“نهاية جنونية تتوج موسمه الأخير”.. ماذا تقدم دراما Succession من قلب عالم الأموال والسلطة؟
14 د
"يعبر الشاعر غازي القصيبي عن عبثية الحياة قائلاً: جميع المطارات عندي سواء، جميع الفنادق عندي سواء، وكل ارتحال قبيل الشروق، وبعد المساء سواء، وكل الوجوه تطاردني عند كل وداع، تلاحقني عند كل لقاء سواء، ففيم العناء؟".. لطالما حاول الشعراء إيجاد غاية للحياة وجواب على السؤال الأزلي الذي يؤرقنا، لماذا نريد أن نعيش ما هدفنا في الحياة؟
يرى البعض أن الحياة أشبه بأم متعبة غاضبة لا تبتسم إلا فيما ندر فلو ابتسمت في وجهك هنيئاً لك استغل هذه الفرصة وابتسم بدروك، فيما يرى أصحاب النظرة الأكثر سوداوية أن الحياة صعبة كريهة معقدة تجبرك أحياناً أن تحارب وتقاتل باستمرار كي تهنأ بعيشتك.
وأن السبيل الوحيد كي تنال السعادة الحقيقية المال والسلطة، المال يجلب السعادة، لكن بماذا ستضحي كي تنال المال والثروة، هل يمكن أن تضحي بعائلتك بلحظاتك الثمينة بأطفالك ما هو الأكثر أهمية امتلاك الأموال والسلطة أم الحب والأطفال والسعادة البسيطة؟
من قلب هذا السؤال الوجودي المحير يأتي مسلسل HBO MAX الأسطوري Succession ليقتحم عالم السلطة الخفي ويقدم خلال أربعة مواسم ملحمية دراما قاسية متوحشة مغلفة بكوميديا سوداء لا تقل قسوة ستخلد لأعوام في قلوب كل من شاهدها ومع نهاية هذه الملحمة سنقدم في "أراجيك فن" مراجعة شاملة للعمل خاصة على الموسم الرابع والأخير الذي لم يقل ملحمية عما سبقه.
Succession
يحكي المسلسل قصة عائلة روي الفاحشة الثراء التي تمتلك كتلة إعلامية وترفيهية قوية تحمل اسم “وايستار” كبير العائلة هو العجوز لوغان روي القاسي المتسلط والأب لثلاث أبناء وابنة واحدة هم كونور وكيندل ورومان وشيڤون روي كل واحد من هؤلاء الأبناء له شخصيته الملتوية الغريبة لكنهم جميعاً قابعون تحت سلطة أبيهم حتى شيف وزوجها المُضطهَد دوماً توم.
تبدأ أحداث العمل عندما يجتمع أفراد العائلة كي يحتفلوا بعيد ميلاد لوغان الثمانين لفترة طويلة كان كيندل يعتقد أنه سيكون وريث أبيه بعد أن يتقاعد خاصة أن ابن لوغان الأكبر كونور أبعد ما يكون عن عالم عمل العائلة لكن الصدمة تأتيه عندما يعلن أبوه أنه لن يتنحى عن منصبه وأنه سيمنح زوجته الثالثة مارشا صوتين في التصويت لمن سيكون وريثه في نفس الوقت يظهر قريب بعيد لعائلة روي هو غريغ هيرش المتسلق القميء الذي يريد بأي طريقة أن يدخل العالم الثري المرفه الذي يعيشه آل روي وأثناء جداله مع أبنائه يصاب لوغان بجلطة دماغية نزفية.
تستدعي نقله فوراً إلى المستشفى لينتشر الشقاق بين لوغان وعائلته خاصة كيندل روي الذي يريد أن يثبت للجميع أنه لم يعد ذلك المدمن المحطم بعد الآن حيث يحاول كل واحد من ابنائه ضمان مستقبله في الشركة وامتلاك السلطة مجهزين أنفسهم لحياة خالية من أبيهم المتعنت وتستمر أحداث العمل بنسق سريع درامي شديد القسوة تتخلله أحياناً بعض المواقف العبثية الكوميدية كنوع من الحلاوة في قلب العلقم الحاصل على الشاشة.
