لماذا تأتي اللوحات الإلكترونية باللون الأخضر دائمًا؟ إليك جميع الأسباب المحتملة لذلك!
6 د
بمجرّد أن تُذكر كلمة “لوحة إلكترونيّة” يحضُر اللون الأخضر إلى معظم أذهان الناس، فقد تعوّدنا رؤية لون اللوحات الإلكترونية الأخضر في كلّ مكان بالإضافة لخطوطها النحاسيّة ذهبيّة اللون ورموزها البيضاء المبعثرة حولها.
ولكن هل خطرَ في بالكَ لمَ هيَ باللون الأخضر تحديدًا؟ حسنًا، إن لم يخطر ببالك قط أتمنّى أنّني أثرتُ الفضول في بالك! في الحقيقة لا يوجد سبب واحد، وإنّما عدّة أسباب سنتكلّم عنها. ولكن قبلَ ذلك دعونا نتعرّف إلى بدايات ظهور اللوحات الإلكترونيّة لنفهم الموضوع بشكل أفضل.
التاريخ خلف اللوحات الإلكترونيّة المطبوعة ورحلة وصولها إلى شكلها الحالي
قامَ العالم النمساوي “بول آيسلر” باختراع أوّل لوحة إلكترونيّة مطبوعة عام 1936، وقد كانَ بمثابة اختراع ثوري في الصناعة. إذ أصبحَ بإمكان المصنّعين الآن نمذجة وتصميم لوحة إلكترونيّة واحدة، وتصنيع المئات منها في زمن قصير للغاية بدلًا عن الطريقة التقليديّة لضمّ ووصل عشرات المكوّنات الكهربائيّة يدويًّا.
إلّا أنّ أوّل ظهور لمفهوم اللوحات الإلكترونيّة كانَ في عام 1903 على يد المخترع الألماني “ألبرت هانسون” والتي كانَت عبارة عن رقاقة معدنيّة رفيعة موصلة للكهرباء على لوحة عازلة للكهرباء. بعضها كانَ يحوي على عدّة طبقات، والذي يحاكي عمل اللوحات الإلكترونيّة الحالية إلى حدٍّ ما.
كان تصميم “آيسلر” يعتمد على رقاقة نحاسيّة تقع على سطح عازل مصنوع من الزجاج، وهيَ المواد التي يستعملها معظم منتجوا الدارات الإلكترونيّة في أيامنا هذه. واستخدمَ “آيسلر” أوّل دارة من صنعه في تصنيع راديو خاص به.
كما تَبِعَ تصميم “آيسلر” المزيد من التطويرات والتحسينات، منها تقنيّة تركيب المكوّنات الإلكترونيّة على سطح الدارة (SMT- Surface Mount Technology) في عام 1960 على يدّ شركة IBM، والتي سمحت للمهندسين ومصنّعي الدارات الإلكترونيّة باستغلال كلا وجهَي اللوحة الإلكترونيّة.
وتمّ استعمال هذه التقنيّة لأوّل مرّة لتصنيع حاسوب LVDC الذي قامَ بالتحكّم بصواريخ الإطلاق الخاصّة بمهمتيّ زحل (Saturn V و Saturn IB).
بالإضافة إلى تقنيّة تركيب المكوّنات الكهربائيّة عبر ثقوب موجودة في اللوحة الإلكترونيّة (Through-hole Technology)، والتي تمّ تقديمها على يد المخترع “سامويل شورتز” في عام 1967.
ومَع انتشار الدارات المتكاملة (IC – Integrated Circuits) في بدايات السبعينيّات وزيادة أعداد المكوّنات الكهربائيّة التي تشكّل منتجات وأجهزة نقوم باستخدامها بشكل شبه يومي، أصبح استخدام اللوحات الإلكترونيّة أمرًا لا مفرّ منه للتعامل مع التعقيد هذا.
الأسباب التي جعلت من لون اللوحات الإلكترونية الأخضر سائدًا
بعدَ أن ناقشنا بدايات اللوحات الإلكترونيّة المطبوعة، إلى أن وصَلَت إلى شكلها الحالي. حان الوقت لنقوم بالإجابة عن السؤال الذي جعلكَ تقوم بقراءة هذه المقالة بالأصل. ما هوَ السبب الذي يجعل لون اللوحات الإلكترونية الأخضر منتشرًا وسائدًا؟
كما ذكرنا في البداية، لا يوجد سبب واحد يتّفق عليه الجميع وإنّما هناك العديد من الأسباب التي يقترحها البعض ويرجّحها في كون اللون الأخضر هوَ اللون التقليدي للوحات الإلكترونيّة. وسنستعرض فيما يلي أبرز هذه الأسباب وأكثرها إقناعًا.
الموادّ المستخدمة في التصنيع
كما قلنا سابقًا، تصميم “آيسلر” اعتمدَ على رقاقات نحاسيّة مثّلت ناقل الكهرباء (المسارات الذهبيّة التي تراها عادةً على اللوحات الإلكترونيّة) بالإضافة إلى مادة زجاجيّة مثّلت العازل الكهربائي والتي تدعى بالإيبوكسي الزجاجي (Epoxy Glass).
وللإيبوكسي الزجاجي لون أخضر خفيف، ولكن سرعانَ ما بدأ المصنّعون بتحسين اللون الأخضر الخفيف هذا بصبغة خضراء قويّة للتخلّص من اللون القبيح الأصلي.
