منها “شي إن” وسجادات الصلاة.. حملات تسويق غبية لكبرى الشركات وكيف تراجعت عنها؟
منذ عامين لاحظ بعض زبائن موقع "شي إن" الصيني المختص في بيع الملابس وبعد حملات تسويق للشركة، وجود إعلان لسجادات صلاة تم عرضها كسجادة منزلية، وذلك على الرغم من وجود صورة الكعبة المشرفة عليها، والمعروفة بقدسيتها لدى المسلمين، ليس ذلك فحسب، بل زاد الوضع سوءًا حين رأى مستخدمو الموقع المسلمون تعليقات كثير من مستخدمي سجادة الصلاة قائلين إنهم يستخدمونها للحيوانات الأليفة ولوضع الأحذية، الأمر الذي أشعل غضب عدد من المستخدمين واتهموا الموقع بعدم احترام المعتقدات الدينية للمسلمين.
تدارك القائمون على الموقع خطأهم وتلخص خروجهم من الأزمة في تقديم اعتذار ووعود بأن يعرفوا أكثر عن ثقافة المجتمعات، ومن ثم قالوا لمتابعي الموقع البالغ عددهم 26 مليون متابع على مستوى العالم، في منشور لهم على إنستجرام: "نعتذر من جميع المتابعين المسلمين، سنحاول تثقيف أنفسنا بصورة أكبر عن الأديان والثقافات المختلفة حول العالم كعلامة تجارية".
في الواقع، إنّ حدوث مثل تلك الأزمات وحملات التسويق الغبية أمر شائع وتقع فيه حتى كبرى الشركات، أحيانًا تكون الأزمة في الإعلان وأحيانًا أخرى تكون في المنتج نفسه.. كيف؟ وما الذي تفعله الشركات حينها للخروج من مثل تلك الأزمات؟ وما الدروس المستفادة من هذه الأزمات؟ هذا ما سنعرفه فيما يلي:
ماكدونالدز تعتذر بعد استغلالها حزن الأطفال
تعد العاطفة من أهم الأشياء التي يستغلها المسوقون، لكن ماكدونالدز استخدمتها بشكل سيئ، إذ ظهر في إعلان ماكدونالدز في المملكة المتحدة صبيٌّ صغيرٌ يسأل والدته عما كان عليه والده قبل وفاته، وعندما أخذت الأم تسرد صفاته، أصبح الصبي حزينًا لأنه يبدو أنه لم يكن بينهما الكثير من القواسم المشتركة. هذا حتى بدأ الصبي في تناول ماكدونالدز، هنا قالت الأم بابتسامة، "كان هذا هو المفضل لدى والدك أيضًا."
بعد بث هذا الإعلان، غضب كثير من الناس قائلين إنه استغلالٌ لفجيعة الأطفال، وامتلأت هيئة معايير الإعلان بالشكاوى، الأمر الذي دفع ماكدونالدز إلى إزالة الإعلان .
تكمن المشكلة في أن تجارب تحطُم الحياة مثل تجربة فقدان أحد الوالدين لا ينبغي استحضارها في خدمة أي منتج، وإذا كنت تحاول الوصول إلى العائلات التي فقدت أحد أفراد أسرتها، فلن تساعدهم وجبة في حزنهم. لذا يجب التأكد من استخدام العاطفة بعناية وحكمة في التسويق، كما يجب التأكد من أن نوع المشاعر التي تحاول الشركة إبرازها يتوافق جيدًا مع منتجها أو خدمتها.
أديداس تعتذر عن خطأ تسويقي كبير
في 15 أبريل 2013، انفجرت قنبلتان خلال ماراثون بوسطن، قُتل إثرَها 3 أشخاص وجُرح المئات، وبعد فترة وجيزة من الكارثة، تلقى أولئك الذين اشتركوا في قائمة البريد الإلكتروني لشركة أديداس Adidas بريدًا إلكترونيًا كُتب فيه: "تهانينا، لقد نجوت من ماراثون بوسطن".
كان هذا خطأ تسويقيًا كبيرًا، لكن الشركة سارعت بإرسال بريد إلكتروني للاعتذار كما كتبوا أيضًا تغريدة اعتذار صادقة، حيث قالوا: "نحن آسفون للغاية. من الواضح أنه لم يتم التفكير في البريد الإلكتروني الذي أرسلناه. نعتذر بشدة عن خطئنا".
