أين أصبح نجوم فيلم Parasite بعد نصف عقد من النجاح المدوي؟
13 د
تصنع بعض الأفلام لتخلد إلى نهاية الزمان، إنها ليست مجرد فيلم عادي عرض واستمتعنا به ثم عدنا إلى بيوتنا ناسين كل شيء عنه، نحن نتكلم عن أفلام مذهلة قوية مبدعة؛ أفلام تخطت أوطانها لتصبح حديث العالم كله وأيقونة سينمائية تدرّس، هذه الأفلام ليست كثيرة إنها نادرة للغاية الرقم الصعب الذي يستحيل تقريباً منافسته أو حتى الاقتراب من نجاحه والفيلم الكوري الجنوبي Parasite يندرج وبقوة في هذا التصنيف.
كان الطفيلي ظاهرة لا تتكرر تحفة حقيقية وهجاءً ساخراً شديد القسوة لمجتمع انقسم إلى طبقتين؛ فقراء لا يكادون يجدون لقمة عيشهم وأثرياء مرفهون لا يدركون أن خلف قصورهم الوارفة الفخمة عائلات كاملة من الفقراء.
كان Parasite صدمة لا تنسى واستطاع أن يتجاوز حدود الثقافة واللغة وأن يأخذنا معه إلى كوريا لم نعرفها من قبل كوريا الفقراء الذين يعيشون في الأقبية وتغرق بيوتهم بالكامل بسبب الأمطار الغزيرة؛ لم يكن "الطفيلي" جرعة مكثفة من الدراما والمأساة والدموع كما قد توحي قصته، إنما كان عملاً ذكياً مغلفاً بكوميديا سوداء بارعة تستعرض أحداثه بشكل حيادي للغاية حتى أنك تجد نفسك عاجزاً عن معرفة الشرير من الطيب
تدور أحداث Parasite حول عائلة كيم المعدمة الفقيرة التي تجد فرصة ذهبية لا تعوض لاختراق عائلة بارك فاحشة الثراء كعاملين لديهم ذلك عن طريق خداعهم وإيهامهم أنهم لا يعرفون بعضهم البعض فيبدأون شيئاً فشيئاً بالتسلل إلى عالم عائلة بارك الذي يبدو مثالياً للغاية.
لم تكن عائلة كيم إجرامية بالضبط فهم لم يسرقوا مثلاً لكنهم كانوا طفيليات عالة على عائلة بارك كما أنهم استخدموا الحيلة والخداع لنيل مناصبهم في العائلة والتطفل على حياتهم الثرية المرفهة دون التفكير في عواقب أفعالهم التي جاءت شديدة القسوة كما يعرف كل من شاهد الفيلم الأيقوني.
إن Parasite حكاية ساخرة تستمد أحداثها من قسوة الواقع وليست حكاية عن الأبطال الخارقين فلا مكان للشرير والطيب هنا الجميع رماديون محكومون بظروفهم وحياتهم.
كان الإعجاب الذي حصده الفيلم غير المسبوق على الإطلاق إعجابًا كاسحًا ومراجعات إيجابية للغاية، إضافة إلى شغف جماهيري لا يصدق تجاوز كوريا إلى الأوسكار التي نالها باستحقاق لا ريب فيه، لقد مر نصف عقد على إطلاق الفيلم الأسطوري.
ورغم مرور هذه الأعوام لا يزال Parasite هناك ناجحاً مذهلاً متحدياً لأي فيلم آخر أن يحاول مجرد محاولة كي يصل إلى مكانته وهو ما يبدو مستحيلاً، لقد أصبح Parasite جزءاً من حياتنا السينمائية ونصيحة لا تخيب لمن يرغب في رؤية فيلم لا ينسى.
