“أنمي ليس للأطفال”.. كيف استمرت فلسفة Bleach لأكثر من 300 حلقة في القتالات الدموية المذهلة؟

لا شك أن اليابان واحدة من أكثر بلدان العالم جاذبية وسحراً، هذه البلاد الصغيرة الواقعة في قلب المحيط الهادئ تمتلك حضارةً وتاريخاً أسطورياً يميزها عن أي بلاد أخرى، لا بد أنك تألف الشكل الفريد الجذاب لجبل فوجي.

وأشجار الكرز الوردية التي تعرف باسم الساكورا، أو اللباس التقليدي البديع الخاص باليابان الكيمونو، لقد عانت اليابان الكثير خلال تاريخها الطويل خاصة في زمن الحرب العالمية الثانية، إذ إنها كانت ضحية تجربة القنبلة الذرية التي تركت ندبةً هائلةً في قلب هذا البلد الرائع الجميل. 

لم تنجح القنبلة في محي اليابان عن الخريطة، لقد نهضت اليابان مجدداً أقوى وأجمل من أي وقت مضى ولا تزال تلك البلاد الجميلة البديعة تمتلك ثقافة وحضارة، لكن أفضل ما أعطته اليابان للعالم لم يكن تلك الأمور التي سلف ذكرها بل كان شيئا أفضل وأجمل وأنقى، لقد أهدتنا اليابان الجميلة فن الأنمي. 

يُطلق مصطلح الأنمي على تلك الرسوم البارعة التي يتم تحريكها بطريقة لا تقل براعة والتي تحكي قصصاً رائعة عميقة عن الحب والصداقة والوطن والسلام.

إنه الفن الذي صنع طفولتنا وشبابنا لاحقاً وهو الفن الذي تجاهد أميركا لمواكبته تحت اسم الأنميشن لكنها لم تستطع الوصول إلى مستوى الرسم والسرد القصصي والإبهار البصري الذي حققته اليابان في أعمالها التي استمر بعضها عقوداً وما زال مستمراً حتى يومنا هذا مثل أنمي ون بيس الأسطوري المستمر بنجاح فائق منذ عام 1999 ولم تنته قصته حتى يومنا هذا. 

ينتمي أنمي ون بيس إلى مجموعة من الأنميات التي يعدها عشاق هذا الفن الفترة الذهبية لعصر الأنمي حتى لو لم تكن قد شاهدت هذه الأعمال يستحيل ألا تكون قد سمعت بناروتو النينجا الذي يحارب كي يصبح الهوكاجي. 

أي الرجل الأقوى في قريته كي ينال احترام أهل القرية الذين يتعاملون معه بازدراء وخوف بسبب امتلاكه لوحش الذيول التسعة الكيوبي، أو لربما سمعت بدراغون بول الأنمي الأشهر في فترة التسعينات والذي يحكي عن سون غوكو الفضائي القادم من كوكب مدمر إلى الأرض والمقاتل الفذ القوي. 

في الواقع يعتبر هذا الأنمي هو الأب الروحي لسائر الأنميات الأخرى التي تندرج جميعها تحت تصنيف شونين أي أنه موجه للشباب ويمتلئ بالمغامرات والقتالات والأكشن وهو أكثر أنواع الأنمي شعبية. 

في الواقع يعتقد الكثيرون ظلماً أن الأنمي موجه للأطفال لسبب واحد هو أنه رسوم متحركة، نعم الأنمي رسوم متحركة هذا مؤكد لكنه ليس موجهاً للأطفال فقط بلا أي شك، فهو عالم متفرد بسحره إنه مزيج مميز من الرسم والألوان والصراع والفلسفة المقدمة في قالب ساحر من الخيال الجامح.

 إن أكبر دليل على أن الأنمي ليس للأطفال هو الأرقام القياسية التي حققها أنمي هجوم العمالقة الأشهر من نار على علم والذي ننتظر ختام رحلته المثيرة بفارغ الصبر أو أنمي بليتش الذي استمر عرضه لأعوام طويلة بحلقات تجاوزت حاجز 300 حلقة.