مسلسل Succession دراما مثيرة شعبية تأتي في 4 مواسم، بداية من 2018 وحتى عام 2023.
عرض المزيد
إنتاج
2023
إخراج
جيسي أرمسترونغ
بطولة
الثروة لا تأتي دون مقابل قاس
يحكي المسلسل قصة عائلة روي الفاحشة الثراء التي تمتلك كتلة إعلامية وترفيهية قوية تحمل اسم "وايستار" كبير العائلة هو العجوز لوغان روي القاسي المتسلط والأب لثلاث أبناء وابنة واحدة هم كونور وكيندل ورومان وشيڤون روي كل واحد من هؤلاء الأبناء له شخصيته الملتوية الغريبة لكنهم جميعاً قابعون تحت سلطة أبيهم حتى شيف وزوجها المُضطهَد دوماً توم.
تبدأ أحداث العمل عندما يجتمع أفراد العائلة كي يحتفلوا بعيد ميلاد لوغان الثمانين لفترة طويلة كان كيندل يعتقد أنه سيكون وريث أبيه بعد أن يتقاعد خاصة أن ابن لوغان الأكبر كونور أبعد ما يكون عن عالم عمل العائلة لكن الصدمة تأتيه عندما يعلن أبوه أنه لن يتنحى عن منصبه.
وأنه سيمنح زوجته الثالثة مارشا صوتين في التصويت لمن سيكون وريثه في نفس الوقت يظهر قريب بعيد لعائلة روي هو غريغ هيرش المتسلق القميء الذي يريد بأي طريقة أن يدخل العالم الثري المرفه الذي يعيشه آل روي وأثناء جداله مع أبنائه يصاب لوغان بجلطة دماغية نزفية.
تستدعي نقله فوراً إلى المستشفى لينتشر الشقاق بين لوغان وعائلته خاصة كيندل روي الذي يريد أن يثبت للجميع أنه لم يعد ذلك المدمن المحطم بعد الآن حيث يحاول كل واحد من ابنائه ضمان مستقبله في الشركة وامتلاك السلطة مجهزين أنفسهم لحياة خالية من أبيهم المتعنت وتستمر أحداث العمل بنسق سريع درامي شديد القسوة تتخلله أحياناً بعض المواقف العبثية الكوميدية كنوع من الحلاوة في قلب العلقم الحاصل على الشاشة.
ما الذي يحمله لنا الموسم الرابع من العمل؟
كانت نهاية الموسم الثالث مدمرة لقد فشل كين وأخوته في هزيمة أبيهم بل حتى أنهم حرموا من حقهم في الشركة ولعل الصدمة الأكبر كانت خيانة توم لزوجته وأخذه لصف أبيها بعدما كشف له تمردهم.
يحكي الموسم الرابع من العمل قصة أكثر تماسكاً وترابطاً من أي وقت مضى حيث يتم نسج جميع الخيوط معاً بشكل رائع والنتيجة هي موسم أكثر جاذبية مما سبق وهذا يتركك معلقاً منتبهاً لكل كلمة ترد في أي حوار حاصل.
لطالما كان Succession سلسلة عاطفية مخادعة حيث أنه سبب الأشخاص الذين لا يشاهدون العرض تمامًا بسبب التشريح المطول الذي يمكن للمعجبين سحبه من لقطات فردية من لحظات مهمة يأخذ الموسم الرابع ذلك إلى أبعد من ذلك مع عروض أعمق تثري العلاقات بين كل مجموعة من الشخصيات تقريباً.