Gisaengchung (Parasite) – الطفيلي
حاز على الأوسكار عام 2020-
فيلم كوميديا سوداء آتٍ من كوريا الجنوبية. تدور أحداثهُ حول “عائلة كيم” حيثُ -الأب كي تايك، والأم تشونغ سوك، الابنة كي جونغ، والابن كي وو- الذين يعيشون في شقة صغيرة شبية بالقبو في سيول، ولديهم وظائف مؤقتة منخفضة الأجر كطي علب البيتزا، بالتالي يكافحون لتغطية نفقاتهم. يظهر هنا الطالب الجامعي مين هيوك، وهو صديق الابن كي وو، يعطي العائلة أملاً ووعداً بالثروة. فبعد مغادرته للدراسة في الخارج ومعرفة أن صديقه يحتاج إلى الدخل، يقترح أن يتظاهر كي-وو كطالب جامعي لتولي وظيفته كمدرس للغة الإنجليزية لابنة عائلة بارك الثرية، دا هاي. أما كي وو، الذي يتظاهر بأنه طالب في جامعة يونسي، تم تعيينه لاحقًا من قبل المتنزهات.
تخطط عائلة كيم للحصول على وظيفة لكل فرد من أفراد الأسرة من خلال التظاهر بأنهم عمال غير مرتبطين ومؤهلين تأهيلاً عالياً ليصبحوا خدمًا للمتنزهات. يتظاهر كي جونغ بأنه “كيسيكا” وباستخدام كي وو كمرجع، يصبح معالجًا فنيًا لابن باركس الصغير دا سونج. يقوم كي يونج بمحاصرة يوون، سائق السيد بارك، من خلال جعله يبدو كما لو كان يمارس الجنس في السيارة، ثم يوصي كي تايك ليحل محله. أخيرًا، تولى تشونغ سوك منصب مدبرة المنزل في باركس بعد أن استغل آل كيم حساسية الخوخ لمدبرة المنزل منذ فترة طويلة، كما يسعى لإقناع السيدة بارك بأنها مصابة بالسل. ليبدأ كي وو علاقة رومانسية سرية مع دا هيي.
عرض المزيد
إنتاج
2019
إخراج
بونغ جون هو
بطولة
متاح على
أسباب هذا النجاح كثيرة للغاية لكن أبرزها هو الشخصيات الرائعة التي نهضت بالقصة ببراعة حقيقية وأداء تمثيلي استثنائي.
واليوم في "أراجيك فن" وبمناسبة مرور خمسة أعوام على إصدار الفيلم سنغوص مجدداً في عالم Parasite لكن هذه المرة في شخصياته محاولين استكشاف الأسباب التي جعلتنا متعلقين بهم بشدة مجيبين على أكثر الأسئلة إلحاحاً؛ أين أصبح نجوم الفيلم الآن؟ ستجد الإجابة في هذا المقال فلنبدأ عزيزي القارئ برب عائلة الطفيليين السيد كيم تي تايك.
سونغ كانغ هو بدور كيم تي تايك
كان السيد كيم نموذجاً لأولئك الذين طحنتهم الحياة بقسوتها رغم أن الفيلم لم يوضح السبب الذي جعل عائلة كيم بهذا الفقر إلا أن البؤس والمعاناة ارتسما بوضوح على ملامح الأب الذي عذبه وباستمرار انعدام قدرته على تأمين حياة لائقة لأطفاله.
كان السيد كيم حقيقياً للغاية أباً تراه في كل مكان ولربما يذكرك بأبيك حتى إنه رجل طيب وأب حنون وزوج مخلص كما أن الكوميديا التي خلقها وجوده كانت رائعة بالقطع لكن ظروفه الحياتية القاسية جعلته أشبه بهرة خائفة وسط أدغال متوحشة.
كان كيم رجلاً عزيز النفس رغم فقره يعمل بجهد لإعانة أطفاله كما أنه وبشكل منطقي يمتلك ذلك الحقد الطبقي الدفين تجاه من هم أشد ثراء منه ويدرك تماماً أنهم ينظرون إليه على أنه مجرد صرصار قذر رجل ذو رائحة عطنة في أنف الأثرياء.
