مسلسل The Defenders … إهدار فرص النجاح بين التكرار وضعف الحبكة
9 د
تقييم المسلسل:
مسلسل The Defenders أو المدافعون عبارة عن Miniseries مكون من ثماني حلقات من إنتاج Marvel Studios تم عرضه عبر شبكة Netflix، ويأتي هذا المسلسل ليجمع لأول مرة مختلف الأبطال الذين ظهروا سابقًا ضمن سلسلة عالم مسلسلات مارفل الممتد، وقد تم الترويج له باعتباره تتويجًا لمسيرة عروض مارفل التلفزيونية.
لكن هل كان ذلك المسلسل حقًا تتويجًا يليق بسلسلة العروض التلفزيونية التي حققت انتشارًا واسعًا، وسجلت نسب مشاهدة مرتفعة على مستوى العالم؟!
نبذة عن مسلسل The Defenders
يبدأ مسلسل The Defenders من حيث انتهت أحداث المواسم التي سبقته من مسلسلات Daredevil ،Jessica Jones ،Luke Cage ،Iron Fist، حيث يواصل الأبطال الأربعة مكافحة الجريمة بشكل منفصل إلى أن تقودهم خطوط التحقيقات إلى معلومات حول منظمة إجرامية سرية تدعى اليد The Hand تتبنى خططًا تدميرية تسعى لتنفيذها داخل مدينة نيويورك، ومن ثم يقرر الأربعة الاتحاد معًا للتصدي لذلك الخطر.
إخفاق الحلقات الافتتاحية
تسمى المرحلة الأولى من أي عمل فني بـ”التمهيد” ويتمحور دورها حول تعريف المتلقي بالشخصيات وخلفياتهم ورصد الأسباب التي ستقود إلى المرحلة التالية والتي تسمى “العقدة” أو “الصراع”، وتلك المرحلة في مسلسل The Defenders عانت من قصور شديد وكانت هي الأسوأ على الإطلاق.
استغرق التمهيد في مسلسل The Defenders حوالي ثلاث حلقات -من أصل ثمان حلقات- أي قرابة 40% من الأحداث تقريبًا، وهي فترة طويلة جدًا خاصةً أنّ الشخصيات الرئيسية الأربع سبق تقديمهم من خلال مسلسلات منفصلة، ولم يكن المشاهد في حاجة لهذا الكم من التكرار للتعرف عليهم مرة أخرى، ربما أراد صُنّاع العمل جذب أكبر شريحة من المشاهدين وجعل المسلسل منفصلًا تسهل متابعته بعيدًا عن مسلسلات مارفل السابقة. لكن ذلك أصاب متابعي المسلسلات السابقة بشيء من الملل.
تقوم الحلقات الثلاث الأولى على محورين: أولهما إعادة التعريف بالأبطال ورصد طبيعة حياتهم والتغيرات التي طرأت عليها بعد نهاية المسلسلات الأخرى، فنشاهد مات موردوك (تشارلي كوكس) وقد توقف عن مكافحة الجريمة بصفته “دريد ديفل”، وأصبح تركيزه منصبًا على نضاله بصفته محاميًا حقوقيًا، بينما جيسيكا جونز (كريستين رايتر) قد عادت لحياتها الروتينية تكاد لا تفيق من تأثير الخمر، وفي ذات الوقت نرى أنّ لوك كيدج (مايك كولتر) قد اكتسب شهرة كبيرة في الشوارع بسبب بطولاته السابقة ولكنه يحاول تجنب المشاكل قدر الإمكان بعد خروجه من السجن، في حين داني راند (فين جونز) يقتفي أثر إحدى المنظمات الإجرامية السرية، وقد تم استعراض ذلك من خلال مشاهد حوارية طويلة ومتكررة!
