لماذا يعتبر الموسم الثالث لمسلسل Ted lasso مخيبًا للآمال رغم التقييمات العالية؟
17 د
يقول الفيلسوف الفرنسي الجزائري ألبير كامو :"كل ما أعرف في حياتي أنا مدين به لكرة القدم" لربما لم تكن تعرف هذا لكن ألبير كامو الفيلسوف العبثي صاحب رواية الغريب كان حارس مرمى ممتازاً لكن الفقر منعه من استكمال شغفه هذا وحول طاقته الكبيرة إلى الأدب والفلسفة من حسن حظ العالم.
إن كرة القدم هي وبلا أي شك الرياضة الأكثر شعبية في العالم لأجلها تنفق الملايين وينشغل العالم بأسره بأخبارها وتتنافس الدول الكبرى لاستضافة الحدث الكروي الأبرز كل أربع سنوات الذي هو كأس العالم.
كرة القدم أكثر بكثير من مجرد مجموعة من الرجال الذين يجرون وراء كرة صغيرة يحيط بهم مجموعة من المشجعين الأشبه بالمسعورين، إن كرة القدم عالم قائم بذاته إنها كالحياة بتقلبها وصعوبتها والانتصارات والهزائم التي تقدمها لنا.
وفي عام 2020 العام الذي نذكره جميعاً على أنه عام الحظر الصحي و جائحة كوڤيد-19 قررت منصة آبل بلاس إصدار مسلسل كوميدي من عالم اللعبة الأشهر عالمياً لنستمتع لثلاثة أعوام بالمسلسل الرائع الظريف Ted lasso والذي سنقدم في "أراجيك فن" مراجعة شاملة تفصيلية له.
Ted lasso
تبدأ أحداث الموسم الثالث بعد موسمين ناجحين، مع تيد لاسو المدرب الأميركي القادم من كانساس إلى لندن لتولي مهام تدريب فريق ريتشموند لكرة القدم، لكنها ليست كرة القدم التي يعرفها وتولى تدريب لاعبيها لفترة طويلة إنها كرة القدم ” الأخرى” تلك التي يسميها الأميركيون soccer والتي لا يفقه فيها حرفاً، تيد لاسو شخصية فريدة من نوعها إنه رجل إيجابي للغاية مرح ولطيف ويبدو أنه يعاني مشكلة معينة تمنعه من فهم الإهانات الموجهة إليه، يبدأ تيد مع صديقه الوفي المدرب بيرد التعرف على العالم الجديد إنها حبكة السمكة خارج الماء مرة أخرى تيد غريب في أرض غريبة يعاني لفهم بريطانيا وفهم هذه اللعبة الجديدة التي لا تعني شيئاً في أمريكا لكنها مسألة حياة أو موت في أوروبا.
يبدأ تيد يومه الأول بالتعرف على مديرته وصاحبة الفريق ريبيكا ويلتون التي لا ترغب في شيء قدر ما ترغب في تدمير فريق ريتشموند لأنه الشئ الوحيد الذي أحبه زوجها السابق الخائن روبرت مانيون لذا تفتق ذهنها عن خطة مثالية لتدمير الفريق إحضار مدرب كرة قدم لا يفقه شيئاً في كرة القدم رغم محاولات مدير الفريق ليزلي منعها إلا أن ريبيكا مصرة على فعل ما تريد.
يحتوي فريق ريتشموند على مجموعة غريبة من اللاعبين نجم الفريق السابق روي كنت الغاضب دوماً ونجم الفريق الحالي الغارق في نرجسيته جايمي تارت إضافة إلى حبيبة جايمي العارضة السابقة كيلي جونز التي تنعقد بينها وبين ريبيكا صداقة وطيدة بشكل فوري.
يلاقي تيد رفضاً قوياً لوجوده سواء من لاعبي الفريق أو من الجماهير المتعصبين جداً لفريقهم لكن روح تيد المرحة وإيجابيته بدأت شيئاً فشيئاً في التسلسل إلى داخل هذا العالم الغريب وتابعنا خلال ثلاثة مواسم مميزة رحلة تيد لاسو كإنسان وكزوج وكأب وكمدرب وأغرمنا بروحه البسيطة وحسه الفكاهي المميز الذي ساعده قطعاً في الصمود أمام كل العقبات التي وضعت أمامه.
