أفلام السجون .. تهذيب، وتشويق، وأطروحات فلسفية أحياناً!

“السجن” هي الكلمة التي تثير الرعب والمرتبط ذكرها بسلب الإنسان إحدى أكبر النعم التي حباه الخالق إياها وهي الحرية. السجن هو أكثر الأماكن تميزاً وغرابة، المكان المُتحكم في مصائر البشر والمتلاعب بنفوسهم، القادر على إصلاح الفاسد وأحياناً إفساد الصالح!

يُمثّل السجن عالماً مستقلاً بذاته، كل شيء فيه مُحتمل ومُتاح، ولهذا كانت دائماً حياة السجناء -الخفية عن الأنظار- مادة خصبة للمبدعين، حتى تم استحداث تصنيف أدبي جديد يُعرف بمسمى “أدب السجون“. وباعتبار السينما بشكل ما أدباً مرئياً، فقد سرت عليها ذات القاعدة، وتضمن تاريخ الفن السابع عدداً كبيراً من الأعمال التي يُمكن الإشارة إليها مُجتمعة بمصطلح أفلام السجون، حيث أنها على اختلاف أنماطها وحبكاتها وقصتها تتشارك في كون أغلب أحداثها -أو كاملها- تدور داخل أروقة السجون وخلف قضبان الزنزانات وتغوص في جوف ذلك العالم المظلم بالغ القسوة.

فيلم Birdman of Alcatraz هو أحد أبرز كلاسيكيات السينما العالمية، ويستعرض القصة الحقيقية للسجين ألكتراز روبرت فرانكلين سترود (برت لانكستر) الذي يواجه عقوبة السجن لاثني عشر عاماً. لكن بسبب مخالفته قواعد السجن وتعديه على الضباط، يتمّ تمديد فترة العقوبة إلى السجن مدى الحياة، ويتعنت معه مدير السجن هارفي شوماخر (كارل مالدن) ويقرر إبقاءه بالحبس الانفرادي على الدوام. وفي تلك العزلة لا يجد روبرت سترود ما يؤنس وحدته سوى عصفور صغير سقط من عُشه عبر نافذة الزنزانة، ولم يتخيل أن ذلك العصفور الضعيف سوف يكون سبباً في تغيير مجرى حياته، وربما تغيير حياة السجناء جميعاً!

فيلم Birdman of Alcatraz من إخراج جون فرانكنهيمير، وكتب له السيناريو جاي تروسبير اقتباساً عن كتاب لتوماس إي. جاديز، وضمّ طاقم التمثيل برت لانكستر، كارل مالدن، ثيلما ريتر، بيتي فيلد. تلقّى الفيلم أربعة ترشيحات لجوائز الأوسكار.

إذا ذُكرت أفلام السجون لابدّ من ذكر فيلم The Great Escape الذي يُعدّ من أحد أروع وأشهر كلاسيكيات السينما العالمية، الذي تمّ اقتباس أحداثه عن قصة حقيقية حدثت خلال الحرب العالمية الثانية. وهو يدور حول مجموعة من ضباط التحالف المحتجزين بإحدى المعتقلات النازية الحصينة، والذين يخططون لتنفيذ أكبر عملية هروب في التاريخ والتي تشمل قرابة 250 مُعتقلاً.

فيلم The Great Escape مأخوذ عن كتاب بول بريكهيل، وكتب له السيناريو جيمس كلافيل ودابليو. آر. بورنيت، وضمّ طاقم التمثيل مجموعة من ألمع نجوم تلك الفترة، في مقدمتهم: ستيف ماكوين، جيمس جارنر، ريتشارد أتنبروه، ديفيد مكالوم، جيمس كوبيرن، جيمس دونالد، وجوردون جاكسون. حقق الفيلم عند عرضه نجاحاً جماهيرياً كبيراً وأشاد به النقاد، والعجيب أنه لم يترشح إلا لجائزة أوسكار واحدة من فئة أفضل مونتاج!

يُصنَّف فيلم Cool Hand Luke ضمن أفضل أفلام الستينات وأحد أفضل أفلام السجون بصفة عامة. تدور الأحداث حول لوكاس جاكسون (بول نيومان) الجندي السابق الذي يتمّ إلقاء القبض عليه وهو في حالة سُكر، ومن ثم يُحال إلى أحد السجون لقضاء مدة عقوبته، لكن طبيعته المُتمردة تأبى ذلك ويحاول الهروب أكثر من مرة. رغم أن محاولات لوكاس باءت بالفشل إلا أنه يتحول في نظر السجناء الآخرين إلى بطل، مما يدفع القائمين على السجن إلى محاولة تحطيمه وإذلاله بكل الطرق الممكنة.