لم يكن السيد كيم شخصاً سيئاً بالمطلق إنه أب رائع ورجل عائلة حقيقي لكنه نتيجة حتمية لانقسام المجتمع للفقر وللحرمان ولعل السبب الوحيد الذي جعله يوافق على خطة ابنته الجنونية هو رغبته في منح عائلته بعض الرفاهية التي يستحقونها الأمر الذي قاده في النهاية إلى كارثة محققة أطاحت بكل أحلامه بأقسى شكلاً ممكنًا.
إن شخصية معقدة متعددة الطبقات كشخصية كيم تي تايك تستحق ممثلاً من الطراز الرفيع لمنحها تلك الجاذبية المهيمنة التي جعلتنا متعلقين به للغاية ومن أفضل من عراب السينما الكورية سونغ كانغ هو لتقديم دور كهذا؟ لقد نجح كانغ هو في فرض بصمته الخاصة وقاد طاقم العمل ببراعة وسلاسة مقدماً واحداً من أفضل أدواره بلا شك.
لم يخفف النجاح الهائل والأوسكار من حماس كانغ هو الفني؛ إذ أنه استغل نجاح أحدثهم بطل فيلم Parasite لتقديم دفعة وزخم معنوي جعله يخاطر في تقديم أول تجاربه التلفزيونية في هذا العام ذلك عن طريق مسلسل Uncle Samsik.
الذي أثبت فيه أنه ممثل من الطراز الأول فمن يرى العم سامسيك المسيطر الشرس المتوحش لن يصدق أنه نفسه السيد كيم اللطيف الحنون الأب الطيب الذي جعلته الحياة وحشاً ولربما قد يكون الخاسر الأكبر في عالم الطفيلي.
لي سون كيون بدور بارك دونغ إيك
كان بارك دونغ إيك النقيض الكامل لكيم تي تايك؛ إنه ثري أنيق ناجح أب لطفلين ورجل أعمال بارع ورغم أنه ينتمي إلى طبقة الأثرياء إلا أن مواقفه الأخلاقية واضحة، فهو زوج مخلص لزوجته، رجل لطيف حتى أن عائلة كيم اعترفوا بهذه الحقيقة.
وإن كان رأيهم أنه لطيف لأنه ثري فهو ليس مضطراً للقتال لأجل خبز يومه لكن ولأننا نتحدث عن Parasite فلن تكون شخصية السيد بارك بهذه البساطة أو السطحية، فكما السيد كيم يمتلك السيد بارك جانباً مظلماً في أعماقه، إنه متعجرف فوقي يعتبر أن الموظفين في قصره هم نوع مختلف عنه وعن عائلته.
إنه شديد الكبرياء فصل سائقه المخلص الذي خدمه لأعوام بعدما وجد ملابس داخلية في المقعد الخلفي، حيث يبدو أن السيد بارك شعر بالإهانة لأن هذا الخادم تجرأ واقتحم المساحة المخصصة للسيد متجاوزاً مكانه الطبيعي في المقعد الأمامي وبالغضب من الطبيعة غير الصحية لسائقه أكثر مما هو غاضب من الفعل نفسه.
يشير السيد بارك أيضاً في حوار مع زوجته إلى رائحة السيد كيم مقارنًا إياها بـ "غلي قطعة قماش قذرة" مؤكداً أنه شم هذه الرائحة من قبل في مترو الأنفاق.
لقد كان هذا المشهد على بساطته دليلاً واضحاً على عجرفته وطبقيته ونظرته الدونية تجاه أولئك الأقل حظاً منه ولعل هذا ما أدى لاحقاً إلى نهايته المأساوية التي لم يكن يستحقها في الحقيقة.
لا يمكن اعتبار السيد بارك رجلاً بغيضاً أو شريراً، لقد كان أباً جيداً نوعاً ما وحاول كل جهده لمساعدة ابنه الصغير، لكنه كان متعجرفاً يقبع بسعادة خلف أسوار قصره غير العابئ بالآخرين الذين يقاتلون لأجل لقمة عيشهم مما يجعلك حاقداً عليه بشكل غير المحتمل متفهماً لرغبة عائلة كيم في اختراق حياته وقصره الوارف.
