تريند 🔥

📱هواتف

فيلم Amadeus أماديوس كيف يجتمع العشق والبغض في قلبٍ واحد؟ 

فيلم Amadeus أماديوس
محمود يوسف خواجة
محمود يوسف خواجة

6 د

قليلة هي اللحظات التي تشعر بأن الزمن توقف لأجلها، اللحظات التي تُحاول استغلال كُل دقيقة فيها للاستمتاع بها، تلك اللحظات التي قد تكون كفيلة لتغيير مجرى حياتنا للأبد.. أو تغيير وجهة نظرنا في شيءٍ ما، وإن كانت هذه اللحظات قليلة، فإن الأفلام التي تساهم في تغيير طريقة فهمنا للأمور وتُسهم في جعل حياتنا أفضل.. أقل بكثير.

Amadeus أماديوس، هذا الفيلم الذي سيجعل حياتك تتوقف لمدة ثلاثة ساعات متواصلة، دون أن تكل أو تمل، لن يرف لك جفن، فعلى الرغم من إن الفيلم لا يحتوي على لغز تنتظر حله، أو شبح تنتظر معرفة ماهيته، أو حتى قصة مليئة بالتشويق والإثارة، إلا أنك لن تجرؤ على ترك مشاهدته من فرط شاعريته. 


موزارت وسالييري

فيلم Amadeus

من منا اليوم لم يستمع لموسيقى “موزارت”؟ من منا لم يُغمض عينيه كُلما دقت ألحانه أبواب قلبه؟ حول العالم، ألحان ومقطوعات “موزارت” تُباع بشكل يومي وبشكل دائم، يستمع إليها الناس من كُل أنحاء العالم.

اختلف الكثير حول الموسيقار الأعظم في التاريخ، هل هو “موزارت” أم “بيتهوفن”؟ أم هو “شوبان” أم “باخ”؟! لكن لم يختلف أحد حول عظمة وجودة ما قدمه “موزارت” طيلة حياته القصيرة.

على الجانب الآخر، ففي الوقت ذاته الذي كان يعيش فيه “موزارت” ويُستمع إلى ألحانه، كان يعيش موسيقار في البلاط الملكي يُدعى “سالييري”، كان “سالييري” عاشق لموزارت وموسيقاه.. لكن مشكلة “سالييري” أنه لم يكن معروفًا  مثلما كان “موزارت” معروفًا، كانت الشهرة تُسلط عليه من حينٍ لآخر حينما يصنع مقطوعة أوبرالية في فيينا، ولكن الأضواء بدأت تُسلط أكثر على الشاب “موزارت”.

بدأ يشعر بالغيرة حينما رأى موزارت للمرة الأولى.. شاب في أوائل العشرينيات يتصرف بحماقة وسذاجة، على النقيض كان سالييري الذي يتصرف بعقلانية وثبات في كُل المواقف، لتدب نيران الغيرة من “موزارت” وكراهيته الشديدة.


عشق الموسيقى وكُره مؤلفها

سالييري يصف موسيقى موزارت بحُب وعشق

كم مرة كَرهت شخصية ما بسبب أفكارها أو تصرفاتها أو معتقداتها ولكن أحببت ما تقدمه؟ هكذا بالضبط ما حدث مع “سالييري”، فهذا الرجل الذي كان يشعر بأن هذه الموهبة العظيمة التي قدمها الإله لـ “موزارت” لا يجب أن تكون فيه، فهذا الشخص لا يجيد شيئًا في حياته سوى السذاجة والحماقة، كيف له أن يمتلك موهبة عظيمة كهذا ويستمع إليه كُل الناس؟

على الرغم من ذلك، لم ينكر “سالييري” الموسيقار الثلاثيني أن هذا الشاب “موزارت” يؤلف موسيقى من أعظم ما سمع في حياته، ان لم تكن أجمل وأعظم ما سمع في حياته!


موت موزارت 

فيلم Amadeus

مات “موزارت” صغيرًا، في بداية الثلاثينيات، قدم للعالم وللتاريخ مؤلفات موسيقية عظيمة للغاية حتى الآن يستمع إليها الناس، يُحللونها ويُفسرون ما كان يحاول قوله من خلالها رغم مئات السنوات التي مرت على موته.

لم يَكن هُناك أي صراع بين موزارت وسالييري، الصراع الحقيقي كان بين سالييري وذاته الأمارة بالحيرة والسوء، مات “موزارت” وأتهم “سالييري” نفسه بأنه السبب في مقتله ودخل مشفى للمجانين وظل بها حتى مات.

عاش “سالييري” على الندم، اعترف للجميع أنه السبب في موت “موزارت” حينما كان يعلم أنه لا يملك الكثير من الأموال وظل يضغط عليه ليؤلف موسيقى جنائزية، لم يتحمل “موزارت” كُل هذه الصعوبات التي واجهها ومات.. وظل “سالييري” حيًا شاعرًا بندم دفين يقتله يومًا بعد يوم.


