا النجاح من موقع Alexa.

  • أصبح الموقع وفي خلال فترة قصيرة صاحب المرتبة 11505 عالمياً.
  • صاحب المرتبة 114 في مصر.
  • صاحب المرتبة 32 في تونس.
  • صاحب المرتبة 39 في سوريا.
  • أكبر عدد زوار للموقع من مصر بنسبة 47% من زواره.
  • زيارات الموقع تأتي بنسبة 10.7% من خلال مُحرك البحث “Google”، وهو ما يعني أنّ المُستخدمين يبحثون عن الموقع نفسه وليس فقط يدخلون إليه بمحض الصدفة مثلما يحدث من خلال موقع “Facebook”، والذي في المرتبة الأولى من حيث المواقع السابقة لزيارته بنسبة 14.3%.
  • وصل مُعدل الدقائق التي يقضيها المُستخدمون في الموقع إلى 8 دقائق، وهو ما يُعد رقماً رهيباً كونه لا يملك ذاك القدر من المُحتوى الذي قد يُبقي أحدهم فيه لهذه المُدة.
  • وصل عدد مُستخدمي الموقع إلى ما يزيد عن 100 مليون شخص، أمّا عدد الرسائل فقد وصل إلى 10 مليون رسالة.

إن دلت هذه المُؤشرات جميعاً على شيء فهي تدل على نجاحٍ ساحق لموقع لم يبدأ رحلته سوى منذ أشهر معدودة، وبدون دفع جنيه واحد في الدعايا سوى في شراء نطاق الموقع والمساحة التخزينية بالطبع، أمّا عن أسباب نجاحه فإنّ أغلبها يُعد نفسياً، فمن منا لا يود أن يقرأ مدحاً له من شخص مجهول، ومن منا لا ينتظر أن يرى مدى اهتمام أيّة شخص به وبمصارحته بأيُما كان، إلاّ أنّ عامل الوحدة والشعور بنقص الثقة، والتي أصبحت مُنتشرة للغاية في مُجتمعنا العربي جعلت الموقع في هذه المكانة المُرتفعة من بين مواقع –في نظري- أكثر أهمية وإفادة.

أن تشعر بأنّ هناك من يُراقبك في صمت، وانتظر الفرصة لأن يُصارحك بشيءٍ يشعر به تُجاهك هو شعور ينتظره الكثيرون من جميع الأجناس والفئات العمرية، الفضول لمعرفة ما يراه الناس فيك وإن كان سلبياً هو شيءٌ مُتواجد بيننا كبشر بطبيعتنا، التحدي الذي يفرضه عليك الموقع فور دخولك إليه بجملة “هل أنت مُستعد لمُواجه الصراحة؟“، يُفعل بداخل كلٍ منا غريزة هامة وهي الفضول. إذن فما قد لعب عليه الموقع وكان السبب الأكبر في نجاحه؛ هي أسباب نفسية وليست مادية، فمؤسس الموقع –وإن لم يكن يتوقع أو يُفكر في كل هذا النجاح، قد وصل عن غير قصد إلى أعماق عقول وقلوب المُستخدمين ليجعلهم غير مُتحكمين في أنفسهم، ومُسيرون كما المُنومين مغناطيسياً كي يعرفوا كيفية نظر من يعرفونهم لهم، وإذا ما كان هناك أحدٌ يهتم بهم أم لا.


نتائجٌ سلبية

نعم الموقع قد نجح في جذب هذا الكم الهائل من الجمهور، هذا أمرٌ لا يختلف عليه عاقلان، إلاّ أنّ للموقع آثاراً سلبية كثيرة، وذلك بسبب ما يُكتب به، ذلك لأنّ هناك الكثير من الرسائل المُزيفة، بالإضافة لوجود الكثير من الرسائل غير المُزيفة، والتي تضر في كونها غير مُزيفة أكثر عن ما كان قد يقع من ضرر إذا كانت مُزيفة ويعرف مُستقبِلُها هذا.

وقد ذكرت مُدرسة الطب النفسي بجامعة الأزهر في لقائها مع جريدة اليوم السابع المصرية أنّ هناك عدة حالات ذهبت لها العيادة بسبب رسائل تلقوها على موقع صراحة، كما أضافت أن هناك شخص تغيب عن عمله لمُدة ثلاثة أيام بسبب إحدى الرسائل التي وصلته عن طريق الموقع، كما حذرت الطبيبة الأشخاص المُصابين بكلٍ من: الوسوسة، أو الحدة في الشخصية، أو من يُعانون من جنون العظمة من الدخول لمثل هذا الموقع واستخدامه، حيث أشارت إلى إمكانية دفع الموقع لهم لارتكاب جرائم قتل، بسبب وصولهم لمرحلة من الشك يفقدون عندها التركيز والتحكم في شخصيتهم وتصرفاتهم، ناصحةً إياهم للخضوع إلى اختبارات نفسية مُقننة إذا أرادوا قياس شخصيتهم وليس أن ينتظروا ما يراه فيهم من يعرفونهم والذي يُبنى على الكثير من المشاعر الإنسانية المُتغيرة والمُختلفة من حب وكراهية.



عرضت عليكم في الأسطر السابقة نظرة شاملة على موقع “صراحة”، والذي يغزو العالم العربي ومواقع التواصل الاجتماعي حالياً، مُحاولاً أن أكون حيادياً قدر الإمكان، الموقع يُعد تجربة ناجحة لصاحبه، نعم لا نختلف على هذا، ولكن أن يكون الحال ذاته بالنسبة لمُستخدميه، فهذا أمرٌ نسبي، أمّا عن أغراض المواقع المُعلن عنها على صفحته الرئيسية، فشخصياً لا أراها تتحقق ولا أرى مجالاً لتحقيقها في عالمنا العربي.

شاركوني آرائكم في الموقع وتجربتكم فيه، وبما تنصحون مُستخدميه وغير مُستخدميه، أمّا عن نصيحتي الشخصية لكم، فهي أن تبتعدوا عن هذا الموقع، فمن يرى في نفسه النقيصة، أو يرى أنه يحتاج لأن يشعر بالاهتمام، عليه أن يعمل على نفسه أكثر، لا أن ينتظر جملةٍ من أحدهم تُشعره باهتمامه.


تحذير تقني


هناك الكثير من المواقع التي انتشرت في الآونة الأخيرة تحت اسم “صراحة” وبنفس الشعار والتصميم، إلاّ أنّها تطلب منك إدخال بيانات حساباتك الشخصية على مواقع مثل “Facebook” وغيرها…، هذه المواقع ما هي إلاّ مواقع لاختراق حساباتك، وقد تجدها باسم “Sarahah” ولكن بنطاقات مُتعددة، أمّا النطاق الأوحد والحقيقي لموقع صراحة فهو “Sarahah.com” وليس شيئاً غيره، كما أنّه لا يُوجد بعد تطبيق خاص بالموقع وكافة التطبيقات المُتواجدة على متاجر تطبيقات الهواتف المحمولة هي تطبيقات مُزيفة أيضاً، لذا وجب التنويه.

ذو صلة

لا يوجد تطبيق لصراحة على الهاتف الجوال بعد والبرامج الموجودة قد تسرق بياناتكم…


جميع المواقع المشابهة للصورة لا تمت إلى #صراحة بصلة وتسرق معلومات دخولك على فيس بوك على الأغلب! موقع صراحة الوحيد هو https://t.co/Ds317ds6uB pic.twitter.com/ae4avOLK71

— صراحة (@Sarahah_com) February 13, 2017

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة