🎞️ Netflix

مسلسل Silo.. كيف صورت آخر حكايات الناجيين من كارثة بيئية وسط زخم الذكاء الاصطناعي؟

مسلسل Silo.. كيف صورت آخر حكايات الناجيين من كارثة بالأرض وسط الذكاء الاصطناعي؟
علي عمار
علي عمار

7 د

أفكار عبثية تجول عقلك دون انقطاع، تتكرر خلالها اللحظات التي تسأل نفسك فيها، ما كل هذا الجنون الذي نحن في داخله؟ من جهة تبهرك كل التطورات التكنولوجية التي توصل لها العقل البشري، لدرجة الخوف أحيانًا، وماذا بعد؟..

خصوصًا الأحاديث المستحدثة تتزايد حول الذكاء الاصطناعي بعدد الثواني، لذا هل يوجد ما سيأثر علينا وحياتنا! ومن ناحية أخرى لا تمل الإنتاجات السينمائية والتلفزيونية، من إخبارنا قصصًا مرعبة حول نهاية العالم، وما قد يطرأ على هذه

الدنيا ومباهجها، بسبب تجاوزاتنا نحن جنس البشر، بحق النظام البيئي، ما ينجم عن ذلك كوارث مدمرة تؤثر على الحياة. وبالتالي علينا حماية كوكبنا قدر المستطاع، ولكن لا يمكن الإنكار أن عقول الكتاب والمخرجين تجمح في أفكارها دون وازعٍ لها، حتى باتت الأعمال التي على هذه الشاكلة عديدة. لكن هي جيدة بأغلبها ونتائجها مرضية، كصناعة فنية ترفيهية تحاول تقديم محتوى لائق، ومحفز فكريًا.

 مسلسل "Silo" من شبكة Apple TV +، آخر الإصدارات الدرامية التي تروي حكاية بعض الناجيين من كارثة بيئة حلت بالأرض. والقابعون في صومعة ضخمة داخل أعماق الأرض.
ما هي حكايتهم.. وكيف وصلوا هناك؟

8.1/10
إعلان الفيلم

صفحة IMDb

تقييم أراجيك

Silo

قبل سنوات عديدة، قام البشر ببناء صومعة، مكتفية ذاتيًا (طعام، مياه، طاقة)، مؤلفة من 144 طابقًا تحت الأرض، يربط ما بينها درج حلزوني عريض، تحتضن داخلها 10 آلاف من البشر -ما بقي على قيد الحياة- وجاء ذلك إثر تعرض كوكب الأرض لكارثة بيئية، جعلت الهواء سام وغير صالح للاستنشاق. 

وما يثير الريبة في الآمر، أن التاريخ تم سلخه من الذاكرة وتدميره بطريقة ٍ ما، لا علم لأحد بكيفية تواجدهم هناك، وما الضرر الذي أنهى فرص العيش في الخارج. 

يخضع مجتمع Silo إلى مجموعة قواعد صارمة ومحددة، ومن يتجاوزها يعاقب. وتحديدًا من يجرؤ على نبش الماضي، وطرح أسئلة محرمة، حينها السلطة القضائية والمسؤولون عن تنفيذ القانون وحماية المجتمع سيتصرفون، ويبعثون بالمتمرد إلى الخارج من أجل التنظيف، هذا إن لم يطلب هو ذلك بنفسه، لإثبات نظرية ما، فكر بها ودفعته للتهور واستحضار الأسئلة المحرمة إلى ذهنه. 

كثر من راودتهم الأسئلة، وأرادوا معرفة 

تاريخ الصومعة، كيف بنيت، ومن بناها، وكيف كان شكل الحياة قبلها؟ طبعاً الجميع أرسل للخارج، ووافتهم المنية عقب عملية التنظيف -تنظيف شاشة المراقبة التي تصور الخراب خارج الصومعة ويستطيع رؤيتها السكان- لكنهم دائمًا ما تركوا وراءهم أدلة بسيطة حول الحقيقة، تدفع بمن يملكها للتقصي حول الآمر. 

آخر من يتورط في ذلك، هي المهندسة “جولييت” المسؤولة عن قسم الصيانة الميكانيكية للصومعة المتواجد في الأرضية -المكان الذي يجعل كل شيء مترابط وحي- حيث يتم تعيينها برتبة المآمور، بعد ترشيحها من قبل زميلها “جورج ويلكينز” قبل وفاته، وقبولها المنصب فقط لمعرفة من عمل على اغتياله، فهي متأكدة من ذلك، كونه أعلمها بكل شكوكه حول حقيقة الصومعة، ومنحها قرائن، لذا يجب كشف خيوط المؤامرة ومعرفة من هم المسؤولون عن كل هذا، وما غاياتهم من دفن الحقيقة؟ 

عرض المزيد

  • name

    مناسب من عمر 4 سنوات فما فوق.

  • إنتاج

    2023
  • إخراج

    آدم بيرنشتاين، مورتن تيلدوم

بطولة

ريبيكا فيرجسون،
كومون،
تيم روبينز،
هارييت والتر

مسلسل Silo.. سر خطير يعرضك للموت

فيديو يوتيوب

يقول الكاتب "جورج أورويل" في كتابه الشهير 1984 “إن جريمة الفكر لا تفضي إلى الموت، إنها الموت نفسه”. 

وهذا هو أعظم الآثام في صومعة Apple TV +، فعلى سكانها أن لا يقترفوا جريمة التفكير، والبحث والتقصي عن ما لا يجب معرفته، لأن العواقب وخيمة لا محالة. 

قبل سنوات عديدة، قام البشر ببناء صومعة، مكتفية ذاتيًا (طعام، مياه، طاقة)، مؤلفة من 144 طابقًا تحت الأرض، يربط ما بينها درج حلزوني عريض، تحتضن داخلها 10 آلاف من البشر -ما بقي على قيد الحياة- وجاء ذلك إثر تعرض كوكب الأرض لكارثة بيئية، جعلت الهواء سام وغير صالح للاستنشاق. 

وما يثير الريبة في الآمر، أن التاريخ تم سلخه من الذاكرة وتدميره بطريقة ٍ ما، لا علم لأحد بكيفية تواجدهم هناك، وما الضرر الذي أنهى فرص العيش في الخارج. 

يخضع مجتمع Silo إلى مجموعة قواعد صارمة ومحددة، ومن يتجاوزها يعاقب. وتحديدًا من يجرؤ على نبش الماضي، وطرح أسئلة محرمة، حينها السلطة القضائية والمسؤولون عن تنفيذ القانون وحماية المجتمع سيتصرفون، ويبعثون بالمتمرد إلى الخارج من أجل التنظيف، هذا إن لم يطلب هو ذلك بنفسه، لإثبات نظرية ما، فكر بها ودفعته للتهور واستحضار الأسئلة المحرمة إلى ذهنه. 

...كثر من راودتهم الأسئلة، وأرادوا معرفة 

تاريخ الصومعة، كيف بنيت، ومن بناها، وكيف كان شكل الحياة قبلها؟ طبعاً الجميع أرسل للخارج، ووافتهم المنية عقب عملية التنظيف -تنظيف شاشة المراقبة التي تصور الخراب خارج الصومعة ويستطيع رؤيتها السكان- لكنهم دائمًا ما تركوا وراءهم أدلة بسيطة حول الحقيقة، تدفع بمن يملكها للتقصي حول الآمر. 