لكنه أيضاً ساحر وسيم هادئ يستحيل أن تكرهه؛ تناقض يجعله شخصية لا تنسى على الإطلاق؛ شخصية اخترقت قلب كل من استمتع بالفيلم الأيقوني Parasite.
لقد قدم لي سون كيون أداءً رائعاً للغاية وكان ممثلاً بارعاً ذا موهبة استثنائية عقب Parasite قدم فيلم الرعب Sleep عام 2023.
ليكون آخر أعماله بعدما انتحر داخل سيارته في نفس العام عن عمر يناهز 48 عاماً تاركاً بصمة سينمائية لن تنسى في أي وقت قريب وفراغاً واضحاً في قلب كل من أغرم بأدائه المميز.
تشو يو جونغ بدور تشوي إيون غيو
كانت السيدة بارك امرأة طيبة مشغولة بأطفالها ودائرتها الاجتماعية كامرأة ثرية؛ إنها أم لطفلين دا هاي التي تستعد لامتحاناتها في المدرسة الثانوية ودا سونغ الصغير الذي يعاني من صدمة غير معروفة السبب.
لكن السيدة بارك وبشكل ما كانت حمقاء للغاية كأم لا يمكن وصف السيدة بارك بأنها أم متفانية فرغم سعيها لتأمين مدرسين خصوصيين لابنتها المراهقة إلا أنها لا تبدو مدركة لوجودها حتى رغم أنها تمر بمرحلة صعبة وحساسة بشدة كأنما انتهى واجبها كأم عند هذا الحد.
فتركيزها الكامل منصب على دا سونغ الذي فشلت في فهم سبب حالته واكتفت بمنحه اهتماماً يتوازى مع إهمالها لدا هاي التي يبدو أن أمها تنسى وجودها بالكامل.
لا يمكن القول إن السيدة بارك كانت أماً سيئة بالمطلق فجهودها في أن تكون أماً جيدة واضحة للعيان لكنها عاجزة عن تكوين علاقة حقيقية مع أطفالها وتعتمد بشكل كامل على الخدم في تربيتهم.
لكن كان التلاعب بها سهلاً للغاية وكانت أفضل ضحية ممكنة لتلاعب جيسيكا التي أدركت ببراعة أن السيدة بارك تلوم نفسها على ما حصل لابنها الصغير.
في الواقع يصعب حقاً ألا تحب السيدة بارك رغم كل أخطائها إنها جميلة لطيفة ساذجة بشكل محبب لكنها كزوجها تنجح وببراعة في صم أذنيها أمام معاناة من هم أدنى منها.
إن كل من شاهد الفيلم سيذكر وبوضوح المشهد الذي تجلس فيه السيدة كيم في المقعد الخلفي لسيارتها تمدح الأمطار الرائعة أثناء حديثها في الهاتف.
فيما يجلس كي تايك في مقعد السائق متذكراً منزله الذي غرق بمياه الصرف الصحي بسبب غزارة الأمطار رغم أن شخصية تشوي إيون غيو ليست بتعقيد الشخصيات الأخرى إلا أنها كانت شخصية مهمة للغاية في سير أحداث Parasite الرائع الذي أكسب ممثلته شهرة واسعة بالقطع غير أنها لم تستمر في عالم السينما بل اتجهت إلى عالم التلفاز حيث قدمت عدة مسلسلات كان آخرها مسلسل High Class عام 2021.
حيث جسدت فيه دور امرأة من طبقة الأثرياء تتهم بقتل زوجها لتنقلب حياتها رأساً على عقب. يبدو أن نجاح الفيلم الهائل انعكس بشكل جيد على الممثلة الجميلة التي أغرم بها كل من شاهد الفيلم.
بارك سو دام بدور كيم كي جونغ
لولا وجود كيم كي جيونغ الماكرة الخبيثة لما حصلنا على واحد من أفضل أفلام العالم على الإطلاق كانت كي جيونغ المحرض الأساسي للخدعة بأكملها؛ إنها بارعة في التقاط الجو العام الذي جعل خداعها للسيدة بارك قطعة من الكعك كما أن براعتها في استخدام الفوتوشوب لتزوير شهادات الخبرة ساعدت شقيقها في اختراق عالم عائلة بارك.
