تريند 🔥

📱هواتف

Indiana Jones and the Dial of Destiny لا يمكن لأحد أن يكون سبيلبيرغ.. وإليكم الأسباب!

Indiana Jones and the Dial of Destiny لا يمكن لأحد أن يكون سبيلبيرغ.. وإليكم الأسباب!
ساندي ليلى
ساندي ليلى

14 د

يقول الشاعر العباسي الرائع عبد السلام بن رغبان الشهير بلقب ديك الجن: "أتمنى أن يقتنع جزء ما في داخلي، أنه لا يمكنني العودة إلى الماضي.. ولا إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وأن يكفّ عن رسم سيناريوهات لم تحدث ولم يعد بإمكانها أن تحدث، حتى وإن كانت تسعده، لأنها تدميني عندما تنتهي إلى لا شيء، أتمنى أن يوقن ذلك الجزء الموغل في قلبي، أن الزمن يسير باتجاه واحد، وأنه لا شيء أصعب على الإنسان من أن يحلم بماضٍ لن يعود وأن يفعل ذلك في كل ليلة".

لقد عَبر ديك الجن بلغة بسيطة راقية كعادته عما يعتمل في نفوسنا جميعاً، الخوف الدائم من الزمن والرغبة الملّحة بالعودة بالزمن إلى أوقات ماضية لتغيير شيء ما نندم على فعله.

يُقال أن الزمن لا يسير في خط مستقيم، إنما هو أشبه بنهر ولو امتلكت القارب المناسب فقد تتمكن من السباحة عبره إلى الماضي أو إلى المستقبل، إن الزمن مفهوم فيزيائي معقد لا يزال العلماء عاكفين على دراسته محاولين فهم كيفية عمله. 

حتى يومنا هذا لم يتمكن البشر من السيطرة على مجرى الزمن لكنهم تمكنوا من تجميده واسترجاعه وحفظه، لقد ..اخترعوا الكاميرا

كان اختراع الكاميرا حدثاً فارقاً في التاريخ، لم يعد هناك من داع للجلوس ساعات وساعات أمام الرسام كي يتمكن من تجسيدك في لوحته، ستقوم الكاميرا بالأمر في وقت أقصر وستعطي نتيجة أفضل ومع اختراع الكاميرا جاء أفضل ما قدمته البشرية، السينما. 

لم تعد الأحلام مجرد خيالات في رؤوسنا لقد جعل اختراع التصوير تحويل الأحلام إلى واقع أمراً سهلاً يمكنك تحويل أي قصة يتفتق عنها دماغك إلى فيلم تعرضه للعالم كله، مهما كانت فكرته غريبة غير المطروقة، الخيال الإنساني الغير محدود.

وهذا الخيال قدم لنا شخصيات من وحيه فاقت في شهرتها أُناساً عاشوا وماتوا ولم يعد أحد يتذكرهم حتى مثل جحا الرجل الظريف الماكر الذي يعتقد كثيرون أنه شخصية تاريخية، غير عالمين أنه مجرد شخصية اختلقها الخيال الشعبي أو مثل شهرزاد التي حكت ألف قصة وقصة لملكها كاره النساء شهريار.

أو طبعًا بطل مقالنا هذا إنديانا جونز عالم الآثار القوي المرح الذي قدمه لنا الأسطوريان جورج لوكاس وستيفن سبيلبرغ عام 1981 في فيلم Raiders of the lost Ark من بطولة الوسيم هاريسون فورد غير عالمين أنه سيتحول بقبعته وسوطه إلى رمز ثقافي شعبي محبوب. 

قدّم "فورد" شخصية الدكتور إنديانا جونز في أربعة أفلام كان آخرها عام 2008، وبعد غياب 15 عاماً عاد هاريسون فورد البالغ من العمر ثمانين عامًا ليتحدى الزمن والعمر وليرتدي قبعته مجدداً ويقدم لنا وداعية أخيرة للشخصية التي رافقت اسمه وصنعت مجده.

لكن هذا الفيلم افتقد أمراً مهماً هو صانعه وأبوه الروحي ستيفن سبيلبرغ، فكيف أثر غياب سبيلبرغ على الفيلم؟ هل استطاع فورد استعادة أمجاد إنديانا رغم كبر سنه؟ سنجيب عن هذه الأسئلة وأكثر في مقالنا هذا وسنقدم لك من أراجيك فن" مراجعة مميزة لفيلم مميز هو" Indiana Jones and the dial of destiny.