أمّا المحور الثاني جاء متمثلًا في انتقال الشخصيات الأربع الرئيسية تدريجيًا من حالة السبات إلى حالة التأهب مجددًا، وكان من المفترض أن يحمل ذلك المحور بعضًا من الإثارة والتشويق، لكن ذلك أيضًا لم يحدث، حيث أنّ معلومات المشاهد حول المنظمة السرية المعروفة باسم اليد The Hand يفوق حجم المعلومات المتوفرة لدى الأبطال أنفسهم، ومن ثم طوال رحلة بحثهم وكشفهم للأدلة المثبتة لوجود تلك المنظمة لم تقدم أي معلومات جديدة تثير الانتباه أو الفضول، بل إنّ بعض الشخصيات كانت تجهل تمامًا بوجود تلك المنظمة مثل: جيسيكا جونز ولوك كيدج.
تأسيس الحبكة على الصدف
اعتمد بناء مسلسل The Defenders الدرامي بكثرة على الصدف البحتة، وهذا قد يكون مقبولًا بالنسبة للمشاهد إذا حدث مرة أو مرتين، لكن أن يكون تكوين الفريق وتلاقي أعضائِه مبني كليًا على ذلك المبدأ فهو أمر يصعب تقبله.
في البداية يسير المسلسل في أربعة خطوط درامية منفصلة لكن كل منها مرتبط بشكل أو آخر بالخط الدرامي الرئيسي، حيث يقوم كل بطل من الأبطال بالتحقيق في قضية مختلفة وبالصدفة البحتة كانت تلك القضايا -على اختلافها- تقود إلى منظمة خفية تسمى اليد The Hand، وبالصدفة مجددًا يلتقي لوك كيدج وداني راند أثناء مداهمة الاثنين لنفس المكان وتدور بينهما مواجهة تنتهي بفرار كلاهما، ويصل الأمر إلى كلير تمبل (روزاريو داوسون) التي – أيضًا بالصدفة- على علاقة بالاثنين ومن ثم تلعب دور حلقة الوصل بينهما.
على الجانب الآخر نرى أنّ جيسيكا جونز تقتفي أثر مهندس معماري مختفي، وأثناء القيام بذلك تتورط في بعض المتاعب وينتهي بها الحال محتجزةً من قبل قوات الشرطة، وبالصدفة -من بين جميع المحامين في نيويورك- يأتي إليها مات موردوك ويتطوع للدفاع عنها، إلّا أنّها ترتاب بشأنه وتقرر مراقبته ومن ثم تكتشف أنّه ليس مجرد محامي حقوقي كما يدعي.
اعتماد المسلسل على الصدف في الربط بين شخصياته وأحداثه تسبب في إضعاف الحبكة الخاصة به وأبعدها عن المنطق وأدنى حدود المعقولية، التي يجب أن تكون متوفرة في أي عمل فني حتى لو كان يدور في عالم خيالي حول مجموعة من الشخصيات الخارقة، ومثال ذلك الأسلوب الذي تم من خلاله تكوين فريق المنتقمون The Avengers في عالم مارفل السينمائي والذي كان مبررًا وأكثر إقناعًا.
النصف الثاني هو الأفضل في كل شيء
تغيرت الأمور بصورة كبيرة مع بداية المرحلة الثانية من أحداث مسلسل The Defenders وتحديدًا ابتداءً من الحلقة الرابعة، حيث بدأ الفريق في التكوّن بشكل فعلي، كما توقفت خلالها علمية تقديم الشخصيات وتضافرت الخطوط الدرامية الفرعية في خط درامي واحد رئيسي.
خلال النصف الثاني بدأت الأحداث تتسارع نوعًا ما، وتضمن العديد من المواجهات بين الأبطال الأربعة من ناحية وأعضاء المنظمة من ناحية أخرى بينما كان النصف الأول من الحلقات شبه خالٍ من مشاهد الحركة -وهو ما لا يليق بمسلسل إثارة مقتبس عن الكوميكس- وكذلك بدأت ملامح مخططات منظمة اليد تتضح مما زاد درجة الترقب والتفاعل مع الأحداث، خاصةً مع تفجر العديد من المفاجآت التي لم تكن جميعها متوقعة.
