تشاوشيسكو .. الطاغية الروماني الذي أعدمه شعبه !

أميــرة أحمــد
أميــرة أحمــد

5 د

هو أحد أبرز الطغاة في تاريخ أوروبا الحديث، تعتبر فترة حكمه نقطة سوداء في تاريخ رومانيا، أطلق على نفسه ألقاباً لا نهاية لها، بداية من القائد العظيم ، مروراً بدانوب الفكر، وليس انتهاءاً بالعبقري الذي يعرف كل شيء، إنه نيكولاي تشاوشيسكو الديكتاتور المصاب بجنون العظمة.


من هو تشاوشيسكو ؟

تشاوشيسكو

رئيس سابق لرومانيا ، تولى الحكم من عام 1974 وحتى 1989 ، لطالما سبق اسمه لقب الديكتاتور، لطغيانه وبطشه خلال فترة حكمه، بالإضافة إلى انه تسبب في جعل رومانيا أكثر الدول فقراً في أوروبا بسبب سياسته في الحكم.

ولد نيكولاي تشاوشيسكو في السادس والعشرين من يناير 1918 بمدينة ترجوفيشت بجنوب رومانيا، نشأ في عائلة فقيرة لذلك لم يستطع إكمال تعليمه وتوقف عند المرحلة الابتدائية، وعندما بلغ الحادية عشر من عمره سافر إلى بوخاريست بحثاً عن عمل، وهناك عمل كصانع أحذية لسنوات.


وصوله للحكم

تشاوشيسكو

في عام 1932 خطى تشاوشيسكو أولى خطواته في عالم السياسة، وذلك بانضمامه إلى حزب العمال والحزب الاشتراكي الذي كان محظوراً آنذاك، فتم القبض عليه وقضى عامين ونصف في سجن دوفتانا سيء السمعة، حيث تعرض للعنف وللاعتداء الجسدي، وقد تركت هذه الفترة التي قضاها في السجن علامة في تشاوشيسكو واضحة في تلعثمه الدائم.

وتعد النقطة الأهم في مرحلة السجن هى مقابلته لجيورجيو – ديج أحد أهم الزعماء الثوريين آنذاك، والذي كان بمثابة نهل لتشاوشيسكو حيث تعلم على يده مبادئ وأصول الشيوعية.

لم يكمل تشاوشيسكو فترته في السجن، فقد استطاع الهرب أثناء الغزو السوفيتي لرومانيا عام 1944، وخلال فترة قصيرة لا تتعدى العام كانت رومانيا خاضعه للحكم الشيوعي ، وبدأ تشاوشيسكو تسلق سلم السلطة، وبحلول عام 1945 أصبح تشاوشيسكو عميداً في الجيش الروماني، وفي عام 1965 أصبح السكرتير التنفيذي للحزب الشيوعي، ليصبح بعدها بسنوات قليلة حاكماً للبلاد، وذلك في عام 1974.


رومانيا خلال فترة حكمه

download

تعتبر فترة حكم تشاوشيسكو فترة مظلمة ونقطة سوداء في تاريخ رومانيا، حيث تحولت إلى أكثر بلاد أوروبا فقراً، كانت فترة صعبة في مختلف جوانبها، بداية من الجانب الاقتصادي والاجتماعي للشعب، وحتى الجانب السياسي.

فقد تبددت كل الوعود والآمال العراض التي عاشها الشعب في سراب الشيوعية، لم ينته الفقر ولم تختف الطبقية، بل بالعكس ازداد الحال سوءاً، فقد اتبع تشاوشيسكو سياسة التقشف في إدارة البلاد، فأصبح الحصول على الحاجات الأساسية أمراً صعباً يتطلب الكثير من العناء، وربما كان مستحيلاً في أحيان أخرى، وصلت سياسته في التقشف إلى درجة تقنين الخبز، حيث تم تقدير حصة يومية لكل مواطن عليه أن يلتزم بها، وهذه الحصة تقدر بنصف رغيف !

