فيلم The Queen كيف هز مقتل أميرة القلوب العرش الملكي البريطاني
5 د
لا شك أن حادث مقتل الأميرة ديانا كانت له تأثيرات كبيرة ليس فقط على مستوى إنجلترا أو المملكة المتحدة ولكن على العالم أجمع وخصوصًا العالم العربي والإسلامي، فقد كانت قصتها مع رجل الأعمال العربي المسلم مثار الكثير من الجدل سواء في حياتها أو بعد مماتها.
ومع حصول الأمير تشارلز على الطلاق وخروج الأميرة ديانا رسميًا من كونها أحد أعضاء العائلة المالكة رغم احتفاظها بلقب حاكمة بلاد الغال تطورت القصة لشائعات الزواج بين ديانا ودودي وهذا ما كان سيسمح في وقتٍ ما بوجود أخ مسلم لوريث العرش البريطاني.
ثم يأتي حادث الوفاة الذي انتشرت الكثير من الشائعات تفيد بأنه مدبر من المخابرات البريطانية لمنع هذا الزواج وما سيسفر عنه لتهتز قلوب العالم بهذا الموت الأليم.. لكن ما التأثير الفعلي لتصرفات ديانا ومقتلها على عرش بريطانيا وهل هدد فعلًا بتخلي الشعب البريطاني عن الملكية.. هذا وغيره ضمن ما استعرضه فيلم The Queen.
فيبدأ الفيلم بمشاهد الشعبية الهائلة لتوني بلير والتي تؤكد أن بريطانيا على وشك تحول عظيم لم يحدث منذ عهد مارجريت تاتشر، وينقل توتر الملكة من هذه الشعبية خصوصًا أن زوجة توني بلير من الرافضين الصريحين للملكية والتي تجهر بذلك علانية في كل مناسبة.
وفي المقابل فإن الفيلم يُظهر بوضوح توتر بلير من اللقاء الرسمي الأول بينه وبين الملكة التي يعتز بها ويحترمها خصوصًا أنه يعتبر أصغر رئيس وزراء حكم بريطانيا.
وبعد عدة أشهر من تنصيب توني بلير رئيسًا للوزراء تتعرض الأميرة ديانا للقتل بعد كثرة مطاردات الصحفيين لها لتلقى حتفها في حادث سيارة خلال زيارتها لباريس مع دودي الفايد والذي كانت قصة غرامه مع الأميرة ديانا تؤرق الملكة إليزابيث وابنها تشارلز وكل أفراد الأسرة المالكة.
وهنا يتحوَّل مسار الفيلم ليقترب أكثر من “مشاعر” الملكة إليزابيث والتي كانت أمام الجميع تظهر بصلابة وقوة تليق بامرأة حكمت واحدة من أكبر الإمبراطوريات وهي لا تزال فتاة صغيرة ويمتد حكم أسرتها إلى 1000 عام تقريبًا.
فبعد مقتل ديانا كان الجدل الأساسي هو إقامة جنازة شعبية لها أم الاكتفاء بجنازة خاصة لأنها لم تعد من الأسرة الحاكمة رسميًا رغم أنها والدة ولي عهد العرش البريطاني بالإضافة لعشق الناس لها وحزنهم الشديد عليها بشكل لم يحدث على شخصية سياسية وعامة منذ اغتيال الرئيس الأمريكي كيندي.
ينتقل الفيلم بمهارة شديدة ليرصد الحيرة الشديدة والغضب المكبوت لدى الملكة ورغبتها في الحفاظ على البروتوكول الذي اعتادت عليه منذ عشرات السنوات، وفي الوقت نفسه تصدمها حقيقة الشعبية الضخمة لديانا والتي يمكن أن تؤثر على حب الناس للملكة بل ورفضهم للملكية بعد ذلك على اعتبار أن المراسم الملكية والهروب منها هي ما أودت بحياة ديانا وجعلتها تعيسة غير قادرة على ممارسة حياتها بالشكل الذي يروق لها.
ومن ناحية أخرى يؤكد فيلم THE QUEEN على الدور المحوري الذي لعبه توني بلير في الحفاظ على العرش البريطاني من خلال إسداء النصائح المهمة للملكة والتأكيد على ضرورة إرضائها للشعب الذي يحبها أيضًا، ولكن حادث الوفاة المأساوي لا يمكن اعتباره أمرًا عاديًا أو تقليديًا لتقام له جنازة عادية.
