ثلاثية مسلسل ولاد بديعة.. دراما رمضانية جدلية أم صراع طبقي مُحكم؟
5 د
"ولاد بديعة" مسلسل درامي اجتماعي معاصر، وهو من المسلسلات السورية المنتظر عرضها في موسم دراما رمضان 2024، من قبِل الجمهور العربي، والسوري بشكل خاص، لأن العمل يحمل توقيع المخرجة "رشا شربتجي"، التي كرست اسمها من خلال أعمالها الفنية؛ مخرجة محترفة ومتمكنة في مجالها.
تسعى دومًا على إيصال حكايا الفن بصورة واقعية مثيرة للاهتمام، تلامس الشارع، وتحاكي المجتمع بطبقاته المختلفة.
ذيّل اسمها مسلسلات البيئة الشامية، والكوميدية، والاجتماعية اللايت، ونجحت. لكن تبقى الأعمال الاجتماعية التي تطرح قضايا إنسانية هادفة وشائكة في ذات الوقت، المسلسلات الدسمة والمحبذة لدى المتلقي السوري، الذي استبشر خيرًا مع بداية الإعلان عن مشروعها الجديد، ونجومه.
يأخذنا العمل الذي يأتي من إنتاج "بينتالنس"، عَبر حدوتة ليقص حكايا أربعة أشقاء، يسعون إلى تحقيق أحلامهم رغمًا عن الظروف التي فرضتها الحياة، والواقع المأساوي للبلاد.
كعادة كل الأعمال الحكايات تدور حول صراعات الخير والشر، ولكن دومًا ما يتم التطرق لهذه الصراعات بطريقة جديدة تبعًا لقصة كل مسلسل، ورؤية المخرج، ولنوعية التحديات التي تواجه الأبطال، وفي نص الكاتبين "علي وجيه" و"يامن الحجلي" يحضر الحب والخطيئة ضمن أجواء درامية جريئة وممتعة.
ولاد بديعة
ينطلق مسلسل “أولاد بديعة” بحكاية شعبية في إطار اجتماعي معاصر، ممتدًا بالحاضر بشكل رئيسي، ولها جذور تعود للماضي من خلال قصص لمجموعة شخصيات تتصارع فيما بينها عن الحب والذنب، وإدعاء الفضيلة، مع أجواء درامية ذات بعد عميق لا تخلو من المتعة والجرأة.
عرض المزيد
إنتاج
2024
إخراج
رشا شربتجي
بطولة
النوع
متاح على
الجمهور السوري يعول على هذا العمل، ويدفعنا لنطرح السؤال اليوم في "أراجيك فن" قبل انطلاق الماراثون الرمضاني بأسبوع تقريبًا، ترى هل تكسب رشا شربتجي الرهان مع "ولاد بديعة"؟
جرأة رشا شربتجي
“الحياة تضرب الروح وتسحقها، والفن يذكرك بأن لديك واحدة”.
تذكرنا أستاذة التمثيل والممثلة "ستيلا أدلر" في مقولتها تلك بأهمية الفن، ودوره في تعزيز ارتباطنا بالحياة، وإعادة التواصل مع روحنا في خضم كل ما نواجهه من معوقات وصعوبات في هذا العالم.
تجيد "رشا هشام شربتجي" تمثيل مشاكلنا وأحلامنا أمام عدستها، ونقل هموم المراهقين، والشباب، والمرأة، والمجتمع (الكادحين.. المستضعفين.. البرجوازيين)، بحرفية متناهية، وفهم عميق لبنية المجتمع السوري. موجعة قصصنا، ولكن أحلامنا تستحق النجاة.
وهي حريصة على إبراز الجوهر الإنساني، في ظل السواد الحالك الذي يغلف بعض حكاياتها، معتمدة بذلك على البساطة في الطرح لأعمق القضايا، وأعقد المفاهيم والتقاليد. وترجمة الفكرة بلغة صورية جمالية، تحاكي القضية الدرامية المتبناة من قبلها، كحدوتة تلفزيونية تمتد إلى 30 حلقة، وأحيانًا أكثر بقليل.
تنتقي شربتجي نصوصها بذكاء وخبرة، تعرف ماهية المواضيع التي تتسم بالجرأة -فكرة وطرح- وتخلق حالة من الإثارة والجدل، والرغبة في المتابعة، وهذا ما يجعلها محط أنظار المشاهد السوري، والعربي، كون حكايا السوريين يمكن إسقاطها على أي مجتمع آخر، حيث تتشابك فيما بينهم بعض الأمور الحياتية، مع احتفاظ كل بيئة بخصوصيتها، وهويتها.
عدستها تغري كل ممثل للوقوف أمامها، وأهم الأسماء والمواهب التمثيلية السورية تشعر بالاطمئنان في عالمها الفني، لأن الضوء يلاحق شخصياتها.
حتى باتت اليوم ماركة مسجلة في مجال إخراج المسلسلات التلفزيونية، كيف لا وهي المرأة التي استحالت رقمًا صعبًا في عالمٍ يضج بالأسماء الذكورية.