يمكن اعتبار النصف الثاني من حلقات مسلسل The Defenders هو بدايته الفعلية، وقد كان الأفضل على مختلف الأصعدة بما في ذلك الأداء التمثيلي الذي جاء باهتًا في الحلقات الأولى، لكن الأمور تبدلت مع اكتمال الفريق وبدء الشخصيات الرئيسية في التفاعل مع بعضها البعض، بل إنّ الحس الكوميدي أيضًا ارتفع خلال تلك المرحلة من الأحداث.
مشاهد القتال والحركة
تعد مشاهد القتال والحركة عنصر الجذب الرئيسي في أي عمل سينمائي أو تلفزيوني مقتبس عن الكوميكس، وتدور أحداثه حول صراعات الأبطال الخارقين مع القوى الشريرة، وقد عانى النصف الأول من مسلسل The Defenders من نقص حاد في نسبة تلك المشاهد، حيث أنّ الحلقة الافتتاحية بالكامل لم تتضمن سوى مشهد حركة واحدة مدته دقيقتين تقريبًا، وكذلك الأمر بالنسبة للحلقتين الثانية والثالثة.
زادت معدلات المشاهد من هذا النوع مع بداية أحداث النصف الثاني لكنها لم تكن متقنة بدرجة كبيرة، بل جاءت في كثير من الأحيان رديئة التنفيذ مقارنةً بالمشاهد المماثلة التي سبق تقديمها في مسلسلات Daredevil وLuke Cage، كما أنّ أغلب مشاهد الحركة عانت من ارتباك إخراجي واضح، خاصةً في المشاهد التي دارت داخل أماكن مغلقة -وهي النسبة الأكبر- حيث بدا كأنّ المخرج عاجزٌ عن استعراض الأبطال الأربعة في مشهد واحد، وكانت الكادرات تتسم بالتشتت وعدم التناغم فيما بينها.
هل العدو يستحق أن يكون خصمًا للمدافعين؟!
جرت العادة على أن يكون الخصم بالغ القوة وشديد الخطورة بالأعمال التي تضم أكثر من بطل خارق في فريق واحد، مثل: أفلام Avengers في عالم مارفل، وكذلك فيلم Batman V Superman: Dawn of Justice في عالم DC السينمائي، وهو ما يدفعنا للتساؤل حول الخطر الذي واجهه الفريق في مسلسل The Defenders، وهل كان يستحق اتحاد كل هؤلاء الأبطال من أجل التصدي له؟
لم تكن منظمة اليد أو The Hand خصمًا يليق باجتماع الأبطال الأربعة معًا للمرة الأولى، والأمر هنا لا يتعلق فقط بانخفاض مستوى الخطورة والتهديد الذي تمثله فحسب، بل إنّ التكوين الدرامي وأسلوب تقديم جانب الشر جاء باهتًا وغائمًا، ففي البداية نتعرف على رأس المنظمة ممثلًا في امرأة تدعى أليكسندرا (سيجورني ويفر)، ونكتشف من خلال ظهورها الأول أنّها تعاني من سرطان متقدم ولم يبقَ لها في الحياة سوى بضعة أسابيع، لكن رغم ذلك تتمسك بخططها وتصر على مواصلة العمل عليها.
في الحلقات السابقة نكتشف أنّ أليكسندرا هي المسؤولة عن عودة إلكترا (إلودي يونج) إلى الحياة، ونسمعها كثيرًا تتحدث عن مخططاتها بشأن مدينة نيويورك، ونرى الأبطال يتحدثون عن الخطر المحتمل لكن لم يهتم صُنّاع العمل بتقديم أي ملمح عن ذلك الخطر أو طبيعته، وبناءً على ذلك انخفضت درجة الترقب للأحداث التالية بشدة، فالمشاهد هنا لا يعلم نوع المخطط أو شدة الخطر أو حجم الضرر الذي قد يقع في حالة نجاح المنظمة في تنفيذ هجماتها عديمة الملامح!
