فيلم Sympathy For the Devil.. هل لا يزال نيكولاس كيج أسطورة السينما التي لا تموت؟
6 د
يحرص كل ممثل حقيقي على إغناء مسيرته الفنية، بانتقاء أهم الأعمال السينمائية، وتجسيد أقوى الشخصيات الدرامية، رغبةً في تكريث اسمه كأيقونة متميزة في الفن السابع بتعاقب السنين. وبناء علاقة متينة مع جمهور السينما، ودفعه لترقب جديده باستمرار، والتساؤل ما هو التالي؟
عاش الممثل الأمريكي "نيكولاس كيج" هذه الحالة في عصره السينمائي الذهبي مع تسعينيات القرن الماضي، حيث كان الناس دائماً يقولون نريد المزيد من نيكولاس كيج، وأداءه.. ماذا بعد؟ وهذه نتيجة حتمية، لاختياراته المتنوعة، ولتعاطيه الآمين مع أدواره، وكيفية الانسلال داخل الشخصية، وتقمصها. أيضًا وقوفه أمام عدسة أهم المخرجين، أمثال: "ريدلي سكوت"، و"مارتن سكورسيزي"، و الأخوين "كوين"، وغيرهم. كل هذه العوامل أسباب نجاح العبقري كيج.
لكن لا شيء يبقى على وضعه في مهنة المتاعب والأضواء، هي تعطيك بقدر ما تتعامل معها بجدية وانضباط. وربما قلائل من حافظوا على وتيرة ثابتة من النجاح والنجومية، بل أجزم أنه لا يوجد.
كون مهنة التمثيل السينمائي ملأى بالمنافسة والتحديات، حيث يمكن للنجوم أن يصعدوا إلى سلم الشهرة سريعًا، ولكن يمكنهم أن يسقطوا من على قمة الهرم بسرعة أكبر، وذلك نتيجة التقلبات الحياتية والتعقيدات التي يختبرونها.
بدأ فن كيج يتهاوى مع أواخر العقد الأول من القرن الحالي، وصار يختار أدوارًا مخزية لا ترتقي لمكانته. واعتبر كثير من الناس والنقاد أنه انتهى، وكونه لا يهدأ، كان يخرج بين الفترة والأخرى علينا بفيلمٍ جيدٍ إلى حدٍ ما، فيقال أنه عاد. إلا أن ذلك كان يعقبه فيلم آخر أقل من التوقعات، لتتكرر عبارة انتهى من جديد، وهكذا.
عام 2023 جاء مختلف على نجوميته، يمكن القول أنه اختبر انتعاشًا جديدًا لمهنته، بعد نجاحه في فيلم "Renfield" بشخصية "الكونت دراكولا" مصاص الدماء، مع العلم أن النص كان متواضعًا.
واليوم في "أراجيك فن" سنلقي الضوء على فيلم Sympathy for The Devil، وهو أحدث الإنتاجات الصادرة لنيكولاس كيج. هل كان الفيلم إضافة جديدة لأرشيفه السينمائي أم دعسة ناقصة؟
Sympathy For the Devil
في إحدى ليالي لاس فيغاس المظلمة، يجد أب نفسه في مآزق كبير، بعد أن اقتحم رجل غريب الأطوار سيارته، وجلس في المقعد الخلفي، ثم أجبره على قيادة السيارة تحت تهديد السلاح.
السائق يدعى “ديفيد تشامبرلين”، كان قد وصل للتو إلى المستشفى المتواجدة به زوجته، بعد دخولها مرحلة المخاض.
في البداية اعتقد السائق أنه يتعرض للسرقة، لكن الغريب بشعره الأحمر وسترته الحمراء كنجوم السيرك، يريده أن يقود به من لاس فيغاس إلى مدينة بولدر. لا مجال للمراوغة، على ديفيد الخنوع لهذه الرحلة، المثيرة للريبة والقلق، فهي رحلة صوب المجهول. لكن خاطفه طمأنه، إن اصطحبه دون إثارة البلبلة، وإن التزم بتعليماته على طول الطريق، سيبقيه على قيد الحياة. دون تقديم أي تفاصيل أو معلومات أخرى.
