فيلم The Unforgivable.. قضايا كثيرة في كبسولة صغيرة

فيلم The Unforgivable
شيماء العيسوي
شيماء العيسوي

5 د

في الأيام الأخيرة، تصدر فيلم The Unforgivable- ذنب لا يُغتفر قائمة الأعمال الأكثر مشاهدة على منصة نتفليكس في أغلب الدول العربية وعلى مستوى العالم كذلك. الفيلم صدر بشكل حصري على المنصة في الرابع والعشرين من الشهر الماضي، وفي أقل من شهر تقريبًا حصل على تقييم 7.2/10 على موقع IMDb. فماذا ينتظرنا في فيلم ذنب لا يغتفر؟

 الرتابة والعنف يمهدان لذنب لا يغتفر

الفيلم من بطولة ساندرا بولوك، فنسنت دونوفريو، فيولا ديفيس بالإضافة للعديد من النجوم، ومن إخراج نورا فينجشيدت وإنتاج نتفيلكيس. يبدأ الفيلم مع لقطات صغيرة جدًا متقطعة تمهد الجو العام للفيلم، حيث نرى روث تقوم بجمع متعلقاتها وفي الخلفية الموسيقى التصويرية التي ستمتد معنا تقريبًا على مدار 116 دقيقة المدة الإجمالية للفيلم. العشرين دقيقة الأولى تتسم بالهدوء النسبي في الأحداث ومع ذلك لا يخلو الفيلم من مشاهد عنف فجائية، فبالرغم من أن روث تبدو بائسة محطمة إلا أنها تتحول فجأة في مواقف معينة لتصبح عدائية في سبيل المحافظة على حقوقها.

ومع نهاية النصف ساعة الأولى تقريبًا يتضح ماهية الذنب الذي لا يغتفر التي أقدمت عليه روث، قتلت روس شرطيًا وعليه قضت عشرين عامًا في السجن وحُرمت من حضانة أختها الصغيرة، لتذهب الأخيرة وتبدأ حياة مع أسرة جدية. وفي أثناء محاولات روث لـ لم شملها مع أختها مرة أخرى قد تخسر إطلاق السراح المشروط التي حصلت عليه. في الواقع فإن شخصية روث جدًا معقدة، فقضاؤها في السجن عشرين عامًا جعل تأقلمها مع الحياة الطبيعة أمرًا صعبًا جدًا، بالأخص في بيئة تشعر دائمًا أنها منبوذة بها ومدانة.

فيديو يوتيوب

تصاعد مستمر لا يهدأ في فيلم The Unforgivable

يلقي الفيلم الضوء على الكثير من القضايا الاجتماعية والإنسانية التي يمكن تعميمها على أي مجتمع وليس المجتمع الأمريكي فقط، وبشكل أساسي يوضح الفيلم الأضرار الناتجة عن الوصمة الاجتماعية التي تظل تلاحق المجرم حتى بعد انقضاء عقوبته، تلك الوصمة التي قد تمنعه من العمل، وتعرضه للضرب المبرح لمجرد معرفة جريمته السابقة، وللهجر العاطفي بشكل عام، ونظرة متدنية من المجتمع المحيط، في حين أن الفرد بالفعل حصل على العقوبة التي يستحقها. وعلى هامش ذلك يناقش الفيلم قضايا أخرى بشكل سريع جدًا مثل العنصرية ضد أصحاب البشرة السمراء وكيف تختلف نظرة الأفراد للمجرم ذي البشرة البيضاء وصاحب البشرة السمراء. كما يناقش الفيلم عواقب التشبث في الماضي، سواء روث التي تحاول الوصول لأختها مما يعرضها لتدمير حياتها، أبناء الشرطي المقتول اللذان يعانيان من غضب بسبب خروج روث والذي يرونه غير عادل لهم بالمرة، كل هؤلاء الأفراد تشبثهم بالماضي سيؤدي لهلاكهم بشكل أو بآخر.