تم تقديم المنظمة بصورة باهتة أقرب إلى الكرتونية، كأنّ صُنّاع العمل يخبرون المشاهد مرارًا وتكرارًا بأنّ هؤلاء هم الأشرار، لكن لم يخبروه لماذا هم أشرار أو ما الهدف الذي يسعون إلى تحقيقه، ولم يتم الكشف عن أي من ذلك إلّا في وقت متأخر جدًا من الأحداث.
بناءً على ذلك لم تكن منظمة اليد خصمًا يستحق الوقوف أمام المدافعين في أول لقاء بينهم، حيث أنّ كل منهم قد التقى خصومًا أقوى وأشد خطورة أبرزهم شخصية Purple Man الذي واجهته جيسيكا جونز منفردة في السابق، والذي جعل المشاهد يشعر بالارتباك طيلة الحلقات ويتابع خطواته بكثير من التوتر والترقب، وكذلك الأمر بالنسبة لخصوم دير ديفل Daredevil في الموسمين الأول والثاني من مسلسله المنفرد.
نظرة عامة على مسلسل The Defenders
تتمثل مشكلة مسلسل The Defenders الرئيسية في تخوف صُنّاعه من الإقدام على أي مغامرة من أي نوع، هم فقط أرادوا جمع الأبطال الأربعة في عالم مارفل التلفزيوني، وإعادة تقديمهم من خلال مسلسل واحد، مع الحرص على الحفاظ على كافة العوامل التي ميزت تلك المسلسلات السابقة، لكن لعلهم أغفلوا أنّ ما مَيّز المسلسلات الأخرى ليس بالضرورة مناسبًا للمسلسل الجديد.
انصب تركيز المسلسل على شخصية الأبطال، وفي المقابل كان ظهور شخصيات الخصوم وأغلب الشخصيات المساندة باهتًا وغير ملموس، كما اهتم المسلسل بإعادة تقديم الشخصيات من جديد لكسب قاعدة جماهيرية أكبر. لكن ذلك كان له تأثيرًا سلبيًا واضحًا على إيقاع الأحداث ومعدل مشاهد الحركة خاصةً خلال الحلقات الأولى.
في النهاية يمكن القول أنّ مسلسل The Defender متوسط المستوى لا يمكن وصفه بالسيّئ ولا يصح وصفه بالجيد، عيبه الأكبر أنّه المسلسل الخامس ضمن تسلسل Marvel TV Shows، وإنّ أي مقارنة بينه وبين المسلسلات التي سبقته لن تكون في صالحه بالتأكيد، ربما يستثنى من ذلك مسلسل Iron Fist فقط الذي كان ضعيفًا فنيًا.
المؤسف حقًا أنّ تلك العوامل نفسها كانت تمثل فرصًا رائعةً للتميز حال استغلالها بالشكل الملائم. لكن المسلسل أهدر تلك الفرص، وبدلًا من أن يصعد على أكتاف المسلسلات السابقة حاول استنساخها، فجاءت صورته النهائية عبارة عن مزيجٍ مشوه منها.
حقق مسلسل المدافعون أو The Defenders نسب مشاهدة مرتفعة لكن ذلك النجاح يمكن اعتباره زائفًا، حيث أنّه لم ينتج عن جودته أو روعته الفنية، بل هو جاء نتيجة القاعدة الجماهيرية التي اكتسبتها شخصياته من خلال العروض التلفزيونية السابقة التي تم تقديمهم من خلالها، كما استفاد من فكرة طرح جميع حلقاته في يوم واحد عبر شبكة Netflix، حيث أنّ حلقاته الأولى كانت شبه خالية من عنصر التشويق، ومسلسل كهذا كان سيفقد الكثير إذا تم عرضه بشكل أسبوعي.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.