🎞️ Netflix

كيف أثار فيلم “Sound of freedom” غضب خبراء مكافحة الإتجار بالبشر؟

أراجيك فن
ساندي ليلى
ساندي ليلى

14 د

يقول الشاعر الكبير ابن الرومي في واحدة من أشهر قصائده:"بني الذي أهدته كفاي للثرى.. فيا عزة المُهدى ويا حسرة المُهدي.. وأولادنا مثل الجوارح أيها.. فقدناه كان الفاجع البيّن الفقد

صاغ ابن الرومي قصيدته الخالدة هذه رثاء لابنه الذي قتله المرض بين يديه، وتحولت صرخة الأب المفجوع إلى قصيدة رائعة تعد من عيون الأدب العربي 

إن أولادنا هم أثمن ما نملك في هذه الحياة، إن كونك أماً أو أباً لهو مسؤولية كبيرة هائلة، إذ أنك المسؤول الأول عن حياة وصحة وسعادة إنسان آخر ستفعل أي شيء وكل شيء في هذا العالم كي تحميه.

لا يوجد ألم أكبر من ألم فقدان طفل هذا ألم لا يشفى ولا يمحيه الزمن، بل يتحول إلى ندبة ملتهبة تنبض ألماً كلما دق قلبك، إن المخاطر المحدقة بأطفالنا كثيرة للأسف الأمراض والفقر والجهل لكن الخطر الأكبر هو الناس الآخرون، لعل مقولة أننا كبشر أخطر الكائنات على وجه الأرض ليست مجرد مبالغة أدبية.

في كل عام يتعرض كثير من الأطفال إلى مخاطر مثل التحرش، والاغتصاب، والخطف، والقتل من قبِل أشخاص حتى لفظة وحوش لا تكفي لوصف قسوة أفعالهم.

لكن أسوء وأشنع ما قد يتعرض له أي طفل أو أي إنسان في الواقع هو الاستغلال والتجارة، نعم أنت لم تقرأ الجملة بشكل خاطئ التجارة إذ أن تجارة البشر وبعد عقود من محاربة العبودية لاتزال تجارة ناجحة قوية تدر المليارات على أصحابها.

لا يمكن وصف قسوة وشناعة هذا الفعل ولا يمكن أيضاً إيجاد تبرير منطقي لأولئك الذين لا يضعون أي حدود أخلاقية لأنفسهم ولا يجدون غضاضة في معاملة أخيهم الإنسان كحقيبة من الطماطم تباع لمن يدفع أعلى سعر ليس مرة واحدة بل مراراً وتكراراً.

ومن وحي هذه القضية الصعبة المؤلمة جاء فيلم Sound of freedom الذي تناول وبجرأة قضية قاسية هي الاتجار والاستغلال الجنسي للأطفال والذي خرج إلى النور بعد طول تأجيل وانتظار واستطاع تحقيق أرقام إيرادات عالية في شباك التذاكر رغم انعدام التغطية الإعلامية والترويج الكافي.

ويشرفنا في "أراجيك فن" أن نساعد في إيصال صوت الحرية لك عَبر تقديم مراجعة مميزة للفيلم الذي اقتبس من قصة حقيقية أشد ألماً مما صوره الفيلم.

7.8/10
إعلان الفيلم

صفحة IMDb

تقييم أراجيك

Sound of freedom

تبدأ أحداث الفيلم في مدينة فقيرة في الهندوراس، ونتعرف فيها على روبرتو الأب الفقير لطفلين يرى فرصة حقيقية لتحسين حياتهما عندما تعرض عليه ملكة الجمال السابقة جيزيل توقيع عقد يتيح لطفليه روسيو وميغيل عرض الأزياء للأطفال، يوافق روبرتو ويأخذهما إلى هناك على أن يعود عند السابعة لاصطحابهما، لكنه يصدم صدمة عمره عندما يرى المكان فارغاً ويكشف الفيلم لنا أن طفليه قد أُخذا مع أطفال آخرين وتحولوا إلى عبيد للبيع. 

