🎞️ Netflix

The Boy and The Heron رسالة صبي عجوز من وحي الحرب.. لماذا نراه فيلم ميازاكي الأخير؟

The Boy and The Heron رسالة صبي عجوز من وحي الحرب.. لماذا نراه فيلم ميازاكي الأخير _ أراجيك فن
ساندي ليلى
ساندي ليلى

12 د

"الرجال العجائز يعلنون الحرب ولكن الشباب هم من ينبغي عليهم القتال والموت" الرئيس الأمريكي الـ31 هربرت هوفر .. لا ريب أن الحروب بدأت مع بداية البشرية، إن الإنسان كائن أناني جداً لا يرغب أبداً في مقاسمة أملاكه مع أي إنسان آخر، لا يصعب علينا تخيل الحروب والنزاعات التي خاضها الإنسان القديم لأجل اللحم أو المأوى.

 تطورت البشرية وتطورت أسباب الحروب وأساليبها أيضاً وأصبح البشر يتقاتلون لأجل أسباب غريبة مثل العرق والعقيدة والثروة لكن الضحايا بقوا هم أنفسهم الأطفال، إن أكثر من يتضرر عند إندلاع الحرب هم الأطفال ولا نقصد بالضرر الموت إنما نقصد الخسارات واليتم والجوع، إن الحرب تترك أثراً نفسياً لا يمحى في روح البالغ أما الطفل فإن الحرب تلتهم روحه بأكملها.

كثيرة هي الحروب حتى إن حصرها أمر عسير لكن يمكن لنا القول إن الحرب العالمية الثانية كانت أشهر الحروب وأبرزها، إنها الحرب التي غيرت خريطة العالم السياسة وأوقعت ملايين الضحايا وشهد التاريخ إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما وناغازاكي قرب انتهائها لتصبح حدثاً تاريخياً دامياً في قلب البشرية.

انتهت الحرب منذ عقود لكن الأطفال الذين شهدوها كبروا بأرواح مثقلة بالموت والخوف والخسارة وبعضهم وجد في رقي عالم الفن مهرباً من كل ذلك الألم فقدموا لنا أعمالاً حربية أسطورية لا تنسى.

ومن وحي الحرب والخوف والدمار قدم لنا الفنان الأسطوري هاياو ميازاكي فيلماً يمكن لنا وصفه بالأسطوري بلا أي مبالغة حمل عنواناً مميزاً هو The Boy and The Heron أي الصبي ومالك الحزين الذي عرض خارج اليابان للمرة الأولى في مهرجان تورنتو السينمائي.

واستطاع جذب اهتمام النقاد وقلوبهم أيضاً بقصة فريدة مميزة لينضم إلى الإرث الكبير الذي خلقة مؤسس استديو جيبلي الشهير والذي قدم لنا روائع نجحت في اقتناص جوائز الأوسكار مثل فيلم Spirited away الذي يعتبره الكثيرون أفضل ما قدمه ميازاكي.

لكن يبدو أن الصبي ومالك الحزين سيزيح Spirited Away عن عرشه خاصة أن كثيرين وجدوا أنه كان أصدق انعكاس لطفولة وروح مبدعه المعذبة؛ فما الذي يميز هذا الفيلم؟ ولماذا نشعر أنه آخر ما قد يقدمه لنا ميازاكي؟ سنجيب عن هذه الأسئلة اليوم في "أراجيك فن" ونتحدث عن فيلم مميز يعج بالمغامرة والخيال والسحر فلنبدأ معاً..

7.5/10
إعلان الفيلم

صفحة IMDb

تقييم أراجيك

The Boy and the Heron

من خلال لقاءاته مع أصدقائه وعمه، يتبع التطور النفسي لصبي في سن المراهقة. يدخل عالمًا سحريًا بعد العثور على برج مهجور في بلدته الجديدة، ومن ثمً تتوالى الصراعات والمفاجاَت. مدة الفيلم يأتي في 125 دقيقة. قام بالأداء الصوتي الياباني ماساكي سودا، يوشينو كيمورا، سوما سانتوكو، فيما يجسد الأداء الصوتي الإنجليزي كريستيان بايل، مارك هاميل، روبرت باتنسون. والموسيقى التصويرية بواسطة كينشي يونيزو، جو هيسايشي.

عرض المزيد

  • name

    مناسب من عمر 4 سنوات فما فوق.