السلافة برؤية مختلفة
من مهام الممثل قراءة النص وفهم الشخصية، وتحويلها إلى روح، وإيجاد منطق لها. ومن ثم التشاور مع المخرج للخروج بصيغة نهائية للدور، تتناسب ورؤيته للعمل الفني. المعروف أن "رشا" تمنح كامل الحرية للممثل في التصرف، وتوفر له مساحته الخاصة للعب والابتكار ليكون الممثل النجم -مهما كبر أو صغر حجم الدور- ضمن ضوابط مهنية لا يحيد عنها ولو قيد أنملة.
الدهب "سلافة معمار" إحدى الممثلات اللاتي تلوّن في طبيعة الأدوار معها، وجميع شخصياتها كانت مهمة وناجحة، شاهدناها أمام كاميرا رشا شربتجي في: "أشواك ناعمة" (رانيا البيطار 2005) عَبر شخصية نضال المراهقة التي تبحث عن هويتها الجنسية.
وكانت بثية في "زمن العار" (حسن يوسف ونجيب نصير/2008) فتاة ثلاثينة أهملت أنوثتها لخدمة والدتها المريضة، لتعيش تباعًا صراعًا داخليًا مختلفًا مع العائلة والمجتمع، نتيجة علاقة جمعتها بزوج صديقتها. شراكتها الثانية هذه مع رشا كرستها نجمة عربية مختلفة.
أيضًا في "تخت شرقي" قدمتها بصورة مغايرة ومتجددة، حيث كانت غريتا -الطبيبة المتدربة- التي تمتلك خلفية ثقافية منفتحة كون نصفها ألماني، وتجمعها قصة حب مع شاب فلسطيني متمسك في شرقيته بما يخدم ذكوريته.
آخر مسلسل للسلافة حمل توقيع المبدعة رشا وتم بثه، كان المسلسل الشامي "حارة القبة" (أسامة كوكش / 2021، 2022) والذي لاقى صدى واسعًا. رغم تشكيل ألفة وتوأمة متمايزة مع قضايا الشارع والمجتمع المعاصر، تمكنت من إثبات نفسها في مسلسلات البيئة الشامية، ونستطيع القول إنها الأفضل في هذه النوعية من الأعمال بعد شيخ الكار المخرج الراحل "بسام الملا".
كلنا شوق لرؤية أم الدهب في صراعٍ جديد، ورؤية مختلفة ضمن حكاية درامية بهندسة الرشا.
محمود نصر وصورة جديدة
حضرت رشا شربتجي في الموسم الرمضاني الماضي من خلال دراما البيئة الشامية، حارة القبة بموسمه الثالث، ومسلسل "مربى العز" (على الصالح)، والذي تعاونت به مع الممثل "محمود نصر" لأول مرة. جسد "نصر" شخصيتين متناقضين في التركيبة -التوأم مناع وورد- نتيجة مهاراته العالية في اللعب والإبداع.
نجح "محمود" بتقديم الدورين وكأن كل شخصية يمثلها ممثل أخر، لأنه ممثل يجتهد ويتعامل بأمانة مع مهنته، والسبب الثاني أن كل مَن يسلم نفسه لمخرجة واثقة بأدواتها ولديها مشروعها الفني، لا يمكن إلا أن يلمع ويعلى نجمه أكثر.
واليوم في رمضان 2024 نأمل بأن نكون شاهدين على كتابة نجاح أخر مع هذين المبدعين السوريين، في مسلسل "ولاد بديعة"، والصورة الفنية الجديدة التي تراه فيها. فالجمهور يعشق تلك العين التي تعرف كيف تلتقط تفاصيل المجتمع السوري بإنسانية عالية، ومعالجة مسائله اليومية بصيغة إبداعية مبتكرة.
فرشا شربتجي آتية من خلفية فنية عظيمة، حيث تتلمذت على يد والدها المخرج الراحل "هشام شربتجي" عراب الكوميديا السورية، وعملت معه لسنوات كمخرجة مساعدة، ثم انطلقت بمشروعها الخاص مع مسلسل "قانون ولكن" (ممدوح حمادة/ 2003).
ثم توالت المسلسلات وعرفت باهتمامها بمواضيع جريئة، وتسليط الضوء على الفساد الأخلاقي في المجتمع والدولة مثل: "غزلان في غابة الذئاب" (فؤاد حميرة / 2006)، و"الولادة من الخاصرة" (سامر رضوان /2012، 2013).
الأحاديث عن قصص الأعمال الرمضانية تبقى مبهمة إلى حين العرض، ولا يتم الإفصاح عن مضمونها سوى القليل.
الجماهير كلها حماس لاكتشاف حدوتة "ولاد بديعة" للمخرجة رشا هشام شربتجي، والكاتبين على وجيه ويامن الحجلي، وما سيثمر عن هذا التعاون. وهل هناك خطوط حمراء تريد القفز فوقها مخرجة الأعمال الإشكالية والجماهيرية؟.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.