سافر، أنت لست شجرة… ما مصير العالم بعد 100 عام من نشر سوريا للياسمين في أرجائه؟
من الشيف عمر، إلى الشابة السورية مايا غزال، أول لاجئة تعمل ككابتن طائرة، واليوتيوبر عمر مسكون، مرورًا بآخرين تزوجوا من أجانب مثل آدم وإيزابيل، وحتى البعض الذي نجح بدخول الحياة السياسية والخدمية في مجتمعاتهم الجديدة، نعم لقد نجح أولئك السوريون بتحويل معاناتهم إلى قصص نجاح حقيقية تحدث عنها العالم، لكن ما تأثير تلك القصص وما تأثير أبطالها السوريين على بلادهم بعد 100 عام من اليوم؟
الشيف عمر
أرخت أزمة كورونا بظلالها على الشيف عمر أبو لبدة الشهير باسم الشيف عمر، الذي قرر بعدها الاعتماد على اليوتيوب ومنصات مواقع التواصل الاجتماعي ليقدم فيديوهات طبخ بطريقة احترافية للغاية، معتمدًا على حس الفكاهة وخفة الظل لديه.
خلال أشهر قليلة تحول الشيف عمر الذي ينحدر من دمشق ويقيم في تركيا، إلى أحد أشهر صانعي المحتوى في السوشال ميديا لدرجة أنه غطّى على نجومية الشيف بوراك التركي.
يمتلك الشيف عمر أكثر من مليوني مشترك في قناته الخاصة بالطبخ، وخلال شهر رمضان الفائت كان الشيف عمر الطّباخ الرسمي في قصر آل نهيان بدولة الإمارات، حيث تم طلبه جراء الشهرة الكبيرة التي وصل إليها، وحسب تصريحات سابقة له، فإن ساكني القصر غيّروا عادات إفطارهم على التمر والقليل من الطعام، بسبب الأطعمة الشهية التي كان الشيف عمر يطبخها لهم.
أول مصنع جبنة سورية بألمانيا في العام 2019
قرر اللاجئ السوري عبدول سايمو افتتاح أول مصنع للجبنة السورية الشهيرة في ألمانيا، تحت اسم "شام سار"، وهو المصنع الأول من نوعه هناك، وكان يعتبر مخاطرة كبيرة خصوصًا أن الجبنة السويسرية تكتسح السوق الأوروبية. نجح سايمو وقدم نموذجًا ملهمًا للكثير من اللاجئين هناك، وساهم بنشر ثقافة المطبخ السوري في ألمانيا.
من أرض قاحلة إلى زراعية في كندا ومن الطعام السوري إلى اليد الزراعية السورية الخبيرة، هكذا نجح محمد الضاهر وزوجته نعيمة محمد مع أطفالهما الخمسة، منذر وعبير وعائشة ورابح وهايل، بتحويل أرض قاحلة في كندا إلى أرض زراعية يزرعون فيها مختلف أنواع الخضروات.
في العام 2016 بدأت العائلة بـ 2 دونم من الأرض، وبحلول العام 2020 امتدت المساحة على 6 دونمات، محققين تنمية زراعية كبيرة في كندا التي قلما يعمل سكانها بالزراعة.
مايا غزال أول لاجئة تعمل ككابتن طائرة
ذاع صيت اللاجئة السورية الشابة مايا غزال 23 عاماً، العام الفائت وتصدرت عناوين الصحف العالمية بكونها أول لاجئة سورية تعمل بقيادة الطائرات في الخارج.
غزال التي وصلت إلى بريطانيا عام 2015، عملت ودرست بجد لتحقق حلمها بقيادة الطائرات ودرست هندسة الطيران بجامعة برونيل، وهي تسعى للحصول على رخصة قيادة طائرة تجارية. وأما حلمها الآخر فهو الهبوط بالطائرة يومًا ما في بلدها.
تلك الأحلام هي ما تجعل سوريا تنتظر أبناءها المغادرين الذين لا بدّ أنهم يومًا ما سيعودون، أو ربما أولادهم وأحفادهم، فمن الواضح أن هذه البلاد وعلى الرغم من قساوة الحياة فيها وحتى الهرب منها أحيانًا، فإنها تحتل مكانة عاطفية كبيرة بقلوب من هجروا أرضها بحثًا عن مستقبل أفضل بعيدًا عن الحرب وتبعاتها.