  • إنتاج

    2023
  • إخراج

    هاياو ميازاكي

بطولة

ماساكي سودا،
يوشينو كيمورا،
سوما سانتوكو،
كريستيان بايل،
مارك هاميل،
روبرت باتنسون

النوع

دراما،

حكاية صبي خسر العالم

تدور أحداث الفيلم في أحلك أوقات تاريخ اليابان الحرب العالمية الثانية أو ما يعرف باسم حرب المحيط الهادئ عام 1943 حيث يخسر ماهيتو ماكي ذو الـ12 عاماً والدته هيساكو في حريق اندلع في مشفى طوكيو.

بعد مرور عام يتزوج والد ماهيكو شويتشي صاحب مصنع الذخائر الجوية مجدداً من شقيقة زوجته الراحلة ناتسوكو ويتم إجلاؤهم إلى منزلها في الريف الذي يعج بكثير من الجدات المسنات ككثير من اليابانيين الذين هربوا إلى الريف خوفاً من قذائف الحرب وصواريخها.

يكافح ماهيتو للتأقلم مع الحياة الجديدة وصراعه مع الحزن خاصة أن علاقته مع زوجة أبيه الحامل لم تكن جيدة على الإطلاق، لكن أكثر ما ضايقه كان مالك الحزين الغامض الذي يطارده في كل مكان وأثناء إحدى المطاردات يكتشف ماهيتو برجاً مدمراً مغلقاً في الغابة القريبة من المنزل فيصنع لنفسه قوساً وسهماً من ريش مالك الحزين.

أثناء عودته إلى المنزل وبعد قتال مع أطفال المدارس الآخرين قام ماهيتو بإصابة رأسه عمدًا بحجر وعندما يذهب للبيت يجد هناك نسخة من رواية أخبرني كيف تعيش؟ وبداخلها خط يد والدته حيث كانت تنوي تقديمه له عندما يكبر لكن قراءته للكتاب تنقطع عندما تبدأ الجدات بالبحث عن ناتسوكو المفقودة المريضة بسبب حملها والتي رآها ماهيتو في طريقها إلى البرج.

يصل ماهيتو إلى البرج الذي بناه عم ماهيتو المهندس المعماري الشهير قبل أن يختفي برفقة واحدة من الخادمات العجائز كيريكو وهناك يكتشف ماهيتو أن مالك الحزين قادر على الكلام حيث يسخر منه ويدعي أن والدته هيساكو على قيد الحياة ويطلب من ماهيتو دخول البرج لإنقاذها هي وناتسوكو.

بمجرد دخول البرج يظهر مالك الحزين لماهيتو وهماً مائياً يشبه والدته تماماً فيطلق عليه سهماً يخترق منقاره ليكشف عن حقيقته مجرد رجل صغير بأنف ضخم ليخوض ماهيتو مغامرات خيالية في العالم السحري الذي دخله مع مالك الحزين والعجوز كيريكو والنسخة الشابة منها هيمي ليحاولوا النجاة من هذا العالم الجنوني الغريب المفعم بالأسرار والمخلوقات الغريبة المتوحشة.

يبدو الفيلم في الوهلة الأولى مشابهاً لأفلام ميازاكي الشهيرة عالم سحري يخترقه طفل شجاع لتتغير وجهة نظره في الحياة، نعم لقد احتوى الفيلم كل ما اعتدنا عليه من أفلام جيبلي السحر والمخلوقات الخيالية والأطفال الذين يمتلكون قوى لم يعرفوا بوجودها.

لقد كان هذا المزيج الرائع هو ما جعل أفلام جيبلي ما هي عليه، لم يكن الفتى ومالك الحزين مجرد فيلم آخر عن عالم مغامرات خيالي إنما هو رحلة إنسانية فلسفية تكشف أعماقاً نفسية لتحكي قصة طفل عاش تجربة مريرة تفوق عمره الصغير بأعوام تجربة حملت له كماً كبيراً من الحزن والألم والفقدان.


هل ماهيتو نسخة ميازاكي الطفولية؟ 

فيديو يوتيوب

كسائر أفلام ميازاكي تدور أحداث فيلم The Boy and the Heron حول تلك المخاوف المكبوتة وصدمات الطفولة التي تحكم أغلب أطفال الحروب كبطله ماهيتو ولد هاياو ميازاكي عام 1941 في خضم عالم يغلي بالخوف والقلق ألمانيا النازية تكتسح أوروبا اليابان مصرة على فرض نفسها كقوة سياسية، أحداث متفرقة أدت إلى كارثة بشرية عرفت لاحقاً باسم الحرب العالمية الثانية.

عند النظر إلى شخصية ماهيتو ماكي سنجد الكثير من القواسم المشتركة بينه وبين مبدعه العبقري إذ كان والد ميازاكي مثل والد ماهيتو يعمل لدى شركة تعمل في تصنيع مكونات الطائرات المقاتلة كما أن عائلة ميازاكي اضطرت للجوء إلى الريف هرباً من جحيم الحرب فيما يذكرنا الحريق الذي فقد فيه ماهيتو والدته بفقدان ميازاكي لأمه التي كانت دومًا مصدرًا لإلهام حقيقي لشخصياته النسائية القوية.

كان ماهيتو بطريقة أو بأخرى انعكاساً لطفولة ميازاكي المعذبة ورغبته الطفولية الدائمة في إنقاذ أمه تجلت هذه الرغبة بوضوح عندما ركزت أحداث الفيلم على تلك المغامرة التي خاضها ماهيتو طوال الفيلم لإنقاذ أمه الجديدة ناتسوكو التي تحمل الكثير من روح أختها، لن تعود أمه له لكن شيئاً من روحها يتواجد هناك في قلب ناتسوكو.

يردد الفيلم رسائل إنسانية عميقة وصدى روح أصيلة ظهرت أصداؤها في أفلام سابقة مثل Spirited Away وMy Neighbor Totoro، و Howl's Moving Castle لكن الصبي ومالك الحزين كان تجسيداً لقصة ميازاكي الإنسان إنها حكاية رجل عجوز اقتربت نهايته أراد أن يرسم بوضوح شديد الخطوط التي ألهمته عندما كان هو نفسه صغيراً وأن يحكي قصة طفل مزقته الحرب التي لا يعرف لما بدأت.

يذكرنا الفيلم بطريقة ما بفيلم أليس في بلاد العجائب إنه في خلاصة الأمر مزيج متقن لعالم حقيقي مزقته الحرب وآخر خيالي غريب اخترقه طفل وحيد وجد نفسه فجأة بطلاً في مغامرة جعلته يدرك حقيقة العائلة والخوف والحب وأن الموت شيء ينبغي تقبله وقد يكون بداية جديدة لا نهاية حتمية لكل شيء.

أليس كانت مجرد طفلة حالمة تلهو وتجري مع أرنب أبيض أما ماهيتو كان طفلاً أثقله الحزن والفقدان والحرب التي أبدع ميازاكي في تصوير رعبها صفارات إنذار تعوي كالذئاب حرائق مميتة الرعب والخوف يحكم وجوه كل الشخصيات لا حدود لرعب الحرب. 

لقد استطعنا أن نستشعر وجود روح ميازاكي في كل زاوية من زوايا الفيلم، كان ميازاكي هناك أكثر من أي فيلم آخر لعل أبرز تلك التجسدات كانت في الكتاب الذي وجده ماهيتو هدية من أمه كتاب كيف تعيش الذي كان كتاب طفولة ميازاكي المفضل والذي اقتبس منه فيلمه الرائع.

يشعرك الفيلم أنه حلم أو رؤية شخصية لميازاكي يحاول فيه إعادة استكشاف ذاته قرب النهاية مع الحفاظ على تلك الروح الساحرة الخيالية التي خلقت وتخلق منذ أعوام، عوالم أذهلتنا وجعلتنا لساعات معدودة مسحورين بعالم تمنينا حقاً لو كان حقيقة واقعة.


رسم يدوي ساحر 

في عالم يحكمه التطور التقني وصور الـ CGI أذهلنا هاياو ميازاكي بفيلم مرسوم بالكامل رسماً يدوياً رافضاً بشكل قاطع استخدام أي نوع من التقنيات الحديثة، لقد أراد تقديم تحفة فنية برسم يدوي احترافي اهتم بأدق التفاصيل وأجملها ليحافظ بذلك على الهوية البصرية الفريدة التي جعلت من استوديو جيبلي ما هو عليه اليوم.

نرشح لك:  أفلام فشلت في إقناع الجمهور والنقاد بحداثة سينما الـ CGI.. وإليكم الأسباب!
 لطالما كانت رسوم استديو جيبلي مميزة بكل تلك التفاصيل الدقيقة الاحترافية مناظر طبيعة رائعة أجمل من الحقيقة منازل ساحرة تجعلك ترغب وبشدة في العيش داخلها شخصيات بعيون واسعة ووجوه على شكل دائرة وبالطبع الكثير من مخلوقات الـ Totoro التي أصبحت رمزاً للاستديو وعلامة فارقة تميزه، كان فيلم الصبي ومالك الحزين وببساطة مذهلاً بصرياً ساحراً خيالياً استطاع الدمج بين الواقع والخيال ببراعة جعلتهما شيئاً واحداً.