آخر من يتورط في ذلك، هي المهندسة "جولييت" المسؤولة عن قسم الصيانة الميكانيكية للصومعة المتواجد في الأرضية -المكان الذي يجعل كل شيء مترابط وحي- حيث يتم تعيينها برتبة المآمور، بعد ترشيحها من قبل زميلها "جورج ويلكينز" قبل وفاته، وقبولها المنصب فقط لمعرفة من عمل على اغتياله، فهي متأكدة من ذلك، كونه أعلمها بكل شكوكه حول حقيقة الصومعة، ومنحها قرائن، لذا يجب كشف خيوط المؤامرة ومعرفة من هم المسؤولون عن كل هذا، وما غاياتهم من دفن الحقيقة؟ 


الصومعة ليست المدينة التي حلم بها أفلاطون 

حلُمَ أفلاطون منذ زمن بما يسمى "المدينة الفاضلة /يوتوبيا"، مدينة مثالية تعم فيها الفضيلة والعدالة، في نواحي الحياة كافة. وعلى الرغم من أن الطبقية عند أفلاطون كانت موجودة -الحكام والفلاسفة والشعب- إلا أن وجودها ضروري لإيجاد التوازن بين أفراد المجتمع جميعًا، فلكل طبقة دور وحقوق وواجبات، لأن الجميع خاضع لضوابط القانون. 

لكن هذا المجتمع المثالي، الحكيم والمسالم الذي رغب فيه، لم ولن يتحقق على هذا الكوكب يومًا. 

ومع حكايات ما بعد نهاية العالم، فإن أغلب المدن الموجودة هي مدن فاسدة "ديستوبيا"، وإن كان ظاهرها يوحي عكس ذلك، كما في مجتمع Silo، إلا أن حكام الصومعة هم ديكتاتوريين بالفطرة. فلا أحد يصل إلى السلطة ولا يكون ذلك، أو يصير، وإن كان ذات يوم وذات ثورة، ثائرًا في وجه الظلم والاستبداد. يعني بإمكان البروليتاريا أن ترمي عليها ثوب الديكتاتورية. 

وبما أن تاريخ الصومعة مجهول، خلفيات حكامها أيضًا مجهولة، حتى أن هوية الرئيس الفعلي غير مدركة حتى مع نهاية الحلقة الآخيرة. 

المعلومات المؤكدة أن حكومة الصومعة استبدادية، من حيث التعامل مع مواطنيها الطامعين ببلوغ الحقيقة، ومن خلال التقسيم الطبقي للسكان حيث كل طابق يضم فئة معينة من الناس، وكل ما علونا طابقًا ارتفع مستوى الفئة الساكنة. 

شخصيات Silo إنسانية، لا تشبه رمادية الصومعة التي تشعرك باستنزاف الحياة، والعبودية التي يعيشها أهلها وإن لم يدركوا ذلك، لأنهم مبرمجين على تلك الحياة القاتمة. 


هل Silo يشبه سفينة نوح؟ 

تصوير رؤى نهاية العالم عبر الآدب والفنون، ربما جاء نتيجة الخوف والأفكار السودواية التي يشعر بها الإنسان، إزاء ما يحدث في العالم من كوارث بيئية وتقلبات مناخية. وبالنسبة للفن السابع، يعد تناول هذا الموضوع غني وشيق لدى صناع السينما، لكونه يسمح لهم بالخلق والابتكار، والترميز والتلميح بحرية مطلقة. 

فعندما نشاهد أعمال تتحدث عن حياة استمرت بعد نهاية العالم، لا يمكن إلا أن نستذكر معجزة سفينة سيدنا "نوح عليه السلام"، التي أنقذت حياة المؤمنين وجميع المخلوقات الحية من الطوفان العظيم. 

وبالتالي كثير من أفلام نهاية العالم، مرتبطة بقصص الأنبياء والمعتقدات الدينية، وبعضها يعتمد على الأساطير والأخيلة العلمية. 

وهذا حال شعب Silo، فالصومعة أنقذتهم من نهاية العالم نتيجة سموم انتشرت، لا نعلم كيف، ولا مصدرها، لعل الأجزاء القادمة من المسلسل، ستكون كفيلة بذلك. 

ومن أوائل الأعمال التي تستحضرها الذاكرة في أثناء مشاهدة Silo، هو الفيلم السينمائي "Snowpiercer"، والذي يشبه الصومعة في نقاط مختلفة. 

أحداث "محطم الثلج" تجري داخل قطار ضخم يدور حول السكك الحديدية في القارات كافة، حيث يسافر دون انقطاع تجنبًا للتجمد. 

فكوكب الأرض كان قد تعرض قبيل سنوات، إلى اضطراب مناخي عالمي نتيجة ارتفاع في درجة الحرارة، الآمر الذي دفع بدول العالم لتطوير غاز كيميائي وإطلاقه في الجو، لخفض الحرارة. لكن النتيجة جلبت معها كارثة أخرى، أنهت حياة السكان بسبب الجليد الذي غزا الأرض. 


Silo VS Snowpiercer

طبعًا العملين ينتميان إلى قصص الخيال العلمي، والعملان مقتبسان من الآدب العالمي. مسلسل Silo عن سلسلة روايات الصومعة للكاتب الآمريكي "هيو هاوي"، وفيلم Snowpiercer عن الرواية الفرنسية "Le Transperceneige" كتابة (جاك لوب، وبنجامين ليجراند، وجان مارك راشيت). 

ويستكشفان مواضيع إنسانية دقيقة، تتعلق بالعدالة والمساواة بين طبقات المجتمع، ولكن "محطم الثلج" يتطرق أكثر لهذه النقطة، فمن خلال مقطورات القطار يوضح مدى عمق الفجوة بين طبقات أفراد مجتمع القطار، وأن 

هناك أناس يعيشون على الهامش، فقط خدمةً لمن هم من طبقة الأرستقراطيين ومن أقل منهم بدرجاتٍ قليلة. إلا أن الصومعة لا تركز بشكل أساسي على موضوع الصراع الطبقي، بل الحبكة الرئيسية تدور حول معرفة سر الصومعة. هي أسئلة وجودية أكثر من شيء آخر. 

شخصيات الصومعة تحاول إثبات وجودها بالعمل، فهم خلقوا هنا، وعلموا أن هذا عالمهم، ومتقبلين بأغلبهم الفكرة. والشخصيات الرئيسية هدفها البحث عن الماضي، والحقيقة.

أما سكان المقطورات الآخيرة في محطم الثلج هم سجناء وغذاء للطبقات الأخرى، ومصدر تسلية واضطهاد واستغلال، على عكس باقي قاطني المقطورات، ليس الجميع لديه عمل، خصوصًا الأغنياء. بل أبطالها هم ثورجيون، مرادهم الإنقلاب على الطغاة. بمعنى آخر شخصيات Silo أكثر عمقًا وتعقيدًا، لها أحلام وآمال، والتهديد الذي يهددهم هو مدى محاولتهم توسيع معارفهم حول المكان. 

بينما شخصيات Snowpiercer لها بعد واحد، الجميع يتطلع للبقاء على قيد الحياة والتحرر من سطوة المتحكم، ربما هذا مرجعه لكونه فيلم، لديه وقت محدد، وبالتالي لا يمكن التغلغل بالشخصيات أكثر وتحليلها. 

يتمتع Snowpiercer بقصة واضحة، إنما Silo معقدة ومتشعبة ولديها كثير من الالتواءات والتقلبات. 

التصوير والتصاميم في كلا العملين مميزين، إلا أن محطم الثلج عمل قوي بصريًا فهو يعتمد على الإثارة، إنما Silo بطيء الخطى، وأقل ديناميكية بصريًا، ويركز على التشويق والغموض والحوارات القوية. 

ومع نهاية المقال يمكن القول أن عوالم العملين غنية وممتعة، ومحفزة للتعمق بقضايا شائكة إن كان إنسانيًا وأخلاقيًا، أو حتى مناخيًا. 

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.