سيث ماكفارلن

سيث ماكفارلن، كوميدي أمريكي تمكّن من كسب قلوب المُشاهدين بدعاباته المُميّزة والتي قدّمها خلال العديد من الأعمال التّلفزيونيّة من أبرزها المُسلسل الكرتونيّ ‘Family Guy’ الذي قام بإنتاجه وأداء أصوات أبرز شخصيّاته.

سيث ماكفارلن، شخصيّة أمريكيّة معروفة، ويعمل في قطاع الإنتاج التّلفزيونيّ، التّمثيل، صناعة الأفلام، كتابة الأغاني والغناء أيضًا. وعلى الرّغم من أنّ مواهبه مُتعدّدةٌ في الكثير من المجالات، إلّا أنّ صبّ تركيزه الأساسيّ على قطاع الكوميديا وتحريك الشّخصيّات الكرتونيّة والتي لطالما أذهلته عندما كان صغيرًا.

بدا شغفه الواضح بالرّسوم المُتحرّكة عندما بدأ في الثّانية من عمره برسمِ شخصيّاتٍ كرتونيّةٍ كان يراها على شاشة التّلفاز. قام والداه باستثمار موهبته التي أتت بأوّل ثمارها عندما عرضت عليه أحد الصّحف المحليّة في بلدته الرّسم على صفحاتها وهو ما يزالُ في التّاسعة من عمره.

دخل مجال العمل في تحريك الرّسوم الكرتونيّة في مُنتصف التّسعينات، إلى أن قدّم عام 1999 عمله العبقري ‘Family Guy’ والذي أوقِف عام 2002 ليُعاد بثّه مجدّداًا نزولًا عند رغبة المُشاهدين. خارج الإطار الفنيّ، يُنادي سيث ماكفارلن بضرورة ترسيخ القيم الإنسانية والمساواة بين النّاس جميعًا.

ولد سيث وودبري ماكفارلن Seth Woodbury MacFarlane في بلدة كينت من ولاية كونيتيكت الأمريكيّة في السّادس والعشرين من تشرين الأوّل عام 1973، والده رونالد ميلتون Ronald Milton الذي كان مُدرّسًا في مدرسةٍ تحضيريّةٍ بينما عملت والدته آن بيري Ann Perry في مجال الإدارة الأكاديميّة، ولدى سيث أخت واحدة اسمها راشيل Rachael.

لاحظ الوالدان اهتمام طفلهما الشّديد بالرسوم المتحرّكة، فكان من الواضح أنّه سيُبدعُ بشكلٍ أو بآخرٍ في مجال الرّسم وما يتعلّق به، فقد كان يرسم شخصيّاته المُفضلة مثل نقّار الخشب وفريد فلينستون منذ أن كان عمره عامين فقط.

ليسَ ذلكَ وحسب، فإنّ استيعابه لم يكُن كالأطفال الآخرين، فقد كان يطرحُ الكثيرَ من الأسئلة عن كيفيّة تحريك كُل تلك الشّخصيّات التي كان يُتابعها على التّلفاز بشغف.

سُئلَ الفنان في عديدٍ من المُناسبات عن طفولته فقال مرّة: "عندما أصبحت بعمرٍ يمكنني فيه طرح الأسئلة، كُنت أسأل، كيف تُصنع برامج الرسوم المُتحركة؟ وكيف أصنع بنفسي واحدةً منها؟".

في عُمر التّاسعة، حصل الطّفل على أوّل عمل مدفوع له، حيثُ بدأ برسمِ قصصٍ كرتونيّة فُكاهيّة نُشرت باسمه في الصحيفة المحليّة لبلدته وبذلك يكون قد حصل على أوّل جمهور لهُ أيضاً.
درس الفنّان في مدرسة بلدته، كما تابع رسمه للشخصيّات الكرتونيّة خلال دراسته الثّانويّة وبعد أن أنهى الدّراسة في عام 1991، التحق في كليّة رود آيلاند للتصميم Rhode Island School of Design (RISD) حيثُ درسَ عن صناعة الفيديوهات وتحريك الشخصيّات الكرتونيّة.
أنتج سيث في السّنة الأخيرة من دراسته فيلماً قصيراً أسماه ‘Life of Larry’ وشكل هذا الفيلم الإلهام والنّواة لمُسلسله النّاجح ‘Family Guy’، كان ذلك الفيلم عملاً مُميّزاً بحقّ، الأمر الذي دفع مُدرّس الفنان إلى عرضه على القيّمين على استديوهات هانا-باربرا للإنتاج الفنّي Hanna-Barbera Productions، الذين أبدوا إعجابهم الشّديد بموهبة الشّاب وعرضوا عليه توظيفه ضمن طاقم عمل الشّركة بناءً على مهاراته في الكتابة.
وعلى الرّغم من أنّ سيث كان يطمح العمل في استديوهات شركة ديزني، لكنّه بكل تأكيد لن يرفض فرصةً كتلك، وبالفعل بعد تخرّجه عام 1995، اتّجه الفنّان الشّاب غرباً وانتقل إلى لوس أنجلوس ليشق طريقه المهنيّ، حيثُ قدّم خلال فترة عمله مع شركة هانا-باربرا العديد من الأعمال الممتازة أبرزها ‘Johnny Bravo’، ‘Cow and Chicken’، ‘I Am Weasel’ و ‘Dexter’s Laboratory’.

