الآميش: مسالمون يعيشون في أجواء الماضي ويتحاشون الحداثة
11 د
صرف العلماء الكثير من وقتهم لإيجاد سبيل للعودة بالزمان إلى الماضي، أو السفر للمستقبل، لكن لم يجدوا حلًا لهذا الأمر. لكن هناك الكثيرين ممن يثيرهم الفضول حول الماضي- منهم أنا- لكن لا يعرفون عنه إلا من خلال كتب التاريخ والتراث الذي تركه أبناء الماضي. لكن هل ستصدقني عندما أخبرك بأنَّ هناك بعض من أبناء الماضي لا يزالون يعيشون في عصرنا هذا؟ ربما تظن أنها مزحة، لكنها الحقيقة! فهناك طائفة مسالمة، يعيش أبناؤها في أجواء الماضي رغم الحاضر والتقدم الهائل المحيط بهم. إنهم طائفة الآميش.
اقرأ أيضًا: معضلة الأقليات .. كيف تخفي مشاكلك وتبررها دون أن تواجه نفسك بالحقيقة
البداية
في القرن السادس عشر، ظهرت حركة جديدة في الوسط المسيحي تسمى “تجديدية المعمودية”، والتي تدعو إلى عدم تعميد الطفل المولود لآباء مسيحيين، حتى يبلغ ويقتنع بدينه ويُعمَّد وقتها عن إيمان منه، وكانت هذه الدعوة أثناء حركة الإصلاح التي حلّت على المذهب البروتستانتي- وهو أحد مذاهب الديانة المسيحية – ومن هنا تكونت طائفة المينونايت، والتي كانت تضم طائفة الآميش وتعرضت هذه الطائفة الجديدة للاضطهاد من المذهب البروتستانتي والمذهب الكاثوليكي.
مينو سيمونز (1492 – 1561)، هو كاهن كاثوليكي. في سن الرابعة والعشرين، كانت لديه بعض الشكوك حول بعض التعاليم الكاثوليكية، فاتخذ الكتاب المقدس مصدره الوحيد، وصرح مينو بأنه غير مقتنع بأنَّ تعميد الأطفال مذكور في الإنجيل، وعندما تعمق في دراسة أعمال مارتن لوثر وهينريش بولينجر، غادر الكنيسة الكاثوليكية بعد مقتل شقيقه عام 1535.
أصبح مينو شخصًا مؤثرًا في هولندا وشمال غرب ألمانيا، وتعرض مينو للاضطهاد، حتی أصبح يُعدم أولئك الذين يساعدونه. في عام 1544، أطلق على المناشدين بتجديد المعمودية اسم مينونيت، نسبة إلى مينو سيمونز. كان المينونيت طائفة مسالمة للغاية، ويسعون للعدالة والسلام، ويؤمنون بأنَّ العنف ليس من إرادة الله، لذلك حرصوا على عدم ممارسته.
انفصال طائفة الآميش
إنَّ جذور المينونايت والآميش واحدة، فكلاهما دعا إلى تجديدية المعمودية في القرن السادس عشر، لكن بعد ذلك انفصل الآميش عن المينونيت، وبالرغم من اتفاقهم على العديد من المعتقدات، منها: المسالمة، ومعمودية الكبار، إلا أنَّ الآميش كانوا أكثر صرامةً وقيودًا وانغلاقًا. ما شجع الآميش على الانفصال أيضًا هو الاضطهاد الذي يتعرض إليه المينونيت، والهروب المتكرر، وعدم الاستقرار.
في أواخر القرن السابع عشر، تحديدًا في عام 1693 م، انفصلت طائفة الآميش عن المينونايت بالرغم من اعتناق كلاهما الكثير من المعتقدات والمبادئ المتشابهة، وكان ذلك على يد يعقوب آمّان (1644 – 1730)، وكان أحد زعماء المينونايت، ولكنه كان يعتنق مجموعة من المعتقدات والأفكار المثيرة للجدل والتي أدت إلى انفصال أتباعه في سويسرا والألزاس وجنوب ألمانيا عن المينونايت، وكانت هذه المعتقدات تميل لخلق مجتمع منعزل اجتماعيًا، يتجنب أي شخص ينتمي إلى الكنيسة المينوناتية، وكذلك أي شخص يكذب أو يقوم بشئ من المحرمات.
ازدادت تقاليد الآميش صرامة، وأدخل يعقوب غسل القدمين للغير، بغرض اعتياد الآميش على التواضع، وجعل أعضاء الكنيسة يرتدون ملابس موحدة، ويطلقون اللحى، مع عدم تقليمها، ومنعهم من تقديم الخدمات في كنيسة الدولة. سعى آمان كثيرًا للمصالحة مع المينونايت، إلا أنَّ محاولاته كانت تبوء بالفشل، لأنه كان يصر على تجنب ما هو حرام في معتقدات الآميش.
عاشت مجتمعات الأميش في عدة مناطق منها: سويسرا والألزاس وروسيا وألمانيا وهولندا، إلى أن بدأت الهجرة إلى أمريكا الشمالية في القرن الثامن عشر، وازدادت خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، ومع مرور الوقت، وزيادة الهجرة، قُضي على الآميش بالتدريج في أوروبا حتى استقر بهم الحال في النهاية في أمريكا الشمالية. إنهم لا يزالوا يعيشون هناك حتى يومنا هذا. في البداية استقر الآميش في شرق ولاية بنسلفانيا، وحتى الآن لا تزال هناك مستوطنة كبيرة لهم.
بعد عام 1850، بدأ الانشقاق والاضطراب بين جوانب الآميش، بسبب التوترات التي حدثت بين النظام الجديد للآميش، الذي قبل بالتغيير الاجتماعي والابتكار التكنولوجي، والنظام القديم أو نظام الآميش التقليدي، الذي رفض مواكبة هذا التغيير.
خلال الخمسين سنة التالية، أسس حوالي ثلثي الأميش كنائس صغيرة منفصلة خاصة بهم، ومنهم من انضم إما إلى الكنيسة المينوناتية أو المؤتمر العام للكنيسة المينوناتية.
في أوائل القرن الحادي والعشرين، وُجد أنَّ هناك حوالي 250000 من الآميش يعيشون في ما يزيد عن 22 مستوطنة قديمة للآميش في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا. أكبر هذه المستوطنات تقع في ولاية بنسلفانيا، وفي إلينوي وكنساس وآيوا، وعثر على آخرين في ولايات ميسوري ومينيسوتا وويسكونس.
تنقسم المستوطنات إلى مناطق خاصة بالكنيسة، ومناطق خاصة بالتجمعات المستقلة، وهي مكونة من حوالي 75 شخصًا معمدًا، وإذا كانت منطقة المستوطنة كبيرة، فإنها تُقسَّم مرة أخرى. الكنيسة لا تمتلك مبنى، ولكل مستوطنة أو منطقة أسقف، وبين اثنين إلى أربعة من الخطباء وكبار السن. لكن لا يقيمون مؤتمرات عامة.
اقرأ أيضًا: الأقليات العرقية في العالم العربي
المعتقدات وطريقة الحياة
للآميش نهج خاص في الحياة، ومجموعة من المبادئ التي يتمسكون بها دائمًا، منها التواضع، والاهتمام بالأسرة ومجتمعهم الآميشي، والانعزال عن العالم الخارجي. وتخضع حياتهم اليومية لعادات وقواعد غير مكتوبة تسمى “Ordnung”، ويعتقدون أنَّ الابتعاد هو الطريقة المناسبة للتعامل مع الأعضاء العصاة.
تختلف العقيدة الدينية للآميش عن المينونايت قليلًا، حيث يحتفل الآميش بالتواصل المقدس مرتين كل عام، ويُمارسون غسل القدمين للآخرين. وعند وصول الأعضاء لسن ما بين 17 إلى 20 عامًا، وقبولهم في الكنيسة بعضوية رسمية، يتم تعميدهم.
تُستخدم اللغة الألمانية العليا واللغة الألمانية البنسلفانية، وهي خليط من اللغة الألمانية العليا واللهجات الألمانية المختلفة واللغة الإنجليزية، وتستخدم في التحدث أثناء الحياة اليومية.
يوجد في كل منزل آميشي مكانًا جانبيًّا لكتاب مرآة الشهيد “Martyr’s Mirror”، وهو كتاب يحتوي على تاريخ الآميش، ويُكرم العديد من أتباع طائفة الآميش والمينونايت، الذين ماتوا بسبب إيمانهم.
ملابس الآميش
إنَّ ملابس الآميش تشبه إلى حد كبير ملابس الفلاحين الأوروبيين في القرن السابع عشر، وهم دائمًا مترددون في التغيير ويحترمون التقاليد المتوارثة، ويتمردون على تطور العالم من حولهم.
