عن التساؤلات التي لم تُجب عنها أم كلثوم في الحب

أم كلثوم
خالد سليمان
خالد سليمان

5 د

سألت نفسي يومًا ما، هل يمكن أن أكره حبي لأم كلثوم؟ لا عليك من هذا السؤال الآن سنجاوب عليه سويًا في النهاية، أنت الآن على طاولتك تجلس وحيدًا بصحبة هاتفك وقررت أن تستمع لأم كلثوم.

بعد دقائق بدأت تفكر في أسئلة الست، أسئلة الحب التي لم تجب عليها قط، ومن هنا ظهرت مأساتك، وسرحت في عالم مليء بالحيرة وأنت تُردد ”كفاية بقى تعذيب وشقا“.

أم كلثوم

أم كلثوم من أشهر المطربات المصريات والعرب، وتعتبر من أهم الأصوات الغنائية العربية. لها عدد كبير من الأغاني الرائعة التي أطربت وما زالت تطرب الكثير من الأجيال.
أم كلثوم

أم كلثوم هرم مصر

تركت أم كلثوم خلفها الكثير من التساؤلات، ربما هي نفسها لم تعرف إجابتها، أسئلة متروكة للزمن، طرحت أشهر أسئلة الحب ”هو صحيح الهوى غلاب؟ معرفش أنا“ ولم يعرف أحد أبدًا يا سوما.

أحيانًا تتأرجح الإجابة بين نعم ”الهوى غلاب“ فقد غَلَبني وغَلِبني هواه، وبين كلمة جائز ثم نعود دون إجابة قائلين”إزاي يا ترى أهو ده اللي جرى“.

وبين حيرة الاشتياق ولهفة الوصال، بين توهة وخفقان القلب، بين الأماني والآمال والهجر الذي طال ليالٍ تلو الأخرى، ثار صوت أم كلثوم في بعيد عنك لتسأل ”والعمل إيه العمل ما تقولي أعمل إيه؟“ بالطبع لم يجب ولم تجب أم كلثوم، بل وتساءلت مرة أخرى ”وفين أنت يا نور عيني يا روح قلبي؟“.

ودارت الأيام وعادت معها أم كلثوم بحيرة أكبر لتكمل أسئلتها في لحظة صفاء، بعدما همس لها الحبيب قائلًا أن ”الحق عليه“ لتقول له ”فين دموع عيني اللي ما نامت ليالي؟“ ابتسم ليكمل هو بدلًا منها ”أمر عذاب وأحلى عذاب، عذاب الحب للأحباب“.

حينما تقف في منتصف الطريق وتكتشف أنه لا عودة وأن جميع الطرق تؤدي إلى الذكريات الجميلة، تلك الأحاسيس شعرت بها الست وهي تقول ”أهرب من قلبي أروح على فين؟ ليالينا الحلوة في كل مكان“ هل وصف لكِ أحد الصبر يا سوما؟ أم أنه خيال تمامًا كأن يهرب الإنسان من قلبه!

أم كلثوم على المسرح

”جددت حبك ليه بعد الفؤاد ما ارتاح؟“ جملة تحمل في ثناياها من المعاناة والألم الكثير، بعد فوات الأيام تعود لتُيقظ ما أمّته يومًا ما، سؤال امتزج فيه الحب بالحيرة والعناء بالرجاء، امتزجت فيه كل المتضادات دون غلبة لأحد على الآخر.

واصلت الست بسؤال آخر لعله يُحيي ما فات أو أن يفك قيود الخوف ويلطف العتاب ”يا هل ترى قلبك مشتاق يحس لوعة قلبي عليك؟“ أين الإجابة؟ لا إجابة يا ست.

ولأن العيون أول ما تفضح المحبين، ولأن من يحب يبان في عينيه، سألت الست -في بدايتها- مستغربة ”ما دام تحب بتنكر ليه؟“ سؤال وجيه جدًا لا داعي أن تنكره، تحرضك أم كلثوم أن تعترف بحبك من باب ”دوق معايا الحب دوق“ لم تخالف سوما أبدًا مذهبها في الحب.

تغضب الست وما أدراك ما عتاب سوما وقفت بكل قوة لتسأل متشككة ”أنت فين والحب فين؟“ آه لو استطاع أي منا أن يجاوب مدى قرب أو بعد الحبيب من الحب.