عرض المزيد
إنتاج
2023
إخراج
بريندان هانت
بطولة
حكاية تيد لاسو مدرب كرة القدم "الأخرى"
تبدأ أحداث مع تيد لاسو المدرب الأميركي القادم من كانساس إلى لندن لتولي مهام تدريب فريق ريتشموند لكرة القدم، لكنها ليست كرة القدم التي يعرفها وتولى تدريب لاعبيها لفترة طويلة إنها كرة القدم " الأخرى" تلك التي يسميها الأميركيون soccer والتي لا يفقه فيها حرفاً، تيد لاسو شخصية فريدة من نوعها إنه رجل إيجابي للغاية مرح ولطيف ويبدو أنه يعاني مشكلة معينة تمنعه من فهم الإهانات الموجهة إليه.
يبدأ تيد مع صديقه الوفي المدرب بيرد التعرف على العالم الجديد إنها حبكة السمكة خارج الماء مرة أخرى تيد غريب في أرض غريبة يعاني لفهم بريطانيا وفهم هذه اللعبة الجديدة التي لا تعني شيئاً في أمريكا لكنها مسألة حياة أو موت في أوروبا.
نرشح لك: تنازلات ومفاوضات وبروتوكلات.. كيف تقدم سينما “Air” أشهر العلامات التجارية Nike؟
يبدأ تيد يومه الأول بالتعرف على مديرته وصاحبة الفريق ريبيكا ويلتون التي لا ترغب في شيء قدر ما ترغب في تدمير فريق ريتشموند لأنه الشئ الوحيد الذي أحبه زوجها السابق الخائن روبرت مانيون لذا تفتق ذهنها عن خطة مثالية لتدمير الفريق إحضار مدرب كرة قدم لا يفقه شيئاً في كرة القدم رغم محاولات مدير الفريق ليزلي منعها إلا أن ريبيكا مصرة على فعل ما تريد.
يحتوي فريق ريتشموند على مجموعة غريبة من اللاعبين نجم الفريق السابق روي كنت الغاضب دوماً ونجم الفريق الحالي الغارق في نرجسيته جايمي تارت إضافة إلى حبيبة جايمي العارضة السابقة كيلي جونز التي تنعقد بينها وبين ريبيكا صداقة وطيدة بشكل فوري.
يلاقي تيد رفضاً قوياً لوجوده سواء من لاعبي الفريق أو من الجماهير المتعصبين جداً لفريقهم لكن روح تيد المرحة وإيجابيته بدأت شيئاً فشيئاً في التسلسل إلى داخل هذا العالم الغريب وتابعنا خلال ثلاثة مواسم مميزة رحلة تيد لاسو كإنسان وكزوج وكأب وكمدرب وأغرمنا بروحه البسيطة وحسه الفكاهي المميز الذي ساعده قطعاً في الصمود أمام كل العقبات التي وضعت أمامه.
انتهت الرحلة وانطلقت صفارة النهاية، ماذا قدم الموسم الثالث من تيد لاسو؟
جاء عرض الموسم الأول من تيد لاسو في فترة مرعبة نتمنى حقاً ألا تتكرر إطلاقاً إنها فترة الحجر الصحي، لقد كان تيد لاسو العمل الأفضل لمن يريد أن يخرج من أجواء الخوف والمرض والعزلة وكان صديقاً لطيفاً في وقت صعب.
رغم أن فترة عرض حلقات الموسم الأول لم تتجاوز الـ 30 دقيقة إلا أن فترة عرض حلقات الموسم الثالث تجاوزت أحياناً الساعة
قدم هذا الموسم مواضيع عديدة ولم يكتفي بالتركيز على كرة القدم فقط رغم طول الحلقات المفرط الذي تسبب في جعل الأحداث ضائعة ومشوشة إن العمل أكثر بساطة من كل هذا التعقيد.