تنتقل الأحداث إلى كاليفورنيا حيث نتعرف على تيم بالارد عميل خاص في شعبة تحقيقات الأمن الداخلي والذي يعتقل بعض الأشخاص الذين يمتلكون ويوزعون مواداً إباحية تتعلق بالأطفال، بسبب كونه أباً لستة أطفال تؤثر هذه القضية وبشدة على بالارد ويزداد الأمر سوءاً عندما يلفت زميله كريس نظره إلى حقيقة أنهم ورغم القبض على المعتدين إلا أنهم لم يستطيعوا حتى إنقاذ طفل واحد من الاستغلال.

يعرف تيم أن السبب الحقيقي لهذا هو أن الأطفال متواجدون خارج الولايات المتحدة لذا يقرر محاولة استغلال مغتصب الأطفال إرنست أوشينسكي وينجح في إقناعه أنه مثله لينتهي الأمر بالقبض على إيرل بوكانان الرجل الذي اشترى الطفل ميغيل.

يطلب ميغيل من تيم إنقاذ شقيقته التي افترق عنها فيرتب تيم عودة ميغيل إلى روبرتو ويقرر البحث عن روسيو ليقوده بحثه إلى قرطاجنة في كولومبيا، وهناك يلتقي بفامبيرو محاسب الكارتيل السابق الذي يعمل الآن على إنقاذ الأطفال من تجارة الجنس.

 يبدأ تيم وفامبيرو بالتعاون مع ضابط الشرطة الكولومبي خورخي والثري بول بإنشاء خطة محكمة للقبض على جيزيل وشبكتها وإنقاذ حوالي 50 طفلاً من بين أيديهم، وعندما يعلم تيم أن فروست غير قادر على تمويل العملية يرفض العودة إلى الولايات المتحدة ويستقيل من منصبه بدعم من زوجته كاثرين بدلاً من أن يتخلى عن روسيو وكل الأطفال المستغلين. 

يستمر الفيلم في استعراض هذه العملية الهائلة التي دمرت واحداً من أكبر كارتيلات التجارة بالبشر في كولومبيا، لقد كان الفيلم مزيجاً من الألم والخوف والرعب الذي لا يخلوا من الأمل لعله أهم أفلام العام بفضل القضية المهمة التي تناولها.

ربما لم تكن تعرف هذا قبلاً لكن تيم بالارد وكل أحداث الفيلم ليسوا من وحي الخيال إطلاقاً بل هي قضية حقيقية وتيم بالارد وكل الشخصيات التي رأيناها كلهم أناس حقيقيون، لقد صور الفيلم عملية حقيقة قام بها تيم بالارد اتخذت اسم Triple take وكانت عملية مصيرية غيرت مصير تيم بالارد تماماً.

عرض المزيد

  • name

    مناسب من عمر 4 سنوات فما فوق.

  • إنتاج

    2023
  • إخراج

    أليخاندرو غوميز مونتيفيردي

بطولة

جيم كافيزيل،
إدواردو فاريسجا،
بيل كامب

العبودية لم تندثر 

تبدأ أحداث الفيلم في مدينة فقيرة، ونتعرف على روبرتو الأب الفقير لطفلين يرى فرصة حقيقية لتحسين حياتهما عندما تعرض عليه ملكة الجمال السابقة جيزيل توقيع عقد يتيح لطفليه روسيو وميغيل عرض الأزياء للأطفال، يوافق روبرتو ويأخذهما إلى هناك على أن يعود عند السابعة لاصطحابهما.

لكنه يصدم صدمة عمره عندما يرى المكان فارغاً ويكشف الفيلم لنا أن طفليه قد أُخذا مع أطفال آخرين وتحولوا إلى عبيد للبيع. 

تنتقل الأحداث إلى كاليفورنيا حيث نتعرف على تيم بالارد عميل خاص في شعبة تحقيقات الأمن الداخلي والذي يعتقل بعض الأشخاص الذين يمتلكون ويوزعون مواداً إباحية تتعلق بالأطفال، بسبب كونه أباً لستة أطفال تؤثر هذه القضية وبشدة على بالارد ويزداد الأمر سوءاً عندما يلفت زميله كريس نظره إلى حقيقة أنهم ورغم القبض على المعتدين إلا أنهم لم يستطيعوا حتى إنقاذ طفل واحد من الاستغلال.