ونظرًا لأنه كان خطأً صريحًا وكانت أديداس سريعة جدًا في الاعتذار قبل انتشار ردود الأفعال العنيفة، كما كانت صادقة أيضًا في اعتذارها، انتهى الأمر بمعظم الناس بمسامحتهم حيث حصدت تغريدتهم آلاف الإعجابات. وتثبت هذه الأزمة أن التسويق الحقيقي ليس مجرد وسيلة لمساعدة عملك على التميز، لكنه أيضًا وسيلة لتذكير جمهورك بأن عملك يتكون من أشخاص حقيقيين، مثلهم تمامًا.
إعلان أودي يسلّع المرأة ويقلّل من شأنها
أثار حملات تسويق وإعلان فيديو لشركة أودي "Audi" للسيارات جدلًا وغضبًا شديدًاعلى الإنترنت في الصين، حيث شبه الإعلان النساء بالسيارات المستعملة، وجاء في الإعلان عروسان على وشك الزواج ثم قاطعتهم والدة العريس فجأة، وهرعت إلى العروس لفحص أنفها وأذنيها وأسنانها للتأكد من أنها لم تخضع لأي جراحة تجميل. وفي النهاية وافقت والدة العريس على العروس، ثم ظهرت صورة منصة أودي عبر الإنترنت للسيارات المستعملة، بالإضافة إلى تعليق صوتي، يقول: "يجب اتخاذ القرار المهم بعناية".
انتشر هذا الإعلان على نطاق واسع، وأثار غضب الجمهور قائلين إن العروس عوملت بطريقة مهينة، وإن الإعلان يشبه النساء بالسيارات المستعملة، ما يعني أن النساء مجرد منتج في الزواج، حتى إن أحد المعلقين كتب: "سأقاطع أودي من الآن بسبب هذا الإعلان.. كيف يمكن لشركة كبيرة أن تحمل مثل هذه القيم ؟
لم تتجاوب الشركة بسرعة مع ردود الفعل الغاضبة، ففي البداية ذكرت العديد من وسائل الإعلام المحلية أنها حاولت الاتصال بـAudi ، لكن لم تحصل على أي رد، ثم أصدر قسم السيارات المستعملة في أودي الصين اعتذارًا على حسابه الرسمي "WeChat".
لم تعتذر الشركة للجمهور فحسب بل أقرت بخطئها في حملات التسويق وأكدت على قبولها أي اقتراحات يقدمها الجمهور، حتى إنهم قدروا الدور الرقابي لكلّ من الصحافة والجمهور وأزالوا الإعلان بالفعل، وقالوا نصًا في بيانهم: "أثار إعلان عن سيارات أودي المستعملة مؤخرًا جدلًا عبر الإنترنت. وردًا على ذلك نقبل كل الانتقادات والاقتراحات وقمنا بإزالة الإعلان على الفور. نود الآن أن نقدم خالص اعتذارنا للجمهور. عند إنشاء الإعلان، لم نعر اهتمامًا كافيًا لبعض التفاصيل، ما أدى إلى ظهور إعلان يحتوي على عنصر لا يحترم المستهلكين من الإناث. نعتذر بصدق عن ذلك ونشكر إشرافَ الصحافة والجمهور".
آبل تعترف بإبطاء بطاريات آيفون وتحاول تعويض العملاء
في عام 2017، اشتعل غضب الجمهور وثار على شركة آبل المصنعة لأجهزة آيفون، بسبب بطء بطاريات هواتف آيفون القديمة، حيث قال الجمهور إن الشركة قامت بإبطائها عن عمد لدفع العملاء لشراء النسخ الأحدث من آيفون.
اعتذرت الشركة اعتذارًا متأخرًا واعترفت بالفعل أنها أبطأت عن قصد البطاريات في هواتفها القديمة، لكنها نفت السبب الذي زعمه الجمهور، وأوضحوا أنهم فعلوا ذلك لحماية الهواتف، لكن الاعتذار لم يكن كافيًا هذه المرة لذلك قالت الشركة إنها ستعوض المستخدمين، وذلك من خلال تخفيض ثمن استبدال البطاريات التي خرجت من الضمان من 49 دولارًا إلى 29 دولارًا حتى نهاية عام 2018، وبالإضافة إلى ذلك قالت الشركة إنها ستحدث نظام "IOS" لتمكن العملاء من الاطلاع على حالة بطاريتهم، وما إذا كانت تؤثر على أداء أجهزتهم. قد تكون جهود شركة آبل عوضت المستخدمين المتضررين لكن هذه الأزمة التي ارتبطت بالمنتج نفسه بالتأكيد زعزعت الثقة التي كانت بين العملاء والشركة.