وعاد مجدداً بجزء ثانِ حقق نسب مشاهدات خيالية والذي سيكون بطل مقالنا اليوم في "أراجيك فن" إذ نستعرض فيه الأسباب التي جعلت الانمي يحقق هذا النجاح الفائق والعودة الرائعة له بعد غياب طويل وبالطبع الفلسفة المتوارية خلف القتالات الدموية المذهلة التي ميزت بليتش عن أي أنمي آخر.

يتابع الأنمي حياة إيتشيغو كوروساكي المراهق الذي يعيش مع أبيه الطبيب وأختيه الأصغر سناً، توفيت والدة إيتشيغو ماساكي منذ تسعة أعوام في حادثة غامضة لم يكشف سرها إطلاقاً، يبدو إيتشيغو مراهقاً عادياً.

لكنه في الواقع يمتلك قدرة غريبة تمكنه من رؤية أشباح الأموات وسماعهم، تنقلب حياة إتشيغو رأساً على عقب عندما يلتقي روكيا كوتشيكي الشينيغامي -تعني كلمة شينيغامي في الثقافة اليابانية إله الموت وتم ترجمتها إلى حاصد الأرواح في الترجمة الإنكليزية- والتي تشرح له أنها تعيش في مكان يدعى مجتمع الأرواح وأن مهمتها إرسال الأرواح الطيبة إلى مجتمع الأرواح.

كي يستمروا في حياة ما بعد الموت والقضاء على المجوفين أو الهولو وهي أرواح شريرة تلتهم وتهاجم أصحاب الطاقة الروحية العالية أو الرياتسو، لقد كانت هذه الوحوش بشراً في حياتها لكنها فقدت قلبها وتحول إلى فتحة فارغة وقناع عظمي ومن هنا جاءت التسمية المجوفون.

تُصدم روكيا بحقيقة أن إتشيغو قادر على رؤيتها وسماعها وكذلك رؤية وسماع الهولو، القدرة التي لا تتوفر للبشر إطلاقاً وتستنتج أن إتشيغو يمتلك شيئاً مميزاً يفوق قدرات البشر.

تُهزم روكيا على يد الهولو الذي تحاربه وتكاد تفقد حياتها فتعطي قواها كشينيغامي إلى إتشيغو الذي يأخذها كاملة ويتحول إلى بديل شينيغامي أي أنه بشري يمتلك قوى الشينيغامي القتالية ويهزم الهولو بضربة واحدة.

تنشأ علاقة قوية بين روكيا وإتشيغو الذي يأخذ مهمات روكيا ويحارب الهولو بمساعدتها وبمساعدة البائع غريب الأطوار كيسكي أوراهارا الذي يخفي الكثير من الأسرار العميقة. 

تتخذ الأحداث منعطفاً خطراً عندما يصل اثنان من الشينيغامي إلى مدينة إتشيغو قادمين من مجتمع الأرواح للقبض على روكيا شقيقها بياكويا كوتشيكي، وصديق طفولتها المقرب رينجي أباراي، يكتشف إتشيغو أن ما فعلته روكيا بإعطائه قواها يعد جريمة عظمى في عالم مجتمع الأرواح جريمة عقوبتها الوحيدة هي الإعدام.

 لذا يقرر إتشيغو مع أصدقائه ذوي القوى الروحية الفريدة أوريهيمي إينوي و شادو إضافة إلى الكوينشي يوريو إيشيدا إنقاذ روكيا بأي ثمن، لتبدأ بعد ذلك أفضل حلقات بليتش قاطبة.