يعرف تيم أن السبب الحقيقي لهذا هو أن الأطفال متواجدون خارج الولايات المتحدة لذا يقرر محاولة استغلال مغتصب الأطفال إرنست أوشينسكي وينجح في إقناعه أنه مثله لينتهي الأمر بالقبض على إيرل بوكانان الرجل الذي اشترى الطفل ميغيل.

يطلب ميغيل من تيم إنقاذ شقيقته التي افترق عنها فيرتب تيم عودة ميغيل إلى روبرتو ويقرر البحث عن روسيو ليقوده بحثه إلى قرطاجنة في كولومبيا، وهناك يلتقي بفامبيرو محاسب الكارتيل السابق الذي يعمل الآن على إنقاذ الأطفال من تجارة الجنس.

 يبدأ تيم وفامبيرو بالتعاون مع ضابط الشرطة الكولومبي خورخي والثري بول بإنشاء خطة محكمة للقبض على جيزيل وشبكتها وإنقاذ حوالي 50 طفلاً من بين أيديهم، وعندما يعلم تيم أن فروست غير قادر على تمويل العملية يرفض العودة إلى الولايات المتحدة ويستقيل من منصبه بدعم من زوجته كاثرين بدلاً من أن يتخلى عن روسيو وكل الأطفال المستغلين. 

يستمر الفيلم في استعراض هذه العملية الهائلة التي دمرت واحداً من أكبر كارتيلات التجارة بالبشر في كولومبيا، لقد كان الفيلم مزيجاً من الألم والخوف والرعب الذي لا يخلوا من الأمل لعله أهم أفلام العام بفضل القضية المهمة التي تناولها.

ربما لم تكن تعرف هذا قبلاً لكن تيم بالارد وكل أحداث الفيلم ليسوا من وحي الخيال إطلاقاً بل هي قضية حقيقية وتيم بالارد وكل الشخصيات التي رأيناها كلهم أناس حقيقيون، لقد صور الفيلم عملية حقيقة قام بها تيم بالارد اتخذت اسم Triple take وكانت عملية مصيرية غيرت مصير تيم بالارد تماماً.


ما بين قسوة الواقع وخيال السينما ما مدى دقة أحداث الفيلم؟

يحكي الفيلم قصة حقيقية هي قصة العميل الخاص تيم بالارد الذي تخلى عن عمله وخاطر بحياته لتدمير شبكة الإتجار بالبشر واستطاع بعد نجاحه فيها تغيير بعض القوانين وتسهيل القبض على هؤلاء الوحوش وإنقاذ الكثير من الأطفال المخطوفين.

 دومًا ما تجنح أفلام السينما إلى الخيال، لذا لا شك من وجود بعض المبالغات الدرامية في الأحداث كما أن مدة عرض الفيلم البالغة ساعتين فقط أرغمت صناعه على التركيز على عملية واحدة فقط هي عملية كولومبيا.

كان تيم بالارد بالفعل محللاً في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وقد أصبح الآن محققاً في مجال تجارة الجنس ويعمل مع منظمة لا ربحية تسمى Operation underground Railroad والتي تتكون من أعضاء سابقين في الجيش الأمريكي يستخدمون خبراتهم لمحاربة الإتجار بالأطفال والعبودية الجنسية في البلدان التي تتيح هذه الممارسات.

يركز الفيلم في أحداثه على العملية التي قام بها بالارد لإنقاذ الأطفال من التجارة والاستغلال في كولومبيا، حيث عبر بالارد الحقيقي عن إحباطه بعدما أمضى 12 سنة في العمل على جرائم الأطفال دون القدرة على إنقاذ طفل واحد خاصة أنه كان أباً لستة أطفال حينها. 

ركز الفيلم على بالارد في زمن العملية والأسباب التي جعلته يقوم بها كان الفيلم دقيقاً في عرضه لعدد من الحقائق مثل حقيقة ترك بالارد لوظيفته التي تم تصويرها بشكل صحيح حيث يقول بالارد الحقيقي أن كل شيء وصل إلى ذروته بالنسبة إليه عام 2012.