بدأت أحداث الموسم في المطار وانتهت في المطار، ودع تيد ابنه العائد إلى كانساس وعاد إلى فريقه المتعثر الذي توقع الجميع أن يحل الأخير في الترتيب على عكس فريق ويست هام الذي يدربه نايت الخائن لفريق ريتشموند مما جعل لاعبي ريتشموند يشعرون بالإحباط، في الوقت نفسه يطلب ترينت كريم الصحفي السابق زيارة مقر فريق ريتشموند ذلك لأنه يرغب في كتابة كتاب عنهم.
ورغم رفض الجميع لهذا الطلب وتخوفهم منه إلا أن تيد يمنحه الإذن كي يدخل إلى العالم الخاص بتيد لاسو ويتعرف عن قرب إلى طرق تدريبه، رغم اعتراضات روي كنت العنيفة والذي نكتشف لاحقاً أنه لا يزال يعاني مرارة مقال نقدي قاس كتبه ترينت عنه منذ أعوام طويلة لكن إيجابية تيد ونظرته المميزة تدخل إلى قلب روي فيقبل بوجود ترينت ويتبعه سائر الفريق.
بينما بدأت كيلي جونز شركتها الخاصة للعلاقات العامة فإنها تكافح لكسب تأييد وقبول المديرة المالية للشركة باربرا التي يبدو أنها ترى كيلي مجرد فتاة مبهرجة حمقاء خاصة بعدما وظفت صديقتها عديمة الخبرة شاندي.
أما ريبيكا فتنجح في اقتناص لاعب يوفونتس السابق زافا من براثن زوجها السابق روبرت وتضمه إلى فريق ريتشموند مما يمنح الفريق دعماً معنوياً يجعله يحقق وللمرة الأولى في تاريخه سلسلة متتالية من الانتصارات.
لكن صعود ريتشموند قابله هبوط كبير في حياة تيد الذي يخفي الكثير من المعاناة خلف ابتسامته المشجعة الودود حيث اكتشف أن زوجته السابقة ميشيل بدأت بمواعدة الدكتور جايكوب المعالج السابق للزوجين مما كاد أن يحطمه تماماً إذ لا يزال تيد مغرماً بزوجته حتى بعد انفصالهما.
تلتقي كيلي بجاك المرأة التي تدير شركة رأس المال التي استثمرت في شركة العلاقات العامة الخاصة بها وتصبحان ثنائياً غير متكافئ، في نفس الوقت يستعد ريتشموند للمباراة التي طال انتظارها ضد وست هام حيث لم يلتق تيد ونيت ببعضهما منذ رحيل الأخير الغاضب عن ريتشموند وانتهت المباراة بخسارة فادحة جداً لريتشموند تليها سلسلة خسائر مؤلمة للفريق لكن مباراة ودية في هولندا تمنح تيد فكرة مختلفة للتدريب تقلب الموازين لصالح ريتشموند.
لم يركز الموسم على كرة القدم فحسب بل استعرض حياة اللاعبين خارج الملعب أيضاً إذ عرفنا قصة كولين الذي يخفي مثليته عن كل رفاقه خوفاً من التهجم عليه أو عدم فهمه كذلك استعرض قصة سام المهاجر النيجيري الذي عانى من العنصرية القوية تجاهه وتجاه مطعمه الخاص بعد ملاسنة مع وزير عنصري إضافة إلى مزيد من الحبكات والقصص التي ابتعدت عن عالم كرة القدم برأي البعض مما جعله متخبطاً عشوائياً ابتعد عن تيد نفسه.
لقد كان الموسم الثالث أضعف من الموسمين الماضيين من عدة نواح لكنه على أقل تقدير قدم نهاية ممتازة لرحلة تيد لاسو وبقية الشخصيات التي أحببناها جميعاً كما استعرض قضايا مهمة لا يعطيها الإعلام الاهتمام المناسب حسب رأي صناع العمل لعل هذا ما دفعهم إلى تسليط الضوء عليها بطريقتهم الخاصة.
قضايا مصيرية
منذ الموسم الأول لم يكن تركيز العمل المطلق على اللعبة نفسها رغم أنه أبدع في هذه الناحية إذ كان تركيز العمل الأكبر على اللاعبين وحياتهم خارج الملعب.