يرتدي الرجال والفتيان قبعات سوداء ذات حواف عريضة، وبذلات داكنة اللون، والسراويل ذات الحمالات، والجوارب والأحذية السوداء، وقمصان بألوان حديدية، ويثبتون قمصانهم بأزرار تقليدية، أما عن المعاطف، فهي تثبت بخطافات. يُسمح للرجال بإنماء اللحى بعد الزواج، لكن يُمنع عنهم إنماء الشارب.
ترتدي النساء والفتيات أغطية الرأس، ويثبتنها بالدبابيس، ويرتدين فساتين طويلة وكاملة وأغطية فوق الكتفين، وشالات وأحذية وجوارب سوداء. لا تقص النساء شعورهن، بل يربطنها في شكل كعكة، ولا يُسمح لهن بارتداء مجوهرات من أي نوع.
يتميز الآميش بالبساطة في كل شيء، حتى في الملابس التي تحفظ رونق الطراز الأوروبي القديم. في وقت من الأوقات أصبحت ملابس الآميش موضة، وأقبل عليها الكثيرون لبساطتها وجمالها الساحر.
نظرة داخل مجتمع الآميش
يتجنب الآميش استخدام الهواتف الشخصية، لكن عادةً ما يستخدمون هاتفا مشتركًا، كما يستخدم الآميش الدراجات ويقودون عربات تجرها الخيول، هذه العربات لها ألوان متعددة، منها: الأبيض والرمادي والأسود والأصفر. قد تُزود العربات بوسائل حديثة، مثل: مساحات الزجاج الأمامية، أو المقاعد المنجدة المريحة. لكنهم قد يركبون السيارات والحافلات والقطارات وقت الضرورة فقط.
يتجنب الآميش استخدام الكهرباء، لأنها تشكل إتصالًا مباشرًا مع العالم الخارجي، المليء بالإغراءات ووسائل الراحة الدنيوية، التي تضر بالمجتمع الآميشي والحياة الأسرية. لكن هناك بعض الاستثناءات في استخدام الكهرباء، مثل: إضاءات العربات من أجل القيادة، وبعض المعدات الزراعية التي يصعب تشغيلها بدون الحد الأدنى من الكهرباء، وبدونها سيهدد اقتصاد المجتمع الآميشي.
إنَّ الآميش بارعون في الزراعة، حيث يزرعون ويخزنون معظم الأغذية التي يعتمدون عليها، لكنهم يشترون من المتاجر فقط مواد غذائية أساسية مثل الدقيق والسكر. يُفضل الآميش القدامى عدم استخدام الآلات الزراعية الحديثة، مفضلين التعب وقلة الراحة على استخدام وسائل الراحة الحديثة. ويشتهر الآميش بنصب الحظائر، فهي تذكرهم بتقاليدهم القديمة والحرف التي أتقنوها.
يسمح الآميش لغيرهم بتصويرهم، ولكنهم يمتنعون عن هذه الصور، أيضًا دمى الأطفال بلا وجه. وهم يمتنعون عن الموسيقى، لكن هناك منهم من يستخدم آلة الهارمونيكا والأكورديون بشكلٍ سري، أي ليس في العلن، بطبيعة الحال إنهم يعتبرون الموسيقى عمل دنيوي، يتعارض مع معتقداتهم، لكنهم يمارسون الغناء أثناء اللعب أو العمل أو حتى في الكنيسة، وكثيرًا ما يغنون سويًا في أمسيات الأحد.
تشتهر نساء وفتيات الآميش بصناعة لحاف الآميش، وهو من الأعمال اليدوية المميزة لهم، ويُقبل على شرائه العديد من السياح، كما أنَّ عائلات الآميش مشهورة بصناعة خبز الصداقة والفطائر. هناك من يصنعون اللافتات السداسية. هذه الصناعات مصدر دخل لمعظم عائلات الآميش.
يلعب الآميش بعض الألعاب من باب التسلية، مثل الكرة الطائرة، ويكون هدفهم المرح، ليس المنافسة. ولا يتدخل الآميش في سياسات الدولة، ولا يؤدون الخدمات العسكرية في الجيش، باعتبارهم دعاة سلام، ويتعاونون في مساعدة عائلات الآميش المحتاجة.
