ألفريد كينزي وجون ماني: منحرفان أجريا تجارب جنسية على أطفال أم مؤسسا علم الجنس؟
6 د
أبو الثورة الجنسية ومؤسس علم الجنس، هكذا يتم التعريف عادة عن ألفريد كينزي عالم الأحياء الأمريكي ومؤسس معهد أبحاث الجنس في جامعة إنديانا بلومنغتون وأستاذ علم الحيوان وعلم الحشرات، أما جون ماني فهو من أشهر خبراء السلوك الجنسي ومبتكر نظرية تأثير المجتمع على الهوية الجنسية للفرد، وأن الميول الجنسية يتم تشكيلها وفقًا للمجتمع وليس وفقًا لنوع الجنين، ذكرًا كان أم أنثى، وهو أيضًا أمريكي من أصل نيوزيلندي.
وفي حين وُلد كينزي 1894 وتوفى عام 1956، ووُلد ماني عام 1921 وتوفي عام 2006، إلا أن أبحاثهما ونظرياتهما وما أطلقاه من ثورة كبيرة في العالم الغربي عمومًا وأمريكا خصوصًا جعل منهما أشهر باحثين في السلوك الجنسي، وإليهما يُنسب فضل أن مصطلحات مثل التخنيث والمثلية الجنسية والجنس المغاير أصبحت أكثر قبولًا في المجتمع الغربي عمومًا وما أدى إليه الأمر من صراع بين المجتمعات المحافظة وبين تلك التي تتقبل أي سلوكيات شاذة بصدر رحب، حتى إذا كانت تتمثل في تغيير الجنس أو التعري أمام الأطفال أو حتى الاعتداء عليهم.
البداية مع ألفريد كينزي
وُلد كينزي في أسرة مسيحية متدينة وأبدى اهتمامًا كبيرًا بعلم الأحياء منذ طفولته، وأصبح كتابه "مقدمة في علم الأحياء" من الكتب التي تُدرّس على نطاق واسع في الكثير من المدارس الثانوية، وقد نشر هذا الكتاب عام 1926 وكانت إسهاماته محل تقدير وقبول كبير على مستوى المجتمع العلمي، إلا أن اهتمامه بتدريس الجنس والسلوك الجنسي البشري سواء الطبيعي أو المغاير (الطبيعي) هو الذي جعل شهرته تصل إلى العنان مع بيع آلاف النسخ من كتابه "السلوك الجنسي لدى المرأة" والذي أصدره عام 1953، وقبله كتاب "السلوك الجنسي لدى الرجل" عام 1948، واللذين عُرفا بعد هذا بتقريري كينسي نظرًا للإحراج الشديد الذي كان يشعر به من يطلب الكتابين أو يرغب في قراءتهما.
وقد حقق الكتابان مبيعات ضخمة على الرغم من أنهما كانا موجهين في الأساس لطلبة الجامعة وأثارا نسبة عالية من الجدل سواء في المجتمع الذي وجد أن كينزي أقحم يده في شيء شديد الخصوصية، أو في المجتمع العلمي الذي انتقد النتائج التي توصل إليها بشأن الميول الجنسية.
اهتمام كينزي بالثقافة الجنسية والميول المختلفة
بدأ اهتمام كينزي بالجنس كثقافة عامة في أواخر ثلاثينيات القرن العشرين، وكان هذا عندما تقدمت جمعية طالبات إنديانا بالتماس لدراسة العلاقات الجنسية كمنهج مستقل للمتزوجين أو المقبلين على الزواج، ليُفاجأ كينزي بشكل غريب من الأسئلة التي تكشف الجهل التام بالعلاقة الجنسية بين البشر وطريقة المتعة فيها وأن ما يعرفه العلم عن هذا السلوك الفطري في الحشرات والحيوان هو أكثر بكثير مما هو معروف لدى البشر.
فكانت أسئلة مثل ما هي الممارسة الجنسية الطبيعية، وأثر العلاقات الجنسية على الزواج وحتى الاستمناء وممارسته كلها من الأسئلة التي كانت منتشرة بين الطلاب في هذا الوقت.
ليقرر كينزي وقتها تخصيص المزيد من وقته لدراسة التصرفات الجنسية الطبيعية وتلك المختلفة أو المثلية، لدرجة أنه ربط بين المستوى التعليمي والثقافي وبين كيفية الوصول إلى الأورجازم ليؤكد في دراسته أن ممارسة الغزل من قبلات وأحضان يمكن أن يؤدي لمتعة كاملة للأشخاص من ذوي التعليم المرتفع بنسبة 61%، في حين أن المستويات الأدنى في التعليم هي من تجد المتعة فقط في الجماع الحقيقي.
الانتقادات ضد كينزي
تم توجيه الكثير من الانتقادات العلمية تجاه تقارير كينزي وسلمه الشهير باسم "سلم كينزي" والذي صنّف فيه البشر إلى 7 مستويات بدءًا من المستوى صفر والذي كان في رأيه مغايرًا تمامًا أو يميل إلى الجنس الآخر فقط دون أي ميول أخرى سواء للأطفال أو الحيوانات أو لديه ميول لنوعه الجنسي نفسه، وحتى المستوى 6 والذي يعتبر مثلي الجنس تمامًا، ثم أضاف المستوى x ليعني اللاجنسي أو من ليس لديه أي ميول جنسية على الإطلاق، كما اعتبر أن المستويات من 2-4 من مزدوجي الجنس أو لديهم ميول جنسية متنوعة.