بشكل غريب يعتقد أغلب مشجعي كرة القدم أن لاعب كرة القدم لا حياة له سوى أن يلعب لا يحق له اتخاذ موقف معين أو الدخول في علاقة أو إنشاء أسرة وقد رأينا كثيراً في عالمنا الواقعي كيف يتدخل المشجعون وبشكل سافر في حياة اللاعبين الخاصة دون تقدير لظروفهم الشخصية مثلما حدث مع اللاعب الأسطوري كريستيانو رونالدو الذي تحطم بسبب وفاة طفله الرضيع لكن الجماهير لم ترحمه ولم تقدر ألمه الذي أثر في مستوى لعبه.
إن كونك لاعب كرة قدم ليس بالأمر السهل ولا تقتصر الصعوبة على التدريبات المكثفة الدائمة أو على الإرهاق الجسدي الذي يسببه الجري لمدة 90 دقيقة أو أكثر في كل مباراة إن الصعوبة الأكبر هو الضغط النفسي، إن كونك لاعب كرة قدم يعني أن تحمل أحلام وآمال آلاف أو ملايين المشجعين أحياناً فوق كاهلك ويعني أيضاً أن تحمل مسؤولية خيبة أملهم وحزنهم وغضبهم لو أن فريقك خسر المباراة أو لعبت بشكل سيء، من الذي يمكن أن يتحمل ضغطاً هائلاً كهذا ويبقى عاقلاً؟
رأينا في الموسم الثاني كيف بدأ تيد ولاعبو الفريق الآخرون باللجوء إلى طبيبة نفسية محترفة للتعامل مع الضغط الشديد الذي بتعرضون له، صحيح أن المسلسل غلف هذا بالكوميديا لكن مشاهدة هؤلاء الأشخاص منهارين محبطين بسبب خسارة لعبة أو بسبب تخييب أمل الجماهير كان أمراً مؤلماً.
أما في الموسم الثالث فقد خرج المسلسل قليلاً عن عالم كرة القدم وركز أكثر على حياة اللاعبين ليس كلاعبين بل كأشخاص حيث استطعنا أن نتفاعل معهم كأناس عاديين خارج الملعب رأينا قصة سام أوبيسانيا الذي تعرض مطعمه النايجيري للتخريب فقط لأنه أعلن موقفه المضاد لموقف أحد الوزراء في الحكومة البريطانية العنصري ضد المهاجرين وخيبة أمله الشديدة من استبعاده من تمثيل منتخب بلاده الشرف الذي يطمح إليه كل لاعبي كرة القدم فقط لأنه أغضب المليونير أكوفو عندما رفض عرضاً قدمه له سابقاً.
كما أننا تابعنا قصة كولين الذي أخفى لأعوام مثليته خوفاً من ردة فعل الإعلام والجماهير وحتى رفاقه في الفريق خاصة أن هذا الأمر لا يزال يعتبر من المحرمات في عالم كرة القدم.
في عالم الواقع أعلن عدد من اللاعبين مثليتهم في الأعوام الأخيرة مثل جوش كافالو الأسترالي الذي يلعب في أتلايد يونايتد الذي أعلن مثليته العام الماضي وغيره كثيرون، لقد حاول العمل تسليط الضوء على قضية أن حياة اللاعب الشخصية لا دخل لها إطلاقاً بمهارته في اللعب وأن هذا الأمر يخصه وحده ولا يحق لأحد الحكم عليه.
وقد تحدث بريندن هنت الذي قام بدور المدرب بيرد والذي شارك أيضاً في كتابة المسلسل إلى RadioTimes حيث صرح قائلاً: " لقد عرفنا منذ فترة أن كولين كان مثلياً لقد كانت مجرد مسألة متى سنصل إلى ذلك أخيرًا، لا يزال هذا من المحرمات في كرة القدم، لكن هناك المزيد من اللاعبين النشطين الذين يعلنون أنفسهم، كان هناك جوش كافالو في أستراليا العام الماضي، وجاكوب يانكتو في جمهورية التشيك هذا العام، وجايك دانيلز في بلاكبول، إنه مجرد جزء مما يحدث في كرة القدم قد نكون نادي كرة قدم خيالي لكننا نحاول إظهار القليل من واقع كرة القدم هنا".
قد تتفق وقد تختلف مع رؤية العمل لكن الأمر الوحيد المؤكد هو أن حياة اللاعب تخصه وحده فقط.