يبدأ الموسم الرابع بعد ستة أشهر من نهاية الموسم الثالث لقد انقسمت العائلة تماماً كين روم وشيف من جهة يحاولون جاهدين الوقوف على أقدامهم ومنافسة أبيهم وتوم الذي تخلى عن زوجته واتخذ طرف لوغان محاولاً مع غريغ ابن العم المنبوذ اختراق دائرة لوغان المقربة.
والذي يحتفل بعيد ميلاده وحيداً في نيويورك بعدما هجرته زوجته مارشا لكنه وجد لنفسه عشيقة جديدة فوراً، ما زالت العلاقات المسمومة هي المسيطرة على هذا الموسم كما في المواسم السابقة لكن زاد عليها التوتر الكبير بين توم وشيف الحامل التي لم تكترث حتى أن تبلغ زوجها بالأمر وأصرت على طلب الطلاق منه إذ أنها لم تستطع تقبل أنه تخلى عنها.
يحاول لوغان مصالحة أبنائه وإنهاء العداوة لكن لا يستجيب له أي منهم إلا روم الذي سأم من تصرفات أخويه فيقرر أخذ صف أبيه الذي يطلب منه طرد جيري بعدما سئم سوء تعاملها مع الأزمات المتكررة لكن يحدث ما ليس في الحسبان.
أثناء اجتماع الأخوة في زفاف أخيهم الأكبر المنبوذ نوعاً ما كونور يأتي اتصال من توم إلى شيڤ يبلغها أن لوغان سقط أرضاً وأنه لا يتنفس مكالمة هاتفية في إحدى غرف اليخت المترف وثلاث أشخاص تحولوا بغتة إلى أطفال تائهين خائفين صنعت واحدة من أعظم وأفضل الحلقات في التاريخ.
لقد كانت الحلقة الثالثة من الموسم الرابع والتي حملت اسم "زفاف كونور" حلقة أسطورية ستخلد دون أي شك في تاريخ الفن السابع، سقط قيصر أخيراً لقد مات لوغان روي تاركاً كل شيء غير محسوم وغير واضح وانتقلت المنافسة من الأب المتسلط إلى الاشقاء الثلاثة المتحدين سابقاً.
لقد أصبح كل فرد لنفسه وكما فعل لوغان من قبل تم إقصاء شيف من قبل أخويها اللذين استوليا على السلطة بالمناصفة مع وعد لأختهما بإشراكها في كل القرارات المهمة، لكننا نتحدث هنا عن عائلة روي المختلة وشيف لم تقبل بهذا الوضع فبدأت أجندتها الخاصة وقررت أن تتحالف مع ماتسون ثري التكنولوجيا ضد كين وروم.
لقد حمل هذا الموسم كمّاً قوياً من الصدمات والحبكات الملتوية والقصص المثيرة التي لم يسبق لها أن قُدمت على شاشة التلفاز، إن مشاهدة هذا العمل لهو أشبه بركوب قطار أفعواني في مدينة الملاهي لا يمكنك أن تعرف متى ستأتي الصدمة القادمة لكنك متحفز في كل وقت وفي أي لحظة لما هو قادم إضافة إلى ذلك فقد قدم الموسم الختامي من Succession أفكاراً لم يسبق لها ان وردت في اي مسلسل او فيلم حيث استعرض العمل فكرة القوة الجبارة للإعلام التي لا ينبغي إطلاقاً الاستهانة بها والثروة التي تقلب الابن على أبيه.
وقد حاول صناع العمل التخفيف من حدة الأحداث ببعض المشاهد الكوميدية العبثية التي كانت مضحكة حقاً خاصة حبكة ترشح كونور للرئاسة ومع ذلك ظل هذا المسلسل متعباً ثقيلاً لكن ومهما شعرت بالتعب من كم الدراما والسوداوية والتعقيد ستعود مشتاقاً إلى العمل بحماس منقطع النظير لأنه وببساطة عمل مذهل ولن تستطيع تفويت حلقة واحدة لأنك سترغب جداً في معرفة من سيفوز بسباق السلطة المجنون هذا.