وبالرغم من ان رومانيا غنية بالموارد خاصة الموارد الزراعية، إلا أن الشعب لم يشعر بها ولم يلمسها في يومه، فلم يكن بشعر بشيء سوى الحاجة، وذلك بسبب تصدير كافة الموارد الزراعية، وسط تجاهل تام لمتطلبات الشعب وحاجة الاستهلاك المحلي، كل هذا كان يحدث بحجة تسديد ديون رومانيا.

هذه الديون التي سببتها مشروعات البناء الضخمة التي قام بها تشاوشيسكو الذي غير ملامح بوخارست تماماً، ومن أبرز هذه المشروعات مبنى “بيت الشعب” الذي هدمت من أجله منازل كثيرة، ويعتبر ثاني أكبر مبني في العالم بعد البنتاجون، كما يعتبر أغلى مبنى إداري في العالم.

جحيم على الأرض إسمه ” كوريا الشمالية ” – تقرير

imgbucharest2

أما على الصعيد السياسي؛ فلم يختلف الأمر كثيرأ، فكانت ذاتها سياسة التضيق، بداية من التحكم في الإعلام ومنع كافة القنوات الأجنبية، حيث كان كل شيء أجنبي حينها يخضع لرقابة صارمة، ولم يكن هناك سوى قنوات رومانية معدودة مسموح بها، تلك التي رآها جهاز الأمن لا تهدد النظام، ومتابعة سواها جريمة تستحق المحاسبة.

يمكننا القول بأن رومانيا تحت حكم تشاوشيسكو كانت دولة بوليسية خالصة، وذلك بفضل جهاز “السيكوريتات” والذي يقصد به جهاز الشرطة السري الذي تنتشر قواته وجواسيسه في كل شبر على أرض رومانيا، بحثاً عمن تسول  له نفسه أن يتمرد أو يعارض، هذه المعارضة التي تتمثل في مواقف عادية وغريبة بعض الأحيان، فمن لا يمتدح النظام يعتبر معارضاً بشكل أو بآخر، حتى من يطلق النكات التي تشير للنظام من قريب أو من بعيد يعتبر معارضاً ومن الدرجة الأولى كما يشكل تهديداً للنظام !

كل هذا التضييق كانت سبباً طبيعياً ودافعاً لقيام ثورة تهز أركان رومانيا، وبالفعل هذا ما حدث عندما اندلعت ثورة في مدينة تيميسوارا غرب رومانيا، ومن ثم تسربت إلى العاصمة بوخاريست ومن ثم إلى رومانيا كاملة، لتنهي صمتاً امتد لسنوات .


الخطاب الأخير

اشتدت المظاهرات واندلعت في كافة أرجاء رومانيا، وتوجه المتظاهرون إلى القصر الرئاسي يطالبون بسقوط تشاوشيسكو، الأمر الذي دفع تشاوشيسكو إلى الخروج إلى شرفة القصر وبدأ يخاطب الشعب بكلمات متوقعة وخطاب مليء بالوعود التي تقسم على التغيير..

ورسم أحلاماً وردية جديدة أملاً في تهدئة تلك الحشود الغاضبة، إلا أن أحداً لم يسمع، فلم يجد سوى الهرب حلاً، وهرب هو وزوجته إيلينا التي يؤكد البعض أنها كان المحرك الأول والأساسي لتشاوشيسكو، بطائرة هليكوبتر خارج القصر وتوجها لمكان لا يعلمه أحد.


تنفيذ حكم الإعدام في تشاوشيسكو

” عاشت جمهورية رومانيا الاشتراكية حرة مستقلة ..  سوف ينتقم التاريخ لي”

كانت هذه آخر كلمات تمتم بها تشاوشيسكو قبل موته ..

