أفضل عشرة كتب غير أدبية صدرت في العقد الأخير منذ عام 2010 وحتى الآن

الأكثر أهمية أن هذه النوعية من الكتب، لأنها واقعية وخالية من عامل الاختلاق الجذاب، تستخدم سردًا مذهلًا غرضه شد القارئ إلى أعماق قضاياها ووجهات نظرها، تسلط الضوء على نجاحات عقد من الزمان، وتجمع حقائق تعمدنا إغفالها، وأخرى عشنا في خوف من مواجهتها، وثالثة لم نعلم أننا بحاجة إلى استكشافها.

في هذا المقال نتحدث باختصار عن عشرة كتب غير أدبية (غير خيالية) يرى محررو مجلة Time الأمريكية أنها أفضل ما أبدعه الكتاب منذ عام 2010، وهي مرتبة في المقال حسب عام نشرها. أتمنى أن تجد هذه الكتب مشجعة على القراءة وممتعة ونافعة.

نبدأ قائمة الكتب غير الخيالية الأفضل منذ عام 2010 بكتاب The Warmth of Other Suns للكاتبة Isabel Wilkerson، وهو فائز بجائزة البوليتزر، وفيه عرض ملحمي وحميم في الآن نفسه لحقبة تاريخية هي الهجرة الواسعة لألوف مؤلفة من الأفريقيين الأمريكيين من جنوب أمريكا إلى شمالها، قاصدين مدنًا مثل شيكاجو ولوس أنجيلوس ونيويورك.

نرشح لك قراءة: تجوال في أراضٍ غريبة: كتاب عن الهجرة العظيمة للسود الأمريكيين والجذور المفقودة

الكتاب يركز بشكل خاص على ثلاث قصص؛ ثلاث رحلات مليئة بالصعوبات. تعرض الكاتبة هنا حكايات حقيقية مذاقها مذاقُ الروايات وصِفتُها العمق الشديد، كاشفة معاناة آلاف من المهاجرين من جراء العنصرية والعنف، وكاشفة بعد ذلك جهادهم لتحقيق النجاح رغم العوائق. هو كتاب عن الأمل والبصيرة، عما يحدث حين يقرر قومٌ أنهم يستحقون حياة أفضل. أصداء العمل تكاد تحتفظ بقوتها رغم مرور قرابة الأعوام العشرة على صدوره الأول.

كتاب The Emperor of All Maladies هو من تأليف الكاتب الأمريكي الهندي Siddhartha Mukherjee، وإنها لأصالة وشجاعة عظيمة أن تكتب “سيرة ذاتية” لمرض خبيث وصعب التعريف هو مرض السرطان. كلنا نعرف الداء ونمقته، لكن بفضل كاتبنا خبير الأورام الفائز بالبوليتزر وبفضل كتابه، يمكننا الآن أن نفهمه.

يحكي لنا الكتاب قصة المرض من أيامه الأولى وحتى المقاومة المعاصرة له. يتلو علينا وقائع حربنا مع السرطان بينما يذكرنا في كل وقت بأنها حرب يستحيل الفوز بها، إذ سنظل أبد الدهر عالقين مع هذا المرض في سجال. الكتاب نموذج لمزج العلم الدقيق بالكتابة الأنيقة، ولا جرم بعد ذلك أن خرج على هذه الصورة الصادقة التي كأنها عرض لتاريخ الإنسانية نفسها.

نأتي إلى كتاب Behind the Beautiful Forevers للكاتبة Katherine Boo ذات التحقيقات الصحفية الشهيرة. هو كتاب عن العيش في حي فقير من أحياء “مومباي”، وبخدعة سحرية تتمكن الكاتبة من تحويل تقرير صحفي عادي إلى نص شبه أدبي بديع.

تكشف لنا الكاتبة خبايا الكواليس والجهد الذي تطلبه إنتاج هذا العمل: قضاء أربعين شهرًا بين سكان الحي الفقير تكتب التقارير. قد أجرت محاورات مع 168 شخصًا يصفون من وجهات نظرهم حدث الكتاب الأهم: إشعال امرأة النارَ في نفسها. ما يهم في الكتاب هو مغزاه الذي رأته الكاتبة واضحًا وعرضته من منظور جامعي قمامة “مومباي”، وهو علة المجتمعات الظالمة: أنها لا تزرع في قلوب الفقراء المقت للأغنياء، بل مقت أحدهم للآخر.