لم يكن كولين وقصته القضية الوحيدة التي عرضها المسلسل إذ أنه عرض قضية أكثر أهمية ألا وهي تصرفات المشجعين في الملعب، وقد شاهدنا عبر المواسم الإهانات التي تلقاها المدرب تيد لاسو خاصة في الموسم الأول والشتائم التي تعرض لها من قبل الجماهير حتى مع وجود ابنه في الملعب ولو كان شخص آخر أقل إيجابية من تيد لانهار تحت الضغط لكن رأينا في إحدى حلقات الموسم الثالث شيئاً أشد قسوة حيث انفعل أحد مشجعي ريتشموند بعد الأداء المتخبط من قائد الفريق أيزاك ماكادو وشتمه بـ"الكلمة المحرمة" مما جعل ماكادو ينفعل بشدة ويهجم على المشجع ليطرد الاثنان من الملعب.
لاحقاً ومع عقد المؤتمر الصحفي تحدث روي كنت للمرة الأولى للصحافة وقدم خطاباً مؤثراً شرح فيه أن اللاعب ليس آلة إنه إنسان طبيعي يحزن ويكتئب ويمر بأوقات عصبية وشرائك لتذكرة المباراة لا يعني إطلاقاً أنك امتلكت هذا اللاعب أو أنك تمتلك أي حق في إهانته اللاعب يحتاج جمهوره لكن على الجمهور احترام وتقدير اللاعب بالمقابل.
وكأنما تحول الخيال إلى حقيقة فقد شاهدنا وبألم ما حدث منذ بضعة أسابيع مع لاعب ريال مدريد البرازيلي فينسيوس جونيور الذي تعرض لهتافات عنصرية وقحة من جماهير ڤالنسيا وصفته بـ"القرد" مما جعل المباراة تتحول إلى ساحة معركة خرج منها فينسيوس دامعاً.
وقد أثارت هذه القضية جدلاً كبيراً امتد إلى أصقاع الأرض وقدم كثير من اللاعبين دعمهم لفيني إضافة إلى رئيس البرازيل والجماهير أيضاً كما قدم نادي ريال مدريد الدعم الكبير للاعبه موضحين أن لا مكان للعنصرية والكراهية في كرة القدم إنها لعبة الشغف والحماس لا الشتم والإهانات، يبدو أن مسلسل تيد لاسو استبق الأحداث بطريقة ما ولم تكن هذه النبوءة الوحيدة للعمل.
هل تنبأ المسلسل باعتزال السلطان؟
يبدو أن صناع مسلسل تيد لاسو يمتلكون نفاذ بصيرة مبهر، في الموسم الثالث قدم العمل شخصية جديدة للاعب عبقري ذو تسديدات دقيقة إعجازية، كثير التنقل بين النوادي غريب الأطوار مغرور بشكل مستفز يدعى زافا جسده ماكسيميليان أوسينسكي ألا يذكرك هذا بلاعب شهير في عالم الواقع؟
لقد تم اقتباس شخصية زافا من شخصية اللاعبا لسويدي الأعجوبة السلطان زلاتان ابراهيموڤيتش المميز دوماً بأناقته وتسريحته الشهيرة وطبعاً تصريحاته الغريبة المسلية ولسانه القاسي السليط، أثناء أحداث المسلسل يقرر زافا أن يعتزل كرة القدم ويتفرغ لمزرعة الأفوكادو الخاصة به لينهي مسيرته الحافلة كلاعب كرة قدم محترف.
ويبدو أن صناع العمل تنبأوا بالمستقبل بشكل ما إذ أنه ومنذ أيام قليلة أعلن زلاتان ابراهيموڤيتش اعتزاله كرة القدم عن عمر يناهز 41 عاماً لكنه على عكس زافا الذي اعتزل بشكل صادم سريع، ودعنا وودع جماهير ميلان وداعاً أسطورياً حزيناً ذرف فيه الجميع الدموع حتى السلطان الذي اشتهر بصلابته وقوته، إن ابراهيموڤيتش هو واحد من أساطير كرة القدم الذين لن ينسوا أبداً مثل مارادونا وبيليه ورونالدينو وغيرهم الكثير ستفتقده ملاعب الكرة طويلاً وبشكل أو بآخر كان وجود زافا تحية وداع لطيفة من المسلسل لأسطورة كروية.