بعد هروبهما تمكن بعض المزارعين من التعرف على مكانهما وتسليمها للشرطة، وبعدها تم عقد محاكمة صورية لم تتجاوز الساعتين، وتم توجيه تهم عديدة إليهما، كانت أبرزها الإبادة الجماعية للثوار، وتدمير اقتصاد رومانيا، وعليه تم الحكم عليهما بالإعدام رمياً بالرصاص، وتم تنفيذ الحكم  أمام عدسات التلفزيون، ثم دفنا بعدها في بوخارست.

تشاوشيسكو
ذو صلة

وبالرغم من مرور ما يقرب من 26 عاماً على هذه الحادثة، إلا أن البعض يشكك في صحتها، حيث أشيع أن مشهد الإعدام كان تمثيلياً، وإسكاتاً لهذه الأقاويل أمرت الحكومة الرومانية باستخراج جثتيهما في عام 2010 وأخذت عينات الـ DNA، وبالفعل تم التأكد من كونهما هما تشاوشيسكو وإيلينا زوجته.

المصادر
1, 2

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

Thank you…

مقال رائع
هي واحده من نهايات الطاغه في الأرض وما أكثرها لمن يعتبر !

Ali Abdo لو واحد ظالمك وواخد حقك وقتل أهلك مات هتفرح ولا هتقول يا ريتني كنت مكانه ؟

Ali Abdo لو واحد ظالمك وواخد حقك وقتل أهلك مات هتفرح ولا هتقول يا ريتني كنت مكانه ؟

قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين
صدق الله العظيم
الله يشفي صدورنا بهلاك طاغية الشام يا رب

قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين
صدق الله العظيم
الله يشفي صدورنا بهلاك طاغية الشام يا رب

يقر عيونك بمشهد قتل ؟
الا سحقا لتلك الراحة .

يقر عيونك بمشهد قتل ؟
الا سحقا لتلك الراحة .

مقال رائع جدا وفعلا ذى ما قولتى لا داعى للكلام المبالغ فيه كفايه انك بينتى ملامح عصره وكيف كانت شخصيته اتمنى لكى مزيد من تقدم باذن الله 🙂

سجن في عام 1932 ؟!
يعني عمره 14 سنة ؟
ولم يكمل محكوميته اللتي هي سنتين وبقي حتى 1944 يعني 12 سنة ؟
اعرف ان قصدك سجن عام 1942 لكن مقالاتك عموناً فيها اخطاء
يرجى بذل بعض المجهود لمراجعة المقالات قبل نشرها !

الله يقر عيونا بمشهد مماثل بالقريب العاجل يااااا رب
تشفي فيه صدور قوم مؤمنين

شكراً جزيلاً 🙂

شكراً جزيلاً 🙂

شكرا جزيلاً

شكرا جزيلاً

شكراً 🙂 .. بس اعتقد ان المقال كان هيطول بشكل مبالغ فيه ..

شكراً 🙂 .. بس اعتقد ان المقال كان هيطول بشكل مبالغ فيه ..

هدف المقال إظهار ملامح شخصية تشاوشيسكو .. وليس سرد أحداث الثورة الرومانية 🙂

هدف المقال إظهار ملامح شخصية تشاوشيسكو .. وليس سرد أحداث الثورة الرومانية 🙂

يعطيكم العافيه مقال ممتاز

برافو على المقال وطريقة السرد : )

لم تذكر الفترة ما بعد مقتل تشاوشيسكو اذ انه تم الالتفاف علي الثورة واتهام الثوار بالعمالة وسجنهم وقتلهم وعاد حزب تشاوشيسكو ليحكم قرابة 10 سنوات

مقال مشوق .. لو كنتي أسهبتي أكثر في شرح النقاط اللي ذكرتيها كان ممكن يكون احسن

عفواً رؤوف 🙂

عفواً رؤوف 🙂

الدكتاتورية والظلم في كل زمان ومكان 🙁 الله يدمرهم ،، شكرا اميرة

ذو صلة