وكان أهم الانتقادات التي وُجهت له هي أنه لم يستخدم في مقابلاته التي وصلت إلى 17500 مقابلة إلا المتطوعين، والذين كان أغلبهم على معرفة شخصية ببعضهم بعضًا، ما أدى إلى نتائج محرّفة بشدة تعلن أن مجتمع المثلية وصل عدده إلى 10% من عدد السكان، وهي نسبة خاطئة بكل المقاييس ولم تستند إلى تجارب واستطلاعات عشوائية كما كان من المفترض أن تكون، وهذا نظرًا لعدم ميل الشريحة العظمى من الناس للحديث عن علاقاتهم الحميمة سواء في ذلك الوقت أو حتى في العصر الحديث، ما جعل العيّنات التي خضعت للدراسة غير ممثلة للمجتمع بشكل دقيق.
أما عن أكثر الأمور الصادمة في دراسته التي وثقها في أكثر كتبه شهرةً، السلوك الجنسي عند الذكور "sexual behavior in human male"، فهي جدول يوثق فيه هزات الجماع لدى الأطفال، بعضهم لم يتجاوز عمره 3 شهور، وإليك الجدول:
جون ماني
هو خبير السلوك الجنسي الأكثر شهرة في عهده، وقد استفاد كثيرًا من تجارب كينزي وطوّرها ليعلو عليها مؤكدًا إمكانية تشكيل الهُوية الجنسية للأطفال وفقًا للمجتمع والبيئة، وأنه ليس للجينات الوراثية علاقة كبيرة بالأمر، وقد استمر ماني في ادعاءاته لسنوات طويلة بناءً على تجربة تغيير جنس قام بها بنفسه لطفل توأم تسبب عن طريق الخطأ في فقدانه لعضوه الذكري خلال عملية ختان أُجريت عام 1966 للطفلين بروس ورايان رايمر.
وبدلًا من أن يعترف ماني بغلطته أقنع الأبوين بأن تغيير جنس الطفل بروس هو الحل ليكون اسمه بريندا ويبدأ سلسلة علاجات هرمونية حوّلت حياة الصبي إلى جحيم، فنما له ثديان وحدث ضمور تدريجي في العضو الذكري، إلا أنه في سن البلوغ أصبح صوته أجش تمامًا وبرزت له العضلات، وحتى سلوكه لم يتغير مطلقًا عن أي صبي على الرغم من محاولات والديه إقناعه بأنه أنثى وعدم إخباره بالحقيقة إلا بشكل متأخر تمامًا وعند بلوغه عامه الرابع عشر.
ولم يكتف جون ماني بهذه التغيرات الطبية، ولكن ظهر بعد هذا أنه كان يُجري تجارب جنسية على الطفلين يُجبر فيها الطفل رايان على الضغط على شقيقه والصعود فوقه، بل وممارسة خلع الملابس ضمن عمليات تفتيش على الأعضاء التناسلية وكان يُروِّج للأمر على أنه مسرحية أو بروفا جنسية للطفولة من أجل هوية جنسية صحية لدى البالغين.
كانت نتائج تجارب ماني مُريعة بشتى الطُرق، إذ إن الطفل بروس الذي حوّله لأنثى خضع بعد ذلك لعدة عمليات لمحاولة العودة كذكر من جديد وغيّر اسمه إلى ديفيد إلا أنه يبدو أنه فشل بشدة لينتحر في عمره الـ38 بطلقة في الرأس بعد عدة محاولات سابقة في الانتحار باءت جميعها بالفشل، أما شقيقه رايان فقد أُصيب بالفصام وأصبح يعاني من اضطرابات جنسية متنوعة.
الاعتداء الجنسي على الأطفال في رأي ماني
إذا كانت تجربة بروس ورايان مخيفة وغريبة، فإن آراء جون ماني المثيرة تتواصل بشأن مفهوم الاعتداء الجنسي على الأطفال، ليؤكد أنه إذا انجذب طفل في العاشرة أو الحادية عشرة من عمره إلى رجل عشريني أو ثلاثيني وكانت العلاقة متبادلة للغاية فهذا لا يكون اعتداء.
وفسّر الميل إلى الأطفال بأنه فائض من الحب الأبوي تحوّل إلى شهواني وليس اضطرابًا سلوكيًا يحتاج إلى علاج.
خضعت بالطبع الكثير من آراء كينزي وماني للتفنيد منذ وقت صدورها و حتى الآن، ولكن المؤكد أن كلًا منهما ظل حتى وفاته من الشخصيات المُلهمة في مسألة تفسير السلوك الجنسي للإنسان بل ودراسته وإجراء التجارب عليه بشكل مُشابه لأي علم آخر سواء كان بيولوجيًا أو نفسيًا، وفي حين أن البعض من تلك التجارب والآراء قد يكون مقبولًا تمامًا بشأن ما يتعلق بالاحتياجات الفطرية وطريقة التعبير عن المشاعر وتفسيرها، إلا أن مجموعة آراء أخرى لا تزال محل جدل كبير خصوصًا ما يتعلق بتبرير السلوك المثلي واعتباره ميلًا طبيعيًا، أو سلوك الاعتداء على الأطفال واعتباره حبًا أبويًا فائضًا وليس ميلًا جنسيًا أو شهوانيًا.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.