تطور الشخصيات
عبر المواسم تعرفنا على كثير من الشخصيات المميزة في عالم تيد لاسو الكروي وقد شاهدنا وبمتعة التطور الحاصل لكل منهم وتشعب العلاقات بينهم خاصة تلك التي أنتجت صداقة مميزة أضافت الكثير للعمل.
بداية مع تيد لاسو حسناً لم يتغير تيد كثيراً لا يزال الرجل المرح الإيجابي والمدرب الرائع الذي يعامل لاعبيه كأنهم أولاده لكن في الموسم الثالث رأينا تيد ممزقاً بين حبه لريتشموند والحياة التي أنشأها في لندن وبين شوقه إلى ابنه البعيد عنه، لقد كشف لنا الموسم الثالث الألم والخوف المختفي تحت غطاء اللطف والدماثة داخل تيد إنه رجل مدمر حزين مضطرب لكنه مصر على مواجهة العالم بالابتسامة الخارجة من تحت شاربه الكث وهذا أكثر ما نعشقه في هذا المدرب.
أمًا روي كنت فقد كان دائماً الرجل الغاضب الحانق ورأينا اعتزاله لكرة القدم وتوجهه نحو التعليق الرياضي ثم عاد مجدداً إلى ريتشموند كي يكون مدرباً لفريقه السابق، لقد استنتجنا ومنذ الموسم الأول أن روي كنت يخفي داخل قسوته وصوته الجهوري روحاً لطيفة محبة لا تظهر إلا على يدي فيبي ابنة شقيقته الظريفة كما أحببنا علاقته بكيلي التي غيرته كثيراً وآلمنا انفصالهما، في الحقيقة روي كنت هو أكثر شخصية محبوبة في مسلسل تيد لاسو بل أن هناك مقترحات لإطلاق مسلسل خاص به، سيكون هذا رائعاً لو حصل.
ولعل التطور الأكبر كان من نصيب جايمي تارت الذي تعرفنا عليه لاعباً مميزاً رائعاً بشخصية مستفزة وقحة لقد عاد جايمي إلى ريتشموند متخلياً عن فريق مدينته الأم إذ كشفت الأحداث أن ما يحتاج إليه جايمي تارت كلاعب كرة قدم ليس التشجيع القاسي.
والضغط بل الحب الأبوي والفخر وهو ما منحه إياه تيد رغم أن جايمي تسبب في هبوط ريتشموند إلى دوري الدرجة الثانية لقد أصبح جايمي شخصاً محباً لطيفاً واستمر في كونه لاعباً مميزاً ونشأت علاقة صداقة مميزة بينه وبين روي عدوه السابق الذي قرر أن يتولى تدريبه بعدما بدأ جايمي يشعر بالنقص أمام زافا لقد كانت المواقف الكوميدية بينهما أفضل ما حدث في الموسم الثالث.
أما نايت شيلي حسناً يمكن أن نقول أن شخصيته تحولت إلى كتلة من النرجسية والبغض لقد وجد عامل التنظيف السابق نفسه نجماً فدار رأسه وبدأ يتصرف كما ينبغي للنجم أن يكون في رأيه وقح كريه متكبر لا ريب أن تأثير روبرت مانيون عليه كان غاية في السوء لكن وفي أعماق أعماقه كان يرغب في العودة إلى البيت إلى نادي ريتشموند والإحساس بالأمان والصداقة إلى جانب تيد.
نرشح لك: مسلسلات عليك مشاهدتها إذا أعجبتك سلسلة الإثارة والتشويق The Walking Dead!
في هذا الموسم رأينا كيلي تفتتح وكالتها الخاصة بها لتصبح امرأة أعمال مميزة بعدما بدأت سابقاً في تمثيل لاعبي الفريق إعلانياً ولاقت نجاحاً لافتاً في هذا المجال لقد كبرت العارضة المدللة وأصبحت سيدة أعمال لكن الأمور تنقلب عليها بعد ارتباطها بجاك فاحشة الثراء وصاحبة الشركة الراعية لشركتها الصغيرة ومع تسريب مقطع جنسي لكيلي تنفصل عن جاك لتخسر شركتها لكن ريبيكا تهب لنجدتها بمبلغ مالي كفيل بإنهاض الشركة على أقدامها وكسب حب واحترام باربرا المديرة المالية غريبة الأطوار.
أما ريبيكا التي كانت تكره فريق ريتشموند وترغب في تدميره فقد استطاع تيد الدخول إلى أعماقها ودفعها إلى مصارحته بما فعلته لتدمير الفريق، لقد نضجت ريبيكا وتحولت من امرأة حانقة إلى امرأة من حديد ووقعت في سحر كرة القدم وأصبحت أول من يشجع ويهتف لريتشموند الذي نهض من عثرته في الموسم الثاني واستطاع العودة إلى الدور الأول بجهود لاعبيه وطبعاً المدرب الرائع تيد لاسو يبدو أن تأثير لاسو أصاب ريبيكا أيضاً ووقعت في سحر هذا العالم الرائع عالم الكرة الصغيرة.
لم يكتفي العمل باستعراض حياة هؤلاء الشخصيات فقط إذ أن كل لاعب في ريتشموند في الموسم الثالث خاصة نال نصيبه من الاهتمام والتعاطف سام داني وزرو الذي قرر أن يصبح اسمه فاندام وماكادو كل هؤلاء أصبحوا أشخاصاً واقعيين في حياتنا حتى أننا أصبحنا نعرف لاعبي ريتشموند أكثر مما نعرف لاعبي بوروسيا دورتموند مثلاً..
إنها أكثر من مجرد لعبة
" أعني، كم من المال يحتاجه أي منكم حقاً؟ لماذا قد تفكرون في أخذ شيء يعني الكثير للناس بعيداً عنهم؟ هذه ليست لعبة كرة القدم ليست مجرد لعبة إنها واحدة من تلك الأشياء المدهشة في الحياة التي يمكن أن تجعلك تشعر بالضيق في لحظة ما.. وبعد ذلك يبدو الأمر كما لو كان صباح عيد الميلاد في اليوم التالي. إنها قادرة على جعل الأشخاص العاديين أبطالاً وأشراراً
الناس يحبون هذه اللعبة والدي أحب هذه اللعبة جميعكم تحبون هذه اللعبة، أنا متأكدة من ذلك.
كوننا نمتلك هذه الفرق لا يعني أنها تنتمي إلينا، ولا أريد أن أكون جزءاً من شيء يمكن أن يدمر هذه اللعبة الجميلة لأنني أكره أن يفقد كل هؤلاء الأطفال واليافعين إمكانية الوصول إلى هذا الجزء الجميل والعاطفي من أنفسهم."
كانت هذه كلمات ريبيكا ويلتون النابعة من القلب في إحدى حلقات المسلسل في الموسم الأخير عندما تمت دعوتها مع أصحاب الفرق الآخرين لمناقشة إقامة دوري الـ Super league الذي اقترحه الميلونير الإفريقي أكوفو حيث لا يلعب ..فيه إلا أغنى وأثرى الأندية
لقد عبر خطاب ريبيكا عن الفكرة التي قام عليها العمل كله، إنه سحر كرة القدم لقد عرفنا ريبيكا كارهة للعبة وراغبة فقط في تدمير فريق روبرت الأثير لكنها لم تستطع مقاومة السحر أكثر من هذا وأدركت ما أدركه ملايين المشجعين منذ قديم الأزل، كرة القدم أكثر بكثير من مجرد لعبة، إنها حياة كاملة فيها الفرح والحزن والشغف واليأس.
لقد نجح العمل نجاحاً لافتاً في نقل حماس كرة القدم وسحرها وكانت المباريات التي تجري خلال أحداث المسلسل مليئة بالحماس الذي يجعلك تصرخ وتكاد تقفز من مقعدك كلما اقترب فريق ريتشموند من تحقيق النصر كأنها مباراة حقيقية تجري أمامك.
رغم أن كرة القدم لا تملك الكثير من الشعبية في الولايات المتحدة إلا أن تيد لاسو جذب كثيراً من المشاهدين الأمريكيين وحقق نسب مشاهدات مرتفعة في أمريكا، لو كان غرض صناع العمل جذب الأمريكيين إلى كرة القدم "الأخرى" فقد أحسنوا صنعاً، تيد لاسو عمل يجعلك تعشق كرة القدم وتستسلم لسحرها حتى لو لم تعرف شيئاً عن اللعبة قبل الآن إنه السحر الذي لا يمكن أن يقاوم.