لم يكن بليتش مجرد أنمي عادي لقد امتلك قصة فريدة تعج بالأساطير اليابانية الخاصة بالموت، لقد جعل بليتش من الموت شيئاً أشبه برحلة ذهاب وإياب واستطاع جذب كثير من محبي الأنمي بأحداثه المميزة المختلفة عن أي أنمي آخر، يتكون بليتش من سبعة أقسام أو ما يعرف بالأرك وقد استطاع عبر سنوات عرضه الطويلة الحفاظ على شعبية قوية جعلت منه عملاً عالمياً تخطى اليابان إلى العالم كله لا ريب أن السؤال التالي خطر في بالك.

لا يوجد إجابة واحدة عن هذا السؤال، إن بليتش حالة خاصة مميزة في عالم الأنمي إذ أنه يتعمق في الثقافة اليابانية أكثر من أي أنمي شونين آخر.

نرشح لك: أفضل أفلام الأنمي 2023.. سينما تعكس تعددية الثقافات وأفكار العالم الحقيقي!

لقد كان هناك أسباب كثيرة جعلت بليتش قادراً على الاستمرار طويلاً بهذا الشكل، أولها بلا أي شك هو القصة المميزة المقسمة ببراعة إلى فصول مشوقة تجعل مشاهدة كل أرك شيئاً أشبه بعملية التنقيب عن الكنز، إذ يقدم لك الأنمي مع نهاية كل أرك قطعاً صغيرةً مهمةً تفسر اللغز الأكبر الذي سيطر على الأنمي.. فما هو سر قدرات اتشيغو الفائقة؟ 

حمل الأرك الأول اسم بديل الشينيغامي وقد قدم لمحة واسعة واضحة عن العالم المتشابك الذي تدور فيه أحداث بليتش رغم قلّة القتالات الممتعة فيه إلا أنه أعطانا فكرة واضحة وبين الخلفية الإنسانية لجميع شخصيات الأنمي وعرّفنا بهم دون إهمال أي تفاصيل، أمًا الأرك الثاني فقد كان البداية الحقيقية لبليتش وحمل اسم غزو الريوكا ودارت أحداثه حول محاولة إتشيغو إنقاذ روكيا من الإعدام بمساعدة أصدقائه.

واختراق عالم الشينيغامي مجتمع الأرواح، يعتبر كثير من عشاق بليتش أن هذا الأرك واحد من أفضل أركات بليتش إذ احتوى كل شيء الدراما الخيانة الصداقة المعلومات الصادمة والكثير من القتالات الدموية الممتعة، إن كان هذا الأرك واحداً من أفضل الأركات فإن أرك غزو الأرانكار كان الأفضل بالمطلق، امتلأ هذا الأرك بالصدمات القوية والمفاجآت المثيرة إضافة إلى أنه قدم قطعة جديدة مهمة من اللغز المحيط بحقيقة إتشيغو.

إذ اكتشفنا أنه يحمل داخل روحه هولو قادراً على السيطرة عليه، أمًا الأركات الثلاث الأخيرة فقد دارت كلها في نفس المحور لكن بدلاً من القتال في عالم الأرواح انتقل القتال إلى الهيكو موندو مملكة الهولو التي حكمها آيزن العبقري الشرير بالقوة؛ حيث توجه إتشيغو مع رفاقه إلى هذا العالم الغامض لإنقاذ إينوي التي خطفها أيزن بعدما لفتت قواها الروحية المذهلة انتباهه، لاحقاً أصبحت الأحداث أشد إثارة عندما وقعت المعركة المنتظرة بين قادة الشينيغامي وأيزن وجيشه من الأرانكار لا ريب أن هذا الأرك كان من أكثر الأركات متعة وإثارة. 

 كل هذه الأركات احتوت على أكثر ما يميز بليتش القتالات الأسطورية الممتعة دائماً بحركات متقنة وألوان قوية وتحريك شبه بشري ميز معارك بليتش عن أي انمي آخر إضافة إلى أنك لا تعرف إطلاقاً كيف يمكن أن تنتهي هذه المعركة فبليتش ليس أنمي عادياً يفوز فيه البطل بطريقة خوارقية مثيرة.

