أفلام ساهمت ألوانها في سرد أحداث قصتها
6 د
في بعض الأحيان أكثر ما يلفت نظر المشاهد عند مشاهدته للأفلام هي ألوانها، فمن الممكن أن تكون الألوان جزءاً أساسياً من الفيلم، وليس فقط شيئاً إضافياً يزيد الفيلم جمالاً، فقد تساعد الألوان على سرد قصة الفيلم بجانب النص المكتوب، وقد تكون مبهرة فتجعل المشاهد يشعر بأنه داخل لوحة فنية مرسومة تتحرك شخصياتها بداخلها.
ووفقاً لسيكلوجية الألوان في الأفلام فإن كل لون على حدة يبعث مشاعر مختلفة إلى المشاهدين، وبالتالي القدرة على إتقان استخدام الألوان في المشاهد المختلفة، يجعل الفيلم أكثر تأثيراً.
وفي القائمة التالية سنقوم بعرض مجموعة من الأفلام التي قام مخرجوها باستخدام الألوان في سرد أحداث أفلامهم، فكانت أكثر الأشياء تميزاً في تلك الأفلام هي ألوانها.
“The Grand Budapest Hotel” أو “فندق بودابيست العظيم”
فيلم من إخراج “ويس أندرسون” وهو مخرج يشتهر بروعة الألوان في أفلامه، حيث يعتمد على الألوان اعتماداً تاماً، أما في هذا الفيلم تحديداً زاد إبداعه.
تدور أحداث الفيلم حول قصة مالك فندق بودابيست السيد “جوستاف” وفتى الرواق “زيرو” وحبيبته “أجاثا”، فعندما يتم اتهام السيد جوستاف بمقتل حبيبته “مدام دي” سيقوم كل من زيرو وأجاثا بمساعدته ومحاولة حل جريمة القتل، ومعرفة القاتل الحقيقي.
تتعدد صفات شخصيات هذا الفيلم؛ حيث أننا نجد الشخصية المتعجرفة والمغرورة؛ ولكنها ليست سيئة والمتمثلة في شخصية السيد “جوستاف”، والفتى الأمين المخلص “زيرو”، والفتاة الشجاعة الجريئة والمتعاونة “أجاثا” والتي تعد مثالاً جيداً لدور المرأة في المجتمع.
أعظم ما يميز ألوان هذا الفيلم هي أنها جعلتنا نشعر بالفرق بين لحظات الفيلم السعيدة -والتي تتضمن الإخلاص والوفاء والحب- فكانت جميع ألوان تلك المشاهد زهرية ووردية، ولحظات الفيلم التعيسة -والتي تتضمن حزن و ظلم- فكانت الألوان رمادية وأكثر قتامة.
كما أن أندرسون لم يقم بإستخدام مجموعة عديدة من الألوان المختلفة عن بعضها تماماً، ولكنه قام باستخدام مجموعة قليلة جداً من الألوان بدرجاتها العديدة، لأنه لم يرد أن يقوم بتشتيت أبصارنا كثيراً؛ لكي نشعر بأن جميع الأشياء مترابطة سوياً.
فعندما أراد أن يبرز أهمية شخصية ما، وتوجيه أبصارنا نحوها، جعلها ترتدي ألواناً مختلفة عن الألوان المحيطة بالشخصية، ولكنها متناسقة معاً.
الفيلم من إنتاج 2014 وحصل على أربعة جوائز أوسكار من أصل تسع ترشيحات وهن؛ أفضل موسيقى تصويرية، وأفضل تصميم إنتاج، وأفضل تصميم ملابس، وأفضل مكياج وتصفيف شعر.
“The Florida Project” أو “مشروع فلوريدا”
فيلم إنتاج عام 2017 وإخراج “سين بيكر”، وحصل على نقد إيجابي من النقاد، كما ترشح “ويليام دافيو” لأوسكار أفضل ممثل في دور مساعد.
يتحدث الفيلم عن مجموعة من الأطفال الفقراء الذين يعيشون مع عائلاتهم محدودي الدخل في موتيل يقع بجوار “ديزني لاند” في فلوريدا، ولكن لا يستطيع هؤلاء الأطفال الذهاب إلى ديزني لاند بسبب فقرهم. فقد جعل المخرج ديزني لاند بجوار الفندق الصغير ليظهر الفرق بين مستويات معيشة الأطفال المختلفة.
تحصد الألوان في هذا الفيلم بقدر كبير من الأهمية؛ فقد جعل المخرج هذا الفندق الصغير ذو ألوان زاهية ووردية لكي تلائم الحياة التي يجب أن يعيشها الأطفال بشكل عام، والتي لا تمت بأي صلة لحياة الأطفال المتواجدين في الفندق.
ألوان الفيلم تعد ألوانًا مبهجة تبعث الفرح والسرور، وهذا ما أرادنا المخرج أن نشعر به، ففي البداية قد نظن أننا تشاهد فيلماً ممتلئاً بالسعادة أو يدعوا للتفائل، ولكننا نتفاجأ بواقع مأساوي يعيشه مجموعة من الأطفال الصغار؛ ليوضح لنا الفرق بين الحياة التي يجب أن يعيشها أي طفل، وحياة الأطفال الفقراء ذوي الحياة الشاقة.