وبالتالي بقية عائلتها كان وجودها دافعاً رئيسياً لمجموعة من أفضل اللحظات الكوميدية الرائعة في Parasite فهي جذابة لطيفة بقدر ما هي ماكرة؛ لقد أدركت بشكل شبه فوري فوقية عائلة بارك ونظرتهم الدونية لمن هم أقل منهم ثروة فأرغمت شقيقها ليتحول إلى كيڤين مدرس اللغة الانجليزية الخصوصي ذو الثقافة الأمريكية.
لاحقاً نجحت في اختراق عالم الثراء بنفسها ذلك عن طريق تقمص دور جيسيكا المعالجة بالفن لدا سونغ والذي نجحت في التعامل معه بشكل أفضل من أمه شخصياً.
لم تكن كي جيونغ أو جيسيكا شخصاً شريراً بالقطع، فكل ما فعلته كان مرده إلى رغبتها في أن تعيش حياة أفضل رغم أن بعض أفعالها مشكوك بأمره أخلاقياً كالتسبب في طرد السائق ليتمكن والدها من نيل وظيفته وخداع العائلة بأن مدبرة المنزل تعاني من السل بعدما عرفت بحساسيتها المميتة للدراق.
إلا أن لطفها وظرافتها تجعلك قادراً على غض البصر عن أفعالها هذه، كما أن حضورها الكوميدي يجعلها واحدة من أكثر الشخصيات قرباً من القلب خاصة أنها دفعت ثمن خدعتها غالياً جداً، لا شك أن أداء بارك سو دام كان له أثر كبير في نجاح الشخصية فالممثلة الشابة تمتلك موهبة واضحة تجعلها من أهم ممثلات كوريا الجنوبية، لقد منح نجاح الفيلم مسيرتها المهنية زخماً قوياً وقد كان فيلم Phantom عام 2023.
آخر أعمالها السينمائية والذي تدور أحداثه في أجواء سياسية تاريخية في فترة الاحتلال الياباني لكوريا حيث جسدت فيه دور يوريكو السكرتيرة المباشرة لرئيس الشؤون السياسية العامة، رغم أنها كورية لا شك أن هناك الكثير من المجد في انتظار هذه الممثلة الشابة التي لم تقع في فخ نجاح Parasite ونجحت في إحياء مسيرتها السينمائية الناشئة ببراعة حقيقية.
تشوي وو شيك بدور كيم كي وو
يمكننا اعتبار كي وو أو كيفين كما أصرت شقيقته على تسميته الشخص الأكثر ذكاء في عالم الفيلم لربما لا يمتلك مكر أخته وخبثها لكنه علمياً على الأقل ذكي بطريقة واضحة.
في الحقيقة يمكن اعتبار كي وو البطل الرئيسي للربع الأول من الفيلم، كان كي وو مثالاً للشاب الموهوب الذكي الذي يدفن الفقر مواهبه ويأخذه في دروب غير معروفة العواقب، كانت ثقة صديق كي وو به كبيرة لدرجة أنه رتب له كي يصبح هو المدرس الخصوصي لدا هاي وهو متأكد أن كي وو لن ينظر لها بشكل عاطفي بسبب مشاعره هو تجاهها.
لقد كان لطيفاً محبباً ووسيماً فلا عجب أن تمتلك دا هاي المنبوذة من عائلتها ارتباطاً عاطفياً به، ارتباط مشابه لذلك الذي نشأ بينه وبين كل من شاهد الفيلم، لم يكن كي وو شخصاً شريراً على الإطلاق لكنه وكأبيه وكسائر عائلته نتيجة حتمية لمجتمع منقسم يدير ظهره للمحرومين رافضاً حتى مساعدتهم على النهوض بأنفسهم.
استطاعت هذه الشخصية المكتوبة بحساسية وبراعة ملامسة أعماق كل شخص أرغم على التخلي عن حلمه فقط لأنه لم يمتلك المال الكافي لأجله ومما لا شك فيه أن الأداء الحساس الرائع لتشوي وو شيك جعل من كي وو شخصية عالمية تفاعل معها كل العالم لا في كوريا الجنوبية التي خرج الفيلم من قلب مجتمعها.