عندما كان يعمل على قضيتين مختلفتين واحدة في هاييتي والأخرى في كولومبيا حيث قال عن تلك اللحظة المصيرية: " قيل لي عد إلى المنزل، لقد كانت القضيتان كبيرتين كان من الممكن أن تشكلا ضربة كبيرة ضد التجار وهنا فكرت، إنهم يطالبونني بالعودة إلى المنزل لكنني لن أفعلها سأبقى وهذا يعني أنني يجب أن أستقيل من عملي". 

لا شك أن بالارد اتخذ قراراً شجاعاً مصيرياً عندما تخلى عن كل شيء لأجل الأطفال، لكن ماذا عن زوجته كاثرين بالارد هل كانت موافقة على قراره هذا؟ 

لا شك أن كاثرين كانت شجاعة بطريقتها الخاصة إذ أنها دعمت زوجها وشجعته حتى عندما كاد أن يتخلى عن العمليتين كي يعود إلى عائلته لقد خسرت عائلة بالارد دخلهم المالي كما أنه كان هناك احتمال كبير ألا يعود أصلاً إلى المنزل لكن كاثرين أصرت على دعم زوجها بقوة لأجل إنقاذ الأطفال المستغلين، لدى كاثرين وتيم حالياً في 2023 تسعة أطفال اثنان منهما متبنيان بعدما أنقذهما تيم من المتاجرين بالبشر.

أمًا بالنسبة لتمويل العملية الضخم الذي سمح لبالارد بترك وظيفته وتنفيذ عملية الإنقاذ الكولومبية فقد كان غلين بيك الجندي المجهول الذي جمع التمويل اللازم لتيم وفريقه حيث يقول بالارد: " لقد قام غلين بيك بارك الله فيه بجمع الأموال لنا كي نتمكن من القيام بالعملية إذ لم يكن لدي المال اللازم للقيام بهذا" لكن للأسف لم نرَ بيك ضمن أحداث للفيلم رغم وجوده في النص الأصلي لكن تم الاستغناء عن وجوده بسبب مدة الفيلم المحدودة.

أمًا فامبيرو فهو شخصية حقيقية دون أي شك وكان يعرف باسم باتمان لكن تفاصيل تاريخه اختلفت بين الفيلم والواقع، حيث لم يدخل السجن قط كما أنه حارب تجارة الجنس للأطفال بسبب أنه أقام علاقة مع أحد ضحايا الاتجار البالغين واكتشف أن ابنتها الصغيرة تتعرض للاستغلال كما أنه لم يكن موجوداً في عملية الجزيرة التي تم تصويرها في الفيلم إذ كان يقود مرحلة أخرى من العملية في ميديلين كولومبيا في نفس اليوم.

في الفيلم أًُعلن أن بالارد أنقذ 54 شخصاً لكن في الواقع أنقذ بالارد وفريقه 123 ضحية في عملية Triple take بينهم 55 قاصراً حيث إن الفيلم لم يمتلك الوقت الكافي للتعمق في تفاصيل العملية كما لم يتم عرض أي مشهد لاستغلال الأطفال لو كنت قلقاً من هذا ذلك بناء على طلب تيم بالارد الحقيقي نفسه لأن الفيلم لا يهدف إلى تصوير هذه الممارسات الفظيعة بل يريد فقط تسليط الضوء عليها وعلى الجهود الجبارة التي بذلها تيم بالارد وفريقه للحد من هذه الجرائم.

صحيح أن الفيلم احتوى بعض الاختلافات عن الواقع وأضاف بعض الدراما والإثارة الغير واقعية لكنه نجح تماماً في تصوير المعاناة والقسوة التي تحكم عالمنا، وتقديم تجربة قاسية واقعية شديدة الأهمية ونقل بأمانة قصة صادمة مؤلمة وقضية حقيقية بقيت طي الكتمان لأعوام لتنبيه العالم كله أن العبودية انتهت بشكل شرعي لكن عدد الأشخاص المستعبدين اليوم أكبر من أي وقت مضى.

كما أنه أضاء على قضية لم يجد لها الأمريكيون حلاً حتى الآن هي الحدود، تلك الحدود التي تسهل تجارة المخدرات والكحول وعبيد الجنس كما أظهر الفيلم، يبدو أن هذا التفصيل أثار غضباً واسعاً وانقساماً أوسع في المجتمع الأمريكي المنقسم على نفسه منذ عقود وأخرج إلى الواجهة المزيد من نظريات المؤامرة التي لا نهاية لها.

رغم كل المشاكل والعقبات والتعتيم الإعلامي الغريب الذي تعرض له الفيلم إلا أنه نجح في تسليط الضوء على الانتهاكات القذرة للإنسانية والطفولة على حد سواء.


تعتيم إعلامي ومحاربة غير المنطقية، لماذا تأخر إصدار "صوت الحرية" لأعوام؟ 

على عكس فيلم Barbie الذي اكتسح دور السينما لعدة أسابيع وامتلك حملة دعائية عالمية، لم ينل صوت الحرية أي نوع من الدعاية أو الاهتمام الإعلامي، حتى أن أغلب من شاهدوه سمعوا به من أصدقائهم أو من صفحات التواصل الاجتماعي التي ساعدت بشكل واضح في جذب اهتمام الجمهور خاصة أن المخرج والممثل الأمريكي ميل غيبسون دعم العمل وصناعه ودعا الجمهور لمتابعة الفيلم لأهمية القضية التي يتناولها.

في الواقع كان الفيلم المستقل جاهزاً للخروج إلى العلن منذ عام 2018 لكنه كان بحاجة إلى شركة لتوزيعه في صالات السينما لذا تم عقد صفقة توزيع مع شركة 20th century fox لكن عندما اشترت شركة ديزني الاستديو سارعت إلى تعليق الفيلم ومنع ظهوره حتى قام صناع الفيلم بشراء حقوق توزيعه مجدداً من الاستديو وقامت شركة Angel studios بامتلاك حقوق نشره عالمياً.

استخدم استديو Angel التمويل الجماعي للأسهم لجمع الأموال اللازمة لتوزيع الفيلم وتسويقه حيث استثمر 7000 شخص فيه مما سمح ل Angel بتحقيق هدفها وتم الإعلان عن صدور الفيلم في صالات السينما الأمريكية في 4 يوليو / تموز 2023 على أن يعرض خلال بقية العام في أرجاء العالم.

رغم كل التعتيم والتجاهل الإعلامي نجح صوت الحرية في إزاحة باربي عن عرشها اخيراً محققاً أرقام إيرادات خرافية وتقييمات مرتفعة في كافة المواقع، لكن الحرب ضد هذا الفيلم ذي القضية المهمة والحساسة لم تنته هنا، إذ أن الفيلم ومنذ عرضه يواجه حملات هجوم ضخمة وغريبة حيث أعلن الكثير من المشاهدين عبر حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي أنهم تعرضوا لمواقف غريبة غير مفسرة فقط كي لا يدخلوا لمشاهدة الفيلم.

نحن هنا لا نرغب في نقل نظريات المؤامرة التي تقضي أن الحكومة الأمريكية لا تريد للفيلم أن ينجح لأنه فضح دورها في تسهيل عمل تجار البشر عبر عدم الاكتراث بما يحدث على حدودها، لكننا ننقل بعض التجارب التي خاضها المشاهدون حيث أعلن مغني الراب في ولاية أوهايو جامسكيليت جاكوب ماثيوز في منشور حصد أكثر من 900 ألف مشاهدة لمتابعيه أنه عندما شاهد الفيلم مع صديقته "لم يكن هناك مكيف هواء يعمل وكان الجو حاراً بشكل لا يطاق".

وادعى مغني الراب أيضاً أنه عندما ذهب لشراء التذاكر، كان المسرح بأكمله محجوزاً تقريباً ولكن عندما وصل لم يكن سوى هو وشريكه وربما ثمانية أشخاص آخرين في المسرح بأكمله.