خيانات بالجملة ودراما قاسية في واقعيتها
يستند المسلسل على مجموعة من العلاقات المسمومة المضطربة المتشابكة إنها معقدة لدرجة أن إطلاق صفة طبيعية عليها سيكون تجديفاً صريحاً بداية من علاقة لوغان روي مع النساء في حياته ومع أطفاله بالنسبة للوغان فالنساء تنحصر في فئتين زوجات وعشيقات.
أمًا فكرة امتلاك امرأة سلطة حقيقية فهذا أبعد ما يمكن عن تفكيره ولهذا السبب قضت شيف حياتها محاولة إثبات نفسها لأبيها أما علاقته بكين وروم فهي أسوء بكثير ينظر لوغان إلى كين على أنه مدمن فاشل وغير مؤهل لاستلام عرش مملكته الإعلامية الأثيرة الأمر الذي أثار النزاع منذ البداية أمًا روم فقد حولته قسوة لوغان إلى رجل مهتز الثقة سئم من الحياة لربما كانت العلاقة الوحيدة الجيدة للوغان هي مع ابنه الأخرق كونور ابن بابا المدلل والسبب الوحيد لذلك هو عدم اكتراثه المطلق باتباع خطى لوغان في واقع الأمر فإن شخصية كونور وحماقته قدمت حبكة من أمتع الحبكات في الموسم الأخير إنه حقاً الطائر المغرد خارج السرب.
أمًا الأخوة الثلاث فرغم اتحادهم معاً في وجه أبيهم إلا أن الثقة بينهم كانت منعدمة تماماً كل ما حدث أنهم اشتركوا بالسعي نحو نفس الهدف لكن ذلك لا يعني أن العداء القوي بينهم الذي زرعه أبوهم قد تلاشى لقد مزقت وفاة لوغان الصادمة تحالفهم الهش هذا وأصبح كل فرد منهم يعمل لأجل نفسه فقط.
أمًا شيف وزوجها توم فلم تكن علاقتهما يوماً رومانسية لكن يبدو أن علاقتهما تحطمت تماماً بعد خيانة توم وانضمامه لحلف لوغان حتى أنه استقبل خبر حمل شيفون بطريقة تشكيكية باردة ومع ذلك يبدو أن هناك قليل من الشوق الغير محسوس بينهما رغم أن الحلقات الأربع الأولى من العمل استعرضت أكثر مراحل زواجهما تعقيداً.
إن ظننت أن علاقة شيف وتوم مريضة فماذا عن علاقة الافتتان المريبة التي جمعت بين جيري وروم والذي لم يمنعه افتتانه بها من طردها عندما أمره والده، ليست جميع العلاقات في Succession مريبة مختلة ففي الواقع تعد علاقة توم مع ابن العم المنبوذ غريغ العلاقة الأفضل التي توفر جواً محبباً من الكوميديا خاصة أن إصرار غريغ المثير للشفقة أن يكون في قلب الدائرة الداخلية للعائلة وتعامل الأخوة الفظ معه أمر مضحك حقاً.
لقد كان الرابط الأكبر بين هذه العلاقات التي استعرضناها هو الخيانة الجميع يخون الجميع في عالم Succession لا يمكن لأحد الوثوق بأحد وإن بدا لك أن الدراما التي قدمتها العلاقات الانسانية في العمل أشد قسوة من الواقع فهذا يعني أنك لم تعرف الحياة كما ينبغي، لقد اقتبس Succession قسوته من قسوة الحياة نفسها واستعرض العلاقات الإنسانية التي أفسدها السعي إلى المال والسلطة بأفضل ما يمكن لكن لماذا نحبهم ونتعاطف معهم؟ إن جواب سؤالنا هذا بسيط حقاً.
