فيلم Perfect Blue .. الجانب المظلم في صناعة الأفلام

فيلم Perfect Blue
مقالات الضيوف
مقالات الضيوف

4 د


مقال بواسطة/ محمد عبد العظيم

كنت قد صادفت قبل فترة ليست بالطويلة خبراً يتحدث عن غضب نيكول كيدمان بعد مشهد جنسي بشع قامت بتصويره في أحد المسلسلات، نيكول كيدمان تحدثت عن الذل الذي شعرت به وعن الأثر النفسي الذي خلفه هذا المشهد عليها، ليست نيكول كيدمان هي الأولى وقطعًا لن تكون الأخيرة التي تتحدث عن أمر كهذا أو تمر به. بالتأكيد لا داعي لتذكير الجميع بإحدى أكبر الفضائح في تاريخ هوليوود والحديث هنا عن فضيحة المنتج هارفي واينستين التي هزت الأوساط الفنية مؤخراً.

الحقيقية أن مهنة التمثيل ليست بتلك المهنة اليسيرة، بل تحتاج الكثير من الالتزام والتحمل، الكثير من الممثلين يعانون من مختلف الاضطرابات النفسية، الكثير منهم يضطر للتعامل مع الكثير من المشاهد الصعبة والمؤثرة نفسيًا، لست هنا بصدد ذكر أمثلة لممثلين عانوا أو انتحروا.

رغم كل الضغط النفسي الذي يمر به الممثلون، رغم رسائل التهديد التي يتلقونها بسبب شخصياتٍ يجسدونها، رغم بشاعة بعض المشاهد التي يُطلب منهم أدائها وخطورتها حتى على صحتهم إلا أننا نادراً ما نجد عملاً يتطرق للصعوبات التي تواجه الممثلين على مدار مسيرتهم الفنية، حتى القلة القليلة ربما لا تظهر لنا إلا الوجه الوردي المشرق لهذه الصناعة.

الأمر كان مختلفًا بالنسبة للمخرج الياباني الراحل ساتوشي كون، الذي قرر من خلال فلمه Perfect Blue تسليط الضوء على ذلك الجانب المظلم من هذه الصناعة، ذلك الوجه الذي يخفي نفسه عن معظم عشاق هذه الصناعة.

فيلم Perfect Blue

الكمال الأزرق أو Perfect Blue هو فلم إثارة ورعب نفسي من إنتاج استوديو  Madhouse، النص مقتبس من رواية كتبها يوشيكازو تاكوشي، كتب النص السينمائي سادايوكي موراي وقام بإخراج الفلم ساتوشي كون.

يتحدث عن مغنية في فرقة J-Pop تقرر الانفصال عن الفرقة المحبوبة من الجماهير لتتجه لمجال التمثيل، هذا الانتقال لم يكن طبعاً بتلك السهولة، الفلم يتحدث عن صراع داخلي مرت به بطلتنا مع نفسها، وصراع آخر مع المعجب المهووس بالفرقة التي خرجت منها بطلتنا.

فيلم Perfect Blue

إن كنت سبق وأن شاهدت أحد أعمال ساتوشي فبالتأكيد ستكون قد لاحظت السريالية الكبيرة في أعماله، ذلك الأسلوب الذي يخلط فيه الواقع بالخيال بشكل يجعل من الصعب على المشاهد التفريق بينهما، ساتوشي كون نفسه تحدث عن هذا الأمر قائلاً:

“بالنسبة للمُشاهد، الأحلام والفلم داخل فلم يمكن بسهولة تمييزهم من الحياة الحقيقية، لكن بالنسبة للشخص الذي يعيشهم كل شيء حقيقي. أردت وصف تلك الحالة، لذلك طبقتها في Perfect Blue.”

هذا كان بالضبط ما فعله في Perfect Blue، المُشاهد للفلم سيصل إلى مرحلة سيجد أن المَشَاهد قد امتزجت بشكل مربك لدرجة لا يعرف معها الواقع من الخيال، شخصياً وصل الأمر معي لدرجة الانفصال عن الواقع والاندماج تماماً مع الفلم.

لضمان وصول الشعور المخيف والمربك للمُشاهد، حرص المخرج على جعل بيئة العمل والخلفيات فيه مظلمة وكئيبة في معظم الأحيان، الكثير من المَشَاهد تتم في أماكن مظلمة وفي الليل، حتى الموسيقى كانت تدفع إلى التوتر أكثر من أي شيء آخر، كل شيء في الفلم أُعد بشكل مثالي لتقديم لوحة مرعبة.

فيلم Perfect Blue

الفلم بشكل عام ينقسم إلى شقين: شق يعالج الصعوبات التي تواجهها بطلة الفلم في بداية مسيرتها الفنية، وشق آخر عن المعجب المهووس الذي يصر على إفساد حياة بطلتنا، وسرعان ما يلتقي شقا الفلم خلال مدة عرض الفلم القصيرة (90 دقيقة) لتصل الإثارة ذروتها في الثلث الأخير من الفلم.

فيلم Perfect Blue

هذا العمل مثل انطلاقة ساتوشي كون الإخراجية وبداية بروز اسمه عالميًا، الفلم طرح هذه القضية بأسلوب جريئ للغاية، الأسلوب السوداوي لساتوشي كون ساعد الفلم على إظهار بشاعة ما يمكن أن تمر به ممثلة، وحول هذه المهنة من اللون الوردي إلى الأسود الداكن، الأسلوب السريالي في الإخراج جعل التفريق بين ما هو حقيقي وما هو تخيلي أمرًا صعبًا للغاية.

(تريلر الفلم):

فيديو يوتيوب

الفلم بطبيعة الحال لا يصلح نهائيًا للمشاهدة العائلية، فطبيعة العمل فرضت وجود بعض المشاهد الصريحة فيه، فوجب التنبيه لها. وشخصيًا أحبذ أن تكون متفرغًا تمامًا عند مشاهدتك للفلم وأن تشاهده لوحدك.

ربما سيزيد اهتمامك بمشاهدة هذا الفلم إذا ما كنت معجباً بتحفتي دارين أرنوفسكي Black Swan و Requiem for a Dream وعرفت أن بعض المشاهد مأخوذة من هذا الفلم، بل وأن الأسلوب الإخراجي لدارين أرنوفسكي ربما يكون متأثراً بالأسلوب السريالي للراحل ساتوشي كون.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.