استطاع مايكل شاين بمهارة أن ينقل عُمق مشاعر توني بلير وتعاطفه مع ديانا وفي الوقت نفسه ولائه للملكة في موقف نادر تمامًا في هذا الوقت الذي انقسم فيه الجميع بين مهاجم لديانا أو مؤيد للملكة، ولكن توني بلير كان بمثل رُمانة الميزان مؤكدًا على تمسكه بالملكية وحبه لديانا وفي الوقت نفسه تفهمه لموقف الملكة من ديانا وغضبها منها.
ففي ثورة عنيفة يُعارض بلير معاونيه ويؤكد أن بريطانيا لا يُمكن أن تُصبح جمهورية وخصوصًا في عهد إليزابيث وأن معها الحق في السخط على ديانا التي كفرت بكل ما تؤمن به الملكة من التضحية وتحمل المسؤولية ووضع الواجبات فوق أي اعتبارات شخصية.
الفيلم لم يُسيء إلى ديانا ولكنه اقترب أكثر من الوجه الثاني لحياتها وتأثير نزواتها على المقربين منها وخصوصًا أولادها والأمير تشارلز والعرش البريطاني وأن عدم خجلها من إظهار مشاعرها أمام الكاميرات كان من أسباب سخط الملكة عليها.
من أكثر الأمور المثيرة في الفيلم أنه يقترب إلى حد كبير من تفاصيل الحياة الشخصية لأهم صنّاع القرار في المملكة البريطانية وبيان طريقة معيشة الملكة التي تُصلح السيارات بنفسها وترفض الترف والبزخ ولديها استعداد للتنازل عن العرش إذا تأكدت أنها لم تعد تفهم شعبها.
فيلم THE QUEEN مزيج مميز للغاية بين الصراعات الشخصية والخلافات السياسية وكيف يمكن لزوجة وزوجها ممثلين في توني بلير وزوجته أن يكونا لهما موقفين متعارضين تمامًا من الحياة الملكية وكيف يكون بلير هو المنقذ للملكة من خلال نصحها بإقامة جنازة شعبية وإلقاء خطاب تعزية مليء بالمشاعر الفياضة لموت ديانا المأساوي ولماذا تأخرت عدة أيام قبل إطلاق أي بيان رسمي.
تدور أحداث الفيلم في أسبوع فقط تهبط فيه شعبية الملكة المعشوقة للبريطانين بشدة لدرجة أنه 70% من الشعب يرى أن تصرفاتها الأخيرة أساءت للملكية وأن واحدًا من كل أربعة يوافق على إلغاء الملكية ليدور شريط حياتها أمامها وكيف خسرت والدها بسبب حُكم بريطانيا وكيف لم تتمتع بشبابها وحياتها لأجل الشعب والمملكة ثم تأتي بعد هذا “امرأة مستهترة” وفقًا لرأي الملكة وتهز العرش الذي حافظت عليه لعشرات السنوات خاضت خلالها ويلات الحرب والظروف الاقتصادية السيئة وغيرها من مشكلات.
وتميز The Queen للغاية بكثافة درامية وكمّ من المشاعر الفيّاضة والتي حرص المخرج فيريرس على إبرازها أكثر من التركيز على الفضائح والشائعات التي دمّرت حياة ديانا وكادت أن تهوي بالعرش البريطاني.
واستطاعت هيلين ميرين أن تجسد كل الحيرة والغضب الملكي والتواضع في الوقت نفسه بمهارة عالية لتُظهر التناقضات الضخمة في مشاعر الملكة واليأس الذي عانت منه لتحقيق التوازن بين ما تراه صحيحًا من ناحية وبين ما يُرضي شعبها من ناحية أخرى لترضخ في النهاية لمطالب الشعب رغم عدم اقتناعها التام بها في تحوُّل كبير من أيام مارجريت تاتشر والتي كانت في الغالب ستأخذ موقف الملكة الرافض لأي “تعاطف” مع ديانا على اعتبار أنها المسؤولة عما حدث لها بطيشها وتهورها.
وينتهي الفيلم ببدء صفحة جديدة مشرقة بين توني بلير والملكة إليزابيث يتناسيان فيها كل ما حدث خلال أسبوع وفاة ديانا ويبدآن في إصلاح التعليم والنظام الاجتماعي مؤكدين أن المؤسسة القوية والدولة الشامخة لا يمكن أن تهتز لأي حدث مهما كان قويًا.
أقرأ أيضًا: الموسم الخامس من The Crown لن يُعرض قبل 2022!
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.