هذا ما يميز Succession عن أي عمل آخر
لا ريب أنك استنتجت أن أفراد عائلة روي هم أكثر الناس حقارة على وجه الأرض بل يمكن القول أنهم عائلة من المجانين ومع ذلك فقد أحببناهم وتعاطفنا معهم وخلال أربع مواسم تابعنا رحلتهم الملتوية بشغف حقيقي والسبب الأساسي يعود إلى الأداء التمثيلي الأكثر من رائع الذي رأيناه على الشاشة سواء من الممثلين الأساسيين أو من الشخصيات الفرعية.
إن هذا العمل يعتمد على القدرات التمثيلية أكثر من أي شيء آخر خاصة في حلقة وفاة لوغان التي اعتمدت بالمطلق على مكالمة هاتفية طويلة وأداء خيالي من كل من جيريمي سترونغ وسارة سنوك التي كانت حاملاً في الحقيقية أثناء تصوير العمل والمرشحان وبقوة لجائزة الإيمي كأفضل ممثل.
قدم جيريمي سترونغ أداء أسطورياً لشخصية كيندل روي هذا الرجل قادر على إيصال كل مشاعره وانفعالاته دون نطق كلمة واحدة لقد شاهدنا تحول كين عبر المواسم والأعوام إلى نسخة من الرجل الذي كرهه وحاربه لقد تحول كين إلى نسخة مشرقة من لوغان فقد نبذ الحب والأبوة والعائلة جانباً فقط لتحقيق هدفه وفقد كثيراً من إنسانيته لأجل هذا لا يمكن تخيل أي شخص آخر ككيندل روي سوى جيريمي سترونغ الرائع.
أما الأم الجديدة سارة سنوك فقد قدمت دور حياتها وجسدت شيفون روي الابنة الوحيدة للوغان التي أُقصيت بعيداً عن السلطة رغم أنها الأقدر على تولي القيادة ومع ذلك نجحت في تغيير المسار كما يلائمها ويلائم طموحها إن شيف روي شخصية لا تقل اختلالاً عن أي روي آخر فعبر المواسم تلاعبت بزوجها كما أنه بيدق شطرنج فقط لتحقيق طموحاتها لكن الأداء الأسطوري حقاً هو حلقة موت لوغان والتي كانت سارة سنوك نجمتها الأبرز لقد كانت الابنة المدللة التائهة بعدما ضاع أبوها منها في الزحام كان أداء سنوك هو الأفضل والأعظم إنها ممثلة من الطراز الأول.
أما ماثيو ماكفيدين الذي قدم شخصية توم وامبسجانز فقد جاءت شخصيته مضطربة غريبة لطالما كان توم على الهامش زوج شيف لا أكثر ولا أقل سيفعل كل شيء وأي شيء كي يبقى متنعماً بثروة وسلطة كبير العائلة حتى لو عنى ذلك خيانة زوجته والوشاية إلى أبيها.
ولا يمكن الحديث عن الأخوة روي دون ذكر الأخ الأكثر اضطراباً وجنوناً رومان روي الذي جسده كيران كولكين بمنتهى البراعة رغم أن روم يبدو رجلاً قذراً مريضاً إلا أن وفاة أبيه كشفت أن هذا ما كان إلا قشرة رقيقة يحتمي بها من العالم الخارجي لقد كان روم الابن الأصغر وقد سعى كثيراً كي يلم شمل العائلة وتحت غطاء البرود والقسوة يقبع طفل متضرر يحتاج دائماً أن يمسك بيد أبيه وقد كان انهياره أثناء جنازة لوغان أفضل مشهد قدمه كولكين رغم أنه الآن رئيس تنفيذي لشركة وايستار لا يزال رومان روي طفلاً مضطرباً يحاول محاربة العالم الخارجي بدرع من العجرفة والقذارة.