6.9/10
إعلان الفيلم

صفحة IMDb

تقييم أراجيك

Indiana Jones and the Dial of Destiny

تبدأ أحداث الفيلم عام 1944 في فترة تاريخية حرجة في أوروبا أثناء تحرير الحلفاء لها في الحرب العالمية الثانية، يقبض النازيون على إنديانا جونز وزميله عالم الآثار باسل شو، الأستاذ في جامعة أكسفورد ذلك أثناء محاولتهما استعادة رمح لونجينوس المقدّس الواقع في قلعة نورمبرغ، يبلّغ عالم الفيزياء الفلكية يورغن فولر رؤساءه النازيين أن الرمح الذي يمتلكونه مزيف، لكنه في المقابل وجد جزءاً من قرص أرخميدس، وهو آلة أثرية بناها عالم الرياضيات القديم أرخميدس من سيراكوس هذه الآلة هي عبارة عن حاسبة فلكية، تدل المستخدمين إلى حدوث تشققات في الزمن، ولو امتلك شخص ما نصفي القرص فقد يسيطر على الزمن كاملاً، يهرب جونز على متن قطار مليء بالآثار المنهوبة وينقذ باسل، وبعد مواجهة قصيرة مع فولر يستولي على نصف القرص منه ثم يقفز العالمان من القطار قبل أن تدمره قاذفات الحلفاء.

تقفز الأحداث إلى عام 1969 في مدينة نيويورك، لم يكن المستقبل رحيماً بإندي إذ أنه انفصل عن زوجته ماريون منذ وفاة ابنهما مات في حرب فيتنام كما أنه تقاعد لتوه من كلية هانتر، فجأة تتواصل معه هيلينا ابنة باسيل وابنة جونز الروحية بشكل غير متوقع وهي أيضاً عالمة آثار، تخبره هيلينا أنها بصدد البحث عن نصف القرص ويحذرها جونز من أن باسيل الذي توفي منذ أعوام كان على وشك الجنون بسبب محاولاته كشف أسراره، لقد أعطى باسيل جونز القرص وأخذ منه وعداً بتدميره، الأمر الذي لم يفعله أبداً يقرر جونز التخلي عن تقاعده ومساعدة ابنته الروحية لكن وفي الوقت الذي يستعيد فيه جونز وهيلينا نصف القرص من أرشيف الجامعة، يهاجمهم أتباع فولر.

لقد أصبح النازي السابق واحداً من علماء وكالة ناسا بهوية جديدة، يساعده مجموعة من عملاء وكالة المخابرات المركزية بقيادة العميل ماسون، حينها تهرب هيلينا التي تعمل في بيع الآثار الغير قانونية حاملة معها نصف القرص، لتكشف عن نيتها في بيعها في مزاد السوق السوداء. 

يهرب جونز من مطارديه ويبدأ رحلة المطاردة والهروب في أحداث مشوقة ممتعة تحمل تلك الأجواء الرائعة التي اعتدنا عليها في أفلام إنديانا جونز وقبل أن نبدأ مراجعة الفيلم سنعيدك بالزمن إلى الفترة الذهبية في هوليوود إلى زمن كان فيه وجود المؤثرات البصرية خيالاً علمياً.

عرض المزيد

  • name

    مناسب من عمر 4 سنوات فما فوق.

  • إنتاج

    2023
  • إخراج

    جيمس مانغولد

بطولة

هاريسون فورد،
فيبي والر بريدج،
مادس مايكلسون

عودة متعثرة

تبدأ أحداث الفيلم عام 1944 في فترة تاريخية حرجة في أوروبا أثناء تحرير الحلفاء لها في الحرب العالمية الثانية، يقبض النازيون على إنديانا جونز وزميله عالم الآثار باسل شو، الأستاذ في جامعة أكسفورد ذلك أثناء محاولتهما استعادة رمح لونجينوس المقدّس الواقع في قلعة نورمبرغ، يبلّغ عالم الفيزياء الفلكية يورغن فولر رؤسائه النازيين أن الرمح الذي يمتلكونه مزيف.

 لكنه في المقابل وجد جزءاً من قرص أرخميدس، وهو آلة أثرية بناها عالم الرياضيات القديم أرخميدس من سيراكوس هذه الآلة هي عبارة عن حاسبة فلكية، تدل المستخدمين إلى حدوث تشققات في الزمن، ولو امتلك شخص ما نصفي القرص فقد يسيطر على الزمن كاملاً، يهرب جونز على متن قطار مليء بالآثار المنهوبة وينقذ باسل، وبعد مواجهة قصيرة مع فولر يستولي على نصف القرص منه ثم يقفز العالمان من القطار قبل أن تدمره قاذفات الحلفاء.

تقفز الأحداث إلى عام 1969 في مدينة نيويورك، لم يكن المستقبل رحيماً بإندي إذ أنه انفصل عن زوجته ماريون منذ وفاة ابنهما مات في حرب فيتنام كما أنه تقاعد لتوه من كلية هانتر، فجأة تتواصل معه هيلينا ابنة باسيل وابنة جونز الروحية بشكل غير متوقع وهي أيضاً عالمة آثار، تخبره هيلينا أنها بصدد البحث عن نصف القرص ويحذرها جونز من أن باسيل الذي توفي منذ أعوام كان على وشك الجنون بسبب محاولاته كشف أسراره.

لقد أعطى باسيل جونز القرص وأخذ منه وعداً بتدميره، الأمر الذي لم يفعله أبداً يقرر جونز التخلي عن تقاعده ومساعدة ابنته الروحية لكن وفي الوقت الذي يستعيد فيه جونز وهيلينا نصف القرص من أرشيف الجامعة، يهاجمهم أتباع فولر.

لقد أصبح النازي السابق واحداً من علماء وكالة ناسا بهوية جديدة، يساعده مجموعة من عملاء وكالة المخابرات المركزية بقيادة العميل ماسون، حينها تهرب هيلينا التي تعمل في بيع الآثار الغير قانونية حاملة معها نصف القرص، لتكشف عن نيتها في بيعها في مزاد السوق السوداء. 

يهرب جونز من مطارديه ويبدأ رحلة المطاردة والهروب في أحداث مشوقة ممتعة تحمل تلك الأجواء الرائعة التي اعتدنا عليها في أفلام إنديانا جونز وقبل أن نبدأ مراجعة الفيلم سنعيدك بالزمن إلى الفترة الذهبية في هوليوود إلى زمن كان فيه وجود المؤثرات البصرية خيالاً علمياً. 


مغامرات انديانا جونز المفقودة

ظهر إنديانا جونز للمرة الأولى عبر عدسة المخرج الأسطوري ستيفن سبيلبيرغ بقصة مقدمة من مبتكر عالم حرب النجوم جورج لوكاس ذلك عام 1981 وذلك في فيلم Raiders of the lost Ark دارت أحداث الفيلم حول محاولة النازيين بقيادة هتلر الاستيلاء على تابوت العهد الذي يمتلك حسب الأساطير قوى خارقة قد تقلب مسار الحرب فيتم إرسال عالم الآثار إنديانا جونز لاستعادته قبل النازيين.

لقد وقع الجمهور فورا في غرام هاريسون فورد الذي كان شاباً وسيماً قوياً في ذلك الوقت وحقق نجاحاً نقدياً وجماهيرياً باهراً وأصبحت الموسيقى التصويرية المميزة الخاصة بالفيلم علامة فارقة في تاريخ السينما.

في عام 1984 عاد إنديانا جونز مرة أخرى و إبداع آخر من سبيلبرغ ولوكاس بعنوان Indiana Jones and the temple of doom وكانت مغامرة إنديانا هذه المرة تدور في الهند التي كانت تحت سيطرة بريطانيا في زمن أحداث القصة حيث يهرب جونز من الصين إلى الهند ليعيش مغامرة مشوقة ممتعة لم تخل من الموسيقى التصويرية المميزة كالعادة. 

بعد ذلك جاء ثالث أفلام المغامر الأثري بعنوان Indiana Jones and the Last Crusade ذلك عام 1989 الذي دارت أحداثه حول أسطورة الكأس المقدسة حيث يخوض إنديانا مغامرة مميتة مشوقة عبر أوروبا يعتبر الكثير من المتابعين أن فيلم الحملة الصليبية الأخيرة هو أفضل فيلم في السلسلة. 

اختفى إنديانا جونز ل19 عاماً لكنه عاد مرة أخرى عام 2008 بفيلم جديد من إخراج سبيلبرغ Indiana Jones and the Kingdom of the Crystal Skull الذي دارت أحداثه في فترة الحرب الباردة هذه المرة لم يعد النازيون هم الأعداء إنهم الشيوعيون هنا لقد تغيرت خارطة العالم منذ آخر مرة ظهر فيها إنديانا على الشاشة، في الواقع تسبب الفيلم بجدل قوي جداً حيث وجه الحزب الشيوعي في روسيا اتهامات للفيلم بشيطنة الاتحاد السوفيتي.

لكن سبيلبيرغ المثير للجدل دومًا رد على هذه الاتهامات مبرراً جعل أعداء جونز هم الشيوعيون "عندما قررنا أن الجزء الرابع ستكون أحداثه في عام 1957، لم يكن لدينا خيار سوى جعل الروس أعداء. الحرب العالمية الثانية كانت قد انتهت للتو والحرب الباردة كانت قد بدأت للتو، وفي ذلك الوقت لم يكن لأمريكا أعداء آخرين".

 لم يكن هذا الجدل الوحيد الذي أثاره هذا الفيلم إذ أن وجود المضطرب صاحب المشاكل القانونية المستمرة والفضائح الثقيلة شايا لابوف ضمن طاقم العمل لم يثر الكثير من الإعجاب والامتنان يمكننا القول أنه وبالمقارنة مع الثلاثية القديمة فيلم الجمجمة الكريستالية كان الأضعف والأقل شعبية. 

لقد أراد الثنائي سبيلبرغ ولوكاس تقديم قصة تجسس ومغامرة مميزة شبيهة بقصص العميل 007 جايمس بوند الذي يعشقه سبيلبرغ لكن الفكرة البسيطة التي تفتق عنها ذهن جورج لوكاس بجعل بطل المغامرة عالم آثار قوي الشكيمة حولت إنديانا جونز من شخصية خيالية إلى رمز ثقافي عالمي استطاع ترسيخ نفسه في تاريخ هوليوود المتشابك. 

لقد عاد جونز من الموت مجدداً، إن إنديانا جونز شخصية خيالية لا تتأثر بالزمن، لكن هاريسون فورد الذي ارتبط منذ الثمانينات به شخص حقيقي تقدم به العمر الذي لا يرحم أي أحد لذا لا شك أن هذا السؤال طرأ على بالك.


هل استطاع فورد تحدي الزمن والعمر؟ 

قبل بضعة عقود كان تقدم الممثل في العمر يعني حصره في دور الجد القاسي أو العشيق الثري أو إن امتلك صناع العمل خيالاً أوسع قليلاً يمكن إسناد دور الأرمل المفجوع إليه، أما لو كان شاباً يجب أن يجسد دور رجل عجوز، فبعض الدقيق على الشعر وضربات خبيرة المكياج كفيل بالأمر.

لقد تطورت تقنيات المؤثرات البصرية كسائر التقنيات الأخرى وأصبح بالإمكان تحويل العجوز إلى شاب وبالعكس عن طريق الكمبيوتر إنها تقنية مذهلة حقا رأيناها في أفلام كثيرة مثل Irishman و فيلم عامر خان الأخير Laal Singh Chaddha حيث بدا كل من عامر خان وروبيرت دينيرو أصغر من عمرهما بحوالي عشرين عاماً على الأقل. 

وقد استفاد هاريسون فورد من هذه التقنية مع عودته إلى تجسيد شخصية إنديانا جونز الأثيرة على قلوبنا، يبلغ فورد من العمر ثمانين عاماً لكن عندما تشاهد الفيلم تجد أمامك رجلاً في أواسط الأربعينات إنه شيء أشبه بالسحر حقاً. هذه التقنية الرائعة تعيد الشباب إلى الوجه لكن ماذا عن الجسد؟ 

نرشح لك: جعفر العمدة، The Irishman، وX-Men.. كيف تتلاعب بالتكنولوجيا لتصغير عمرك؟

لقد حاول فورد ما بوسعه دون أي شك، أخفض من وزنه ومارس التدريبات الرياضية، لكنه وفي نهاية الأمر رجل في الثمانين من العمر وهو ما يظهر واضحاً خلال مشاهد الفيلم، حيث كانت حركة فورد ثقيلة بعض الشيء، ويبدو على غير ما يرام، كما أن استخدام ال CGI المفرط جعل إنديانا يبدو غير بشري بشكل ما، نحن نشاهد إنديانا جونز في نهاية الحرب العالمية الثانية ، لكن التأثيرات تشتت الانتباه بدلاً من تعزيزها.

إن عودة هاريسون فورد لتقديم فيلم أكشن وحركة وإثارة في هذا العمر هو أمر يستحق التقدير والإعجاب دون أدنى شك لكن الجسد لا يرحم والعمر له حقه في نهاية المطاف، وهاريسون فورد ممثل أسطوري عظيم لا يمكن لأحد التشكيك في هذه الحقيقة. 


رغم ضعف النص، الدراما نقطة قوة هاريسون فورد 

لو تناسينا حقيقة عمر فورد واستخدام تقنيات المؤثرات قليلاً وركزنا على الفيلم لوجدنا أننا أمام قصة تقليدية من قصص إنديانا جونز، أثر تاريخي قديم ومطاردة حماسية تمتزج بالسحر والأساطير الفرق الوحيد هنا هو أن قرص القدر ابتعد عن الأساطير الدينية وتوجه أكثر نحو اليونان القديمة.

لم تكن القصة مملة، لكنها لم تكن ممتعة تماماً في الوقت ذاته، لقد كانت تحمل القليل من الاهتمام بما سيحدث بعد ذلك بفضل القصة التي اعتمدت على أساس واضح هو الحنين إلى الماضي الذي يدفع الجمهور إلى الصالة. 

إن هذا الفيلم هو سلسلة متتالية من الأحداث المتضاربة والإيقاعات الواعدة، والنوايا الحسنة العامة لممثل أسطوري يرتدي واحدة من أشهر القبعات في تاريخ السينما مرة أخرى. 

لقد حمل الفيلم كثيراً من الذكريات الجميلة لمن وقعوا في غرام الثلاثية في الثمانينات، لم يكن قرص القدر هو الوحيد القادر على إعادته بالزمن لقد استطاعت بعض مشاهد الفيلم فعل الشيء نفسه لو كنت من معجبي السلسلة فلا بد أن يمر مشهد يذكرك بإندي الذي أحببته. 

لم تكن المشكلة في القصة إن القصة رائعة حقاً، وتحمل الكثير من التشويق والإثارة لقد قدمت لنا لمحة واضحة عن جونز المتقاعد الذي تقدم به العمر لكن المشكلة الحقيقية هي النص الذي يبدو أنه قد تم إعادة كتابته مرات ومرات كان يمكن له أن يكون أقوى بكثير خاصة في النصف الأول من الفيلم الذي بلغت مدته أكثر من ساعتين والذي كان خالياً من أي حدث مهم حقاً فيما احتشدت الأحداث الرائعة في القسم الثاني منه.

لكن وحتى لو كان النص ضعيفاً لقد قدم لنا شيئاً افتقدناه حقا في شخصية إنديانا جونز العمق العاطفي، لقد منحنا فيلم قرص القدر لمحة عن مستقبل جونز الذي لم يكن مش مشرقاً بأي شكل لقد فقد إنديانا المغامر الشجاع كل شيء زوجته المحبوبة ماريون وابنه فقد كل شيء إلا هوسه الدائم بالتاريخ.

لقد قدم هاريسون فورد أداءً درامياً رائعاً خاصةً في النصف الأخير من الفيلم، لطالما كانت الدراما نقطة قوة هاريسون فورد الحقيقية وقد كانت وبحق الورقة الرابحة في فيلم يدور بأكمله حول فكرة الزمن وتأثيره على شخصية إنديانا جونز في مرحلة تاريخية حرجة من عمر الولايات المتحدة الأميركية.


لكن لا يمكن لأحد أن يكون سبيلبرغ! 

تميزت جميع أفلام إنديانا جونز بإخراج متميز من قبل العظيم ستيفن سبيلبرغ مخرج قائمة شاندلير والفك المفترس وغيرها الكثير جداً، يُعتبر سبيلبرغ من عظماء هوليوود دون أي نقاش ويمكنك معرفة أن هذا الفيلم من إخراجه بفضل موهبته الفذة في ربط الأحداث المتشعبة المتقطعة في نهاية مدروسة دون المخاطرة بإثارة ملل المشاهد مهما كانت القصة بسيطة أو معقدة على حد سواء، إن هذا ما يميز المخرجين العظماء مثل تارانتينو ونولان وسكورسيزي وطبعا ستيفن سبيلبرغ الجدلي الرائع. 

لقد حاول مخرج فيلم قرص القدر جايمس مانغولد ما بوسعه للحفاظ على هوية إنديانا جونز الفريدة والسير على خطى سبيلبرغ وقد كان جهده واضحا حقاً، لكنه ضلّ طريقه بطريقة ما وبدا غير قادر على تنظيم الأحداث المتنوعة المتشعبة، وجمعها في نهاية واحدة منطقية خيالية، كما كان ستيفن سبيلبرغ يفعل سابقاً، هذه موهبة لا تتوفر لأي كان كما يبدو.

نعم نحن في عصر مختلف، والـ CGI أكثر انتشاراً لكن هذا لا يبرر القفزات المرتبكة الغير مترابطة في الأحداث، لقد أوشكت أحداث الفيلم على الانهيار أكثر من مرة، وكان الخيط الرفيع الذي يربط بينها هو أداء هاريسون فورد القوي لا أكثر، بل يمكن القول أن أحداث الفيلم احتشدت في الثلاثين دقيقة الأخيرة فيما كان النصف الأول من الفيلم مملاً خالياً من أي حدث مهم بشكل غريب.

إن فكرة الفيلم المرتكزة على الرغبة الدائمة في إعادة الماضي وحكاية رجل يريد السيطرة على الزمن يوقفه رجل علق فيه كانت مميزة تحمل عاطفة قوية لكن لم يتم استغلالها كما ينبغي، إذ كان يمكنها حقاً أن تكون أفضل وأقوى مما رأيناه. 

إضافة إلى أن بعض مشاهد الفيلم بدت خارجة من عوالم المهمة المستحيلة مثلاً هناك مشهد مطاردة سيارات عبر طنجة كان محبطاً بشكل لا يصدق حتى أنه يمكننا القول أنه كان بلا أي داع كما كان هناك كثير من الضبابية في مشاهد الحركة كالقتال على سطح القطار الذي قتل تقديماً منذ عقود ربما كان السبب في هذه الضبابية هو التغطية على ثقل حركة فورد الذي لا تستطيع أي تقنية حديثة إعادة الشباب إلى جسده.

في حقيقة الأمر لا يمكن لأي شخص أن يكون سبيلبرغ إن هذا الرجل علامة فارقة في عالم الإخراج، ولكن ينبغي على أي فيلم مهما كان أن يمتلك الترابط المنطقي للأحداث والتسلسل المثير للاهتمام كذلك الموجود في أفلام إنديانا جونز التي أخرجها سبيلبرغ حتى الجمجمة الكريستالية الذي يعتبر أضعف أفلام السلسلة، لقد اختفى هذا الشيء في فيلم قرص القدر وتم استبداله بالمؤثرات الخاصة التي كلفت الكثير من المال مما أدى إلى زيادة الميزانية بطريقة ما إلى 300 مليون دولار.

لقد أصبحت الميزانية الضخمة لعنة العصر الحديث الجميع يرغب في إبهار المشاهد بدلا من إمتاعه، يقال أن سبيلبرغ وجه بعض النصائح إلى مانغولد لكن لا يبدو أن الأخير أحسن الاستفادة منها، كان بالإمكان صنع فيلم ب100 مليون دولار ولربما كان أفضل وأكثر تماسكاً، الإنتاج الباذخ لا يعني الفن الرفيع بأي شكل، مخرجون عظماء قدموا أفلاماً أسطورية بميزانية اقتصادية، المال لا يحل كل المشاكل وبكل تأكيد لم يمتلك سبيلبرغ هذه الميزانية الضخمة في أفلامه السابقة ومع ذلك نجح تماماً في إثارة إعجابنا.


لا يزال هاريسون فورد جذاباً بشكل لا يصدق

رغم مشاكل القصة والإخراج والتصوير إلا أن أحداً لا يمكنه إنكار أن الفيلم امتلك طاقم تمثيل غاية في التميز، بداية مع هاريسون فورد الذي أعاد ارتداء قبعته الشهيرة، وأبهرنا بأداء عاطفي لرجل امتلك الحياة ثم فقدها في لحظة غفلة.

لقد استطاع فورد في هذا الفيلم منح إنديانا جونز بُعداً إنسانياً لم نره سابقاً فيه، إنه ليس المغامر الحذق الذي يرمي نفسه في مغامرات تقطع الأنفاس لحماية أثر تاريخي من الوقوع في أيدي الطامعين، إنه هنا الأب المفجوع والزوج المنكوب والرجل الذي عشق التاريخ حتى كاد أن يفقد نفسه فيه، إن كان هذا هو الوداع لشخصية إنديانا جونز فقد كان وبالقطع الوداع الأفضل على الإطلاق.

أما فيبي والر بريدج التي أدت وببراعة دور هيلينا شو فقد كانت ببساطة رائعة لو كنت قد شاهدت مسلسل Fleabag فلا ريب أنك تفتقد الأداء الهادئ المميز لفيبي. 

نرشح لك:  Hypnotic VS Inception.. فيلمان يجمعهما التنويم المغناطيسي ويفرقهما السيناريو الهزيل!

بطل الفيلم والشرير الأفضل فولر تمت تأديته من قبل الرائع مادس مايكلسون الذي اشتهر بأداء شخصية آكل لحوم البشر الدكتور هانيبال ليكتر في المسلسل الغريب Hannibal، إن أكثر ما يميز مايكلسون إضافة إلى إتقان الشخصية والتماهي معها هو قدرته الفريدة على تطويع ملامح وجهه الباردة، هذا الرجل قادر على إثارة رعبك بمجرد التحديق بالكاميرا. لقد كان طاقم تمثيل الفيلم هو أفضل ما في الفيلم حقاً يكفيك أن تستمتع بتمثيل هؤلاء الثلاثة كي تقضي وقتاً لطيفاً مميزاً.


إنديانا جونز يقدم تحية الوداع

لقد كان هذا الفيلم بمجمله تحية وداع أخيرة لشخصية هوليوودية أسطورية، شخصية قدمها ستيفن سبيلبرغ منذ عقود وقام ببنائها ببراعة ودقة جعلت منها رمزاً قوياً متيناً غير قابل للإفساد.

يمكنك بسهولة أن تلاحظ النوستالجيا التي أفعمت الفيلم، هناك كثير من المشاهد التي ذكرتنا بجونز الذي أحببناه، وإن لم تستطع المشاهد إثارة ذكرياتك فإن الموسيقى التصويرية المميزة لأفلام إنديانا جونز ستقوم بالواجب وأكثر.

ذو صلة

لعل الفيلم لم يكن كما يجب ولعله لم يحقق الإيرادات المتوقعة منه لكن هذا لا يعني فشله، لربما ينبغي لنا التوقف عن التعامل مع السينما على أنها تجارة، وتقييم الأفلام على حسب ما استطاعت جنيه من مال، لقد تغير الزمن حقاً ولم يعد أحد يكترث إن كان الفيلم الذي قدمه سيخلد للأبد، المهم هو أن ينجح في شباك التذاكر دون أن يسبب خسارة لشركة الإنتاج. إن فيلم قرص القدر هو من تلك الأفلام التي تشاهدها لمرة واحدة دون أن تعلق بذاكرتك.

لكن شخصية إنديانا جونز ستبقى صامدة لأعوام كثيرة قادمة حتى بعد رحيل هاريسون فورد، لذا لو أردت أن تعرف عالم إنديانا جونز للمرة الأولى فابدأ من الثلاثية الأولى وستقع في حبه فوراً عندها ستقدّر قيام مانغولد بإخراج فيلم وداعي أخير لهذه الشخصية الرائعة التي رافقتنا لعقود طويلة وستظل معنا إلى آخر الزمن. ماذا عنك عزيزي القارئ هل شاهدت الفيلم؟

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة