طارق الناصر - Tareq Al-Nasser

مؤسس فرقة رم الموسيقية، وهو ملحن ورائدٌ من رواد حركة التجديد الموسيقي. مؤلف استثار فينا روح الخيال مع كل لحن أضافه إلى أغنية ما، أو كل موسيقى ترنم بها في أحد مشاهد المسلسلات التلفزيونية.

جميعنا نهتم بعالم الموسيقى، لكن ليس كل من خاض عوالمها استطاع النجاة؛ فالأمر لا يقتصر على مجرد إمساك آلة موسيقية والترنيم ببضع ألحان. لكن الأمر مختلفٌ بالنسبة إلى الملحن الأردني طارق الناصر!

طارق الذي ارتبط اسمه بموهبة فذةٍ، بعنان يطلق في عالم الألحان والموسيقى حتى يكاد يطرق جنبات القلب ليجعله يدرك روعة الحياة من حوله. تستشعر حبًا مطلقًا في كل لحنٍ جديد يمزج فيه الروح العربية وعصف الحاضر الغربي، فيغرس فينا الإيمان بقدراته الموسيقية التي تجعل من عوالم الأحلام حقيقة لا شك فيها. مبدع فنان يجبرك على الإصغاء والإصغاء حتى تتناهى خارج حدود الزمان، لتنتقل بكيانك إلى عالم يخلو من صخب الحياة، تتنفس فيه نغمًا موسيقيًا فقط.

كان والد طارق محاميًا حصل على شهادته الجامعية من جامعة دمشق، تزوج من مدرّسة تعود أصول عائلتها إلى تركيا. وبعد زواجهما انتقلا إلى الطائف السعودية ليعمل مدرسًا، وهناك ولد طارق في الثالث والعشرين من شهر آب / أغسطس عام 1969. بقيت عائلته في الطائف مدة عامين تقريبًا، ثم عادوا إلى مدينة إربد الأردنية حيث كبر وترعرع. لديه أخت وحيدة تدعى رسل، وهي تصغره سنًا.

لم تأتِ موهبته الموسيقية من فراغ، بل لأنه نشأ في عائلة تهوى الموسيقى والفن. وهكذا كبر وهو يستمع إلى فيروز والرحابنة، ويغذي سمعه بصوت أم كلثوم. كما كانت خالته التي درست في دمشق تجلب إليهم الكاسيتات الموسيقية من هناك، كون الحصول عليها في الأردن كان صعبًا قليلا.

بدأت أخته الصغيرة رسل تتعلم العزف على آلة موسيقية. وعندما بلغ طارق السادسة عشر، كان يعزف على آلة العود، ثم بدأ بتعلم الأكورديون بنفسه، إلا أنه تعلم العزف السماعي، ولم يتعلم قراءة النوتات حتى وقت متأخر، وكانت تلك مهمة اخته رسل التي أشرفت على تعليمه ذلك.

لا معلومات متوفرة حول حياته الشخصية، إذ يبدو أنه يفضل عدم الخلط بين حياته ومهنته.

أطلق طارق وأخته رسل اسم "رم" على الفرقة نسبة إلى وادي رم- ويسمى أيضًا وادي القمر- الذي يقع في جنوبي الأردن.
حاز على عدة جوائز وتكريمات، كان آخرها الجائزة الذهبية للموسيقى التصويرية في مهرجان القاهرة عن موسيقاه التصويرية لمسلسلي "رسائل الحب والحرب" و"الملك فاروق".

بدأ شغفه يتبلور منذ أيام دراسته الثانوية، حيث أنتج موسيقى تصويرية لإحدى المسرحيات لطلبة جامعة اليرموك. وترك دراسته ليتبع حلمه وينتقل إلى عالم الألحان والموسيقى.

بدأ بتأليف الموسيقى التصويرية للمسلسلات العربية، وكانت أولى انطلاقاته في مسلسل "نهاية رجل شجاع" في العام 1994، تلاها "يوميات مدير عام" الذي أنتج في العام التالي. وفي نفس العام أطلق العنان لحضوره الموسيقي في مسلسل "الجوارح".

كما أخرجت يداه مجموعة من أعظم ما ظهر في الموسيقى التصويرية والتأليف والتوزيع الموسيقي لباقة من أهم مسلسلات الدراما- والتي كان معظمها سوريًا- ومنها: مسلسل "الكواسر" (1998)، و"ملوك الطوائف" (2005)، و"على حافة الهاوية" (2007)، و"رسائل الحب والحرب" (2007)، و"ليس سرابًا" (2008)، و"قلبي معكم" (2009). بالإضافة إلى مجموعة من المسلسلات العربية منها مسلسل "خوات موسى" (2007)، و"أسوار" (2008)، و"الغافة" (2010)، و"ضرب الرمال" (2020).

لم يكتفِ بالغوص في عالم المسلسلات، بل وضع لمساته السحرية لتضفي بريقًا لامعًا في عدد من الأفلام العربية، منها: "مسجون ترانزليت" (2008)، و"التجلي الأخير لغيلان الدمشقي" (2008)، و"حبيب الأرض" (2015).

لم يكن كل هذا الإبداع من وحي الخيال، بل جاء نتيجة تجربة بعيدة المدى، ومحاولات عديدة، وأذن لطالما تناغمت مع كل صوت حولها لتنسج منه موسيقى أشبه بأوركسترا لا تتوقف.

ومن المعروف عن الناصر أنه كان يستغل أوقات التصوير ليراقب كل تفاصيل الشخصيات والمشاهد، يناقش الممثلين عامة في أدوارهم، ويبحث في غمار كل شخصية على حدا. هدف بذلك إلى الوصول إلى اللحن الخاص بكل شخصية، بكل مشهد، وكل موقف؛ فاستطاع بذلك أن ينقلنا بأجزاء من الثانية إلى ذات العالم الذي يعيشه أبطالنا، لنعيش الدور بكل تفاصيله وأبعاده، فتخفق قلوبنا مع كل مشهد، وترفض ستائر أعيننا الانسدال حتى ظهور الشارة التي تعلن عن نهاية الحلقة.

كان نقطة التحول الكبرى في حياته عندما أسس في العام 1998 فرقة "رم" الموسيقية، والتي وجد فيها بداية لمشروع موسيقي كبير. لم يخب أمله فيما توقع، إذ أصبحت الفرقة ذات شأن كبير بمرور بعض الوقت. ومنذ إنشائها تشرف على الفرقة أخته رسل الحاصلة على شهادة البكالوريوس في الموسيقى؛ وتضم الفرقة أيضًا مجموعة من الشباب الأردني الذين جمعهم هوس الموسيقى.

ويعد أبرز ما يميز هذه الفرقة هو التماذج الغريب بين الآلات الموسيقية (العود، والبوق، والساكسفون، والطبول، والأكورديون، والبيانو، وغيرها)، فقد جمعت الطابع الغربي والشرقي في مكان واحد، مكان ضم الموسيقى العربية وموسيقى الجاز والريغي، وهو ما يعد من أصعب وأعقد ما يمكن لموسيقي الإقدام عليه.

قدمت الفرقة مجموعة متنوعة من الأغاني مثل "يا روح" التي شكلت مزيجًا غريبًا بين الثقافات، فجمعت الآلات الشرقية التقليدية بالبيانو والساكسفون والكلارينت. ومنذ تأسيسها، قدمت عروضها في العديد من الدول العربية والأجنبية، بما فيها: سوريا، ولبنان، وتونس، وعمان، والكويت، والمغرب، وقطر، والسويد، وألمانيا، وتركيا، وهولندا.