رغم التقييمات العالية، لماذا اعتبر الموسم الثالث مخيباً للآمال؟
نال الموسم الثالث من تيد لاسو تقييمات مرتفعة على مواقع التقييمات العالمية سواء من النقاد أو المشاهدين كما أنه حقق معدلات مشاهدة مرتفعة لكن ورغم هذا كله وجد العديد من المتابعين هذا الموسم خيبة أمل مقارنة بالمواسم السابقة.
بداية كان الاعتراض على وقت تشغيل الحلقات إذ تجاوز زمن تشغيل بعض حلقات الموسم الثالث الساعة الكاملة مما جعل الأحداث مشوشة مشتتة خاصة أن العمل تطرق إلى قصص فرعية كثيرة ولم يركز كما ينبغي على شخصية تيد وفريق ريتشموند بقدر ما ركز على العلاقة الشخصية لكيلي وحياة جايمي وقصته مع والده السكير المسيء حتى أن البعض رأى أن الموسم كان يمكن اختصاره للنصف وكان سيبقى جيداً دون كل هذا التطويل.
إضافة إلى ذلك وجد الكثير من المتابعين بعض الحلقات مملة وأن وجودها كان حشواً لا داعي له مثل حلقة Sunflower التي كانت سادس حلقات الموسم وجرت أحداثها في أمستردام حيث شبهها البعض بحلقة الذبابة من المسلسل الأسطوري Breaking .Bad
ومع ذلك رأى قسم آخر أن الحلقة كانت مثالية عاطفية وحاسمة لم تخلُ تماماً من الكوميديا خاصة أن تيد خرج فيها بفكرة تدريب الفريق على أسلوب التيكي تاكا الذي اشتهر به بيب غوارديولا الذي حل ضيفاً مفاجئاً في المسلسل وقد حققت خطة تيد التدريبية لريتشموند فوزاً طال انتظاره. رغم كل الانتقادات والاعتراضات لا يمكن لأي شخص إنكار المتعة والجاذبية التي يحملها مسلسل تيد لاسو.
لا وداع أفضل من هذا
كانت الحلقة الأخيرة مزيجاً مربكاً من المشاعر المتضاربة، الحزن والسعادة والضحك والاشتياق ، لقد كانت وداعاً عاطفياً لكل شخصية أحببناها وتعلقنا بها عبر ثلاث سنوات هي عمر المسلسل.
ركز العمل على مأساة تيد الوجودية وآن الأوان كي يتخذ قراره ريتشموند أو عائلته، واختار تيد الرحيل بعدما أصبح المدرب رقم واحد في بريطانيا وحول فريق ريتشموند إلى فريق من الدرجة الأولى بمساعدة بيرد الذي عرفنا تاريخه المظلم والذي قرر أن يلاحق حبه ويبقى في بريطانيا كأنما يريد أن يقول لنا أن التغيير مؤلم لكنه ضروري أما تيد فقد عاد إلى ابنه وإلى كانساس ليصبح مدرباً لفريق ابنه ولم يهمل العمل إعطاء ختام لطيف لكل شخصية أحببناها من شخصيات العمل.
لربما كان الموسم الثالث ضعيفاً مشوشاً لكنه قدم حلقة نهائية مثالية جعلتنا في فوضى من المشاعر بين الحزن على وداع نيد والضحك على المواقف الكوميدية الحاصلة ضمن الحلقة.
لقد قدم العمل خاتمة مقبولة لكل شخصية من الشخصيات وكان أفضل وداع يمكننا أن نحظى به في الواقع ذكرتنا الحلقة الأخيرة بالسبب الذي جعلنا نحب هؤلاء الأشخاص والسبب الذي نصرخ لأجله بأعلى صوتنا عند مشاهدتنا لمباراة رياضية إن تيد لاسو عمل ينبغي عدم تفويته.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.
الموضوع أطول من حلقات المسلسل ..
عموماً شكرا لجهودكم الطيبة