5 تشابهات بين الحارث والفيل الأزرق بعد عرضه على منصة شاهد
7 د
طرحت منصة “شاهد.نت” العرض الأول لفيلم “الحارث“، في منتصف شهر أغسطس الجاري، تحديدًا منذ يوم الخميس الماضي، حصريًا من خلال شاشة المنصة الرقمية السعودية، وهو ثانِ الأفلام المصرية التي تطرح إلكترونيًا بدلًا من دور عرض السينما التجارية، عقب طرح فيلم “صاحب المقام” للكاتب إبراهيم عيسى والمخرج محمد العدل.
اختلفت آراء الجمهور المتداولة على منصات السوشيال ميديا بعد العرض، إلا أنه من الملاحظ تشبيه البعض لفيلم “الحارث” بفيلم الغموض والتشويق “الفيل الأزرق”، الذي يعد من أضخم وأشهر الأفلام المصرية المنتجة خلال الـ 6 أعوام الماضية، على الصعيد المحلي والعالمي.
فيما يلي تستعرض “أراجيك فن” أبرز 5 عناصر تجمع بين فيلمي “الحارث” و”الفيل الأزرق“، والتي جعلت الجمهور يربط بينهما ويخضعهما للمقارنة فنيًا، على الرغم من اختلاف الوسيط الإعلامي لعرضهما لأي مِن الجمهور المصري والعربي.
غموض وتشويق وإثارة ورعب
حرص صناع العملين “الفيل الأزرق” سابقًا و”الحارث” لاحقًا، على تسويق الفيلمين من حيث نوعه في الإثارة والرعب والتشويق والغموض، وهو ما نصادفه فعليًا فيهما مع تباين درجات التأثير، خاصة أن الأول اعتمد على ميزانية إنتاجية ضخمة، واعتمد المخرج مروان حامد على استخدام الجرافيك والمؤثرات البصرية للانتقال لعوالم موازية أخرى، في أهم مشاهد الفيلم الرئيسية.
بينما المخرج محمد نادر اعتمد في “الحارث” على المشاهد الحية، وأداء الممثلين المشاركين فيها بدرجة كبيرة داخل مواقع تصوير طبيعية وسط ديكور المنزل أو الملهى الليلي وغيرهما؛ سواء عن طريق ملامح الوجه أو حركات الجسد واللعب بالظل على خلفية الموسيقى التصويرية التي وضعها خالد الكمار، دون استخدام أي من عناصر المؤثرات البصرية القوية المخادعة.
والتي عادةً ما تلعب دورًا حيويًا في هذه النوعية من الأفلام على وجه الخصوص، في إطار توظيفها لخدمة القصة المروية بصريًا، وتعد أحد أبرز الأسباب التي تجذب جمهور الفن السابع لمشاهدتها على الشاشة الكبيرة.
مس شيطاني ومرض نفسي ومواد مخدرة.. ثلاثية المعالجة المتشابهة
حبكة “الفيل الأزرق” المأخوذ جزؤه الأول، عن رواية أدبية للكاتب أحمد مراد، التي تحمل نفس الاسم وتصدرت قوائم الأكثر مبيعًا بالمكتبات على مدار عدة أشهر متتالية، كانت تواجه تحديًا كبيرًا قبل تجسيدها سينمائيًا، سواء من عشاق الأدب والسينما، نظرًا لعوالمها النفسية والروحانية المعمقة والتي أثارت الجدل لغرابتها وحداثتها عند صدورها في كتاب لأول مرة عام 2012 عن دار “الشروق” للنشر والتوزيع.
تدور حول طبيب نفسي يدعى “يحيى/كريم عبد العزيز”، منقطع عن العمل وأحداث “الفيل الأزرق” تبدأ مع خطوته للعودة للعمل مجددًا في مستشفى “العباسية” للأمراض النفسية والعقلية، بعد انقطاع دام 5 سنوات تقريبًا، ومن ثم يجد نفسه مكلفًا بعلاج صديق عمره الدكتور “شريف الكردي/خالد الصاوي” إلى أن يكتشف السر الخفي في ماضيه، وكونه ممسوسًا من الشيطان وليس مريضًا نفسيًا وتأثير هذا على علاقته بكل المحيطين به وحياتهم.
بينما فيلم “الحارث” والذي يعني اسم من أسماء الشيطان “إبليس”، تدور أحداثه حول عروسين “يوسف/أحمد الفيشاوي”، و”فريدة/ياسمين رئيس”، واللذين يتزوجان حديثًا ثم يقرران قضاء شهر العسل في “سيوة” بمصر، والاستمتاع بجمالها الطبيعي الساحر، وسط حالة من التطور والتغيير الذي حل بها في عام 2012.
ولكن القدر يقودهما للسكن في غرفة بإحدى المنتجعات السياحية، المصابة بمس شيطاني منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي، والذي تروى لنا تفاصيل أسطورته المتصلة بغياب القمر في الدقائق الأولى من الفيلم الذي تظهر فيه ضحيته الأولى الشخصية التي تجسدها الفنانة أسماء أبو اليزيد وتتسبب في استكمال مسيرة المس الشيطاني بولادة “كمال”.
أزمة البطل الحائر بين الحقيقة والخيال
قصة الفيلمين مختلفة تمامًا، وهما يُعدان جديدين عن الأفلام العربية المنتجة حديثًا خلال السنوات الماضية، لكن المعالجة تتشابه بدرجة كبيرة فيما يخص أجواء النصف الثاني من فيلم “الحارث” لا سيما مع طرح عدة شكوك تتطابق مع تلك التي نتساءل عنها أثناء مشاهدة “الفيل الأزرق”.
“أنا جيت هنا إزاي.. مش عارفة أميز بين الحقيقة والخيال.. مش عارفة إيه بيحصل لي” ..جملة تقولها “فريدة” لـ “يوسف” داخل منزلهما وهي تتقيأ وتسترجع وعيها، بعدما أرادت الهروب من الحاضر بتكرار أخطاء الماضي من خلال تناول مواد مخدرة في منزل صديقتها “شيري/أسماء جلال”، والكحوليات في الملهى الليلي، ثم أصيبت ببعض الهلاوس، التي جعلتنا نراها على الشاشة تنتقل ما بين حلم وآخر، ثم تتشتت بين الزمن وحدثه ماضيًا وحاضرًا.
إلى أن ننتقل بين أطروحة أخرى تجعلنا محتارين بين حقيقة مرضها النفسي أو مسها الشيطاني، زاوية تتسق مع خطة الطبيب النفسي “كمال/علي الطيب” الشيطان الذي يبحث عن فتاة يتزوجها ويختار “فريدة” فريسته الجديدة، في محاولة للتخلص من زوجها للفوز بها، من ثم تظهر معالم المستشفى وعوالم السحرة والدجالين ضمن سياق الأحداث.
الحبكة التي تدمج بين المرض النفسي والمس الشيطاني غير المعلوم والمواد المخدرة، داخل إطار المعالجة الدرامية ذات الإيقاع السريع في المشاهد المنتقلة بين دنيا الهلاوس والأحلام، هو ما يعيد للأذهان ما قدمته المشاهد الدرامية لـ “الفيل الأزرق”.
يتمثل في مشاهد انتقال “يحيى/كريم عبد العزيز” بين هلاوسه وأحلامه وواقعه، بعد تناوله قرص “الفيل الأزرق” على مدار أحداث الفيلم، لا سيما وأن تاريخ شخصيته يتطابق مع اختيارات “فريدة” من حيث البُعد النفسي لتفضيلهما تناول المواد المخدرة أو المغيبة للعقل خلال فترة زمنية ما من حياتهما الماضية بالمقارنة مع حالتهما السابقة لنقطة وقوع الحدث في الحاضر.
كما نستشعر فيها بنفس حالة التشتت والضياع التي كان يشعر بها “يحيى”، والذي نكتشف فيما بعد أنه عالم آخر موازِ، يشاركه به “نائل/خالد الصاوي” في الجزء الأول وامتداد “نائل/هند صبري” في الثاني.
وهكذا الحال في الأخير، نفهم أن هذا المس الشيطاني “كمال” الذي أصاب “فريدة” يلازمها طوال حياتها، حتى أثناء نومها، ويترك كدمات وعلامات إصابات على جسدها، منذ أن وطأت قدماها واحة سيوة، وتزداد مطاردته لها بعدما يتسبب عمدًا في مقتل نجلها، محاولًا إيجاد حيلة أخرى للتخلص من زوجها الصحفي “يوسف”.