بعدما نشر جامسكيليت منشوره هذا تفاجأ بوجود كثير من الأشخاص الآخرين الذين عانوا من تجربة غير مريحة عند مشاهدة الفيلم إذ اشتكى واحد من الجمهور أنه وطيلة مدة عرض الفيلم كان كشاف الضوء مسلطاً على الشاشة حتى أن أحداً لم ير أي لقطة من الفيلم. 

يبدو الأمر مريباً دون شك لكن كل هذه الحوادث وقعت فعلاً في الحقيقة تعرض الفيلم لهجوم غير مبرر بعدما ادعى البعض أنه يروج لنظرية مؤامرة شهيرة في أميركا هي نظرية QAnon، هذه النظرية أنشأها اليمين المتطرف الأمريكي وتدعي وجود عصابة شيطانية من المتحرشين بالأطفال الذين يديرون عصابة عالمية للاتجار بالجنس.

ومع ظهور الفيلم الذي وضح أن الولايات المتحدة هي واحدة من أكثر وجهات تجارة الأطفال رواجاً اعتبر الكثير من الأمريكيين أن الفيلم يجسد ويتخذ هذه النظرية الغريبة مرجعية له متجاهلين خطورة وأهمية القضية التي يرويها لكن يبدو أن كلاً يغني على ليلاه.

تنتشر الآن نظرية مؤامرة أخرى هي أن الحكومة لا تريد انتشار الفيلم لذا تحاربه وتمنع الجمهور من مشاهدته عَبر إرغامهم على إخلاء صالات العرض.

نكرر هنا أننا لا نريد الترويج لنظريات المؤامرة التي لا نهاية لها لكننا نستعرض أمامك كل ما يخص القضية ونترك الحكم لك أنت عزيزي القارئ.

لكن ومع ذلك ورغم كل هذه التحديات استطاع صوت الحرية أن يثبت نفسه كفيلم مهم ناجح دون حملات تسويقية خرافية أو اهتمام إعلامي مفرط إلا لو اعتبرنا نظريات المؤامرة الغريبة هذه اهتماماً إعلامياً.


"صوت الحرية" يصدح في شباك التذاكر 

عندما بدأ العمل على قصة تيم بالارد وفريقه طالب بالارد أن يقوم الممثل جيم كافيزيل بتجسيد دوره رغم الفروقات الجسدية بينهما إلا أن بالارد أراد كافيزيل لأسباب شخصية.

اشتهر كافيزيل بتجسيد دور المسيح في فيلم ميل غيبسون فائق الشهرة آلام المسيح، وقد نجح وبقوة في تجسيد شخصية تيم بالارد الرجل الذي تخلى عن كل شيء في العالم لإنقاذ الأطفال من العبودية، بأداء هادئ بعيد عن الابتذال نجح كافيزيل في تصوير الرعب والخوف الذي يحكم عالم الفيلم وقصته فيما جسّد بيل كامب دور فامبيرو محاسب الكارتيل السابق الذي انضم لمكافحة الإتجار بالبشر.

بينما جسّدت ميرا سورفينو دور كاثرين بالارد زوجة تيم الشجاعة التي دعمت زوجها وبقوة في حربه ضد تجار الأطفال، أمًا الأطفال الذين شاركوا في الفيلم فقد أبدعوا في أدائهم دون أي مبالغة واستطاعوا نقل الخوف والرعب والتوتر إلى المشاهد دون أي مشهد لاستغلالهم فقط عن طريق ملامحهم وعيونهم المتسعة خوفاً.

لقد كان الأداء التمثيلي الجبّار نقطة قوة تحسب للفيلم الذي يصدح حالياً في شباك التذاكر العالمي والذي لم يستسلم صناعه ولو للحظة أمام كل العقبات والتحديات والممانعات لعرضه، في الواقع تمت مهاجمة الفيلم من قبِل جهة أخرى غير الحكومة الأمريكية والصحافة يبدو أن الفيلم بقصته الواقعية وتلميحاته السياسية نجح في إثارة غضب وسخط واسع على أكثر من صعيد. 