إنه مزيج فريد من الخيال الجامح والواقع القاسي وهذا ما جعل متابعة أحداثه متعة ما بعدها متعة كما أنه وفي كل أرك يقدم شخصيات مميزة بكونها رغم الشر الذي تحمله جذابة بشكل لا يصدق تجعلك متعلقاً بها حتى أنك تحزن لغيابها لا ريب أن هذا سبب من الأسباب التي جعلت بليتش واحداً من أفضل الأنميات في التاريخ. 

عُرض بليتش في الفترة الممتدة بين عامي 2004 و 2012 بمعدل 366 حلقة إضافة إلى مجموعة من الأفلام التي تروي قصصاً جانبية من وحي الأنمي نفسه دون أن يشعر أي متابع بأي ملل أو ضجر.

لقد قدم بليتش قصة مختلفة حطمت حاجز الرهبة المحيط بالموت برسم متقن وشخصيات مكتوبة بدقة ووضوح تتطور بشكل مستمر على صعيد الشخصية والتفاعل مع الشخصيات الأخرى. لم يكن بليتش مجرد أنمي قتالي آخر بل احتوى على أفكار قوية فلسفية وعلى إسقاطات رمزية مجّدت التاريخ الثقافي العريق لليابان.

لربما تكون فكرة بليتش الخاصة بالموت مخالفة لثقافتك وتقاليدك لكنه في النهاية أنمي ياباني يجسد ثقافة البلد الذي أنتجه، اليابانيون ينظرون إلى الموت نظرة فلسفية مميزة لا تشبه فلسفة أي حضارة أخرى كما أن المتعة والإثارة التي يحملها سيجعلك تنسى أي شكوك لا داعي لها.

انتهى عرض بليتش عام 2012 بالأرك الأخير الذي اعتبره الكثيرون مملاً ومضجراً رغم نهايته الرائعة إلا أنها لم تكن مرضية بأي حال من الأحوال وبعد طول انتظار عاد بليتش مجدداً بأرك هو الأقوى والأفضل والأكثر عمقاً وعنفاً في نفس الوقت، أرك حرب الألف عام الدموية.

عاد بليتش مجدداً بعد غياب طويل ومطالبات كثيرة باقتباس المانغا بحلّة جديدة أكثر روعة من أي وقت مضى، تدور أحداث الأرك حول ملك الكوينشي يوهاباخ الذي هزمه قائد الفرقة الأولى ياماماتو قبل ألف عام لقد عاد يوهاباخ من الموت كما قالت النبوءة التي تناقلها الكوينشي الناجون من المذبحة بأمل كبير، وبدأ يوهاباخ بغزو عالم الأرواح بشراسة وقسوة لحظة عودته حاملاً معه أكبر خطر تعرض له مجتمع الأرواح منذ قرون.

لقد حارب الكوينشي الشينيغامي لقرون واعتبروهم أعداءهم اللدودين كان الخلاف الأساسي بينهما الهولو، الكوينشي يقتلون الهولو تماماً ويمحونهم عن الوجود أما الشينيغامي فيقومون بتطهيرهم محافظين على توازن العالم.

وقبل 200 عام من الأحداث الحالية قام الشينيغامي بإبادة الكوينشي عن بكرة أبيهم والناجون القلائل منهم أصبحوا أشبه بسلالة ملكية نقية الدم لا يتزوجون إلا للحفاظ على نقاء السلالة وينظرون إلى الكوينشي الهجينين نظرة دونية استعبادية.

استعرض هذا الأرك الماضي الخاص بماساكي والدة إتشيغو التي قُتلت على يدي هولو وهي تحاول حماية ابنها منه كما احتوى على شرح وافٍ لقوى الكوينشي الفريدة وتسخيرهم للطاقة الروحية وتحويلها إلى سلاح فتّاك وقدرتهم الجديدة على امتصاص البانكاي التي اتاحت لهم هزيمة قادة فرق حماية الشينيغامي هزيمة نكراء.