إتش آند إم تلغي إعلانًا عنصريًا وتعتذر
في عام 2018 تعرضت شركة "إتش آند إم" للأزياء لغضب شديد من قبل الجمهور، وذلك بسبب حملات تسويق وإعلان عنصري ظهر فيه طفل إفريقي يرتدي سترة عليها شعار "ألطف قرد في الغابة"، بينما ارتدى طفل آخر أبيض أوروبي سترة عليها عبارة "خبير الغابة"!.
لقي الإعلان انتقادات واسعة النطاق وصفته بأنه عنصري. حتى إن نجم موسيقى البوب الكندي أبيل تسفاي الذي تعاون مع "إتش آند إم" في تشكيلتي أزياء عام 2017 انتقد الإعلان وقال إنه لن يعمل معهم مرة أخرى.
ردت الشركة على تلك الاتهامات في بيان خاطبت فيه الجمهور بشكل عام ومغني البوب بشكل خاص، فقالت إنها تتفهم تمامًا رد فعل أبيل تسفاي تجاه الصورة وتتفق معه. وأضافت: "نشعر بعميق الأسف لالتقاط مثل هذه الصورة كما نأسف أيضًا لطباعة الشعار نفسه" مشيرة إلى أنها ستدقق في ممارساتها الداخلية لتفادي حدوث مواقف مماثلة مستقبلًا.
دومينوز ترد بعد أيام على فضيحتها على يوتيوب
تعد هذه الأزمة قديمة بعض الشيء لكنها تؤكد على ضرورة سرعة تجاوب الشركات، ففي عام 2009 في كونوفر بالولايات المتحدة الأمريكية، قام موظفان في أحد فروع سلسلة دومينوز الغذائية بمشاركة مقطع فيديو على يوتيوب أظهرا فيه كيفية تحضير الطعام في أحد مطاعم دومينوز، لكنهما فعلا ذلك بطريقة مقززة للغاية، ما جعل كل مشاهدي هذا الفيديو غير مستعدين لتناول الطعام هناك.
غضب الناس كثيرًا بعد مشاهدة الفيديو وكان رد فعلهم فوريًا، ففي غضون 3 أيام، تمت مشاهدة الفيديو أكثر من مليون مرة، وسيطرت دومينوز على نتائج بحث جوجل، وأصبح تصور العملاء لعلامة دومينوز التجارية سلبيًا في غضون ساعات من النشر.
على الرغم من ذلك، استغرق رد فعل دومينو وقتًا طويلاً جدًا - لقد انتظروا بضعة أيام قبل الإدلاء ببيان اعتذروا فيه عن الموقف برمته.
يعد هذا البطء في التجاوب مع الأزمات أمرًا خاطئًا، إذ إنه يساعد على تفاقم الأزمة، لذا كان يجب أن يتفاعل فريق التسويق بمجرد نشر الفيديو. ومع ذلك، علينا أن نأخذ في الاعتبار أنها كانت واحدة من أولى فضائح الإنترنت، وكانت دومينوز قد جمعت للتو فريقًا لوسائل التواصل الاجتماعي ولم يرغبوا في اتخاذ أي قرارات متسرعة، لكن إذا حدثت هذه الأزمة الآن، فمن المحتمل أن يكون رد فعلهم مختلفًا تمامًا وسيعرفون أنه في مثل هذه الحالة، كل دقيقة وكل رأي مهم.
شركة دوف تعتذر عن إعلانها العنصري
في عام 2017 أطلقت شركة دوف إعلانًا تجاريًا أظهر امرأة أمريكية من أصل إفريقي تتحول إلى امرأة بيضاء بعد استخدام أحد منتجاتهم في إحدى حملات التسويق للمنتج، وغاب تمامًا عن الشركة حقيقة أنهم يشيرون هنا إلى أن البشرة الداكنة متسخة. وأن هذا إعلان يظهر التمييز، حتى لو لم تكن هذه هي الرسالة التي كانت دوف تحاول إرسالها، وهذا بالفعل ما قاله الجمهور بعد تداول الإعلان، حيث قالوا إنه إعلان عنصري، لكن في الوقت نفسه دافع البعض عن الشركة بحجة أنها فقط تحاول قول أن الصابون يصلح لكل أنواع البشرة.
في النهاية اعتذرت الشركة عن هذا الإعلان، قائلة: "نأسف للغاية إزاء الإساءة التي سببها الإعلان"، وتم حذف الإعلان بالفعل من على موقع فيسبوك.
لكن حتى لو لم تكن الشركة تقصد سوء النية، فإن أي إعلانات تم تفسيرها بشكل خاطئ يظل خطأ الشركة، لذلك يجب التفكير في الإعلان من جميع الزوايا قبل طرحه للجمهور.
اقرأ أيضًا: حملات تسويقية غيرت شكل الحياة
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.