 غضب خبراء مكافحة الاتجار بالبشر  

يتناول الفيلم قضية الاتجار بالبشر خاصة الأطفال، ويعرض واحدة من طرق خطف الأطفال من ذويهم ألا وهي إقناع الأهل بوجود شركة تهتم بتحويل الطفل إلى عارض أزياء وتعدهم بالمال والشهرة.

لكن بدلاً من ذلك يتم خطف الطفل ويتحول إلى سلعة للبيع، ظهرت هذه الحادثة في بداية الفيلم لكن يبدو أن تجسيد الفيلم لكفاح بالارد ومنظمته ضد هذه الممارسات أثار استياء خبراء مكافحة الاتجار بالبشر الذين اتهموا الفيلم بمحاولة التلاعب بواقع تجارة الأطفال.

إذ حذر النشطاء الذين يمتلكون عقوداً من الخبرة في مكافحة الاتجار بالأطفال أن الفيلم يحوي معلومات مضللة بهذا الخصوص؛ إذ يدعي هؤلاء الخبراء أن الفيلم يزرع خوفاً لا داعي له في نفوس الأهل على أطفالهم كما ادعوا أن الفيلم لم يسلط الضوء على القضية بقدر ما سلطه على بالارد ومنظمته المشكوك في أمرها مالياً.

كما استعرض الفيلم طريقة غير الصحيحة لحوادث خطف الأطفال حسب هؤلاء الخبراء إذ أن أغلب الأطفال يتم استغلالهم وخطفهم من قبل أشخاص يثقون بهم ويعرفونهم كما أن جميع الأطفال الضحايا الذين شوهدوا في صوت الحرية هم أطفال لم يبلغوا سن البلوغ بعد.

في الواقع غالبية الأطفال المستغلين هم من المراهقين الذين تم طردهم أو التخلي عنهم وتتراوح أعمارهم بين 15-17 سنة وهي فكرة لم يكترث الفيلم الذي حقق عائدات تجاوزت الـ 100 مليون دولار لها حسب الناشطين الذي يبدو أنهم لا يكترثون لشيء سوى أن تيم بالارد حصل على فيلم يجسد كفاحه. 

لربما لم يستعرض الفيلم الطرق الكثيرة التي يمكن بها خطف الأطفال واستغلالهم لكنه نجح في تصوير الرعب والألم الذي يرافق كل من فقد طفلاً غير عالم بمصيره إن كل هذه الانتقادات المتعسفة والهجوم الغريب مردّه الوحيد هو الانقسام السياسي ونظريات المؤامرة التي يعشقها الأمريكيون.


نحن أبناء الله ولسنا للبيع 

وردت هذه الجملة في نهاية الفيلم وسنوردها في نهاية مقالنا، لقد ولدنا أحراراً، منذ لحظة خروجنا إلى هذا العالم صدح صوت حريتنا ليقول للكون أننا أتينا، لا يوجد أي تبرير من أي نوع لاستغلال الإنسان لأخيه الإنسان إن تجارة البشر هي التجارة الأكثر ربحاً.

 دون شك لأن البشر قابلون لإعادة البيع لأعوام وأعوام، عَبر تاريخنا على هذه الأرض استعبدنا بعضنا على أساس اللون والجنس والانتماء دون أي حق، نحن كلنا متساوين كلنا بشر وكلنا نملك الحق في الحرية، كانت المشاهد الحقيقية للعملية الواردة في الفيلم محطمة للأعصاب نحن نعيش في عالم قاس كريه بلا ريب.

لربما تعرض فيلم صوت الحرية لحرب شاسعة حاولت كتم صوته لكن وكما فعلت رواية كوخ العم توم للكاتبة هارييت "ستو المؤلمة القاسية التي زرعت أساس الحرب الأهلية الأمريكية التي أدت لاحقاّ لإلغاء العبودية سيكون "صوت الحرية الأساس الذي نأمل أن يفتح أنظار العالم على الممارسات القذرة التي تحط من قدر الإنسانية والطفولة على حد سواء، لقد ولدنا أحراراً ومن حقنا أن نعيش ونموت أيضاً أحراراً!

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.