حينما يتملك الأسى من كوكب الشرق بالطبع ستسأل فعنوان أغنيتها بالأصل اسأل روحك ”أنا غيرني عذابي في حبك لكن أنت غيرك إيه؟“ وبنبرة أسى متزايد أكملت ”هو حناني عليك قساك حتى عليا؟“ وظلت تسأل دون أن تُقر أي إجابات، ولكنها أخيرًا أقرت شيئًا ”أنا يا حبيبي صحيح بتسامح إلا في عزة نفسي وحبي“.

أم كلثوم تتفاعل مع الاغنية

يُخَيّل إلي أن أم كلثوم جلست في الشرفة بعد كل هذا اللوم والعتاب متسائلة ”يا ترى يا واحشني بتفكر في مين؟“ تسأل متألمة يَتيمة ومُتيمة ”عامل إيه الشوق معاك؟ عامل إيه فيك الحنين؟“.

تعبت أم كلثوم وأتعبتنا، قررت أن تسترجع ذكريات الحب، تلك الذكريات التى لا تُنسى مهما أخفيناها أو غاب صاحبها، تناجي الحبيب والحب معًا ”هل رأى الحب سكارى مثلنا؟“ كالعادة لا أحد يجيب وإن أجاب، ستظل الإجابة معلقة إلى أن يُبين له الزمان مدى صحتها.

بالطبع غنت أم كلثوم الأطلال فمن غيرها سيفعل، وضعت تعريفًا جديدًا عن معنى القرب والود في صيغة سؤال ”أين مني مجلس أنت به؟“ سوما كانت تؤمن أن ”كل شيء بقضاء“.

تتذكر سوما في أغنية فكروني الحبيب الغائب، هي لم تنسَ بطبيعة الحال فتقول ”فكروني إزاي هو أنا نسيتك؟“ لكنها بخفة قالت له ”ليه نضيع عمرنا هجر وخصام؟ وإحنا نقدر نخلق الدنيا الجميلة“.

”وأروح لمين وأقول يا مين ينصفني منك؟“ ذلك التوهان الذي يتملك من رأس الحبيب، طرحته أم كلثوم في أغنية أروح لمين، فلم تجد من تذهب إليه ولم تجد بديلًا، وما زلنا إلى اليوم لا نعلم أين نذهب.

لم تُنهِ أم كلثوم أسئلتها ولم تبح من الأساس بإجابات واضحة تستعجب منها وهو تغني ”خصامنا ليه النوبة دي زاد وخلى الخطوة بينا بلاد؟“ ثم تنسى ما قالته تمامًا لتناجيه فيما بعد سائلة ”أغدًا ألقاك؟“ كنت أتمنى أن أجاوب يا ست.

أم كلثوم تغني

كانت وما زالت وستظل أم كلثوم معبأة بالحب وبالأسئلة، ستكتشف كل مرة أشياء جديدة، تفاصيل أدق، غنت لكل مراحل الحب وللحبيب وللغائب المعذب، غنت للجميع ولكنها أرادت أن تنتصر للحب دائمًا رغم صعوبته فأقرت مرة ثانية وغنت ”لا أنا قد الشوق وليالي الشوق“ آه من الشوق يا سوما.

والآن أطرح السؤال مجددًا، هل يمكن أن أكره حبي لأم كلثوم؟ بأي حال من الأحوال لا أستطيع، رغم كل تلك الأسئلة التي لم تجاوب عليها، رغم الحيرة ووضعنا أمام نار الحب وأسئلته، بين السؤال والإقرار، الحب والجفاء، الحنان واللوعة، الأمل واللقاء، البسمة والخدعة، الأماني والخيبات، ستظل أم كلثوم الملجأ الأول لكل حبيب.

ستفتتح قصة حبك مع أغاني سوما وإن أنهيتها ستكون على يدها أيضًا، ستترك بصمة في جميع مراحل حبك، وسيصل صوتها إلي أذنيك من بعيد متخطيًا كل الزحام ليرج قلبك، يفرحك أو يسقطك أرضًا.

ربما ستجد لها أسئلة أكثر من الذي عرضته لك فالست تحوي الكثير، ولأن ”سنين بحالها ما فات جمالها“ سأقول -أنا- لسوما ”وإن كنت أقدر أحب تاني أحبك أنت“ كُل الحب لكوكب الشرق وأسئلتها ولكل المُحبين.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.