في عام 2012، أفادت تقارير عن مواعدته للنجمة المعروفة إيميليا كلارك Emilia Clarke، إلّا أنّ علاقتهما لم تدُم طويلًا حيثُ انفصلا مع حلول شهر آذار عام 2013 بعد انقضاء ما يقارب ستّة أشهر من علاقتهما إلّا أنّهما بقيا على صداقةٍ متينةٍ.

بعد الشّهرة الكبيرة التي حقّقها مُسلسل ‘Family Guy’، أُطلقَ عام 2006 لعبة مُقتبسة عن المُسلسل.|هو من كتب كلمات اغنية ‘Everybody Needs a Best Friend’ لفيلم ‘Ted’، والتي حازت على ترشيحًا لنيل جائزة الأكاديميّة عن فئة أفضل أغنية.|سيث ماكفارلن، المنتج التّنفيذيّ لبرنامج ‘Cosmos: A Spacetime Odyssey’ والذي قدّمه نيل ديغراس تايسن Neil deGrasse Tyson، البرنامج هو النّسخة الحديثة من البرنامج الذي قدّمه كارل ساغان carl sagan في الثّمانينات.|سيث من مُحبّي المُسلسل الشّهير ‘Game of Thrones’.

مسلسل Family Guy
على الرّغم من أنّ ماكفارلن كان قد قدّم وأنتج العديد من الأعمال كما أسلفنا، إلّا أنّ ‘Life of Larry’ بقي عمله المُفضّل والأقرب من قلبه، لذا قرّرَ أن يقوم بتجديده والتّعديل عليه بغية إنتاج عملٍ جديدٍ، وبالفعل قدّم الفنّان بعد فترة فيلمًا كوميديًّا قصيرًا أسماه ‘Larry & Steve’.

كان الفيلم مُتقنًا على جميع النّواحي، الأمر الذي لفت أنظار القيّمين على شركة FOX فاطّلعوا على أعماله وأعجبوا بموهبته الفريدة فعرضوا عليه اتفاقاً للعمل على مُسلسل ‘MadTV’.

على الرّغم من أنّ الاتّفاق لم يرَ النّور، إلّا أنّه بكل تأكيد من أهمّ المحطّات في مسيرة سيث المهنيّة، فعلى إثره قد أصبح على علاقةٍ طيّبةٍ مع FOX التي سُرعان ما قدّمت له عرضًا آخرًا، الذي انطوى على أن يُقدّم حلقة أولى من مُسلسلٍ جديدٍ مقابل مبلغٍ من المال وفي حال حقّقت الحلقة نجاحًا يُتابع العمل على ذلك المُسلسل ويُعرض خلال ساعات المُشاهدة الرّئيسيّة، وكُل ذلك تحت إدارة وإشراف سيث، وفي خصوص تلك الفترة علّقَ الفنّان قائلًا: "لقد أمضيت ما يُقارب الستّة أشهر من دون نوم، من دون حياة بالأحرى، كُنت أقضي وقتي مُستغرقاً بالرّسم كالمجنون لتقديم تلك الحلقة".

وهذه كانت بداية ‘Family Guy’، فعلى الرّغم من الميزانيّة المحدودة التي أُتيحت لسيث، إلّا أنه تمكّن من تقديمٍ عملٍ كان راضٍ عنهُ تمامًا حيثُ أُعجبَ مسؤولي FOX بأسلوبه اللاذع والغير تقليديّ في إلقاء الدّعابات الأمر الذي انتهى بشراء الشّركة للمسلسل في عام 1998 وأعلنت أنّه سيُعرض في أوائل العام 1999.

وبذلك يكون ماكفارلن قد أصبح مُنتجًا مُنفّذًا وهو ما يزال في الرّابعة والعشرين من عمره. للحديث أكثر عن العمل، أدّى المُبدع سيث أصوات شخصيّات المُسلسل الرّئيسيّة، بيتر Peter، ستيوي Stewie، وبراين غريفين Brian Griffin ويدور المُسلسل حول حياة عائلة أمريكيّة مُضطربة تعيش في بلدة كوهوغ الخياليّة من رود آيلاند.