يدرك ديفيد من اللحظات الأولى، أنه يواجه شخصية مجنونة خطيرة، وعليه اكتناز الفرصة المناسبة والهرب، مهما كلف الآمر. إلا أن فاتورة محاولة الهرب تكلفتها باهظة جدًا، وسدادها يتطلب إراقة الدماء. ولا مشكلة لدى الغريب بحدوث ذلك وإسقاط مزيد من الجثث، فالسائق لن يتمكن الانعتاق منه، مهما جرى.
هذه الليلة السوداء لن تمر على خير، حيث العنف بازدياد بمرور الوقت، وعذاب ديفيد الجسدي والنفسي لن ينتهِ، حتى يعترف للغريب بما يريد سماعه!
هل ذاك الغريب مريض نفسي، أم أن السائق يخفي هويته الحقيقية؟.. أم أن لعبة الشيطان أقذر مما هو متوقع؟
عرض المزيد
إنتاج
2023
إخراج
يوفال أدلر
بطولة
التعاطف مع الشيطان صفقة للنجاة
في إحدى ليالي لاس فيغاس المظلمة، يجد أب نفسه في مآزق كبير، بعد أن اقتحم رجل غريب الأطوار سيارته، وجلس في المقعد الخلفي، ثم أجبره على قيادة السيارة تحت تهديد السلاح.
السائق يدعى "ديفيد تشامبرلين"، كان قد وصل للتو إلى المستشفى المتواجدة به زوجته، بعد دخولها مرحلة المخاض.
في البداية اعتقد السائق أنه يتعرض للسرقة، لكن الغريب بشعره الأحمر وسترته الحمراء كنجوم السيرك، يريده أن يقود به من لاس فيغاس إلى مدينة بولدر. لا مجال للمراوغة، على ديفيد الخنوع لهذه الرحلة، المثيرة للريبة والقلق، فهي رحلة صوب المجهول. لكن خاطفه طمأنه، إن اصطحبه دون إثارة البلبلة، وإن التزم بتعليماته على طول الطريق، سيبقيه على قيد الحياة. دون تقديم أي تفاصيل أو معلومات أخرى.
يدرك ديفيد من اللحظات الأولى، أنه يواجه شخصية مجنونة خطيرة، وعليه اكتناز الفرصة المناسبة والهرب، مهما كلف الآمر. إلا أن فاتورة محاولة الهرب تكلفتها باهظة جدًا، وسدادها يتطلب إراقة الدماء. ولا مشكلة لدى الغريب بحدوث ذلك وإسقاط مزيد من الجثث، فالسائق لن يتمكن الانعتاق منه، مهما جرى.
هذه الليلة السوداء لن تمر على خير، حيث العنف بازدياد بمرور الوقت، وعذاب ديفيد الجسدي والنفسي لن ينتهِ، حتى يعترف للغريب بما يريد سماعه!
هل ذاك الغريب مريض نفسي، أم أن السائق يخفي هويته الحقيقية؟.. أم أن لعبة الشيطان أقذر مما هو متوقع؟
يفتقد إلى جوهر الحكاية
ما يجعل مشاهدة فيلم Sympathy For the Devil مثيرًا للاهتمام، هو أن أغلب أحداثه تجري في مكان محدد ضيق وهو السيارة -تحديدًا الفصل الأول منه- وهذه النوعية من الأعمال تحاول التركيز على الأحداث والحوار.
بالإضافة إلى خلق حالة من التوتر والترقب، لمعرفة مصير الشخصيات، ومدى تطور النزاع بينها. والفيلم هنا يركز على تفاعلات البطلين، مع المكان والأفراد. مع أن النص لم يستثمر الوقت المنقضى داخل السيارة جيدًا خلال الفصل الأول، فلم نحصل على إجابات منطقية لكل ما يحصل، لا شيء سوى طرح أسئلة كثيرة، وإثارة التكهنات حول أمورٍ ربما لا صحة لها، بسبب بعض التلميحات التي يتم رميها.
مشاهد السيارة تذكرنا بفيلم للممثل "توم هاردي" بعنوان "Locke" قدمه عام 2013، يتحدث عن شخصية إيفان والذي يقود سيارته من برمنغهام إلى لندن، وخلال رحلته الليلية تلك يتلقى مكالمات طوال الفيلم من زوجته وابنته وزملاء العمل.