إنه دليل قاطع على موهبة الممثل الشاب الذي تابع مسيرته الناشئة مستفيداً من نجاح الفيلم العالمي فقدم مجموعة مميزة من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية كان آخرها فيلم Wonderland.
في هذا العام والذي يقدم في حبكته فكرة الذكاء الاصطناعي بطريقة بارعة تليق بالدراما الكورية التي لا يبدو أنها ستتوقف عن إذهالنا في أي وقت قريب.
بارك ميونغ هوون بدور أو غيون ساي
لا شك أن وجود شخصية أو غيون ساي كان صدمة حقيقية، التواء حبكة يمكن تخيله؛ إنه شبح المنزل الذي قلب حياة دا سونغ الصغير رأساً على عقب، كانت شخصية غيون ساي معقدة بشدة متعددة الطبقات.
إنه رجل أطاحت العزلة الدائمة بالبقية الباقية من عقله؛ إذ أنه ولأعوام ظل أسيراً في القبو الخفي أسفل المنزل هرباً من الدائنين يعيش على الطعام الذي تهربه له زوجته المخلصة مدبرة المنزل التي تسببت عائلة كيم في طردها وحرمان زوجها من مداده الغذائي.
إنه مخلص بجنون لعائلة بارك خاصة السيد بارك؛ إذ يبدو أنه يعتبره كسيد مبجل راعيه الذي يمده بالطعام ويحميه من الأعداء يكمن تعقيد شخصيته في حقيقة أنه غير المتوقع تصرفاته الغريبة هياجه العنيف إنه وبلا شك الشخصية الأكثر إثارة للرعب في عالم الفيلم.
والطفيلي الأول الذي امتص عائلة بارك لأعوام قابعاً في قبوهم لذا فلا عجب أن يثير وجود عائلة كيم الطفيلية غضبه إنهم يحاولون الاستيلاء على مملكته الأثيرة وطرده من الملجأ الذي احتضنه لأعوام.
لقد منحت شخصية أو غيون ساي الفيلم لمسة محببة من الرعب والإثارة اللذان تناغما مع الأجواء الكوميدية السوداوية لعالم الفيلم الساحر.
لقد قدم بارك ميونغ هوون كل ما بوسع موهبته لجعل شخصية صعبة غريبة مخاتلة كشخصية غيون ساي شخصية ذات شعبية فرغم مدة ظهوره المحدودة إلا أنه استطاع فرض حضور رائع وموهبة حقيقية جعلته واحداً من أفضل ممثلي بلاده.
ولعله أكثرهم نشاطاً فنجاح فيلم Parasite لم يقلل من عزيمته واستمر في تقديم أعمال سينمائية كان آخرها فيلم Seeking The King الذي صدر هذا العام وحقق نجاحاً كبيراً.
لم تكن شخصيات فيلم Parasite مجرد شخصيات عابرة تنساها بعد دقائق؛ إنها شخصيات عميقة حقيقية مكتوبة ببراعة تغوص في أعماق النفس البشرية.
لقد كان Parasite فيلماً قاسياً للغاية كان صرخة في وجه مجتمع أدار ظهره لأولئك الأقل حظاً إنه فيلم أيقوني سيكون من الصعب للغاية أن يتكرر أو أن نرى له مثيلاً في أي وقت قريب.
لقد مضت خمسة أعوام ولا زلنا مسحورين به؛ بشخصياته التي تجاوزت حدود كوريا إلى كل العالم؛ إنها شخصيات تشبهنا تلامسنا على اختلاف ثقافتنا وأفكارنا ومجتمعاتنا. إن Parasite فيلم بارع أسطوري مصنوع بدقة وشغف لا مثيل لهما لكن ولعل هذا هو الأهم أنه فيلم حقيقي بشدة ولربما كان حقيقياً لدرجة مقلقة بعض الشيء.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.