الفيلم من إخراج ستيوارت روسينبرج، وهو مقتبس عن رواية للكاتب دون بيرسي الذي شارك في إعداد السيناريو مع الكاتب فرانك آر. بيرسون، وضمّ طاقم البطولة بول نيومان، جورج كيندي، جى. دي. كانون، لو أنطونيو، وروبرت درايفس. وقد تلقى الفيلم أربعة ترشيحات للأوسكار وفاز بواحدة فقط من فئة أفضل ممثل مساعد والتي ذهبت للممثل جورج كيندي.

يُعدّ فيلم Papillon من أفضل الأفلام التي استعرضت أجواء السجون. وتدور الأحداث حول هنري بابيلون (ستيف ماكوين) الذي يُحكم عليه بالسجن مدى الحياة لجريمة لم يرتكبها. وفي السجن يلتقي المزور لويس ديجا (داستن هوفمان) وتنشأ بينهما صداقة. لا يتحمل بابيلون مرارة الظلم ويقرر الهرب من محبسه، إلا أن محاولته لم تفلح، وتمّت مُعاقبته بإيداعه الحبس الانفرادي لمدة عامين. وبعد انقضائهما، فوجئ صديقه ديجا بأنه لم ييأس وأنه يرغب في تكرار المحاولة، ولكن هذه المرة قرر أن يصحبه معه!

الفيلم مأخوذ عن كتاب لهنري شاريير، وكتب السيناريو لورينزو سيمبل جونيور ودالتون ترامبو، وأخرجه فرانكلين جى. شافنير، ومن بطولة ستيف ماكوين، داستن هوفمان، فيكتور جوري، وروبرت ديمان. وقد أعيد تقديم الفيلم مرة أخرى بنفس العنوان Papillon في عام 2017 وجسّد أدوار البطولة بتلك النسخة تشارلي هونام ورامي مالك.

أحداث فيلم Midnight Express مقتبسة عن قصة حقيقية لشاب أمريكي يدعى بيلي هايز (براد دافيز) والذي تورّط في جرائم تهريب المخدرات عبر تركيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وبعد الإيقاع به في أحد المطارات التركية، يتم اقتياده إلى أحد السجون شديدة الحراسة، حيث يتعرض لأشد أساليب التعذيب النفسي والجسدي، مما يدفعه للإقدام على الهرب من ذلك الجحيم.

الفيلم من إخراج آلان باركر، وكتب السيناريو أوليفر ستون اقتباساً عن مذكرات بيلي هايز، وشارك في البطولة براد دافيز، إيريني ميركل، بو هوبكنز، باول إل. سميث، وراندي كويد. تلقى الفيلم ستة ترشيحات لجوائز الأوسكار وفاز باثنتين من فئات أفضل سيناريو مقتبس وأفضل موسيقى.

تستند أحداث فيلم Escape from Alcatraz إلى قصة حقيقية جرت وقائعها في أوائل التسعينات. تدور الأحداث حول المجرم الأمريكي فرانك موريس (كلينت إيستوود) الذي يتم إيداعه في سجن الكتراز المنيع، لكن بعد فترة قصيرة تتوطد علاقته بعدد من السجناء الآخرين، ويبدأ -بمعاونتهم- في تنفيذ خطته طويلة المدى بالغة التعقيد للهروب من داخل ذلك السجن مُشدد الحراسة والذي صُمّم خصيصاً لاحتجاز عُتاة الإجرام والعناصر شديدة الخطورة.

مأخوذة عن كتاب بنفس العنوان للكاتب جى. كامبيل بروس، وكتب له السيناريو ريتشارد توجل، وضمّ فريق البطولة كل من كلينت إيستوود، باتريك ماكجوهان، روبرتس بلوسوم، باول بنجامين، لاري هانكين.

يُعدّ فيلم Brubaker أحد أفضل أفلام السجون وأحد الأفلام القليلة التي تستعرض هذا العالم من وجهة نظر السجانين وليس السجناء. تدور الأحداث حول هنري بروباكير (روبرت ريدفورد) الذي ينتقل للعمل في أحد السجون، وفور وصوله يدرك مدى تفشّي الفساد، إذ يتعرض السجناء لكافة أشكال التعذيب بما في ذلك الاعتداءات الجنسية وتُفرض عليهم رسوم مقابل الخدمات الطبية بالإضافة إلى تلاعب المسؤولين بالميزانية المخصصة للسجن، ومن ثم يتولى بروباكير منفرداً مهمة إصلاح الأوضاع، ولكن ذلك يُقحمه في صراعات شديدة مع المسؤولين في إدارة السجون الذين استفادوا من الفساد لعقود طويلة.

فيلم Brubaker هو ثاني أفلام المخرج ستيوارت روسينبرج ضمن هذه القائمة بعد فيلم Cool Hand Luke، وكتب له السيناريو دابليو. دي. ريشتر اقتباساً عن كتاب Accomplices to the Crime: The Arkansas prison Scandal للكاتبين توماس أو. مورتون وجوي هيمز، والفيلم من بطولة روبرت ريدفورد، يافت كوتو، جين ألكسندر، ديفيد كيث، ومورجان فريمان، وقد رُشّح الفيلم لجائزة الأوسكار لأفضل سيناريو كُتب مباشرة للسينما.

أفلام عالمية من روائع الثمانينيات .. تعرف عليها

يروي فيلم السيرة الذاتية الدرامي In the Name of the Father قصة الأيرلندي جيري كونلون (دانيال داي لويس) الذي ينتقل إلى العاصمة لندن هرباً من الفقر، لكن الأمور لم تسر على النحو الذي تخيله، إذ تقوم السلطات البريطانية بالقبض عليه بدعوى أنه الإرهابي المسؤول عن التفجيرات المدوية التي أودت بحياة العديد من الأبرياء، ومن ثم يتم إيداعه في السجن ظلماً مما يؤدي إلى انحراف مسار حياته على نحو مفاجئ ومُفجع.

الفيلم من إخراج جيم شيردان الذي شارك أيضاً في كتابة السيناريو مع الكاتب تيري جورج اقتباساً عن كتاب السيرة الذاتية الذي كتبه بطل القصة جيري كونلون بنفسه، وضمّ طاقم البطولة إلى جانب دانيال داي لويس كلاً من إيما تومسون، أليسون كروسبي، وفيليب كينج. حقق الفيلم نجاحاً كبيراً وتمّ ترشيحه لسبع جوائز أوسكار، والعجيب -والمُريب- أنه لم يفز بأي منها!!

12 فيلماً يجب أن تشاهدهم للممثل.. دانييل داي لويس

يستعرض فيلم The Shawshank Redemption حياة آندي دوفرين (تيم روبنز) الذي يواجه حكماً بالسجن المؤبد لاتهامه بقتل زوجته وعشيقها، ومن ثم يتم الزجّ به في سجن شاوشانك. يجد في بداية الأمر صعوبة في التأقلم مع حياة السجن ومُعاشرة المجرمين، لكن مع مرور الوقت يبدأ في تكوين بعض الصداقات مع السجناء ويتقرب إلى الضباط بطرق عِدة، حتى يبدأ الجميع في الاعتقاد بأنه قد اعتاد حياة السجن، بينما هو يخبئ مفاجأة خارجة عن التوقعات.

الفيلم متقبس عن رواية لستيفن كينج بعنوان Rita Hayworth and Shawshank Redemption، وكتب له السيناريو وأخرجه فرانك درابونت، والفيلم من بطولة: تيم روبنز، مورجان فريمان، جيمس ويتمور، ويليام سادلر، وبوب جونتون. تم استقبال الفيلم عن عرضه بحفاوة كبيرة من قبل النقاد على الرغم من عدم تحقيقه إيرادات مرتفعة بشباك التذاكر، وهو يُعدّ في نظر الكثيرين من أفضل الأفلام في تاريخ السينما، وتلقى سبعة ترشيحات لجوائز الأوسكار، كما أنه يتصدر قائمة الأفلام الأعلى تقييماً على موقع IMDB.