الكتاب الرابع بعنوان Wild وهو من إبداع Cheryl Strayed. وقع للكاتبة، في بداية تسعينيات القرن الماضي، أن شاهدت حياتها تنهار بموت أمها بمرض السرطان تاركة وراءها العائلة محطمة. بدأت شيريل تتعاطى الهروين وتفكك زواجها، كانت “يتيمة وفي السادسة والعشرين” كما عبرت في مذكراتها الناجحة جدًّا، والتي جرى لاحقًا تحويلها إلى فيلم سينمائي رُشح لجائزتي أوسكار.

غير أنها سرعان ما أدركت مزية شبابها فقررت اغتنامها، منطلقة وحدها في رحلة على الأقدام من كاليفورنيا إلى واشنطن، مواصلة الضغط على قدراتها البدنية والعقلية، محولة نفسها إلى كاتبة ناجحة وجاعلة بلواها وندمها وحزنها أشياء تستمد منها القوة. صار الكتاب أحد أهم كتب مساعدة الذات فضلًا عن كونه من أهم كتب السيرة الذاتية المعاصرة.

يبدأ كتاب Wave لـSonali Deraniyagala كأنه رواية مرعبة. وهذا حري به بالنظر إلى أن كاتبتنا الاقتصادية اللندنية كانت في إجازة مع عائلتها لما وقع تسونامي المحيط الهندي سنة 2004. كان والداها وزوجها وابناها الصغيران من بين ربع مليون شخص قتلهم التسونامي، بينما نجت هي بالتشبث بفرع شجرة.

آلامٌ كفقد أحبائك كلهم في لمحة بصر تكون على الدوام مبهمة مستغلقة على الأفهام، غير أن الكاتبة تسرد تفاصيل المأساة إلى الحد الذي يجعلها ملموسة. تدعو القارئ إلى عقلها المعذب، من المأساة بتفاصيلها إلى الصدمة التي تلَتها، وصولًا إلى سنوات العناء اللاحقة. رغم أنها قصة مبرِّحة، فهي ترينا نموذجًا قويًّا للتقدم في الحياة وإن يكن بغير النسيان.

كتاب Between the World and Me من تأليف Ta-Nehisi Coates الذي يقول: “تدمير الجسد الأسود تقليدٌ في أمريكا، بل هو إرث”. صاغ الكاتب النص في صورة رسالة يوجهها إلى ابنه، شارحًا فيها كيف آذت أمريكا ودمرت سود البشرة في كل منعطف في تاريخها، بدءًا بالاستعباد ومرورًا بإعدامات “جيم كرو” وحتى قتل الشرطة لـ”إريك جارنر” و”مايكل براون”.

سيرة شخصية فائرة المشاعر، وفيها يخبرنا الكاتب عن نشأته في بالتيمور، عن الغضب واليأس اللذَين اجتاحانه لما مات صاحبه الأقرب برينس جونز بيد الشرطة. اعتلى الكتاب قائمة الأكثر مبيعًا ونال جائزة الكتاب الوطنية وبلغ القائمة الأخيرة للبوليتزر، لكنه حقق ما هو أهم: فتح حوارًا وطنيًّا ألزم بمراجعة ضرورية وغير مريحة للحلم الأمريكي.

كتاب Evicted هو السابع في قائمتنا الخاصة بالكتب غير الخالية أو غير الأدبية، وهو من تأليف Matthew Desmond، فيه ندور حول السؤال المتجاهَل: ما معنى أن تُطرد من بيتك؟ في كتابه الحائز على جائزة البوليتزر، يخبر ديزموند الملايين من القراء بوجوب إجابة هذا السؤال. يتتبع كاتبنا المختص في علم الاجتماع ثمان عائلات في ميلووكي تعاني في المحاكم للحفاظ على منازلها، كما يعرض معاناة أصحاب المنازل الذي لا يرغبون إلا بالحفاظ على ممتلكاتهم والتمكن من تأجيرها لقادرين على الدفع.