ملاحظة: بعض مصنّعي اللوحات الإلكترونيّة يستخدمون الفيبرغلاس (Fiberglass) والذي لهُ لون بنّي فاتح بدلًا عن اللون الأخضر الخاص بالأيبوكسي الزجاجي.
خواصّ اللون الأخضر في اللوحات الإلكترونيّة
سبب مرجّح آخر لكون اللون الأخضر هوَ اللون المختار، هيَ خواصه وكيفيّة تباينه مع اللون الأصفر والأبيض. بالإضافة لكونه لونًا مريحًا للأعين ولا يجهدها إن تمّ النظر إليه لأوقات طويلة.
والسبب في كون هذه الأشياء مهمّة هيَ أنّ المهندسين والفنّيين اعتادوا النظر إلى اللوحات الإلكترونيّة لساعات عديدة سواءً لتشخيص الأخطاء أو لأغراض تطوير وتحسين الدارات، واللون الأخضر هوَ من الألوان القليلة التي يحقّق معيارين مهمَّين،
أوّلهما هوَ تباين اللون الأخضر معَ اللون الأصفر الخاصّ بالمسارات النحاسيّة الناقلة للإشارة الكهربائيّة، بالإضافة إلى اللون الأبيض والذي كان في أغلب الأحيان لون التسميات التوضيحيّة للمكوّنات الكهربائيّة المختلفة ورموزها.
والمعيار الثاني هوَ كون اللون الأخضر غير مجهد للأعين، ولا يسبّب الإزعاج إن تمّ النظر إليه لساعات طويلة مستمرّة على عكس بعض الألوان الأخرى (مثل الأحمر أو الأبيض).
التبنّي المبكّر للّوحات الإلكترونيّة واستخدامها عسكريًّا
من الأسباب الأخرى التي يرجّحها البعض -ولكنها تبدو أقلّ إقناعًا- هيَ التبنّي المبكّر للجيش الأمريكي لتقنيّة اللوحات الإلكترونيّة واستثمار كميّة كبيرة من الموارد في تطويرها وتحسينها.
فقد تزامن ظهور اختراع اللوحات الإلكترونيّة (1936) مع الحرب العالميّة الثانية (1939 – 1945)، وقد كانت الولايات الأمريكيّة المتحدّة آنذاك تقوم بتطوير قادح المسافة (Proximity Fuse) والذي كان تحت مسمّى Mark 53 وقد كانَ أوّل مشروع عسكري يستخدم اللوحات الإلكترونيّة المطبوعة.
مما عنى أنّ الجيش الأمريكي كان من أكبر الزبائن لمصنّعي اللوحات الإلكترونيّة وأكثرهم طلبًا للمنتج، وقد قرّرَ بعض المصنّعون صبغ اللوحات التي تعود للاستخدام العسكري باللون الأخضر وهوَ اللون الذي يمثّل الجيش باعتبار أنّه يستخدمه في جميع آلياته وتجهيزاته للتمويه.
انخفاض ثمن الصبغة الخضراء المستخدمة
جميع الأسباب السابقة، أدّى إلى زيادة الطلب على الصبغة الخضراء من قِبَل مصنّعي اللوحات الإلكترونيّة المطبوعة واعتبار الألوان الأخرى ألوانًا ثانويّة قليلة الاستخدام. مما أدّى إلى تزايد كميّة إنتاج الصبغة الخضراء لتزويد الطلب المتزايد.
نتيجةً لذلك، انخفض سعر الصبغة الخضراء، وأصبحَ لون اللوحات الإلكترونية الأخضر أقلّ سعرًا للحصول عليه من أيّ وقت سبق، وهذا أدّى إلى حلقة مُفرغة لا تنتهي.
هل ما زلنا مُلزمين باللون الأخضر في الوقت الحاضر؟
كلّا بالطبع، فيمكنكَ الآن الحصول على أيّ لون تريده إذ أنّ أغلب مصنّعي اللوحات الإلكترونيّة بدأوا بتوفير معظم الألوان حسب الطلب وبتكلفة متقاربة كثيرًا.
إذ أنّ لون اللوحة الإلكترونيّة أصبحَ أهمّ الآن ولا سيَما بعد انتشار صيحة صناديق الحاسب التي تحتوي على أحد جوانبه مكشوفًا بواسطة لوح زجاجي، أو حتّى في بعض الأحيان دون صندوق يحتوي اللوحات الإلكترونيّة على الإطلاق!
وأصبح البعض يختار لون اللوحة الأمّ (Motherboard) بحسب لون مكتبه أو مجموعة الألوان التي تتماشى مع باقي قطع حاسوبه، ولعلّ أبرز الألوان المتاحة الآن هيَ:
- اللون الأبيض: يُعتبر هذا اللون خيارًا جيّدًا، إذ يتباين معه لون المسارات النحاسيّة بشكل ممتاز. ويتمّ استبدال التسميات ورموز المكوّنات الكهربائيّة عادةً بالأسود بدل اللون الأبيض المعتاد.
- اللون الأسود: يعتبر من أكثر الألوان المطلوبة وبخاصّة في لوحات الأمّ، إلّا أنّه يقوم بتخزين حرارة أكبر من اللون الأخضر التقليدي أو باقي الألوان.
- بالإضافة للّون الأحمر والأزرق.
الآن وبعدَ أن عرفتَ ما هي الأسباب التي أدّت لكون اللون الأخضر مهيمنًا على الدارات الكهربائيّة، هل تفضّله عن غيره من الألوان أم تفضّل لونًا مميّزًا آخر مثلَ الأسود أو الأحمر؟
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.