نرشح لك: “قليل من الرعب التقني وكثير من الجنون البشري”.. لماذا صدم المشاهدون بمسلسل Black Mirror في موسمه السادس؟
العملين ينتميان لأفلام الإثارة النفسية، والأحداث يحركها ما جرى في الماضي، لكن في لوك الماضي يظهر أكثر. التعاطف مع الشيطان يستكشف الطبيعة البشرية ودوافع العنف والانتقام، في حين لوك يتطرق لمواضيع الشعور بالمسؤولية والذنب بشكل عام هو حول مسألة الأخلاق الإنسانية. كما يرتكز على قوة بناء الشخصية الدرامية ورسم مسار الحدوتة، والحوارات الهاتفية المكثفة، فهنا لدينا شخصية واحدة.
في حين أن التعاطف مع الشيطان، يسعى نحو الإثارة والتشويق، أكثر من اعتماده على الحوار، مع أنه رحلة حساب وانتقام، لذا هو يفتقد في جوهره إلى ثقل الحكاية. ويمنح المساحة الوافرة للممثل لكي يلعب.
متهور لكن أسطورة
كثيرًا ما تم توصيف النجم الحاصل على الأوسكار لسنة 1995 عن فيلم "Leaving Las Vegas"، بالممثل الجريء، وذلك لاختلاف اختياراته الدرامية، واعتزامه المستمر على استكشاف نفسه في زوايا مختلفة من الأداء الدرامي. أيضًا بالمتهور والمجنون، باختياراتٍ لا تقترب من كلاسيكياته التي عهدناها.
صار توجهه نحو أفلام الحركة والأكشن والفيديو، التي تدر له المال. ربما يعود هذا لانحدار حياته الشخصية، فقد عانى من مشكلات مالية وقانونية، بسبب الإنفاق المبالغ فيه والديون الضريبية، وحالات الطلاق أيضًا، الأمر الذي أثر على سلوكياته في تعاطيه مع مهنته وفي مواقع التصوير. كما ساءت علاقته بالاستديوهات، تحديدًا بعد تراجعه في شباك التذاكر، وهو من كان ملكًا هناك.
قلنا أنه مع أواخر العقد الأول من القرن الواحد والعشرين وحتى الأعوام الثلاثة الماضية، قدم كثير من الأفلام السيئة والتي لم تلقى قبولًا لدى النقاد، وأيضًا الجماهير مع أن بعضها حقق إيرادات عالية. ولكنه طرح نفسه في أفلام جيدة إلى حدٍ ما، وهي التي كانت تنقذه من السقوط النهائي.
من الأفلام التي حازت مراجعات سلبية
نذكر:
The Wicker Man 2006.. Bangkok Dangerous 2008.. Trespass 2011..
Outcast 2014..
Arsenal 2017..Grand Isle 2019.
ومن الأفلام التي عدت خيارًا جيدًا، وأعادت قليلًا من الوهج لمسيرته الفنية، فيلم "The Unbearable Weight of Massive Talent" عام 2022، على الرغم من فشله تجاريًا. وهنا في الفيلم يخاطب نفسه، الممثل المهزوم والغارق بالديون، يبحث عن دورًا فنيًا له مع المخرجين والمنتجين، عله ينقذ نفسه.
وفيلم "Renfield" الذي سطر من خلاله نجاحًا لافتًا، ساهم باسترجاع ثقة محبيه بموهبته. التعاطف مع الشيطان، لم يكن بسحر شر دراكولا، لكنه يجيد صنع الهالة لمثل هذه الشخصيات، يعرف كيف يخدم المشهد وغالبًا لمصلحته، وبالتالي يرفع من سوية العمل، حتى لو كان إعداد النص ضعيفًا.
نرشح لك: فيلم Renfield.. هل يعيد نيكولاس كيدج كاريزماه بنرجسية دراكولا الدموية بعد 34 عامًا؟
لا يمكن التأكيد على أنه عاد، وبدأ بإحياء بريق الماضي، لكن مازال بمقدوره تقديم مزيدًا من العروض المميزة، كونه أسطورة سينمائية لا تموت. فهو نفسه الممثل المتحمس دائمًا للسينما، وكما صرح في السابق هو رجل أفضل عندما يعمل.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.