وبسبب استخدام الوميض الخلفي - flashback بشكل متقطع بين أحداث الفيلم، تتضح الصورة الكاملة الخاصة بجريمة روث في نهاية الأحداث، مما أضاف على تجربة المشاهدة بشكل عام عامل التشويق المستمر، هذا وبالإضافة إلى وجود خيوط متعددة في القصة، وظلت تلك الخيوط تتشعب حتى الربع الأخير من الفيلم تقريبًا، فبين احتمالات متعددة للأحداث يجد المشاهد نفسه متحمسًا للغاية لمعرفة ما ستؤول إليه الأحداث.

تمثل علاقة روث والضابط المسؤول عن إطلاق سراحها المشروط فنسينت علاقة روث بالمتجمع ككل بشكل عام، وبالرغم من أن فينسنت يقدم يد العون لروث إلا أنه وفي مشهد المواجهة الأول بينهما يؤكد على فكرة "أنت قاتلة، ستظلي دائمًا قاتلة ضابط" في محاولة منه لتوضيح النظرة التي يرى العالم بها المجرمين، وفي النهاية يتعاطف فنسينت معها وبالرغم من معارضته لمحاولات قربها من أختها يساعدها في ترتيب لقاء مع أهل كيتي.

نهاية مفتوحة للمُذنب 

تعاني كيتي من صدمة عصبية، طوال الفيلم تظهر آثار تلك الصدمة في حالة من الأرق ترافقها طوال عمرها، فهي تعاني من كوابيس مستمرة ترى بها أطيافًا من الماضي، كما ترفض تناول الأقراص المهدئة لاعتقادها أنها تؤثر على عزفها. ترافق الموسيقى كيتي منذ طفولتها، فالذكريات الوحيدة التي تتذكرها عن طفولتها هو اللعب التخيلي المتعلق بالموسيقى مع امرأة مجهولة الملامح. بالنسبة لروث لم تكن كيتي مجرد أخت صغيرة، بل بمثابة ابنة لها، ضحّت من أجلها بتعليمها، تمسكت بالحياة بالرغم من الظروف المادية الصعبة على عكس أبوهما الذي قرر الانتحار هربًا من الديون. وأخيرًا نكتشف أن روث حرفيًا ضحت بحياتها ودخلت السجن عوضًا عن كيتي الطفلة التي أطلقت النار على الشرطي وفقدت الذاكرة بعدها.

لا غبار على أداء بولوك طوال الفيلم الذي اعتمد على التعبيرات بالوجه والحالة العامة التي توحي بالبؤس والكآبة، ففي أكثر من مشهد وبالقليل من الحوار تعطي بولوك أداءً رائعًا سواء لشخص مظلوم أو منفطر القلب. لكن المشهد الرئيسي الخاص بها- master scene أمام المتمكنة فيولا ديفيس كان مؤثرًا للغاية، نرى في هذا المشهد أمًا جريحة القلب، متعلقة بآخر آمل لها في رؤية طفلتها وفي نفس الوقت لا تريد أن تتورط في مشاكل أكثر، في نفس الوقت تواجه شخصًا قرر إغلاق أذنه وعينه ولا يحاول حتى أن يستمع لها، لدرجة أن تكرر روث جملة "أنا مذنبة" أكثر من مرة وبسبب الحكم المسبق الموجود عند ليز صاحبة الشخصية الصارمة تردد هي الأخرى "لا تحاولي التملص من فعلتك". لتصل ليز في النهاية إلى لحظة التنوير التي تدرك فيها أنها هي الأخرى -وهي أم- أن كل ما فعلته روث كان لحماية طفلتها.

في النهاية، وبدون أي حوار أو توضيح تتجه كيتي لروث وتقوم باحتضانها، هذا بعد أن أنقذت روث حياة أختها الصغيرة إيملي. قد يكون هذا العناق هو شكر لسيدة مجهولة أنقذت الأخت الصغرى، أو قد يكون عناق الأخت لأختها بعد سنين من الغياب فلم يوضح المخرج نوع العناق ولا شكل النهاية، ولكنه بكل تأكيد أوضح أنه في كلتا الحالتين شعرت كيت بحنان أمها/ أختها روث.

اقرأ أيضًا: فيلم The Guilty: السقوط في فخ التقليد.. وتمثيل جيك جيلنهال ليس كافيا للنجاح

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.