فيلم The Shawshank Redemption .. آندي دفرين والخلاص من “شوشانك”

هل من الممكن أن تساهم تجربة السجن في تغيير قناعات الأشخاص؟ هذا السؤال يجيب عنه فيلم American History X الذي يدور حول ديريك (إدوارد نورتون) الذي يتم إيداعه في السجن لقتله اثنين من الزنوج. وبعد انقضاء مدة عقوبته وخروجه من السجن يفاجأ بأن شقيقه الأصغر قد انضم لجماعة “النازيين الجدد” التي كان يقودها بنفسه في الماضي، والسبب الوحيد الذي دفعه لذلك هو الاقتداء به، لكن ما لا يُدركه الشقيق الأصغر هو أن شقيقه قد تغير كثيراً وتخلص من عُنصريته داخل السجن!

أحدث فيلم American History X ضجة كبيرة عن طرحه في دور العرض، إذ أنه يتطرق لإحدى القضايا الشائكة وهي الممارسات العنصرية ضد أصحاب البشرة السمراء في الولايات المتحدة الأمريكية. الفيلم من تأليف ديفيد ماكينا وإخراج توني كاي وبطولة إدوارد نورتون، إدوارد فورلونج، جينيفر لين، وبيفيرلي دي أنجيلو، وقد رُشّح إدوارد نورتون عن ذلك الفيلم لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل في دور رئيسي.

أفضل 10 أفلام في مسيرة عبقري الشاشة الكبيرة إدوارد نورتون

تقع أحداث فيلم The Green Mile في ثلاثينات القرن الماضي، وتدور حول حارس السجن بول إيدجكومب (توم هانكس) الذي تتغير حياته بالكامل بعدما يلتقي السجين جون كوفي (مايكل كلارك دنكان) المُحكوم عليه بالإعدام لاتهامه باغتصاب وقتل طفلتين. مع مرور الوقت تتعمق العلاقة بين الرجلين بعدما يكتشف بول أن جون كوفي رغم ضخامته ومظهره القاسي يمتلك قلباً عطوفاً، ويميل للاعتقاد بأنه بريء من الجريمة البشعة التي ارتكبها

الفيلم مأخوذ عن رواية للكاتب العالمي ستيفن كينج، وهو من تأليف وإخراج فرانك دارابونت، ومن بطولة: توم هانكس، مايكل كلارك دنكان، ديفيد مورس، وبوني هانت. تلقى الفيلم أربعة ترشيحات لجوائز الأوسكار من بينها جائزة الأوسكار لأفضل فيلم، ويحتل المرتبة 31 ضمن قائمة الأفلام الأعلى تقييماً على موقع IMDB.

خطوات أخيرة على الميل الأخضر.. عندما يبدع ستيفن كينج في رسم الشخصيات

تدور أحداث فيلم The Experiment حول قيام مجموعة من علماء النفس بإجراء تجربة حول سلوك الإنسان، وذلك من خلال أخذ مجموعة أشخاص كعينات اختبار ووضعهم داخل أحد السجون بعد تقسيمهم إلى مجموعتين “سُجناء” و”حُراس”، لمراقبة أسلوب تعامل كل فريق منهم مع الآخر. تسير التجربة بصورة جيدة في البداية، لكن ما سرعان ما تنشأ خلافات بين الفريقين وتخرج الأمور عن السيطرة.

الفيلم من إخراج بول شويرينج -مبتكر مسلسل السجون الشهير Prison Break- وهو أيضاً من كتب السيناريو اقتباساً عن رواية الكاتب ماريو جيوردانو، والفيلم من بطولة: أدريان برودي، فورست ويتكر، كام جيجاندت، إيثان كوهن.

مسلسل Prison Break .. عندما يتحوّل الظلم إلى رحلة ثأر

يدور فيلم Starred Up حول المراهق المُدان إيريك لوف (جاك أوكونيل) الذي يتم ترحيله إلى سجن البالغين، وهناك يلتقي والده الذي تربطه معه علاقة بالغة التعقيد مما يجعل حياة السجن أكثر صعوبة وأشد قسوة بالنسبة له. ولكن الأمور تختلف نسبياً بعد التحاقه بإحدى الجماعات العلاجية التي تساعده على تغيير نظرته للحياة.

الفيلم من إخراج ديفيد ماكنزي وتأليف جوناثان آسر، وشارك في البطولة ديفيد أوكونيل، بين مينديلسون، روبرت فريند، سام سبرويل. وقد نال الفيلم نحو سبع عشرة جائزة من عِدة مهرجانات عالمية، بما في ذلك أربع جوائز بافتا BAFTA من ضمنهم جائزة أفضل فيلم وجائزة أفضل مخرج.