وبالطبع فإن الأداء الأفضل والشخصية الأكثر كراهية كانت لوغان روي الذي جسده الممثل العظيم براين كوكس إنه الملك الذي رفض التخلي عن عرشه حتى نحاه الموت رغماً عنه لقد قدم كوكس شخصية الأب المتسلط بشكل خرافي ونجح في فرض شخصية لوغان العجوز بقوة حتى بعد موته بقي أثر لوغان روي راسخاً يلقي بظلاله على أفراد عائلته الساعين بجهد كبير كي يصلوا إلى مستوى إرثه يصعب حقاً تخيل أي ممثل آخر يجسد دور لوغان سوى كوكس الذي يكفيه أن يحملق في الشاشة كي يبث الرعب في قلبك.
إن الحديث عن الشخصيات الرائعة في عالم Succession أمر قد يطول كثيراً لا يوجد شخصية لا فائدة لها حتى غريغ هيرش المزعج الذي جسده نيكولاس براون كان شخصية رائعة وقد كان تطوره وتأثره بعائلته ملفتاً قد يكون غريغ أبعد ما يكون عن الشر والجنون الذي يميز عائلته لكن ثنائيته مع ماثيو ماكفيدين الذي قدم شخصية توم وامبسجانز كانت رائعة وكوميدية.
هذا أكثر ما يميز المسلسل إنه عمل يعج بشخصيات مجنونة مضطربة قدمت بأداء تمثيلي رفيع لم يسبق لنا رؤيته إلا في بعض الأعمال الأسطورية والتي انضم إليها Succession منذ أعوام من السهل أن تتعاطف وتحب شخصية بريئة طيبة مرحة لكن أن تغرم بشخصية كريهة معقدة مختلّة فهذا أمر لا يبرع فيه أحد سوى المؤلف جيسي أرمسترونغ الذي تربع مع فريقه من الكتاب على عرش أفضل كتاب المسلسلات في هوليوود قطعاً.
كتابة رائعة سلسة وحوارات سريعة قوية
إن كان الأداء التمثيلي الرائع نقطة قوة في العمل فإن الكتابة الاحترافية كانت نقطة قوة مماثلة. يقوم العمل على سلسلة من الحوارات القوية التي تدور غالباً عبر مكالمات هاتفية غاضبة مقتصرة إن حوارات المسلسل أبعد ما تكون عن الملل والبرود إنها حوارات حادة انفعالية خاصة تلك الحاصلة بين عائلة روي.
لا يمكنك توقع حدوث حوار مسرحي منمق عندما يتعلق الأمر بعالم succession الجميع يصرخ في وجه الجميع الجميع يرغب في فرض نفسه وفكرته لقد دارت حلقة كاملة بحوار أحادي بين أولاد لوغان وجسده الميت ومع ذلك فقد كانت حلقة مثالية.
أما الأحداث فهي تسير بسلاسة ومرونة دون تغيرات مفاجئة أو خالية من المنطق، لكل فعل ردة فعل في عالم Succession وحتى انعطافات الأحداث الصادمة قُدمت بشكل مبرر منطقي أضاف إلى متعتها متعة لقد ناقش العمل قضايا غاية في الأهمية بشكل منطقي سلس، قوة الإعلام وسلطته التي استطاعت التأثير في سير عملية الانتخابات الأمريكية لقد كان مصير الرئيس الأميريكي بين يدي الإعلام بعد احتراق صناديق الانتخابات.
كذلك ناقش العمل تسلط الوسائل التكنولوجية على عالم الترفيه ومحاولة الشركات الترفيهية الصغيرة والمتوسطة الصمود في وجه عمالقة التكنولوجيا لقد كان Succession عملاً قوياً من جميع النواحي يصعب أن يتكرر وسيبقى في ذاكرة التلفاز عملاً مكتوباً بإتقان مترافق مع موسيقى تصويرية خيالية.
نهاية جنونية لمسلسل جنوني
حملت الحلقة النهائية التي استمرت لـ 90 دقيقة تقريباً صدمة كبيرة تجاوزت كل توقعاتنا نحن مدركون أن هذا المسلسل ملتو غريب لكن النهاية كانت حقاً صادمة ثقيلة الوطء.