لقد كان اسم ملك الكوينشي يوهاباخ والمكان الذي يلجأ إليه الكوينشي في الظلال يدعى الفاندرايخ وجميع قادة وجنود يوهاباخ يرتدون أزياء عسكرية موحدة ولا يكترثون لحياة أيّ كان طالما أنه ليس كوينشي نقي الدم ألا يذكرك هذا بشي؟ 

لقد عاد بليتش عودة قوية جبارة وقد قدم لنا قسماً أكبر من السر المحيط بإتشيغو الذي يبدو أنه كان أعمق من أي شيء تصورناه كما أن هذا الموسم احتوى جرعة مضاعفة من العنف والصدمات الغير مسبوقة التي تجعل متابعة أحداثه متعة لا تضاهيها متعة كما أن هذا الموسم تعمق في الفلسفة المتوارية التي حكمت أنمي بليتش منذ صدوره ألا وهي العنصرية..

قد يبدو لك الأمر غريباً لو لم تكن متابعاً لفن الأنمي لكنه بالفعل أكثر من مجرد ألوان مذهلة وعالم خيالي سحري، إن الأنمي فن من نوع خاص وفنانو الأنمي ليسوا بفنانين عاديين إنهم فلاسفة يمتلكون موهبة الرسم.

فنان الأنمي يستخدم فنّه كي يُقدّم نظرته الفلسفية الخاصة ونظرته المميزة في الحياة سواء كانت إيجابية أو سلبية الفنان له مطلق الحرية في إدراج أي فلسفة يراها تمثل نظرته. 

 وبليتش امتلك فلسفته الخاصة التي توارت خلف الكثير من الدماء والخيال اللامحدود، منذ حلقته الأولى تناول بليتش قضية مهمة جداً زرحت البشرية تحت وطأتها لقرون طويلة، إنها العنصرية.

 لقد استعرض بليتش عبر حلقاته المتعددة الكثير من مظاهر العنصرية والفوقية التي يبدو أنها لا تتوقف مع توقف .الحياة 

تتوضح هذه القضية مع انطلاقة المسلسل إذ نلاحظ بشكل شبه فوري تعامل روكيا الفوقي مع إتشيغو في ذلك الوقت كان يمكنن تبرير تعاملها هذا بأنها كانت مذهولة من قدرته على رؤيتها، لكن مع وصول شقيقها ونائبه تتوضح النظرة الفوقية العنصرية التي ينظر بها الشينيغامي إلى البشر رغم أنهم كانوا بشرا في السابق أيضاً!

لا تقتصر نظرة الشينيغامي الفوقية على البشر فحسب بل تتعداها إلى بعضهم البعض، هناك عائلات نبيلة من الشينيغامي يحظون بميزات تفوق أي أحد آخر كعائلة روكيا مثلاً كما أن كونك شينيغامي هو عقد أبدي لا يمكنك التخلي عن سيفك دون التخلي عن حياتك معه.

لا شك أن هناك نوعاً من الطبقية الظالمة في تعامل القائد ياماماتو مع الشينيغامي القادمين من مناطق وعائلات غير معروفة وقد نال أوراهارا نصيبه من ظلم قائد الشينيغامي عندما تم اتهامه ظلماً بجريمة ارتكبها أيزن فقط لأنه لم يكن من عائلة نبيلة تحميه في الواقع حتى كونك من عائلة قوية لن ينفعك كثيراً في حال خالفت القواعد إن عالم الشينيغامي قاس حقاً. 

ولاشك أن كل من تابع الأنمي لاحظ المعاملة الباردة التي لاقاها إتشيغو من معظم عالم الأرواح فقط لأنه بديل شينيغامي.

نرشح لك: أفلام وثائقية 2023.. دليلك المثير لخوض التجارب واكتشاف غرائب التاريخ!

لعل أبرز مظاهر العنصرية والفوقية تجلت في شخصية أيزن القائد السابق الذي كشف وجهه الحقيقي كخائن.

بعدما كاد أن يدمر مجتمع الأرواح كاملاً، ينظر أيزن إلى كل شخص سواه على أنه حشرة ولا يجد غضاضة في استغلال أي شخص مهما كان مقرباً منه فقط لتحقيق غاياته.

لقد ازدادت الفلسفة الخاصة ببليتش وضوحاً في أرك غزو الأرانكار والهيكو موندو إذ رأينا تعامل الشينيغامي الظالم مع الهولو وتعمقنا في تاريخهم المؤلم على عكس إتشيغو الذي لطالما تعامل مع الجميع أحياءً أو أمواتاً بطريقة لطيفة مراعية دون إظهار أي فوقية أو استعلاء على أي أحد رغم أنه حقاً يمتلك قوى فريدة للغاية.

مع عودة بليتش بموسم جديد لم تختف الفلسفة الخاصة بالأنمي بل أصبحت أشد وضوحاً من أي وقت مضى، سابقاً في مقالنا طرحنا سؤالاً، ألا يذكرك مظهر قوات الكوينشي وأسماؤهم بشيء؟ لا يوجد أي شك أن الكاتب استوحى فكرة الفاندرايخ من الرايخ الثالث ومن فترة زمنية عصبية ظهر فيها مجموعة من العنصريين ذوي السلطات والقوة الرهيبة النازيون.

تتوضح عنصرية الكوينشي وقائدهم العائد من اللحظة الأولى إذ إن يوهاباخ قام بامتصاص الطاقة الروحية لكل من يراهم كوينشي هجينين من ضمنهم والدة يوريو إيشيدا صديق إتشيغو الذي يعتبر من أواخر الكوينشي نقيي الدم الأمر الذي يمنحه سلطة قوية تفوق أي كوينشي آخر حسب فلسفة يوهاباخ العنصرية لكن نقاء دمه لم يكف لحماية أمه. 

لم يكتف بليتش باستعراض العنصرية فهذه ليست الغاية الوحيدة لكل ما سبق لنا سرده لقد حاول الأنمي محاربتها عن طريق توضيح قبح هذه الأفكار وجعل تلك الشخصيات التي تتعامل بهذه الطريقة شخصيات مكروهة تحمل الكثير من الشر مثل أيزن ويوهاباخ تقابلها شخصيات قوية محبوبة تعارض هذا المبدأ القبيح كقادة الشينيغامي وروكيا.

وبقية الأصدقاء لا شك أن أفضل ما في بليتش كان الشخصيات الرائعة ولا يمكن أن ننسى الكلام عن شخصية إيتشيغو بطل الانمي الشجاع الذي نراه يحاول دوماً فرض نفسه وإثبات أحقيته بقواه الفريدة دون أن يسمح لنظرة الشينيغامي الآخرين بإحباطه، رغم أن إتشيغو أكثر من ينبغي أن يترفع عن الآخرين.

إلا أنه كان دائماً ذلك الصديق الودود الذكي الذي يرمي نفسه في النار كي يحمي صديقاً له لقد اخترق عالم الأرواح كي ينقذ روكيا كما اخترق الهيكو موندو مملكة الهولو المرعبة وقاتل بشراسة لإنقاذ إينوي إن إتشيغو بطل حقيقي ولعل شخصيته الرائعة هذه واحدة من أسباب جعلت الأنمي واحداً من أكثر الأنميات استمرارية بنجاح فائق.

إن الانمي أكثر من مجرد قصة ممتعة خيالية أو شخصيات جذابة إنه التناغم المطلق بين الرسم والألوان والحركات يضاف إليه ما سبق ذكره.

لقد امتلك بليتش قصة فريدة لم تُقدّم في أي أنمي آخر كما أن شخصيات الانمي كانت مكتوبة بطريقة رائعة، إذ نجح بليتش في تسليط الضوء على كل شخصية من شخصياته ومنحها تاريخاً مليئاً بالألم غالباً إضافة إلى نظرة خاصة للحياة.