الكتاب استكشاف متعاطف لنظام تسكين خرج عن مساره الصحيح، وكيفية تأثير إخفاقاته الكثيرة على شتى جوانب الحياة، من التعليم وحتى التغذية. في أعوام بدأ الناس فيها يدركون سقف الحلم الأمريكي وحدوده، ناشد عدد من الكتب لإنشاء سياسة جديدة غرضها الأول إشباع حاجة المرء الضرورية إلى سكن.

نصل إلى كتاب The Order of Time لصاحبه Carlo Rovelli. خصوصية الزمن ليست بالغريبة على عصرنا، ومع ذلك فلا سبيل لتفادي الشعور بأن عالم اليوم محكوم بهذا المضي السريع والحتمي إلى الأمام. لكن “طبيعة الزمن قد تكون أكبر الألغاز الباقية” كما يقول كاتبنا باحث الفيزياء النظرية.

ينطلق الكاتب بإقدام نحو استكشاف لغز الزمن، تابعًا كتابه الأكثر مبيعًا Seven Brief Lessons on Physics مضاهيًا ما فيه من تفتيح للعقول بشأن حقائق الكون. الكتاب مترجم عن الإيطالية وهو كشف شِعري لتجارب البشر في التحرك بمرور الزمن.

كتاب Bad Blood من تأليف John Carreyrou، وهو تحفة فنية يعدها البعض أفضل كتاب تشويق في السنوات العشر الأخيرة. إنها قصة جذابة عن صعود وسقوط إليزابيث هولمز التي وُصفت ذات يوم بأنها سائرة على خطى ستيف جوبز، وشركتها التي زعمت إنتاجها تقنية اختبار للدم متطورة ستغير العالم، بينما كانت في الحقيقة تدير عملية احتيال هائلة سواء على مستثمريها أو زبائنها.

وصفت مجلة فوربس في عام 2015 هولمز بأنها أغنى امرأة عصامية في أمريكا بثروة تقدر بـ4.5 مليار دولار. في العام نفسه نشر كاتبنا مقاله الأول -اعتمادًا على معلومة من داخل الشركة- شكك فيها في موثوقية المنهج العلمي للشركة، وسرعان ما تداعت عملية النصب عقب ذلك. في هذا الكتاب نلقى شرحًا وافيًا للحكاية كلها من الألف إلى الياء، في أسلوب سرد ممتع مليء بالتوتر والشخصيات التي لا تفتأ تتطور بمرور الصفحات.

آخر كتاب معنا في قائمة الكتب غير الخالية هو كتاب These Truths للكاتبة والمؤرخة Jill Lepore، والتي اختارت عكس الشائع في التأريخ الحديث، فبدلًا من التركيز على فترة زمنية معينة راحت تصف تاريخ أمريكا كله. القمع وحرية الرأي، العبودية والانعتاق، التوسع الاقتصادي والحرمان، وسوى ذلك من المراحل التي مرت بها الولايات المتحدة.

بجوار تغطيتها لأحداث تاريخية مدروسة من قبل بشكل جيد، فإنها تلقي نظرة على التاريخ الحديث لأمريكا، بشكل تفصيلي وحتى الانشقاق الشعبي في انتخابات 2016. هو بالضبط نوع التاريخ الذي يحتاج الناس إلى قراءته لفهم خصائص البلد ولمعرفة أن حاضرنا ليس إلا إعادة لما سبقه من حوادث.

كان هذا عرض وجيز لترشيحات مجلة Time الأمريكية لأفضل عشرة كتب، ضمن تصنيف الكتب غير الخيالية أو غير الأدبية، نشرت في السنوات العشر الأخيرة منذ عام 2010 وحتى الآن، متنوعة بين التاريخ والسيرة الذاتية والفيزياء والطب والتقارير الصحفية، تقع تحت مظلة القراءة والتثقيف بعيدًا عن الكتب الروائية.