لربما انتقل ماهيتو إلى عالم سحري لكن دقة الرسم المميزة جعلت العالم السحري أكثر سحراً وتفرداً بألوان غنية دافئة تتداخل مع ألوان قاتمة باردة تعطي الانطباع المطلوب بذلك التمزق الذي حكم عالم ماهيتو؛ إنه طفل يرغب في قليل من السعادة لكن الحزن جاثم على قلبه يغرقه في أمواج من الألم الذي يفوق عمره حزن نشعر بثقله منذ أول لحظة. 

بملامح مرسومة بدقة استطاع ماهيتو سلب قلوبنا وجعلنا مندمجين بتفاصيل مغامراته التي تحمل كل سمات ميازاكي المعهودة الحيوانات المجسمة الناطقة مالك الحزين ذو الفك البشري والجدات الصغيرات الحجم ذوات ملامح الوجه المميزة والعيون المذهولة التي تجعلك تشك أنها مخلوقات سحرية هي الأخرى.

ولابد من بعض مشاهد الطعام المغرية بالطبع إنها علامة جيبلي الفارقة في الحقيقة يبدو المربى شيئاً شهياً يمكنك أكله في أي لحظة، كل هذه التفاصيل اللطيفة جعلت الفيلم شيئاً مريحاً جميلاً كعناق لطيف محبب افتقدناه طويلاً من مبدع أسطوري سحرنا بأفلام لا يمكن أن تنسى.

كان الفيلم مزيجاً خرافياً من مرارة الواقع وسحر الخيال والرسم الخلاب ليثبت لنا ميازاكي واستديو جيبلي مجدداً أن رسم الأنمي اليدوي فن عريق أصيل لا يزال حياً في هذا العالم المعقد الغريب الذي سيطرت عليه التكنولوجيا حتى كدنا ننسى سحر الرسم لا شك أن الصبي ومالك الحزين سيخلد طويلاً بفضل موهبة خلاقة لطفل مدمر كبر ليذهلنا بأعمال صنعت طفولتنا وخلبت ألبابنا بعوالمها الخيالية.


 رمزية الخير والشر 

إضافة إلى كل تلك الرسوم والتفاصيل المذهلة حاز الفيلم على فلسفة أضافت لعمقه معنى إنسانياً زاده تميزاً وتفرداً لقد كان الفيلم قصة عن القبول والإخلاص وتجاوز المحن والنضج.

لم يكن ماهيتو ماكي طفلاً صغيراً فحسب بل كان يتيماً خسر أمه التي أحبها بشدة بسبب عدو الإنسان الأزلي النيران، كان المشهد الذي ماتت فيه الأم خيالياً كان متوارياً في ظلال السكون المخيف القابع في الخلفية بحيث تحول من مشهد موت عادي إلى رؤية ربما تكون أكثر روحانية من أي مشهد آخر النار تمزق جسد أمه أو على الأقل تقشر الحبر الذي يشكل جلدها المتحرك.

لقد تحول ما كان يمكن أن يكون مشهداً مرعباً إلى شيء سيريالي نوعاً ما لأن الأم لم تلتهم من قبِل النيران بقدر ما أصبحت واحدة معها كأنها تحولت إلى مخلوق خيالي من مخلوقات ذلك العالم الذي دخله ماهيتو لاحقاً.

أمًا انتقال العائلة إلى الريف وزواج الأب فكان ضربة قاصمة للطفل الذي لم يستطع تقبل زوجة أبيه الجديدة غير العالم أن سبب كرهه لها كان أنه يرى روح أمه داخلها.

يبقى الفيلم بلا هدف هنا يسير على مهل كما لو أن هذا الصبر إنما يتراكم، بينما يسمح لنا بتفهم الجو العام والذوبان في حزن ماهيتو الذي لم يستطع تجاوز خسارته بأي شكل، عادة ما يميل ميازاكي إلى إنتاج أفلام عن الشخصيات النسائية القوية والناريّة هذه الشخصيات تظهر في أدوار أصغر في فيلم الصبي ومالك الحزين لعل أبرزها كان شخصية هيمي التي لعبت دور مساند البطل وساعدت ماهيتو في النجاة من العالم الذي يخفيه البرج.

ماهيتو بطل الرواية الذكر النادر وجوده في عوالم ميازاكي لا حياة له عن قصد واحتياطه المربك يبقي الأمور باردة عاطفياً ليبني شخصيته الانطوائية التي زاد منها كل هذه التغييرات الجذرية.