العائلة بالنسبة للآميش
تتميز عائلات الآميش بالترابط الأسري، وقد يصل عدد أبناء الأسرة لعشرة أطفال. تنقسم وظائف الحياة اليومية للآميش حسب الجنس، حيث يعمل الرجل في المزرعة، بينما تقوم المرأة بالأعمال المنزلية من طبخ وغسيل وتنظيف وغيره. عادةً ما يكون الأب هو رب الأسرة.
يتحدث أفراد الأسرة باللغة الألمانية في المنزل، بالرغم من تدريس اللغة الإنجليزية في المدرسة. يتزوج الآميش من الآميش، ولا يسمح بالزواج من العالم الخارجي. الطلاق غير مسموح به، لكنه قد يحدث بشكلٍ نادرٍ للغاية.
الآميش والتعليم
يذهب أطفال الآميش إلى المدرسة، وهي عادةً ما تتكون من غرفة واحدة، ويدرسون في المدرسة حتى الصف الثامن فقط، لكنهم يتخلون عن التعليم بعد ذلك بسبب المعتقدات الدينية. وهناك يدرسون المواد الأساسية كالرياضيات والقراءة والكتابة والتاريخ الآميشي ومهارات الزراعة والعمل المنزلي. غالبًا ما تقوم الفتيات اللاتي لم يتزوجن بعد بالتدريس في المدرسة.
عادةً ما تنقسم الفصول الدراسية إلى قسمين، أحدهما للطلاب الأصغر في السن، من الصف الأول حتى الصف الرابع، والقسم الآخر للطلاب الأكبر في السن، من الصف الخامس حتى الثامن. يُقسم الطابق العلوي من المدرسة بالستار، ويُدَرِس أحد المعلمين مع مجموعة من الطلاب لبعض الوقت، ويُدَرِس الآخر للمجموعة الأخرى. غالبًا لا يحتاجون لمدرسٍ ثالثٍ، إلا في حالة وجود أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهم يجتمعون في الطابق السفلي في الغالب.
التعاون من أفضل الصفات المنتشرة في المدرسة، فغالبًا ما يساعد الطلاب الأكبر سنًا في تعليم الطلاب الأصغر سنًا. يوجد فواصل أثناء الدراسة يستطيع الطلاب خلالها الخروج للعب.
يحضر كل طالب طعامه الخاص يوميًا، لكن هناك يوم أو يومين في الأسبوع تتعاون فيهم الأمهات لإعداد طعام ساخن للأطفال، ويحدث هذا للتغيير، كما أنه فرصة لتتفاعل الأمهات مع بعضهن. قد يمشي الأطفال إلى المدرسة أو يركبون العربات.
في حالة عدم وجود مدرسة في المحيط خاصة بالآميش، يضطر الأطفال للخروج إلى المدارس الخارجية، وهذا يمثل تحديًا كبيرًا للأطفال، خاصةً أنهم لم يعتادوا على الحديث باللغة الإنجليزية في المنزل.
القواعد الذهبية
يتعلم الأطفال في المدرسة القواعد الذهبية، لكن ليس في الكتب المدرسية نفسها. يحفظها الأطفال بالألمانية والإنجليزية، ويحرص المعلمين على تعلميها للأطفال، هذه القواعد هي:
التعاون
وهو من العناصر الهامة لأي مدرسة ناجحة، حيث يحتاج الطفل تعلم التعاون مع المعلم ومع زملائه. وهناك العديد من الحالات التي يصبح فيها التعاون ضرورة، فيحتاج الطلاب والمعلمون التعاون في ترتيبات برنامج عبد الميلاد السنوي.
يبذل المعلم مجهودًا في تحديد دور كل طالب، وتحديد الأغاني والقصائد والمسرحيات التي سيقدمونها، فإذا لم يتعاون الطلاب مع المعلمين، ستذهب جهودهم سدى. هناك الكثير من الأعمال في المدرسة التي تحتاج إلى التعاون بين المعلمين والطلاب مثل التنظيف والديكور وتجهيز المدرسة. كما أنَّ هناك العديد من المشاريع الفنية والخرفية التي قد يتعاون بها فصل بأكمله.
الاحترام
يحتاج الأطفال تعلم كيفية احترام معلميهم، بل وتعلم احترام زملائهم وأنفسهم، وهناك حاجة لتعلم احترام ممتلكات المدرسة وممتلكات الجيران، وخصوصيات الآخرين. إذا تعلم الطفل هذا المبدأ في المنزل، فسوف يكون هذا جيدًا للغاية ويُسهل عمل المعلم، لكن في نفس الوقت قد يفقد الطفل الاحترام إذا لم يحافظ عليه المعلم ويعلمه إياه.
