تُلفّ بشريط كالهدية… طقوس قد نمارسها بابتسامةٍ ساذجة مع أنها تعد المرأة سلعة!
6 د
فوجئ المتابعون العرب لكل من قيامة أرطغرل وقيامة عثمان بطقوس الزواج وعادة لف الشريط الأحمر على خصر العروس، لتكون أشبه بعلبة هدايا أو سلعة "بغلافها" يأخذها العريس بعد دفع ثمنها، وفي حين أن معنى هذا الشريط الأحمر في تركيا يختلف تمامًا عن مفهومه في العالم العربي، إذ يعد هناك رمزًا للطهر والنقاء والعذرية وسببًا لدفع الشر والحسد فتربط به خواتم الزفاف ليكون الرباط أبديًا، كما تضعه العروس على القهوة التي تقدمها لعريسها كدليل على الموافقة، وحتى يوضع فوق رأس المولودة حديثًا لحمايتها.
ولكن هذا لا ينفي على الإطلاق وجود الكثير من الطقوس حول العالم سواء في الزفاف أو في الأمور الحياتية اليومية تتعامل مع المرأة كأنها ملك فقط للرجل سواءً كان أبًا أو أخًا أو بالطبع زوجًا، فحتى هذا الشريط مع معانيه المختلفة إلا أن أحدها وأشهرها هو دلالته على العذرية، وهو الهوَس العالمي بجسد المرأة وإشارة إلى أنها بـ"حالتها الأصلية" ولم يمسسها بشر.
ألوهية الرجل في الثقافة الهندية واعتبار العزباء خطرًا
كالكثير من الثقافات الشرقية تمتلئ الثقافة الهندية بالكثير من المفاهيم التي تؤكد أن المرأة مجرد سلعة ومتاع للرجل، وتُظهر المسلسلات وحتى الأغاني الرومانسية هذه الفكرة بشكل عادي للغاية يؤكد رسوخها في المجتمع، فهذا مشهد يظهر به النجم أميتاب باتشان وهو يقول إن الزوج هو إله لتكون زوجته من رعيته فقط.
ونجد في أغانٍ مثل Beti toh paraya dhan hai، والتي من المفترض أنها رومانسية للغاية، تشبيه للمرأة بالجماد، وحتى في الأوقات العادية يُطلب من المرأة ترتيب نفسها وتهيئتها كما يتم تنظيف المنزل قبل استقبال الضيوف وكأنها قطعة من الأثاث.
أما عن المرأة العزباء، أي التي سبق لها الزواج سواء أصبحت مطلقة أو أرملة، فإن التعامل معها كملكية منتهكة أو غير صالحة للاستخدام هو أمر أصيل في الكثير من الثقافات الشرقية والعربية، فتجد المجتمعات المختلفة تنظر للبكر عادة نظرة السلعة الجديدة التي لم تمس مقارنة بمن دنستها يد أخرى، وبالتالي تُحرم من الكثير من الحقوق الضئيلة أصلًا الممنوحة للفتاة البكر.
بيع الزوجة في بريطانيا
نعم، فقد كان القانون الإنجليزي حتى القرن العاشر يمنح الرجل حق بيع زوجته وإعارتها بل وحتى قتلها إذا أصيبت بمرض شديد، وتم تخفيف القانون إلى حد كبير بعد ذلك فيما يتعلق بالقتل والإعارة، ولكن فيما يتعلق بالبيع فقد كان متاحًا للرجل الإنجليزي حتى عام 1805 أن يبيع زوجته مقابل ثمن ثابت وهو 6 سنتات.
تغيير اسم ولقب المرأة من طقوس الزواج
هذا العرف الغربي الغريب يعد من أكثر دلالات امتلاك الرجل للمرأة، ففي أمريكا وأوروبا تتخلى المرأة عن اسم عائلتها بعد الزواج لتصبح باسم زوجها، وقد ظهرت هذه العادة في القرن الخامس عشر حيث كان الرجال فقط لهم الحق في الملكية والبيع والشراء والتصويت وبالتالي كانت المرأة تعتمد تمامًا على الرجل.
وارتبط هذا التقليد بالوصف القانوني للفقيه الإنجليزي هنري دي براكتون بأنهما شخص واحد بل من لحم ودم واحد، ولكن لأن هذا الأمر في الواقع غير صحيح وأن كلًا منهما شخص منفرد بذاته فهذا يؤكد أنه مجرد وسيلة لفرض سيطرة الرجل لا أكثر ولا أقل وإلا كان من الممكن أن يحمل الرجل اسم زوجته على اعتبارهما شخصًا واحدًا لا فرق بينهما.
ولكن استمر الأمر في العصر الحديث مهما كانت المرأة مشهورة أو من عائلة معروفة، بل أصبح دليلًا على جديتها في الزواج وأنها ترغب في أن تكون مع الرجل في عائلة واحدة وأن رفضها لتغيير اسمها يعد دليلًا على عدم اهتمامها بالأسرة.
لكن بالطبع طالما أن تلك الثقافة في الغرب المتحرر فلن تجد من يلومها في العالم الشرقي رغم اعتراض الكثير من المدافعات عن حقوق المرأة على هذا الأمر.