فقط الجدة العجوز هي التي تحافظ على الأشياء مسلية جنباً إلى جنب مع مالك الحزين المزعج، الذي يرى في تعذيب ماهيتو غاية حياتية من نوع ما.

في النهاية يذهب ماهيتو للبحث عن والدته الراحلة في برج يبرز من الأرض؛ مقتنعاً أن أمه لم تمت وأنها ذهبت إلى ذلك البرج الغريب تتنظر منه إنقاذها كان هذا البرج بوابة إلى واحد من تلك العوالم البديلة التي تعودنا عليها في أفلام ميازاكي العوالم التي لا تخلو من السحر.

بأي حال لم يستطع ماهيتو تقبل حقيقة أن أمه أصبحت في عالم آخر وكان عليه أن يخسر كل شيء آخر ليدرك أن موتها لم ينه حياته هو في ذلك العالم الغريب نجد حطام سفينة ممتلئة بالطحالب والسرخس، حتى إنها أصبحت جزيرة مأهولة تستضيف دائرة كاملة من الحياة كإسقاط على سخف اعتقاد ماهيتو بأن الحياة انتهت.

وكالعادة بالنسبة لميازاكي يمتزج الجمال والغرابة مع فلسفة مميزة جعلت من هذا الفيلم تجربة مختلفة تترك داخل روحك أثراً لا يمحى، لقد اكتشف ميازاكي مجدداً الحزن والحياة الآخرة لكنه وفي هذا الفيلم أضاف كثيراً من روحه وتجربته كإنسان ليقدم لنا حكاية مذهلة لماهيتو الذي توجب عليه خوض مغامرات مميتة ليتقبل مشاعره وخساراته وحياته الجديدة أيضاً.


 آخر أفلام ميازاكي؟  

يعتبر ميازاكي رمزاً يابانياً قوياً يكاد يماثل جبل فوجي في أهميته الثقافية؛ إنه مبدع الأنمي الأشهر وعراب استديو جيبلي ومؤسسه إنه شهير لدرجة أن أعماله لا تحتاج لأي نوع من الدعاية إذ صدر الفيلم في اليابان بلا أي دعاية مسبقة أو تريلر سينمائي واستطاع استقطاب أرقام إيرادات خيالية تجاوزت المليون ين ياباني؛ أمًا عرضه الأول خارج اليابان فكان في مهرجان تورنتو السينمائي واستطاع تحقيق إشادات نقدية غير المسبوقة وأرقام تقييمات خيالية.

شهد الفيلم عودة قوية لميازاكي بعدما أعلن اعتزاله عقب فيلم The Wind Rises لذا فقد توقع كثيرون أن يكون الصبي ومالك الحزين هو آخر أفلامه وأنه سيعلن اعتزاله قريباً جداً، ولهذا الاعتقاد أسباب كثيرة أهمها كبر سن ميازاكي الذي تجاوز الثمانين من عمره إضافة إلى تلك الطاقة الروحية الوداعية التي غلفت كل مشهد من مشاهده كأنما أراد ميازاكي توديعنا بطريقته الخاصة. 

ميازاكي مخرج أفلام عبقري لكنه كان دومًا مسكوناً مطارداً بأفكار الموت والحرب وضرورة النضج، هذه الأفكار كانت هناك طوال حياته المهنية منذ البداية وهي ما جعلت من هذه الأفلام رسالة حياتية أكثر من مجرد أرقام مربحة.

وربما كان هذا هو السبب وراء صنع كل فيلم كما لو كان الأخير، لربما يكون هذا آخر ما سيقدمه لنا وربما هناك المزيد في المستقبل، لكن المؤكد أن ميازاكي ساحر جيبلي نجح مجدداً في سلب قلوبنا وخلب ألبابنا بعوالمه السحرية التي لن تتكرر ونجح في ترك أثر يستحيل أن ينسى ومَن يدري لربما يقتنص ماهيتو أوسكار جديداً لمبدعه الرائع خاصة أن النسخة العالمية ذات الدبلجة الإنجليزية ستصدر قريباً.

لقد كان فيلم "الصبي ومالك الحزين" عملاً فريداً من نوعه، سحراً خلاباً ظننا أنه لم يعد موجوداً ورسالة شخصية من عجوز عركته الحياة لأولئك الذين يرون الموت نهاية ليقول لهم أن هناك ما يستحق الحياة على هذه الأرض.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.