البطولة الجماعية وصراع البقاء للأقوى
ما يميز الفيلم الذي كتب سيناريو وحواره للسينما أحمد مراد أيضًا، وتخطى إيرادات جزئه الثاني، المئة مليون جنيهًا مصريًا، بشباك تذاكر السينما في مصر والوطن العربي، أن صراعه يتقاسم ما بين عدة أشخاص محددة بجانب الأبطال الرئيسيين “يحيى” و”لبنى/نيللي كريم”، حتى مع تغييرهم في الجزء الثاني، والذي من المؤكد أن يأتي غيرهم في جزئه الثالث.
بطولة جماعية لا تكتمل زوايا القصة والصراع وأطرافه دونهم؛ نحن نتذكر “يحيى” وحبيبته “لبنى” التي يتزوجها في الجزء الثاني، وصراعه الممتد مع الروح الشريرة “نائل”، والسيدة الغريبة التي ترسم الوشم وتسببت في ظهوره كما تفك الألغاز والشفرات “ديجا/شيرين رضا”.
هكذا يتشابه الحال مع صراع “الحارث”، اللعنة تصيب “فريدة” وتؤثر على حياتها مع زوجها “يوسف”، لكنها لا تكتشف سرًا بمفردها، وتتقاسم خطوطها الدرامية مع “كمال” الروح الشريرة، و”البدوي/باسم سمرة” الذي يقابلهما ويحكي لهما عن وجود أسطورة “الحارث” الشيطان الذي يبحث عن محبوبته التي تشبهه، و”الدجال/رشدي الشامي” الذي يكشف عن وجود قوة خارقة مطاردة لـ “فريدة”.
نهايات مفتوحة: لعنات وأرواح شريرة لم تمت
يأخذنا “الحارث” الذي يأتي من تأليف محمد عبد الخالق وكتب سيناريو وحواره محمد إسماعيل أمين ومأخوذ عن قصة حقيقية بحسب تصريحات صناعه، إلى نهاية مفتوحة بعد مرور ساعة ونصف و7 دقائق تقريبًا، كاشفة على استمرار اللعنة، حتى بعد صراعهم في قلب الصحراء، وقتلهم للجسد البشري الذي كان يتخفى بداخله “كمال”، بعدما شاهدنا ابنتهما “مليكة” الطفلة الصغيرة بعد مرور 6 سنوات من هذه الواقعة.
وهي ترسم لوحة لشعار الثعبان “رمز الشيطان الحارث”، الذي كان معلقًا على غرفة المنتجع الذي تواجدا به عام 2012 في سيوة، بحسب ما يصورها المخرج في لقطة واسعة، ترصد جلوسها واهتمامها بالرسم، دون الإنصات لما يحدث حولها في مكان عام يملأه الصخب والأغاني، حتى يتحدثا معها “فريدة” و”يوسف” ويفحصان ما يشغلها عن الاندماج مع الأجواء المبهجة، فيصطدما برؤية تفاصيل اللوحة التي ترسمها.
هذه الصدمة التي يشعران بها ويصدراها للمشاهدين؛ تتطابق مع ما اعتمد عليه “الفيل الأزرق” في جزئيه الأول عام 2014 والثاني عام 2019، خاصة “الثاني” والذي أكد على أن الروح الشريرة تمس “يحيى” وتم تصويرها برسم التاتو (الوشم) تلقائيًا على جسده وهو يقف أمام المرآة في حمام منزله، مع ارتفاع صوت الموسيقى التصويرية التي وضعها هشام نزيه، وكانت تصاحبنا في كل مشهد يتصدره “نائل”.
الفيلمان نافذة بصرية لقصة درامية تجزم على بقاء هذه العوالم الفاسدة، وقوة الأرواح الشريرة التي لم تمت، في إشارة لاستمرار هذه اللعنة في حياة “يوسف” و”فريدة” والتي تطرح عدة تساؤلات.
هل تكشف ملامح وجه الطفلة العابسة عن مصير مشؤوم ينتهي بمقتلها كما حدث مع ابنهما السابق؟، أم هي ابنة الشيطان “كمال” وخليفته في الأرض؟، كيف ستؤثر على حياتهما وهل سيتعاملان معها؟.. أطروحات عديدة لخطوط درامية متشعبة، بلا إجابة مؤكدة سوى أنها مسيرة شر أبدية في الدنيا.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.