اعتبار المرأة ميراثًا في حد ذاتها أو حرمانها من الميراث
في الكثير من المناطق العربية والأسيوية يتم اعتبار المرأة جزءًا من الميراث، فإذا توفي زوجها فإن شقيقه لابد أن يتزوجها حتى لا تأخذ نصيبها وتتزوج به آخر أو تكون لها حرية التصرف فيه، وبالطبع موضوع حرمانها من ميراثها هو أكثر انتشارًا مما يمكن إنكاره سواء كان لديها أشقاء ذكور أم لا.
دفن المرأة حية
من بعض الطقوس الغريبة في بعض الثقافات الأسيوية مثل ثقافة السوتي الهندية وفي بعض قبائل تايلاند أنّ المرأة كانت تُدفن إلى جوار زوجها المتوفى حية أو كانت تُحرق حيّة كدليل على انتهاء حياتها بوفاته، وفي حين يقول البعض إن تلك العادة ارتبطت بعقاب المرأة على قتلها زوجها إلا أن هذه العقوبة بالطبع لم تكن تندرج على الزوج الذي يقتل زوجته أو أي رجل يرتكب تلك الجريمة.
ختان الإناث
واحد من أقسى الطقوس التي كانت تُمارس على نطاق واسع لضمان عفة الأنثى وعدم سقوطها في الخطيئة وكدلالة على انعدام حقها على الإطلاق في اختيار ما تفعله في جسمها والتأكيد أنها تفقد قيمتها تمامًا بعد لقاء جنسي واحد لتكون مثل السيارة المستعملة، الختان.
إن التشويه الذي كان ولا يزال يتم للأعضاء التناسلية الأنثوية هو دلالة فجة على اعتبار النساء ملكية بحتة ليس لهن هدف إلا الإنجاب ولا يحق لهن المتعة ولا تحقيق الرضا الجنسي.
وربما لم يتوقف الأمر قليلًا ولم تتم محاربته على نطاق مقبول إلا بعد أن تبين أن هذا الختان يؤثر على متعة الرجل نفسه!
عدم الإبلاغ عن الاغتصاب
بنفس منطق السيارة المستعملة يرفض الأهل في أغلب الأحيان الإبلاغ عن تعرض ابنتهم للاغتصاب فذلك يعني أنها أصبحت منتهكة وغير صالحة للاستخدام، وإذا كانت متزوجة وتعرضت لهذه الجريمة نجد أن زوجها ينفر منها تمامًا كنفوره من فرشاة أسنانه إذا سقطت في فم كلب.
النافجة في الجاهلية
وكانت النافجة هي المهر الذي يدفعه الخاطب عند طلب الزواج من فتاة قبل ظهور الإسلام في الجزيرة العربية، وكان حقًا تامًا للأب لا تأخذ منه الفتاة أي شيء، وكان يُحدد وفقًا للاتفاق وليس بمقدار معين، وكان الأمر أشبه ببيع وشراء بالفعل وخطبتها لمن يمدّ أباها بعدد أكبر من الإبل التي يزيد بها ناقاته.
هل المهر في الإسلام يعد من علامات بيع وشراء المرأة؟
مع كثرة تسليط الانتباه على حقوق النساء عمومًا واعتبارهن ملكية للرجل والدعوة للتحرر من السيطرة اعتبر البعض أن المهر في الإسلام هو دليل على إقرار الشريعة لاستعباد المرأة وأن من حق الرجل امتلاكها طالما دفع المهر. ويؤكد المعارضون لفكرة المهر أن هذا المهر يجعل الزوجة أقل من البغي التي تأخذ أجرها مقابل تلبية طلبات الرجل وليس لها حق الاعتراض على أي شيء.
ليرد عليهم من دافع عن فكرة المهر بأنّه أمر إلهي صريح في القرآن الكريم وحق للمرأة لا لولّيها، فلا يجوز لوليها ولا زوجها الاستيلاء عليه، وبأنّه لا يعني أن الزوج امتلك زوجته وإلا كان من حقه بيعها سواء بنفس ثمن المهر أو بما يرغب فيه طالما هي ملكه، كما أنّه لم يُحدد بثمن معين ولا يُعفى منه الرجل مهما كان فقيرًا حتى لو التمس لها خاتمًا من الحديد فهو أقرب للهدية تهدى إلى العروس ويتودّد بها الرجل إلى المرأة.
غير أنّ بعض الممارسات المجتمعية، بعيدًا عن التشريع الذي أمر بالتيسير، بما تشهده من مغالاة في طلب المهر ومفاخرة بغلاء المهر المدفوع حولّت الأمر بالفعل إلى مزاد علني لمن يدفع أكثر.
الطقوس والعادات والتقاليد لم تأت من فراغ، كلٌّ منها يحمل رسالة تمررها الأجيال لمن يجيء بعدها. ربط طفلٍ صغير لشريطٍ أحمر على خصر أخته أثناء لعبهما وتمثيلهما لحفلة عرس ألهم هذا المقال، كل ما نرجوه أن يأتي اليوم الذي تصب فيه الأسر اهتمامها على سند ودعم وحماية بناتها في أعراسهن وليس على تسليم شهادة جودة تضمن "نقاء المنتج".
اقرأ أيضًا: صانعة أمان أو “فيديو البقلاوة”.. نسوية مفتعلة لاستجداء حقوق إنسانية أصيلة
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.