يعتبرُ الفنّان كُلًّا من المخرج وودي آلان Woody Allen والكوميدي جاكي غليسون Jackie Gleason قدوةً لهُ ومصدرًا للإلهام فيظهر تأثّره بهما كثيرًا، إلّا أنّ أسلوبه الكوميديّ الخاص أيضًا يبدو واضحًا ومميّزًا جدًّا خلال حلقات المُسلسل.

حقّق المُسلسل نجاحًا فاق كُلّ التّوقعات وسرعان ما استقطب شريحةً كبيرةً من المُشاهدين إل أن تمّ إلغاء عرضه عام 2002، لكن ذلك لم يُوقف مُحبّيه عن مُشاهدته الأمر الذي انتهى بتحقيق مبيعاتٍ هائلةٍ لنسخ الـ DVD مع تقييمات عالية للحلقات المُعادة، وأمام الشّكاوى الكثيرة من مُحبّي المُسلسل، أعادت الشّركة النّظر في قراراها وقررت الرّجوع عنه لتعيدَ إحياء المُسلسل بحلقاتٍ جديدةٍ.

لكن مُقابل كُل النّجاح الذي شهده العمل، كان هُناك رفض وكره من بعض الأشخاص المُحافظين الذي وجدوا مُبالغةً في بعض المواقف والدّعابات، حيثُ أثار المُسلسل جدلًا أكثر من مرّة، لكن كُل ذلك لم يحل أمام فوزه بالعديد من الجوائز والتّرشيحات من بينها جائزتي إيمي Emmy Award الأمر الذي يُعدُّ إنجازاً بحدّ ذاته.

أعماله الأخرى
بعيدًا عن عائلة غريفين والمُسلسل ناجح، لم يقف الفنّان عن العمل، حيثُ كشف عام 2005 عن مُسلسلٍ جديدٍ ألا وهو ‘American Dad!’ الذي حقّقَ أيضًا نجاحًا كبيرًا وأصبح من أكثر المُسلسلات الكرتونيّة مُتابعةً وشارك في إنتاجه كُلّاً من مات وايتزمان Matt Weitzman ومايك باركر Mike Barker.

حمل المُسلسل طابعًا سياسيًّا أكثر من أي أعمال سيث الأخرى، حيثُ أنّ الشخصيّة الرّئيسيّة ستان سميث Stan Smith يعملُ ضابطًا لدى وكالة الاستخبارات المركزيّة CIA.

أعلن سيث في عام 2007، عن بدئه العمل كمُنتجٍ مُنفّذٍ لبرنامجٍ اسمه ‘The Winner’ إلّا أنّه قد أُلغيَ بعد ستّ حلقات من عرضه.
جاء النّجاح التّالي لمكفارلن مع إطلاق مُسلسل ‘The Cleveland Show’ وهو مُقتبسٌ عن مُسلسل Family Guy حيثُ يُركّز على شخصية كليفلاند براون من المسلسل وعائلته.

على الرّغم من أنّ هذا الفنّان القادم من كونيتيكت قد تمكّن من أن يجد لنفسه مكانةً في قلب عالم هوليوود، إلّا أنه لم يقف عند المُسلسلات الكرتونيّة، فانتقل إلى عالم التّمثيل بشكلٍ مُباشرٍ فشاركَ في العديد من العروض التلفزيونيّة منها ‘The Gilmore Girls’، ‘The War at Home’، و ‘Star Trek: Enterprise’.

وفي العام 2012 قدّم الفنّان أهمّ مُشاركاته في عالم الأفلام، وذلك من خلال فيلم Ted الذي لعب بطولته مارك والبيرغ Mark Wahlberg.
يتحدّث الفيلم عن رجلٍ بالغٍ يُرافق دوماً لعبته الدّب والتي كان يلعب بها من أيّام طفولته وذلك بعد أن دبّت في اللعبة.
قدّم ماكفارلن الأداء الصوتي للدمية إلى جانب كتابته، إخراجه وإنتاجه للفيلم.

حققَ العمل نجاحًا ساحقًا بإيراداتٍ تفوق 218 مليون دولار خلال فترة إطلاقه محليّاً وذلك طبقاً لموقع Box Office Mojo.
في وقتٍ لاحقٍ من عام 2012، تلقّى ماكفارلن دعوةً من أكاديميّة فنون وعلوم السينما لكي يُقدّم حفل توزيع جوائز الأوسكار الخامس والثّمانين في عام 2013.