لقد كانت كل شخصية من شخصيات بليتش مستقلة بذاتها مختلفة عن الشخصيات الأخرى ومتناغمة معها في نفس الوقت خاصة إتشيغو الشخصية الرئيسية الذي نراه متناغماً منسجماً مع الجميع حتى قائد الفرقة الحادية عشرة المختل كينباتشي زاراكي الذي يرى في إتشيغو منافساً حقيقياً.

لعل أكثر ما يجذب المتابعين إلى بليتش هو القتالات الأسطورية المميزة لم تكن قتالات بليتش مجرد تلويحات خرقاء بالسيف بل كانت متعة بصرية مذهلة بألوان قوية وتحريك خيالي يجعلك تتمنى ألا ينتهي القتال إطلاقاً، لا نستطيع تحديد أي قتال كان الأفضل حقاً إذ أن قتالات بليتش دائماً تحتوي على صدمات غير المتوقعة تقلب الموازين قلباً إنها متعة لا تضاهيها متعة دون شك.

في الموسم الجديد لاحظ الكثيرون ابتعاد الأنمي عن القتالات الجانبية إذ إنه يستعرض بدايتها فقط ثم ينتقل كي يركز على المعركة الأساسية التي تدور حولها الحلقة مما جعله يبتعد عن التمطيط والتطويل الذي شهده سابقاً.

كما نلاحظ ازدياد جرعة العنف والدموية التي أعجبت كثيراً من المتابعين لكن لا يمكن إنكار المتعة التي حملتها الحلقات الجديدة خاصة المعركة الدموية الأسطورية بين قائد الشينيغامي وقائد الكوينشي التي كانت دموية عنيفة مميتة قوية ومذهلة بشكل لا يصدق. 

أمًا على صعيد القصة فربما يكون هذا الموسم قد امتلك أفضل قصة قدمها بليتش سابقاً، على مدار الحلقات والمواسم السابقة تم تقديم الكوينشي على أنهم مجموعة منقرضة كانت على عداء شديد مع الشينيغامي.

لكن هذا الموسم ركز عليهم أكثر وقدّم قصتهم المؤلمة التي تجعلك تحتار هل تكرههم أم تتعاطف معهم، إضافة إلى كل هذا قدم لنا الموسم الجديد الصدمة الأقوى ألا وهي حقيقة قوة إتشيغو والزانباكتو الخاص به.

رغم أن الموسم لم ينته بعد إلا أنه قد أثبت بلا أي شك أنه أفضل ما شاهدناه من بليتش منذ عقود في الختام ينبغي لنا توضيح شيء مهم يغفل عنه الكثيرون. 

نرشح لك: أفضل أفلام استديو غيبلي.. روائع سينمائية بتوقيع عبقري الأنمي هاياو ميازاكي!

يعتبر كثير من متابعي الفن أن الأنمي موجه لفئة الأطفال حصراً، هذا الاعتقاد ظالم حقاً، إن الإنمي فن حقيقي لا يقل أهمية عن أي عمل سينمائي أو تلفزيوني كما أنه يناقش قضايا هامة ويسلط الضوء على أفكار عميقة بطريقة جذابة يعجز عنها أي عمل آخر وبليتش خير مثال على هذا الكلام.

لقد وضحنا إسقاطات العنصرية التي احتوتها أحداث بليتش حيث لم يكن عبارة عن مجموعة من القتالات والصراخ والدماء إنه أكثر من هذا بكثير، إن الأنمي في واقع الأمر مزيج رائع متقن من الرسم والموسيقى والألوان والقصة؛ أي أنه يجمع أكثر من فن واحد في قالب متقن إبداعي.

لا يدرك الكثيرون سحر الأنمي حتى يخوضوا تجربته الأولى معه بعد ذلك يجدون أنفسهم واقعين في غرام هذا العالم المميز، ولو أردت ولوج عالم الأنمي؛ فإن بليتش سيكون بداية موفقة حقاً تجعلك تكتشف كنوزاً أخرى تضمن لك الوقت الممتع والمشاهدة المليئة بالإثارة.