المسؤولية
يتعلم الطلاب المسؤولية في سن مبكر، ويساعدون في تنظيف وصيانة فصول المدرسة، حيث أنه لا يوجد حارس للمدرسة يقوم بهذه الأعمال، فيقومون هم بها. حيث يُعطى لكل طالب جدول يومي بالأعمال الروتينية، ويُسمح له بيوم واحد بدون أعمال، فمثلًا يوم الاثنين يقوم طالب (لنفترض اسمه جون) بمسح الفصول الدراسية، يوم الثلاثاء تنظيف السبورة، وهكذا.
الطاعة
وهي الأهم على الإطلاق. من الجيد تعليمهم الطاعة بدافع الحب وليس بالإجبار، فإذا تعلم الطفل الطاعة بدافع الخوف، فسوف ينصرف عن هذه القاعدة بعد فترة. إذا تعلم الطفل هذه القاعدة في المنزل بدعم من والديه، سيسهل كثيرًا على المعلم.
تقاليد زواج الآميش
عادةً ما كانت تقام حفلات الزفاف في يوم الثلاثاء أو الخميس بعد الحصاد. لكن لافساح المجال للعملية، كان عليهم عقد حفلات الزفاف على مدار العام وفي أيام أخرى لاستيعاب أكبر عدد من حالات الزواج. لا يعلن الآميش عن الخطوبة إلا قبل حفلة الزفاف بأسابيع قليلة، ويتعمدون السرية أثناء فترة الخطوبة قدر الإمكان.
عادةً لا يرتدون اللون الأبيض في الزفاف، لكنه من أكثر الألوان قبولًا، ويهتمون كثيرًا باختيار الأقمشة والألوان. ترتدي الفتيات فساتين بنفس اللون، وفي بعض الأحيان، قد يرتدي الشبان أيضًا قمصانًا متطابقة. هناك مناديل عليها اسمي الزوجين.
تجتمع النساء قبل الزفاف بيوم أو اثنين لتحضير الطعام. ويجلس على الطاولة الواحدة أثناء تناول الطعام حوالي 20 شخص، وتُقَدم لهم وجبات الطعام والتي تتكون من: الدجاج المقلي، والبطاطس المهروسة والمرق والخضروات والأطعمة الأخرى. لاقت هذه الوجبة قبولًا شعبيًا، حتى أنها تُباع في الأسواق المحلية. بعد تناول الوجبة، يزور العريس والعروس بعض المجموعات، ويقدمون لهم الحلويات، وهذا يتيح لهم فرصة تحية الضيوف. وتُقَدَم الهدايا للزوجان.
الآميش المنشقون
بالرغم من السلام الذي يعم مجتمع الآميش، إلا أنَّ الكثير من أبنائه ينشقون عنه، ويرغبون في الخروج للعالم الخارجي. هذا أمر طبيعي، العالم الخارجي مليء بالمغريات والوسائل الحديثة، لذلك يحرص الآباء الآميش على تعليم أبنائهم بأن تركهم للطائفة سيحرقهم في جهنم. وإذا لاحظ الآباء رغبة من أبنائهم في الخروج من المستوطنة يرسلون إلى الأسقف لكي ينادي الأبناء وينصحهم ويعظهم.
معظم الآميش المنشقين يذهبون إلى كولومبيا، ولا يمتلكون بطاقة هوية أو حتی شهادات ميلاد. ولكنهم يشتاقون للعائلة، فالحنين إلى تلك الطائفة المسالمة أمر شائع بين المنشقين. بالرغم من أنَّ مجتمع المنشقين متكاتف ويساعدون بعضهم، إلا أنَّ هذا قد لا يكفي كبديل للعائلة والأصدقاء. عند ذهاب المنشقين لزيارة الطائفة والعائلة، قد يخبروهم بأنهم ليسوا موضع ترحيب وسبيل الزيارة هو البقاء والعودة لهم. حتى أنه إذا صادف الآميشيون المنشقون ينعتونهم بأنهم خاتم (أي خاتم في إصبع الشيطان).
يشتهر الآميش باللطف، ولا يمانعون زيارة السياح لهم. إنه مجتمع يجمع بين أصالة الماضي والهدوء وراحة البال. منعزلون عن عصر التكنولوجيا السريع، ويقضون يومهم بنظام، والأهم أنهم يشعرون بالوقت، الذي يستنفذه عصر السرعة من أهله بسرعة رهيبة.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.