عمر مسكون الشهير بأم سوزان
نال اليوتيوبر الشهير بأم سوزان، عمر مسكون، شهرة فاقت كل حد على مواقع التواصل الاجتماعي بالمحتوى الساخر خفيف الظل الذي يقدمه عبر قناته في يوتيوب، وحصل على العديد من الجوائز، مثل جائزة أفضل صانع محتوى بالوطن العربي لعام 2022، وجائزة نجم مواقع التواصل الاجتماعي عام 2021، واختارته ميتا وإنستغرام مؤخرًا ليكون أحد سفراء صانعي محتوى المستقبل.
آدم وإيزابيل
ينحدر آدم من مدينة اللاذقية السورية تعرف على زوجته إيزابيل الأجنبية في الخارج، وقررا افتتاح قناة يوتيوب باسم "آدم ولوتا". وبالمحتوى خفيف الظل الذي يقدمانه، نجحا بتحقيق شهرة قياسية خلال بضعة أشهر فقط.
تخرج إيزابيل وهي تحاول تعلّم العربية وكيف تتعامل مع حماتها السورية، مع الكثير من المواقف الكوميدية، وبالتأكيد لا يخلو المحتوى الذي يقدمانه من فائدةٍ كبيرة خصوصًا على الصعيد السياحي، وسبق لهما أن زارا اللاذقية وأنتجا منها عدة أفلام مصورة.
غيض من فيض
قصص النجاح السابقة هي غيض من فيض، قصص نجاح السوريين في الخارج، فهناك اللاجئ السوري محمد حسن الذي ساعد الشرطة السويدية بالإيقاع بشبكة دعارة واتجار بالبشر. وليس بمختلفٍ عن قصته حكاية العامل السوري عبد الله الذي يعمل في فرز المخلفات من القمامة، حيث عثر على مجموعة خواتم ذهبية قيمتها تفوق الـ100 ألف ليرة تركية، وعلى الرغم من حاجته الماسة للنقود لم يقترب منها، على العكس، أعادها لمالكها وهو صاحب محل مجوهرات تخلى عن مجوهراته بالخطأ حين كان يرمي العلب الكرتونية.
ماذا سيحدث بعد 100 عام؟
ربما لن يكون أبطال قصص النجاح السابقة على قيد الحياة بعد 100 عام، لكنهم بالتأكيد سيربون أطفالهم على مبادئهم الأخلاقية والمهنية.
تخيلوا بعد 100 عام، أن يعود من يخاف على المجتمع مثل أولاد محمد حسن، والأمين رغم الفقر مثل أولاد عبد الله، والناجح بالكوميديا مثل ابن عمر مسكون، والبارعة بقيادة الطائرة مثل ابنة مايا غزال. أن يعود أبناء محمد الضاهر وينشؤوا الكثير من المشاريع الزراعية، أن يعود أبناء الشيف عمر ليستثمروا بالسياحة، أن يعود أبناء إيزابيل وآدم ليشاركوا بالاستثمار السياحي أيضًا.
ستعمّر سوريا يومًا ما، لن تعمر بجهود الشركات الأجنبية ولا الأموال، ستعمر بجهود وأمانة وأخلاق أبنائها وأحفادهم، الذين سيعودون يومًا إليها، كل من غادر سيعلم أطفاله أنّه من تلك البقعة التي لا يمكن إلا أن تعشش بالقلب والوجدان على الرغم من الضيق والفقر والألم الذي عاشوه، سيخبرونهم يومًا أن عليهم العودة إليها ولو زوارًا.
ومن يدري أي مستقبل ينتظر البلاد الخارجة من الحرب بعد 100 عام! ربما تكون الحياة قاسية هنا في سوريا كثيرًا اليوم، ليس ربما، بالتأكيد هي قاسية فهذا ما أختبره يومياً، لدى البحث عن وسيلة مواصلات، وسبيل ليكفيني الدخل الذي أحصل عليه، وأي طرق أخرى للتعامل مع غياب الكهرباء، كل هذا أمر واقع اليوم، لكن كل هذا سينتهي يومًا ما، هذا البلاء سيمضي، أجل سيمضي بمشاركة أحلامنا وممتلكاتنا البسيطة مع كل الأشخاص المحتاجين من حولنا وما أكثرهم اليوم، علينا أن نعلم أنفسنا كيف نخلق الدافع من وسط كل هذا الدمار والخراب.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.