“Three Colors Trilogy” أو “ثلاثة ألوان”
سلسة أفلام من إخراج “كريستوف كيشلوفسكي” وتتكون من ثلاثة أفلام منفصلة، يطلق على كل فيلم منهم اسم لون معين من الألوان الثلاثة؛ الأزرق أو الأحمر أو الأبيض -والذين يمثلون ألوان العلم الفرنسي- حيث يلعب كل لون دوراً في سرد القصة.
-Three Colors: Blue
يمثل اللون الأزرق مشاعر الحزن في الفيلم، حيث أن بطلة الفيلم “جولي” عاشت حالة من الحزن والاكتئاب بعد وفاة زوجها وابنتها في حادث سيارة. فنرى أن اللون الأزرق هو اللون الشائع في معظم المشاهد؛ لكي نشعر نحن أيضاً بالحزن والأسى مثل بطلة الفيلم.
Three Colors: White
اللون الأبيض هنا يعبر عن المساواة والإذلال، حيث يتناول الفيلم قصة الرجل “كارول” والذي كان يعيش حياة جيدة مع زوجته، ولكنه بعد انفصالها عنه أصبح فقيراً وخسر جميع أمواله وبالتالي أصبح ذليلاً، فيقرر أن يبحث عن المساواة ويستعيد حياته القديمة.
فنلاحظ أن معظم الألوان في مشاهد الفيلم شاحبة وبلا طعم؛ لكي تظهر لنا الحياة المجهولة والمبهمة التي يعيشها هذا الرجل، ومشاعر الانتقام والقهر.
Three colors: Red
يعد هذا الفيلم هو آخر أجزاء السلسلة، ويعبر اللون الأحمر هنا عن الحب، والرغبة، والشغف؛ حيث تدور أحداث الفيلم عن علاقات حب عديدة تجمع بطلة الفيلم الطموحة “فالنتين” بباقي شخصيات الفيلم؛ وتتضمن علاقات حب تجمعها بالأحبة، والأصدقاء، وحتى الحيوانات الأليفة.
“ Inside Out” أو “قلباً وقالباً”
بالرغم من أن هذا الفيلم يعد فيلماً للرسوم المتحركة، إلا أن صانعيه أبدعوا في اختيار ألوان الشخصيات.
فأحداث الفيلم تدور بداخل رأس الفتاة “رايلي” حيث نشاهد مشاعرها يتحدثوا سوياً، ويتحكموا بها دون أن تشعر، ويتحدوا معاً لكي يجعلوها تعيش حياتها بأكمل وجه؛ لأن جميع مشاعرها لها نفس القدر من الأهمية.
إبداع استخدام الألوان في هذا الفيلم يكمن في اختيار لون كل شخصية والتي تمثل واحدة من مشاعرها فمثلاً؛ اللون الأصفر وهو لون يوحي بالفرح والسعادة استخدم لشخصية “جوي” أو “فرح”، واللون الأزرق والذي يعبر عن الحزن والتعاسة، استخدم لشخصية “سادنيس” أو “حزن”، أما اللون الأحمر والذي يوحي بالغضب والحقد، استخدم للتعبير عن شخصية “آنجر” أو “غضب”، والأخضر الذي يوحي بالاشمئزاز، والوعي النفسي، والعناد، قد استخدم للتعبير عن شخصية “ديزجست” أو “اشمئزاز”، وأخيراً استخدام اللون الأرجواني والذي يوحي بالحساسية، للتعبير عن “فير” أو “الخوف”.
حصل هذا الفيلم على جائزة أوسكار أفضل فيلم رسوم متحركة لعام 2015.
“Schindler’s List” أو “قائمة شيندلر”
يعد من أفضل 250 فيلماً في التاريخ، وهو من إنتاج عام 1993، وإخراج “ستيفن سبيلبرج”، ونال على سبع جوائز أوسكار من أصل 12 ترشيحاً. مقتبس من كتاب “قائمة شندلر” للكاتب توماس كينلي، ويتحدث عن قصة “أوسكار شندلر” رجل أعمال مسيحي أنقذ 1100 يهودي بولندي من القتل في المحرقة أو “الهولوكوست”.
تعمد سبيلبرج في هذا الفيلم أن يجعل كل مشاهده بالأبيض والأسود؛ للتعبير عن الحقبة الزمنية، وإظهار العالم القبيح المظلم في تلك الفترة، ولكن يوجد مشهدين فقط قام فيهم باستخدام الألوان.
وهم مشهدين أحدهما يظهر فيه معطف فتاة صغيرة باللون الأحمر، للتعبير عن براءة الطفولة وأنها هي مبعث التفاؤل والحياة، ومشهد يظهر فيه أنوار الشموع، للدلالة على أنه مهما اشتدت الظلمة يكون هناك ضوءاً ينير لنا الحياة، وهذا ما تعبر عنه قصة هذا الفيلم تحديداً.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.