أفلام كسرت “الحائط الرابع” وتواصلت شخصياتها مع الجمهور مباشرًا
الهدف الأول والأهم للسينما هو تحقيق إمكانية الهروب، الانتقال الآمن لعالم مختلف والغرق في قصة أخرى مع شخصيات مثيرة ربما لا يتسن لنا معرفتهم إلا عبر شاشة سينما، وفي الغالب ما ننفعل بالأحداث التي نشاهدها، وتترك آثارها علينا ونتفاعل معها بمشاعر مختلفة أما البكاء أو الضحك أو الاستغراق في ذكريات نبشها من داخل عقلك أو حتى الصراخ، وهذا التأثير موجود وعميق بفضل مصطلح الجدار الرابع “Fourth Wall”، وهو حاجز وهمي تخيلي غير مرئي يفصل بين المشاهدين والممثلين على الشاشة، وبقدر الحفاظ عليه مُقامًا بقدر تصديقنا بأن ما نتفاعل معه- مهما بلغ من درجات الخيال_ حقيقي وهو ما يدفعنا للتأثر به والتفاعل معه بكافة مشاعرنا.
ولكن لأن الفن متمرد بطبعه فقط ظهرت نظرية “كسر الجدار الرابع”، وقد أسسها الشاعر والمسرحي الألماني بوتولد بريخت متعمدًا ليكسر حالة الإيهام التي تستحوذ على عقل المشاهد واستبدال حالة التماهي الشعوري بين الجمهور وشخصيات القصة بحالة من التفكير بعد تحويله من مجرد متلقي إلى مشارك، فالشخصيات تتحدث إليه مباشرًا وعليه التفكير فيما تقوله.
كذلك عمدت بعض الأفلام على خرق أو تحطيم الجدار الرابع بأشكال مختلفة، أبرزها وأكثرها استخدامًا في السينما طريقتين، الأولى أن نرى الشخصيات في وسط مشهد تنظر نحو الكاميرا وتتحدث إلينا بصورة مباشرة، والثانية أن الشخصيات تكون مدركة أنها داخل فيلم سينمائي غير حقيقي وتتعامل مع الأحداث من هذا المنطلق مما يؤدي إلى مساحة واسعة من الكوميديا، وهي النتيجة الأكثر شيوعًا لتحطيم الجدار الرابع.. وعبر القائمة التالية سبعة أفلام من أشهر وأفضل الأفلام التي خرقت الجدار الرابع وكانت ناجحة لدرجة كبيرة.
Deadpool
Deadpool فيلم ينتمي لفئة الأبطال الخارقين، مبني على شخصية ديدبول من مارفل كوميكس، إنتاج عام 2016، بطولة ريان رينولدز وإخراج تيم ميلر، ومن المشهد الأول يخبرنا صُناع الفيلم أننا بصدد تجربة سينمائية مختلفة عن النمط السائد بهذا النوع من الأفلام، فالفيلم لم يكن فقط من أفضل الأفلام المقتبسة عن القصص المصورة، ولكنه برز أيضا على أنه من أفضل الأفلام الكوميدية مؤخرًا والتي كانت الأساس الذي سار عليه القصة وحتى رسم شخصية ديدبول، فقط تم تعريفه على أنه شخص خارق ولكنه ليس بطلًا!.
وعمد المخرج على كسر الجدار الرابع بشكل صحيح وهو ما كفل له ليس فقط التميز والاختلاف بل التواصل الأنجح مع الجمهور، فالشخصيات جمعيها مدركة طيلة الوقت أنهم داخل فيلم سينمائي، حتى أن بطل الفيلم من البداية يتحدث للمشاهدين بعبارات صريحة مباشرة وساخرة، حتى أنه يسخر بشكل مباشر من صناع الفيلم نفسه ومن نوعية أفلام الخارقين، مما أنتج كوميديا مميزة ومُوظفة بصورة جيدة وبالطبع انعكس على تحقيقه لنجاح واسع، كذلك جزئه الثاني الذي أنتج عام 2018 من إخراج ديفيد ليتش.
Annie Hall
Annie Hall فيلم أمريكي كوميدي رومانسي، صدر عام 1977 من إخراج وكتابة وودي آلن الذي شارك أيضا في تجسيد الدور الرئيسي فيه مع ديان كيتون، عن الشاب “ألفي سينجر” الذي يحاول فهم أسباب فشل علاقته العاطفية بحبيبته “أني هول” ويبحث ويتساءل عن ماهية الحب وتعريفه وفلسفته، والذي يبدو متوقعًا من وودي آلن الذي ينثر الفلسفة في كافة أعماله وهو ما يجعلها متفردة وعميقة.
وقد استخدم تقنية كسر الجدار الرابع بشكل غير متوقع ولكنه مميز رغم غرابته، فأثناء مشهد ما يتحرك ليقف أمام الكاميرا موجهًا حديثه وأسئلته إلى المشاهدين ليدفعك للتفكير معه، وقد تم تضفير ذلك بشكل جيد جدًا مع خيوط الفيلم، وقد نال نجاحات جماهيرية ونقدية عالية وقد حصل على عشرون جائزة سينمائية مختلفة منها أربع جوائز أوسكار.
American Psycho
المريض الأمريكي فيلم غموض وتشويق صدر عام 2000، مقتبس عن رواية بنفس الاسم للكاتب بريت إيستون إيليس، للمخرجة ماري هارون وبطولة كريستيان بيل، عن رجل الأعمال باتريك باتيمان وهو واحد من أبرز المضاربين في سوق وول ستريت للأوراق المالية، لكنه يعاني اعتلال نفسي ومجتمعي، منعزل ووحيد مع معاناته من عقدة نفسية في ماضيه تدفعه لعيش حياة أخرى يخفيها عن الجميع.
كانت ثيمة كسر الجدار الرابع في فيلم American Psycho مختلفة، كانت جدية وتكررت في مشاهد محورية ضمن الأحداث عندما يكون البطل وحده، ينظر إلى الكاميرا عادةً خلال مرآة ويبدأ في التعبير عن أفكاره الداخلية ليساعد المشاهد على فهم طبيعة شخصيته المعقدة وعقليته المُختلة، لكن في نفس الوقت بدت كأنها ركيزة أخرى لإرساء اختلاله، لأنه بدا كمَن يتحدث لشخص غير موجود، وهذه الطريقة حطمت الجدار الرابع بين المشاهد والعمل إلا أنها حافظت على جديته ونسيج القصة.
Ferris Bueller’s Day Off
فيلم كوميدي إنتاج عام 1985 من تأليف وإخراج جون هيوز وبطولة ماثيو برودريك وألان راك وميا سارا، يتحدث عن طالب المدرسة الثانوية فيريس بيولر الذي يقرر عدم الذهاب إلى المدرسة والتوجه إلى مدينة شيكاغو لقضاء عطلة قصيرة مع حبيبته وصديقه المقرب وهو ما يجعلهم يعيشون مفارقات مختلفة.
كان واضح منذ بداية الفيلم أنه لن يتقيد بفكرة الجدار الرابع، حيث يتحدث بطل الفيلم إلى المشاهدين بشكل مباشر طوال الوقت، يقدم معلومات عن نفسه ويتلو عليهم مجموعة من النصائح حول كيفية خداع الأبوين وعدم الذهاب إلى المدرسة، وهذا لم يخل بخط القصة أو يبدو شيئا شاذ وسط الأحداث، وأضاف مزيد من الكوميديا والبساطة للفيلم.
Spaceballs
فيلم أمريكي خيال علمي هزلى، صدر عام 1987 من إخراج ميل بروكس، وبطولة جون كاندي وريك مورانيس وبيل بولمان ودافني زونيغا، تدور أحداثه حول مجموعة من الأصدقاء الذين يخوضون مغامرة السفر عبر الفضاء لإنقاذ أميرة ما والمجرة بالكامل من كائنات متوحشة تسمى كرات الفضاء.
كان هذا الفيلم سابقة في نوعيته الكوميدية، حيث هو بصفة أساسية قائم على السخرية من ملحمة الفضاء الشهيرة “star wars”، كان يغالبه الطابع الهزلي في الكوميديا وبالتالي لم يكن متقيد بأي حدود منطقية، وقد خرق الجدار الرابع بشكل متعدد أثناء الأحداث، حيث الأبطال يدركون هزلية الأحداث والقصة، كمان أنهم في أحد المشاهد كانوا يشاهدون الفيلم نفسه على شريط فيديو ويقومون بالتعليق عليه والسخرية منه، وهو ما شكل سابقة في السينما.
Monty Python and the Holy Grail
فيلم إنجليزي كوميدي صدر عام 1975، من إخراج تيري غيليام وتيري جونز، بطولة جون كلير وتيري غيليام وغراهام تشابمان، اعتمدت الفكرة بالكامل على تقديم نسخة كوميدية من الميثولوجيا البريطانية عن قصة الملك آرثر وفرسان المائدة المستديرة.
الكوميديا هي النوعية الأصلح لكسر الجدار الرابع لأنه يوفر مساحة واسعة من الكوميديا، وقد استغل صُناع الفيلم ذلك تمامًا، حيث ستجد أن الشخصيات يتحدثون عن الفيلم نفسه بعبارات مباشرة، كما يدرك الممثلون أنهم داخل فيلم، ونجد في منتصف الفيلم ظهور رجال شرطة في الزي المعاصر لوقت عرضه رغم أن الأحداث تقع في القرون الوسطي، وظهور شخصيات بأزياء الخمسينيات أو حلَّة معاصرة، إلا أن صناع الفيلم استطاعوا توظيف هذ الكم من الهزلية في خلق كوميديا فعالة بشكلًا ما.
House of Cards
فيلم دراما أمريكي إنتاج عام 1993، شارك في تأليفه وإخراجه مايكل ليساك، بطولة كاثلين ترنر وتومي لي جونز، يدور الفيلم حول محاولة أم للتواصل مع ابنتها وفهم سلوكها الغريب عقب صدمتها بسبب وفاة والدها.
عمد الفيلم لكسر الجدار الرابع من خلال الطابع المسرحي، فالبطلة تقوم بأداء الكثير من المونولوجات الفردية وهي تنظر لجهة مختلفة عن الكاميرا، كما لو أنها تتحدث لشخصًا ما لتجعله يستوعب ما تمر به مع ابنتها، مما أضاف للدراما طابع مسرحي يجعل المشاهد طوال الوقت على علم بأنه داخل عمل سينمائي، وكل تلك الأحاديث موجهة له.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.