لقد رحل إرث لوغان روي العظيم معه وتم بيع الشركة إلى غوجو وخسر الأخوة روي كل شيء قامت شيفون بخيانتها الأخيرة وطعنت كين لمرة أخيرة وقاتلة في ظهره فيما أراد روم أن يرتاح لا أكثر أن يغرق في حزنه على فقدان أبيه بهدوء لقد سئم لعبة السلطة هذه.
أصبح توم المضطهد بيدق شيف السخيف هو الرئيس التنفيذي فيما خسر كيندل روي كل شيء عائلته حياته وإرثه أيضاً وهام على وجه غير عالم إلى أين ستأخذه الحياة بنهاية شبيهة بنهاية مايكل كورليوني في فيلم فرانسيس كوبولا الخالد The Godfather لقد خسر كيندل كل شيء بعدما ظن لوهلة أنه انتزع التاج من براثن ماتسون وأنه أصبح النسخة الشابة من لوغان روي.
لقد اتخذت شيف قرارها ورأت ما رآه والدها منذ أعوام في كين "أنت فقط لا تملك ما يلزم" هذا ما قالته شيف لأخيها بإحباط، لا يمكن لكندال روي أبداً أن يحل محل أبيه مهما أقنع نفسه بهذا لقد أدرك روم نفس ما أدركته أخته "أبي لم يرد أن يعطيها لأحد منا" لقد كان ظلام لوغان روي ظاهراً وبقوة في داخل كين لكنه افتقد إلى توازن وقوة أبيه الراحل مما جعله حطام إنسان.
لا يمكن تقديم تفسير منطقي لانقلاب شيف لربما حقاً أرادت السلطة لنفسها ولربما رفضت استمرار نظام لوغان روي الأبوي عن طريق كين لربما اختارت شيف أن تعيش حياة أمها أن تكون في الظل دوماً أن تكون زوجة لرجل قوي وأماً لورثة محتملين، انقلب روم وشيف على كين كما انقلب كين وروم على شيف إنها الخيانة التي تسري في دماء عائلة روي مرة أخرى.
لربما تكره شيف روي ولربما تحبها لكن الأمر الوحيد المؤكد أن سارة سنوك ممثلة رائعة بشكل لا يصدق لقد كانت المواجهة الأخيرة بين الأشقاء مبارة تمثيلية فريدة من نوعها احتشدت بعواطف قوية يمكن لك أن تلمسها الخيانة البغض الألم الخوف لقد كان Succession عملاً فريداً من نوعه وقدم ختاماً لا ولن ينسى.
لم يكن كين الخيار الصحيح ولا حتى توم في الواقع لا خيار صحيح هنا كل الشخصيات في عالم Succession هم أناس أشرار يدوسون على الآخرين في سبيل تحقيق ذواتهم لقد كان الفائز الأخير هو المال ماتسون يمتلكه إذاً ماتسون سيفوز بالسلطة، سيحمي المال كين وروم وشيف لكنه لن يصلح ما كُسر في داخلهم يوضح Succession أن المال قد يغير العالم لكنه لن ينقذه إطلاقاً
ينتهي المسلسل بكيندال وهو يحدق في المحيط وروحه تائه مثل البقية الباقية منه لقد رأينا كين بهذه الطريقة مراراً وتكراراً، وتوضح الحلقة الأخيرة ما عرفه إخوته، كين روي لم يكبر على مدار الأعوام لم يتعلم أي شيء لربما سيفعل ذلك الآن بعد أن تحطم حلمه وسيظل يحاول أن يثبت لنفسه وللعالم أنه ذكي تماماً مثل والده.
لقد كان Succession عملاً قوياً مميزاً جنونياً يصعب حقاً أن يتكرر إنه من نوع الأعمال التي ستخلد طويلاً جداً حتى تتحول إلى مرجعية فنية لأعمال المستقبل.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.