ماذا لو؟.. 10 فرضيات كانت لتجعل فيلم Hidden strike أقل خيبة للأمل!
14 د
مع مرور الزمن يتحول بعض الممثلين والمغنيين إلى رموز ثقافية مهمة لأوطانهم وثقافتهم، بل يتجاوزونها حتى تطبق شهرتهم الآفاق، مثل السير لورانس أوليفييه سيد التمثيل والمدرسة الأعظم فيه، أو السيدة فيروز التي لا يكتمل صباحنا دون صوتها العذب النقي، أو وودي آلان المخرج الأسطوري الذي يعرف كل من شاهد فيلماً في حياته اسمه، لا شك أن الممثل الصيني جاكي شان واحد من هؤلاء الذين تحولوا إلى رمز عالمي مهم.
اشتهر جاكي شان منذ أعوام طويلة بأفلامه المميزة بحركاته القتالية ومخاطراته الدائمة التي لا يتفوق عليه أحد فيها، لقد تعرض جاكي شان لإصابات كثيرة كادت أن تودي بحياته أكثر من مرة، ويعتبر أكثر الممثلين تعرضاً للإصابات المميتة بسبب إصراره على تأدية مشاهده بنفسه دون الاستعانة بدوبلير أي ممثل بديل يؤدي المشاهد الخطرة.
في هذا العام أعلن عن فيلم جديد Hidden Strike بعد غياب طويل لجاكي شان بالتعاون مع نجم المصارعة المحبوب جون سينا، في الواقع الفيلم قيد التطوير منذ عام 2018.
لكن ولأسباب كثيرة تم تأجيله لأعوام حتى صدر منذ بضعة أيام حاملاً خيبة أمل قاسية لكل من انتظره بفارغ الصبر، لن نستعرض لك عزيزي القارئ أسباب تخييب الفيلم لآمالنا بل سنقدم لك أشياء لو تم فعلها كان الفيلم ليكون أفضل من مبدأ ماذا لو؟ الذي نحب كثيراً استعماله في حياتنا اليومية.
وقبل أن نبدأ يجب علينا التنويه أننا في "أراجيك فن" نقدم مراجعة شاملة وانتقادات مبنية على أسس المنطق دون توجيه أي نقد جارح للعمل، لقد كنا نتمنى حقًا رؤية جاكي شان وجون سينا في فيلم رائع مميز مختلف، لكن هذا لم يحدث فماذا لو فعل صناع العمل هذه الأشياء هل كنا لنرى فيلمًا أقوى وأفضل؟ فلنتابع معاً مقالنا هذا الذي يمكن اعتبار كل فقرة من فقراته معنونة بماذا لو.
ماذا لو..؟
- قصة مميزة فريدة لم نرها من قبل
إن القصة هي العماد الأساسي والعمود الفقري لأي عمل سينمائي أو تلفزيوني، لا يمكن تقديم أي فيلم دون قصة هذا أمر مؤكد، ومع تزايد الإنتاج الفني أصبح وجود قصة مميزة متجددة أمراً ضرورياً، إذ أن المشاهد رأى الكثير والكثير من قبل وأصبح صعباً بالفعل إثارة إعجابه أو على الأقل إمتاعه.
تدور قصة الفيلم حول العميل الصيني السابق في القوات الخاصة لاو فينغ الشهير بدراغون، الذي يتطوع مع مجموعة أخرى من العملاء المأجورين لمرافقة مجموعة من العلماء من مصفاة نفط تحت التهديد إلى المنطقة الخضراء عبر طريق شديد الخطورة يعرف باسم طريق الموت، لاو يريد القيام بالمهمة لأسباب شخصية.
إذ أن ابنته البعيدة عنه ماي واحدة من أفراد المجموعة وهو راغب في حمايتها، على الجانب الآخر هناك كريس فان هورن جندي البحرية الذي يفني حياته في قرية معزولة كي يساعد الأيتام هناك، لكن الحاجة الماسة إلى الماء الذي يمنعه المحتكرون تدفعه للقيام بمهمة خطرة مع شقيقه هنري، والمهمة هي اختطاف عالمة من القافلة التي يحرسها لاو فينغ ورفاقه لتتقاطع دروب الرجلين الذين يتحولان إلى صديقين يحاربان معا شرير الفيلم.
كانت قصة الضربة الخفية غاية في التقليدية والتكرار ورأيناها في مئات الأفلام السابقة، الأبطال والعملاء الخاصون الذين ينقذون مجموعة من الأبرياء من جحيم الصحراء سواء كانت العراق أو أفغانستان كم مرة رأينا حبكة مماثلة؟
في الواقع أصبحت هذه النوعية من القصص مملة غير مرغوبة لقد انسحبت القوات الأمريكية من أفغانستان عام 2021 لذا فإن قصة عن إنقاذ الأبرياء وقتال مرتزقة الصحراء أصبح شيئاً مملاً من عصر غابر.
لو أن الفيلم تناول قضية الساعة التي تشغل بال العالم حالياً أي الذكاء الاصطناعي كما فعل توم كروز في مهمته المستحيلة، فلا شك أنه كان ليصبح أشد متعة، أو لو أنه على الأقل لم يقدم هذه القصة المكررة وركز أكثر على الناحية الإنسانية والشخصيات التي لم نعرف دور أغلبها لربما كان ليحمل خيبة أمل أقل ثقلاً نوعاً ما.
نرشح لك: توم كروز VSالذكاء الاصطناعي.. عندما تورط المشاهدون في Mission: Impossible-Dead Reckoning Part One!
- CGI مبهر ومتقن
يعني مصطلح Computer generated imagery الذي يشار إليه اختصاراً بـ CGI الصور المولدة بواسطة الحاسوب وقد أصبح واحداً من المفردات التي نسمعها كثيراً في عالم السينما والتلفاز وقد ساعدت وسهلت عمل صناع الفن حقاً، ذلك أنهم قادرون على وضع الممثلين في أي بيئة يرغبون بها بواسطة الحاسوب، تريد مشهداً في الفضاء الخارجي مشهداً في غابات الأمازون، أم أنك تريد مشهداً في قرطبة القديمة؟
لا مشكلة مع وجود الـ CGI كل ما عليك توفيره هو شاشة خضراء ومصمم بارع، لا شك أن فيلم Hidden strike احتوى الكثير من الشاشات الخضراء، لكن لا نعلم بالضبط من المسؤول عن الـ CGI الكارثي الذي شاهدناه، في بداية الفيلم يظهر لنا مشهد في الصحراء يشعرك أنك مصاب بالحمى أو أن الممثلين يقفون أمام لوحة إعلانية سيئة التصميم.
لا نبالغ إطلاقاً لو قلنا أن هذا الفيلم احتوى أسوأ مؤثرات خاصة رأيناها منذ عقود، ربما لم تسمح ميزانية الفيلم بتصويره في صحراء حقيقية لذا تم الاستعانة بتقنيات الـ CGI الذي يعده الكثيرون لعنة العصر الحديث للسينما، وبعض المخرجين يرفضون تماماً استخدامه ذلك بسبب عدم المصداقية الذي يحمله مهما كان متقناً، فكيف لو كان بهذا السوء الذي يجعل مشاهدة الفيلم تجربة كاريكاتورية مزعجة للنظر يمكن لأي طفل ملاحظة عدم اتقانها.
لقد وقع الفيلم في فخ الاستخدام السيء للمؤثرات تلك التقنيات التي يغرم بها مخرجو هوليوود بجنون، ويظنون أن استخدامها سيضمن لهم فيلماً جيداً متقناً لكن يبدو أن المخرج سكوت وو لم يحسن تماماً استخدامها بطريقة مميزة تدفع الفيلم ليكون متعة حقيقة للمشاهد.
- سيناريو مميز بحوارت قوية
تختلف كتابة السيناريو عن أي نوع كتابة آخر، فهو لا يتعلق فقط بالقصة والشخصيات، إن السيناريو يركز على الحوارات بين الممثلين ويوضح كل حركة وكل تعبير ينبغي أن يظهر على وجه الممثل، وهو أساس العمل الفني ولهذا وجدت جائزة أوسكار خاصة لأفضل سيناريو.
بعض الأفلام والمسلسلات نالت شهرة طبقت الآفاق بفضل السيناريو المحكم المبدع الذي قدم عملاً مميزاً. ولعل أفضل من كتب السيناريو هو فينس غيليغان كاتب المسلسل الأسطوري Breaking bad الذي أبهرنا بقوة حواراته وتميزها.
لا ريب أن للممثل الدور الأكبر، فالممثل الضعيف سيضر بالسيناريو مهما كان محكماً لكن العكس هو ما حصل في Hidden strike، لا بد من الإشادة بقدرة جون سينا على الارتجال إذ بدا واضحاً أن معظم مشاهده خاصة مع جاكي شان كانت من ارتجاله لدرجة تشعرك أنك تراه على الحلبة لا في فيلم.
لم يكن السيناريو أفضل شيء حدث في الفيلم لكن الأمر المثير للاستغراب هو أن تطوير الفيلم أخذ حوالي الخمس سنوات لذا توقعنا وجود سيناريو أكثر إحكاماً خالياً من القفزات اللامنطقية في الأحداث التي تشعرك أنك تشاهد فيلمين منفصلين اندمجا بطريقة خرقاء في المنتصف.
حتى تلك المحاولات الضعيفة لخلق التواءات في الحبكة كانت مملة نوعاً ما ولم تعطِ أي حيوية أو قوة، أما الحوارات فقد كانت بلا معنى حقاً وشاهدناها في مئات الأعمال السابقة، الابنة الغاضبة من أبيها، العدو الذي يتضح أنه أقرب شخص إليك، الصديقان اللدودان كل هذه الأفكار قتلت قتلاً منذ خمسين عاماً في هوليوود ولم يستطع الفيلم تقديم أي شيء جديد مبهر في هذه الناحية، كان الفيلم عبارة عن قصة جوفاء مقدمة بسيناريو متخبط بدون أي ترابط.
- مشاهد أكشن مذهلة
لا يوجد أي شك في أن جاكي شان واحد من أفضل ممثلي ومقاتلي السينما في العالم بأسره، إن الإصابات الشديدة التي تعرض لها هذا الرجل خلال مسيرته المهنية تشهد على رجل صلب مبدع يحمل شغفاً صادقاً لمهنته، أما جون سينا الذي عرفته حلبات WWE لأعوام فقد تحول منذ ظهوره الأول إلى رمز قوي للرجل العسكري المفتول العضلات، لذا وعندما أعلن عن تعاونهما معاً كنا وبصدق في انتظار مشاهد أكشن مثيرة حماسية لكن وللأسف خاب أملنا.
إن العمر لا يرحم أحداً حتى لو كنت جاكي شان فإن التقدم في السن سينال منك لا محالة، كان عمر جاكي شان وقت تصوير الفيلم حوالي 65 عاماً، وقد ألقى ثقل الأعوام بنفسه على الرجل الذي أبهرنا بمخاطراته طيلة عقود، لم تكن مشاهد الأكشن مميزة بأي حال بل كانت نوعا ما مصطنعة مكررة شاهدناها كثيراً في السابق كما أن ال CGI السيء لم يساعد كثيراً.
كانت بعض مشاهد الأكشن تبدو خارجة من أفلام جاكي شان القديمة وبعضها الآخر مملاً مكرراً مدسوساً ضمن الأحداث فقط كي يوفي المخرج بوعده للمشاهد أنك سترى جاكي شان مرة أخرى، من المؤكد أن مشاهد الأكشن قدمها جاكي شان بنفسه، في الحقيقة إن الاستعانة بممثل بديل لأداء مثل هذه الحركات هي إهانة قوية لجاكي شان دون أي شك.
لكن لا يمكن لومنا على رغبتنا في رؤية مشاهد أكشن محترمة في فيلم يدور أصلاً حول القتال والصراعات القوية، أما جون سينا فيبدو أن أعوامه الطويلة مع WWE حُفرت في أعماقه لقد كان هناك مشاهد يكاد أن يقوم فيها بحركته الاستعراضية You can't see me خاصة في مشهد قتاله مع جاكي شان.
لا مشكلة هنا سوى أن جون سينا من المفترض به أن يكون جندي بحرية سابق ولا أظن أن جنود البحرية يقومون بحركات استعراضية أثناء القتال، لا يمكن إلقاء اللوم على سينا بالكامل إذ انبغى على المخرج سكوت وو الانتباه لهذه التفصيلة، إن التفاصيل هي الأساس الذي تقوم عليه الأعمال الفنية.
- تناغم لطيف بين بطلي العمل
جاكي شان نجم سينمائي محبوب للغاية في وطنه الصين وخارجه أيضاً ولطالما تميز جاكي بأمرين اثنين في أعماله الأول هو مشاهد القتال والمخاطرات التي يقوم بها بنفسه، والأمر الثاني هو الروح المرحة التي تمتزج بحركات الأكشن في مزيج لا يقدر عليه أي كان، أما جون سينا فهو واحد من أكثر الرياضيين قرباً للقلب.
إنه رجل مرح لطيف خاصة مع الأطفال الذين يوليهم جلّ اهتمامه، خاصة فيما يتعلق بالأعمال الخيرية، كلا الرجلين رائع ومميز دون أي شك لكن ولسبب غير معروف لم يستطع الاثنان خلق تناغم وانسجام بينهما، يبدو هذا واضحاً منذ البداية إذ يشعرك الفيلم أنك تشاهد فيلمين منفصلين الأول من بطولة جون سينا والثاني من بطولة جاكي شان.
حتى عندما تلاقت دروب كريس فان هورن ولاو كان هناك انعدام تام للتناغم بين الرجلين يشعرك أن كلاً منهما يغني على ليلاه، رغم وجود مشاهد كثيرة تساعد في تحقيق هذا مثل قدرة كريس على التحدث بلغة الماندرين الصينية أو تعاون لاو وكريس معاً ضد عدو مشترك، كل هذا كان ليخلق ديناميكية قوية بين أبطال العمل لكن بقي هناك حاجز غريب يفصل بين الرجلين الرائعين.
هذه ليست المرة الأولى التي يتعاون فيها جاكي شان مع ممثلين أمريكيين ولطالما نجح في خلق شرارة انسجام وكيمياء قوية بينه وبينهم، لكن سينا فشل للأسف في خلق هذا الانسجام اللطيف مع الأسطورة الصيني.
إن هذا أمر غريب بلا ريب إذ لم تكن هناك أي خلافات بينهما ولا نفور ولا أي نوع من المشاعر السلبية، لكن يبدو أن الانسجام مثل الحب إنه شيء يحصل دون رغبتك ولا يمكن لك فرضه، لا شك أن وجود تناغم وانسجام بين أبطال العمل من ضروريات نجاحه، لقد كان بطلا Hidden strike رائعين لكن وهما منفصلان فقط.
- كوميديا لطيفة بعيدة عن أي ابتذال
لقد قلنا سابقاً أن الكوميديا نقطة قوة حقيقة في أفلام جاكي شان وقد حاول سكوت وو استغلال هذه النقطة خاصة أن جون سينا مشهور بروحه المرحة، لكن الكوميديا واحدة من أصعب أنواع الفنون تقديماً إذ يمكن لها أن تتحول في لحظة خاطئة إلى شيء سخيف مبتذل.
كان هناك بعض المشاهد الكوميدية القليلة المضحكة حقاً ضمن أحداث الفيلم، مثل اللحظة التي تبادل فيها كريس سلاحه الفارغ مع ذخيرة لو الخالية من السلاح، لكن وكما حدث في مشاهد الأكشن تم تقديم الكثير من مشاهد الكوميديا التي يمكن لنا أن نقول عنها مبتذلة مكررة ولم تكن في مكانها الصحيح بالضبط، إن المعركة المحتدمة أثناء اختطاف عالمة صينية مهددة بالموت ليس أفضل مكان لإلقاء النكت حقاً!
لو اقتصرت الكوميديا على بعض المشاهد المميزة المضحكة بالفعل لما وقع الفيلم في فخ الابتذال هذا وكما يقول القدماء الزائد أخ الناقص.
- إضفاء العمق على شخصيات العمل
لا يمكن وجود قصة دون شخصيات تحمل معانيها وأفكارها، حتى لو كنت تكتب قصة عن ماعز في مرعى فإنك مرغم على إعطاء هذا الماعز اسماً وتاريخاً وأبعاداً لتخلق ارتباطاً بينه وبين القارئ.
الأمر نفسه ينطبق على فن السينما، إذ لا يمكن لك رواية قصة أو تقديم فيلم دون تعريف المشاهد بالشخصيات التي تسير الأحداث، وإلا سيتحول فيلمك إلى سلسلة طويلة من المشاهد التي لا رابط بينها، لقد تحدثنا سابقاً في مقالنا أن السيناريو لم يكن أقوى ما في الفيلم الأمر لا يقتصر فقط على سير القصة، بل يتعلق أيضاً بالشخصيات نفسها التي كانت ضحلة جداً.
على مدار الفيلم لم نعرف تماماً سبب خلاف لاو مع ابنته، نعم لقد فضّل وطنه على عائلته، لكن هذه التفصيلة الدرامية كان بالإمكان استثمارها بشكل أكبر وأفضل وكانت لتعطي عمقاً حقيقياً لشخصية لاو الرجل العسكري الذي أفنى حياته فداء لوطنه، كما أن الفيلم لم يقدم عمقاً حقيقياً لشخصية كريس فان هورن، لماذا يقضي هذا الرجل وقته في قرية معدمة في الصحراء بدلاً من العودة إلى أمريكا؟
كان يمكن تقديم خلفية بسيطة لقصته كأن يكون مغرماً بامرأة ما هناك أو راغباً برد الدين لشخص ما، أي شيء إلا الغموض المسيطر الذي جعل شخصية كريس مزيجاً مريباً من المرتزق والمتحرش، حتى ابنة لاو ماي تم تقديمها بطريقة سخيفة نوعاً ما ولم ندرك أنها ابنة لاو إلا بعد مضي خمس دقائق من الحوار الذي كان عبارة عن معاتبة فارغة لا تقدم الكثير للمشاهد كي يفهم الشخصية.
لم تمتلك أي شخصية من شخصيات العمل تاريخاً حقيقياً أو خلفية قوية تساعدك في التعاطف والانسجام معهم، بدا الأمر وكأنهم وجدوا في التو واللحظة دون تاريخ أو عمق أو حتى لمحة من الإنسانية، خاصة شخصيات المرتزقة الذين بدوا خارجين من عوالم ألعاب الفيديو، لا يحتاج الأمر سوى كتابة صفحتين في السيناريو لتقديم تبرير بسيط لدوافع كل شخصية من شخصيات هذا الفيلم، ولا شك أن هذا كان سيجعله أفضل وأكثر أحكاماً.
إننا ندخل السينما كي نرمي بأثقالنا العاطفية جانباً ونتفاعل مع الذين في الشاشة أمامنا، لذا فإن وجود شخصيات لا عمق لها سيكون أمراً محبطاً بحق.
- شرير مبتكر
لا يوجد نور دون الظلام، كما لا يوجد قصة دون شرير مناسب يحرك الأحداث ويعطيها دفعة دراما وإثارة، لكل بطل شرير ينافسه ويناقضه، سابقاً كان الشرير مقتصراً على الساحر شديد القوة أو الثري الوغد أو الإقطاعي الاستغلالي أو لو كانت القصة عاطفية رومانسية سيكون الشرير هو الزوج العجوز الكريه، مع تطور الحضارة وتقدم العلم أصبح هناك نوع آخر من الأشرار إذ حلّ العالم المخبول محلّ الساحر الشرير.
وأصبح هدف أغلب أشرار الأدب والفن المال والسيطرة على العالم، لم تتوقف عجلة التطور وأصبح هناك شرير أكثر خطورة من كل ما سبق ذكره شرير اخترعناه بأنفسنا، إنه الذكاء الإصطناعي الذي يسيطر رويداً رويداً على العالم، لم يخل Hidden strike من الأشرار لكن الشرير الذي قدمه كان غارقاً في التقليدية لا تجديد ولا ابتكار فيه، حيث لم يقدم الفيلم شريره أوين بادوك بوضوح إنه شرير لأنه شرير.
لا تفسير لرغبته المفاجئة في خيانة صديقه والاستيلاء على النفط، ورغم أداء يوهان فيليب أسبايك الرائع للشخصية إلا أن النص الضعيف لم يساعده كثيراً وقدم لنا شريراً واضحاً لدرجة تثير الملل.
حتى تلك اللحظة التي يكتشف فيها كريس أن صديقه أوين هو العقل المخطط لم تكن بتلك الصدمة التي رغب المخرج في إثارتها، لربما لو تم التعمق في شخصية أوين بادوك أكثر أو على الأقل تقديم هدف شرير أقوى من الهدف الذي سئمنا من تكراره، لكان الفيلم أفضل وأقوى مما شاهدناه.
- موسيقى تصويرية رائعة
إن الموسيقى غذاء الروح كما يقال، وهي ركن أساسي من عالم صناعة الفن السابع، فالموسيقى الخاصة بالفيلم هي صلة الوصل بين الأحداث وعقل المشاهد الذي قد يغرم بموسيقى الفيلم أكثر من الفيلم نفسه، رغم أن بعض الأفلام خلت تماماً من الموسيقى التصويرية.
إلا أن خلوها هذا كان عائداً لتميزها وتفرّدها عن غيرها، لا يحتوي فيلم Hidden strike أي موسيقى تصويرية مميزة في الحقيقة يمكن بسهولة عدم ملاحظة الموسيقى أصلاً بسبب الأصوات القوية وطغيان المؤثرات الخاصة بالانفجارات على أي صوت آخر، لربما وجود موسيقى حماسية مثيرة للانتباه كان ليصبح أمرا لطيفا جذاباً حقاً خاصة في اللحظات الدرامية الحاصلة ضمن أحداث الفيلم.
- استثمار قوي لموهبة الفنانين العرب
لا تزال هوليوود حتى يومنا هذا تتغنى بالوسيم الرائع عمر الشريف الذي رحل عن عالمنا تاركاً أثراً جميلاً في قلب كل عاشق للسينما، لقد استطاع هذا الفنان الرائع حفر اسمه عميقاً في تاريخ السينما العربية والعالمية، لم يكن عمر الشريف الأول ولن يكون الأخير هناك كثير جداً من الممثلين العرب الذين يمتلكون قدرات تمثيلية جبّارة لكن وللأسف لم يحظوا بفرصة حقيقية لإثبات أنفسهم خارج أوطانهم.
مع الإعلان عن صدور فيلم Hidden strike ضجت وسائل التواصل الاجتماعي والمجلات الفنية العربية بخبر انضمام كل من الفنانين ليلى عز العرب وهاني عادل إلى طاقم العمل، وكان الأمل يحدوهم برؤية ممثلين عرب إلى جانب نجم أسطوري مثل جاكي شان، رغم قلة مساحة دورهما إلا أن كلاً من ليلى وهاني قدم أداء لطيفاً بلغة سليمة نأمل أن ينجح في لفت الأنظار إلى موهبتهما.
كنا نتمنى حقاً أن نراهما في دور أكبر أو أبعد عن التقليدية إذ أنه وبشكل أو بآخر لا تزال هوليوود تنظر إلى العرب نظرة تعود إلى قرنين مضيا، والأمل الأوحد في تغيير هذه النظرة هو السينما ذلك الفن الذي يخترق الحواجز والحدود والقلوب أيضاً. بعد كل ما ذكرناه سابقاً لا بد أن هناك سؤالاً يخطر في بالك الآن وسنجيب عنه حالاً...
هل Hidden strike فيلم محبط؟
إن كلاماً مثل أن الفيلم فاشل أو محبط هو إهانة لجهود صناعه ولبطليه الذين بذلا أقصى طاقتهما فيه، إن Hidden strike ليس فيلماً سيئاً غير الجدير بالمشاهدة، إنه فيلم مخيب للآمال بسبب الاستعجال في صنعه والتأخيرات الكثيرة التي تعرض لها إضافة إلى ضعف الاهتمام بتفاصيله.
لكن أحداً لا يمكنه إنكار السحر الذي يميز جاكي شان والذي لم يتأثر بالزمن أو جاذبية جون سينا اللطيفة، لربما لو تم الاهتمام أكثر لو أن مجهوداً أقوى وضع في هذا الفيلم لربما كان أفضل أفلام العام.
وقد كتبنا هذا المقال كي نطرح بعض الأفكار كانت لتساعد الفيلم أكثر من وجهة نظرنا، لكن لو كنت تحب جاكي شان وقادراً على احتمال المؤثرات البصرية الكارثية والتغاضي عن العيوب التقنية، ستقضي وقتًا ممتعًا حقًا في مشاهدة الفيلم.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.