المشاعر التي نجح الفيلم في إيصالها

سالييري يقرأ النوتة الخاصة بموسيقى موزارت للمرة الأولى

لم يُعرفنا الفيلم إن كانت هذه القصة حقيقية أم لا، ولكننا نعرف أن هؤلاء الأشخاص حقيقيون، عاشوا يومًا ما وربما رأوا بعضهم يومًا ما، لكن هل من الممكن فعلًا أن يعيش إنسان وبداخله مشاعر وحُب وكره لإنسان آخر؟

رأينا في هذا الفيلم الحاصل على ثمانية جوائز أوسكار العديد من المشاهد التي تؤكد حيرة “سالييري” ومشاعره المُختلطة والمتباينة تجاه مؤلف من أعظم مؤلفين الموسيقى عبر التاريخ، فترى “سالييري” يُكذب ذاته ويقول “لا بد وأن ألحان هذا الشاب ليست أصيلة ويقوم بسرقها” ويحاول إثبات هذه المقولة فقط ليُريح غروره، ولكنه بطريقة ما يستطيع الوصول إلى النوتة الأصلية لمقطوعة سيعزفها موزارت.. وبمجرد أن ينظر إليها يعلم، هذا الشاب يحصل على الوحي من الإله.. هذه ليست موسيقى يصنعها عقل بشري.

شعور صعب أن تُحاول بناء نجاح ومجد، وتجد شخص يصغرك سنًا وخبرة يقوم بتحطيم ما فعلت دون قصد منه، ولكن موهبته كانت أقوى وأفضل منك.. وحينما توجد الموهبة بقوة تستطيع الظهور بسرعة أمام العامة، لتُنهي كل شيء تحاول بناءه.

شعور الهزيمة.. الفشل.. الغيرة.. الحقد، كُلها مشاعر وُجدت في قلب انسان واحد، شعور الهزيمة وحده قادر على أن يُفتت كُل ما هو جيد، فما سيحدث إذا اجتمعت كُلها بداخل إنسان واحد!

لم يتحمل “سالييري”، وبمجرد موت “موزارت” لم يشعر بالسعادة التي كان يبغاها، وإنما شعر بالحُزن.. بالندم يجتاح ما تبقى داخله من قلب سليم، ليحاول الانتحار ليُنهي كل شيء بذاته.

تم إنقاذ “سالييري”، ووُضع في مشفى المجانين، ولكنه لم يهدأ ولم يتوان عن مقولته “لقد قتلت موزارت”، كان يعلم أن البشرية لن تسامحه على التسبب في موت عبقري كهذا، وكان يعلم أيضًا أنه لن يستمع لموسيقاه مجددًا.. وهذا ما جعله لم يسامح ذاته أبدًا. 


صحة القصة من عدمها 

لوحة توضح وضع سالييري السم لموزارت

تباينت الأقاويل والروايات حول صحة هذه القصة، فـ “أنطونيو سالييري” كان موسيقارًا فعلًا وله مؤلفات -تستطيع سماعها من يوتيوب- وكان حيًا في المدينة ذاتها التي عاش بها “موزارت” في نفس الوقت، ولكن واحدة من الروايات تقول أنهما كانا أصدقاء ولم يكن بينهما أي مشاعر سيئة.

والرواية الأخرى تنفي بشدة أن “سالييري” تعمد قتل “موزارت”، لأن “سالييري” كان على علاقة وطيدة بالعديد من الموسيقيين آنذاك، فماذا سيستفيد إذًا من قتل “موزارت”؟


عظمة فيلم Amadeus الحقيقية

فيلم Amadeus

إنها قصة ملحمية، قصة يصفها بعض النقاد إنها من أعقد القصص في تاريخ السينما، وعلى الرغم من ذلك.. لم تكن القصة مُتشعبة الشخصيات أو أحداث ملتوية في كُل دقيقة.

القصة درامية وهادئة لدرجة تجعلك تتواصل كمشاهد مع كل ثانية فيها، مع كُل نظرة من الممثل العظيم “إف.موراي إبراهيم” الذي لعب دور “سالييري” والذي حصل على أوسكار مستحقة جدًا عن هذا الدور، مع كل مقطوعة موسيقية يعزفها موزارت في الخلفية.

نجح الفيلم في تركك شاردًا، حزينًا، تود سماع موسيقى موزارت أكثر من أي وقت مضى، تود أن تبحث عن سالييري الحقيقي وتستمع إلى موسيقاه.

نجح المخرج “ميلوش فورمان” في جعلك تستمع بكل لحظة في الفيلم وكأنك تعيش بداخله، كُل مشهد في الفيلم تستطع تحليله وستخرج بنتيجة مُرضية للغاية بعد دقائق من تحليلك إليه.


التقييم العالمي

ذو صلة
فيلم Amadeus

حصل هذا الفيلم على 42 جائزة حول العالم، وتقييم 8.3 على موقع تقييم الأفلام العالمي IMDB و على موقع Rotten Tomatoes على تقييم 93%، ولكن هذه التقييمات لا داع لها.. لأن هذا الفيلم لن يُذكر بعد عشرات السنين بسبب عظمة تقييماته أو حب الملايين له.

هذا الفيلم سيُذكر بسبب تكامل عناصره، بسبب ما فيه من مشاعر إنسانية حقيقية لم يستطع الكثير من صناع الأفلام الوصول إليها، بسبب إظهار أصعب المشاعر التي قد يشعر بها إنسان.. وإبراز ما يناقضها تمامًا في الإنسان ذاته.

هذا الفيلم ليس مجرد إنجاز للصناعة، هذا الفيلم ليس مُجرد فيلم حصل على ثمانية جوائز أوسكار، هذا هو أعظم فيلم قد تراه على الإطلاق. 

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة