فيلم “Joker: Folie à Deux”.. إلى أي مدى حلق فينيكس مع غاغا في الجنون؟
5 د
“الجنون كما تعلم مثل الجاذبية؛ كل ما يتطلبه الأمر هو دفعة بسيطة.”
- Joker: The Dark Knight-
عاد جوكر "تود فيليبس" بعد 5 سنوات من الغياب، رجع عبّر فيلم "Joker: Folie à Deux"، ليكمل تبعات الحكاية القاتمة التي رفعت من شعبية الجوكر، والتي أوصلته لما هو عليه نتيجة الظلم واليأس والقهر.
حكايته بدأت مع القصص المصورة من مجلة "باتمان" في الأربعينيات، ومن ثم انتقلت إلى الفن السابع، وتطورت من خلال نصوصٍ عديدة، ومخرجين لهم رؤيتهم، وممثلين أبدعوا وتركوا بصمتهم المختلفة بواسطة شخصية مضطربة ومجنونة، أفسحت لهم المجال للتقمص واللعب ضمن أكثر مجالات الحياة جنونًا.
أضحى شرير جوثام شخصية شعبية، وظهورها المختلف على مدار السنوات السابقة، أوقع الناس في غرام واحدة من أكثر الشخصيات شرًا. ومع كل نسخة كان الجوكر يتعقد أكثر؛ نتيجة الغوص في عوالمه النفسية، وهذا بدءًا من الممثل "جاك نيكلسون" عام 1989 مع "Batman"، ومن ثم "هيث ليدجر" بأعظم آداء في "The Dark Knight" 2008، وآخيرًا في 2019 "خواكين فينيكس" مع "The Joker"..
القصـة التي تتمحور حوله فقط؛ تشرحه وتشرحه.
دائمًا ما كان السؤال هل يوجد حد لهذا الجنون؟ هل بإمكانه السيطرة على عقله، وضبط النفس؟ .. أو من يوقفه!
ومع "جوكر: الجنون الثنائي"، يبدو أنهم لا يريدون أحدًا عاقلًا، حيث أن رقعة الخراب ستتوسع، وتتشعب بدخول المغنية والممثلة "ليدي غاغا" إلى عالم "أرثر فليك" الكئيب.
ما تأثير هذه الشخصية النسائية الجديدة على فليك، وإلى أي درجة ممكن أن يحلق الجنون، وكيف كانت هذه الثنائية؟
أسئلة نجيب عنها في هذه المقالة من "أراجيك فن".
Joker: Folie à Deux
الموعد: 4 أكتوبر 2024
يقود المخرج “تود فيليبس” هذا الجزء الثاني من الفيلم الناجح الذي منح “خواكين فينيكس” جائزة الأوسكار لأفضل ممثل. في Folie à Deux، ستنضم إليه ليدي جاجا، التي تلعب دور هارلي كوين التي يحبها لكنها لا تزال علاقة غرامية معقدة يواجهان أزماتها معًا، ويشاع إن الفيلم سيكون فيلمًا استعراضيًا موسيقيًا في إطار الجريمة والتشويق.
عرض المزيد
إنتاج
2024
إخراج
تود فيليبس
بطولة
النوع
متلازمة الشخصية المزدوجة
يتتبع فيلم "Joker: Folie à Deux"؛ قصة ضحية مجتمع جوثام "أرثر فليك" (خواكين فينيكس)، بعد عامين من مجريات حكاية فيلم The Joker. الآن هو قابعٌ في سجن مستشفى "أركام ستيت"، للمحاكمة بجريمة قتل اقترفها على الهواء، بحق المذيع "موراي فرانكلين" (روبرت دي نيرو)، و4 جرائم أخرى. لكن هناك جريمة مخفية عن الجميع، وهي قتله لأمه!
آرثر المجرم المضطرب، يقف أمام خيارين، إمّا عقوبة الإعدام، أو السجن مدى الحياة. الآمر حاليًا بعهدة المحامية المساندة والمتعاطفة "ماريان" (كاثرين كينر)، الساعية لإقناع هيئة المحلفين بإصابة موكلها بمرض متلازمة الشخصية المزدوجة أو المنقسمة.
نجد فليك منغمسًا بحزنه وكآبته، وروحه ذابلة مثل نحول جسده، وأكثر.
يأخذ أدويته اليومية، والتي تزيده خمولًا، وتكبح جنونه؛ ما يجعله عرضةً للسخرية والاستهزاء من قبل النزلاء والحراس. وفي أحد الأجنحة التي تحتوي على نزلاءٍ أقل خطورة، يلتقي
"هارلي كوين" أو "لي كوينزل" (ليدي غاغا)، والتي تشاركه الخبل. لكن جنونها مختلف قليلًا؛ مثلًا هي تحب افتعال الحرائق للانتقام، وإحداث الشغب.
هوسها به، وإيمانها بشخصيته المبتكرة بفوضويتها وعنفها، تفاصيل تدفعه ليعشق دعمها له، وبالتالي هو يحبها. في أحد حواراته يقول: “لم أعد وحدي بعد الآن”. فلديه لي التي رآته، بعد أن تجاهله الناس سنواتٍ طوال.
الفيلم التلفزيوني المعد عنه، والتقارير الصحفية والإخبارية التي احتلت الجرائد والشاشات، للحديث عن إجرامه، أوقعتها بحب الجوكر. نعم الجوكر، وليس أرثر.
العلاقة بينهما تتطور سريعًا، بحكم تواجدهما ضمن مجموعة تعالج بالموسيقى، والغناء. وحكمًا الموسيقى إلى جانب الحب، وصفة سحرية لعودة الروح لأرثر وتوأمه الجوكر، وبالتالي شكريكتهما سريعة الاشتعال "لي كوينزل". لكن هل يتولد شيء من هذه الثنائية المتقدة جنون؟ وإن همدت دوافع أحدهما قليلًا، ما مصير تلك العلاقة؟
سنبني جبلًا.!
عبارة "سنبني جبلًا" ترافق آرثر ولي طيلة الفيلم، هي الخطة التي أقنعته بها، والتي لم تكلفها وقتًا. لأنه مأخوذًا بها، تمامًا كما هو حالها مع جوكر جوثام.
هذه العبارة تؤكد على مقدار حجم التوهم العقلي بين الشخصيتين، ماذا يعني بناء جبل؟ مجرد فكرة خيالية نمت في عقل طرف، من ثم نقلها لطرفٍ آخر. هي بعيدة عن المنطق، إلا أنها حافز كفيل للاستمرار، وإطلاق العنان للجنون. وتحديدًا لي التي لديها إيثارٌ لكل مشروعٍ مرتبط بجوكرها.
كما في الجزء الأول يقدم "خواكين فينيكس" -صاحب الأوسكار عن أفضل ممثل في عام 2019 عن The Joker- شخصية المجرم المجنون بتبني صادق، بضحكته السيكوباتية المجلجلة، ونشوته الواضحة بالتعامل مع جسده بمرونة باهرة. وانتقاله بسلاسة من الضيق والسخط والانكسار، إلى الجرأة والقوة التي تناسب الآخر الخارج منه، والذي يجيد ويرغب بترجمة فوضاه الداخلية بحرية تامة، تعبيرًا عن صدمات إنسانية وعاطفية متراكمة، وآنية.
وبالنسبة لليدي غاغا فإن النص يظلمها دراميًا، وكأن بعض الحوارات المنطوقة قد كتبتها بنفسها، لآننا نعلم أنها وفينيكس تدربوا، وتعاونوا، وطوروا من شخصياتهم. وكذلك الأمر فيما يتعلق بالغناء والمشاهد المسرحية. في حين أن المشاهد الموسيقية تنصفها، وهذا الجزء لم نتخوف منه، لذا كان الغناء أفضل وسيلة للتعبير عن ذاتها وأفكارها. كان بالإمكان الاستفادة من الثنائية بطريقة أفضل لتغدوا من أهم الشراكات السينمائية، وهذا أحد عيوب النص. ربما لو سمح لها تجسيد جانب الشر بطريقة أوسع كحاله في نسخة 2019، كنا سنشهد على قصة أكثر إثارة.
أنا وظلي!
قُدم فيلم "Joker: Folie à Deux" كفيلم موسيقي بالمقام الأول، وعلى الرغم من أنه يتضمن أكثر من 15 أغنية، وفترات تلك الأغنيات طويلة، لا تشعر أنها تخدم الحكاية، بل مجرد ثرثراتٍ موسيقية نفذت بشكلٍ جيدٍ جدًا، إلا أنها جميلة بعيدًا عن الفيلم.
الآداء الغنائي ومضمون ما يطرح في الأعمال المسرحية الموسيقية، يجب أن يساهموا في العملية السردية للحدوتة الدرامية، وخدمة الحبكة وتطور الشخصيات، الأمر الذي نفتقده تمامًا هنا.
في الافتتاحية تم عرض رسوم المتحركة "أنا وظلي"، وبالتأكيد تنسجم مع حالة الجوكر. وهذه الفقرة البسيطة والعميقة، واحدة من إيجابيات العمل.
حيث يخرج ظله من جسده، ليرتكب ما يحلو له من أفعالٍ غير المسؤولة، والتي يلام عليها آرثر.
أيضًا هي تمثل الوضع النفسي الذي يعبر عن هروبه من ذاته، من خلال شخصية الجوكر. في الجوكر 2019 يخلق الشخصية لممارسة العنف، والانتقام لنفسه التي آذاها المجتمع، وأمه. وفي "جوكر: الجنون الثنائي"، يستخدم الموسيقى للتنفيس عن روحه، وإن كانت بأغلبها نتاج خياله، فأوجد عالمًا يحلم به لا يشبه واقعه.
ونلاحظ أن "أنا وظلي" هي مذكرة الدفاع، التي تحاول بواسطتها محاميته إثبات اضطراب الهوية التي يعاني منها.
الغريب وجود كم هائل من الشعب يحب الجوكر الإنسان الدموي، لأنه مولود الفساد الأخلاقي والإنساني وظلم السلطة، ويرونه تجسيدًا حقيقيًا لرغباتهم الدفينة للانتفاض بأبشع صورة. لذلك يصرخون من أجله خارج قاعات المحكمة.
إيقاع Joker: Folie à Deux يشعرك بالتململ، ولا ينجح تود فيليبس بالتعويض عن قصته العميقة وبناء دوافعها الإجرامية الصادمة في الجزء الأول، باستخدام الموسيقى والغناء لترجمة خبايا عقل آرثر وتدهوره النفسي. ما يجعل هذه التجربة مخيبة للآمال.
وأنت عزيزي القارئ، ما رأيك؟
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.