نصائح للمعلمين: الخلطة السحرية لضبط الصف أثناء الدرس دون صراخ

طرق ضبط الصف الدراسي بدون مشاكل ودون صراخ... نصائح للمعلمين
لينـا العطّار
لينـا العطّار

7 د

كيف أسيطر على الطلاب والتلاميذ في فصلي؟ السؤال الذي يؤرق كل أستاذ ومعلّمة منذ الأزل ويحاولون استخدام الطرق المختلفة والوسائل المتعددة، ويبحثون عن الوسيلة المُثلى والأنسب لهم وللفئة التي يعلّموها سواء كانوا أطفالاً في الروضة أو طلاباً في الجامعة.

فجميع الصفوف باختلاف فئاتها العمرية والفكرية والبيئات التي ينتمون إليها، تحتاج إلى مزيج من الحزم واللين لضبطهم والحرص على حصولهم على الفائدة من الدرس ووصول المعلومة لهم. وليس من السهل على المعلّم تنفيذ هذه الخلطة السحرية شبه المستحيلة، وفي بداية عملي كان تحقيقها بالنسبة لي أشبه بمعجزة لا يقوم بها إلا الأنبياء وورثتهم من المعلمين النادر وجودهم في هذا الزمان، كنت أراقبهم من بعيد وأتجرأ وأسأل بعضهم عن الأساليب التي يتعاملون بها مع الطلاب في صفوفهم ويستطيعون جعلهم يجلسون وينصتون لهم باهتمام كبير ويضحكون على نكاتهم ويحفظون كل كلمة يقولونها…

كنت أؤمن أن الصراخ لا يجدي نفعاً، وأن الأستاذ الذي يتعامل مع طلابه بصوته العالي لا يكسب منهم سوى الخوف منه ظاهراً والنقمة وعدم الاحترام والسخرية باطناً وكنت أسمع منهم الكثير من التهكم عليه والتذمر منه ومن أسلوبه، ورغم ذلك ورغم مقتي لذلك الأسلوب كنت أجدني لا أملك غيره في بعض الأوقات فألجأ إليه في لحظة أكون فقدت فيها كل أدواتي وخياراتي الممكنة، وذلك لقلة الخبرة أولاً ولعدم فهمي تلك الخلطة السحرية التي يتعامل بها بعض الأساتذة في فصولهم.

والآن بعد ست سنوات من الخبرة – وهي مدة قصيرة لكنها مفصلية في حياة أي مدرّس – الآن، عرفتُ سرّ تلك الخلطة العجيبة التي كنت أراها سراً كهنوتياً متعلقاً بالمعلمين وأنا سأخون العهد غير المكتوب وأنقلها لكم بكل وضوح وصراحة وأخرجها من مخبئها لتكون بين أيديكم علّها تختصر عليكم الكثير من المطبات والمواقف المحرجة أمام الطلاب والتي تعرضتُ لها كثيراً من قبل وكانت في بعض الأحيان سبب طردي من العمل.


الخبرة أولاً

تأكد تماماً أن أول ثلاث سنوات من أي عمل هي التي ستحدد مستقبلك وطريقك فيه وأسلوبك في العمل الذي لن يكون من السهل أن يتغير بعد ذلك، لذلك ابذل مجهوداً كبيراً خلال تلك الفترة وإذا كنت قد تجاوزتها سيكون عليك أن تنسى كل ما كنت تفعله وتبدأ من الصفر، وهذا يحتاج إرادة كبيرة في التغيير، وضع في ذهنك أن تكون خلالها مجرد طالب تتعلم ممن حولك ومن طلابك أيضاً… نعم من الطلاب فهم الوحيدون الذين يمكن أن تتعلم منهم كيف تتعامل معهم، وفهمك لهم ولما يريدونه منك خلال الدرس سيجعل التعامل معهم وضبطهم أمراً سهلاً وممتعاً.


كن واثقاً بنفسك وقوي الشخصية

لا يوجد مكان لمعلّم ضعيف الشخصية لا يثق بنفسه وبقدراته، ولا يملك أدواته الكثيرة التي تساعده أثناء إعطاء الدرس، ويدخل على الطلاب بخطوات مثقلة غير واثقة من مكانها، يقلب الكتاب أمامه ولا ينظر في عيون الطلاب ويتحدث بتلكؤ وجمل غير مترابطة.

يعود سبب هذا إلى مشكلة في شخصية الأستاذ أولاً، يحتاج معها إلى إعادة حساباته والبحث عن وسيلة لتقوية شخصيته والثقة بنفسه أكثر وبما يقوم به.


التحضير الممتاز قبل الدخول للدرس

أول وسيلة تساعد المدرس في تقوية شخصيته والثقة بنفسه هي تحضيره الجيد قبل الدخول لإعطاء الدرس، وإدخال كل ما يلزمه إلى داخل الصف، تقريباً يمكن القول أنني بداية كنت أتخيل كل ما أريد أن أقوله للطلاب وأفعله قبل الدخول للدرس، حتى النكات التي كنت أريد أن ألقيها على مسامعهم… لاحقاً مع الخبرة وتكرار الدروس سيصبح الأمر مختلفاً وأكثر سهولة، لكن في البداية ستجد نفسك تفهم أي معلومة كأنك تتعلمها للمرة الأولى وتبحث عنها على الانترنت لتقرأ عنها بشكل أكثر عمقاً، وتشاهد فيديوهات متعلقة بها ربما تساعدك في إعطاء الدرس وإيصال المعلومة للطلاب بشكل أكثر سلاسة.


تنويع أساليب إعطاء الدروس

الملل هو العدو الأول للطلاب وأول ما يسبب الفوضى في الصف هو تسرب الملل إلى نفوس الطلاب، فتختلف ردات الفعل بينهم بين من ينام ومن يشغل نفسه بشيء آخر ومن يحاول أن يلفت نظر الأستاذ ويشاغب ويكلم هذا ويلفت نظر ذاك، وهذا بكل تأكيد يجعلك تفقد تركيزك ويجعل الدرس يفلت من يدك…

قاعدة جميلة تعلمتها في دورة مهارات الإلقاء والتأثير (اشغل جمهورك كي لا يشتغل بك)، ولا يحدث هذا وأنت تستخدم الوسائل التقليدية في الإعطاء، أن تقف وتلقي الدرس على مسامعهم، لكن عندما تستخدم وسائل التعلم الفعال والألعاب والعصف الذهني وتفاجئهم كل مرة بفكرة جديدة، تجعلهم يترقبون ما ستفعله خلال الدرس وينتظرونه بفارغ الصبر.

قد يعتقد البعض أن هذا يعني أن على المدرّس أن يبذل الكثير من الجهد ويبتكر الكثير من الأفكار والألعاب ولكن هذا ليس ضرورياً لأن درساً مميزاً أو فكرة ممتعة كل بضعة دروس، ستجعلهم لا يشعرون بالملل ويترقبون دائماً ما ستفاجئهم به.


التدريس عن طريق الألعاب

التدريس عن طريق الألعاب يعد وسيلة فعّالة لضبط الصف المدرسي وزيادة تفاعل الطلاب. من خلال دمج الألعاب التعليمية في الخطط الدراسية، يمكن للمعلمين خلق بيئة تعلم ممتعة وجذابة تشجع الطلاب على التركيز والمشاركة بنشاط، فالألعاب تحفز الطلاب على التعلم بطريقة تفاعلية، مما يساعد على تحسين الانضباط داخل الفصل لأن الطلاب يصبحون مشغولين بتحقيق الأهداف التعليمية بطريقة مسلية. بالإضافة إلى ذلك، تساعد هذه الطريقة على تقوية روابط الصداقة والتعاون بين الطلاب، مما يخلق جواً من الاحترام المتبادل والدعم في الفصل الدراسي.


كن مرحاً معهم واهتم بهم

لا يمكن أن تتخيل ما تفعله ابتسامة جميلة تستقبلهم بها عند الصباح أو تلتقيهم بها في الممرات، أنت لا تريد أن تدخل عقولهم فقط ولكن أن تدخل قلوبهم أيضاً، لأنك تبني نفوسهم وتترك فيهم بصمة وفي شخصياتهم أثراً كبيراً… فكيف يمكن أن تفعل هذا بوجه عابس؟ كن مرحاً معهم وتبادل معهم الأحاديث وتفقد أحوالهم، فهذا سيقربك منهم ويجعلهم يقبلون منك أي نصيحة أو واجب تكلفهم به.


اترك مشاكلك عند باب الصف

لا تدخل عليهم وتبدو على وجهك علامات الاستياء من مشادة مع مديرك أو سوء تفاهم مع صديقك أو شجار مع عائلتك، سيعرفون هذا فوراً وسيكشفون نقطة ضعفك فوراً وربما يعملون على استفزازك أكثر، فاترك مشاكلك عند باب الصف وخذ نفساً عميقاً وادخل عليهم بوجه آخر، فالمشاكل ستنتظرك حتى تنتهي من درسك وتعطيه وأنت في حالة نفسية مرتاحة، عدا أن عصبيتك ستنعكس بشكل سلبي على سير الدرس وجودته وربما وجدت نفسك تخرج عصبيتك على الطلاب مما يعطي عنك انطباعاُ سيئاً لن تستطيع تغييره بسهولة.


تواجد بين طلابك

لا تجلس طوال الوقت في الدرس ولا تقف أمام السبورة وأنت تشرح بل تحرك بين الطلاب وانظر ماذا يفعلون وكن قريباً منهم، وخصوصاً أثناء النشاطات التي يقومون بها فهذا يقوي علاقتك بهم ويساعد على ضبط الصف وعدم شيوع الفوضى فيه.


قم بعمل إرساءات مكانية وفعلية

الإرساءات أو الارتباطات الشرطية تساعدك كثيراً على ضبط الطلاب في الصف، جربت هذه الطريقة شخصيًا، كنت أطرح عليهم سؤالاً وأجد أن الجميع يجيب معاً فيصبح الصف في حالة فوضى كبيرة لا أسمع فيها من يتكلم، صرت أرفع يدي وأقول لهم الإجابة برفع اليد، قمت بهذا عدة مرات وبعدها صرت أرفع يدي دون أن أتكلم فيفهم الجميع القصد… هذه الارتباطات تحتاج بعض الوقت حتى تؤكدها لدى الطلاب لكنها ذات نتيجة مجدية على المدى البعيد، وأنت من تصنعها وتقرر كيفيتها يمكن أن تكون حركة أو وقفة في مكان ما في الصف، أو كلمة معينة تقولها تعطي إشارة لأمر محدد، أي افرض قواعدك منذ البداية.


لا تصرخ… لا تصرخ… لا تصرخ

(صوتك العالي دليل على ضعف شخصيتك)، عبارة رأيتها في أحد الأفلام على سبيل الاستهزاء من مدير يصرخ على طلابه وهو يردد هذه العبارة، لكن رغم السياق الذي جاءت به إلا أنها صحيحة تماماً وصوت المدرس العالي دليل على فقدانه لكل أدواته والأساليب التي يملكها لضبط صفه، مما يجعل موقفه ضعيفاً أمام الطلاب… وفعلياً الطلاب أذكى مما تتصور ويعرفونك بشكل عميق أكثر مما يتخيل، لذلك يستغلون هذه الفرصة التي تدل على ضعف موقف الأستاذ ويقومون باستفزازه أكثر وهذا يفقده السيطرة عل الصف.


انتظرهم حتى يهدؤون

كاستكمال لتجنب الصراخ في الفصل، عندما تدخل إلى الصف مثلًا، هذا يصرخ وذاك يفتح حديثًا، وذاك يشرب، وهكذا.. فقط ابقَ هادئًا وصامتًا وقِف وانظر إليهم بحزم.. ستجدهم في أمكنتهم وينتظرونك أن تبدأ. حتى عندما تكون في عمق الشرح، فإذا بدؤوا بإثارة الفوضى، فقط اصمت وانظر إليهم، صدقني، إنها وسيلة قوية لإعادة السيطرة، ولكن لا تكفي وحدها طبعًا. يمكنك أيضًا استخدام تقنية العدّ هنا: “سأعدُّ تنازليًا من 10 وعندما أصل إلى 0 أريد الجميع في مكانه وجاهزًا لدرسنا.. هيا 10.. 9.. 8…) وهكذا.


أحبب ما تعمل… أو اعمل ما تحب

ذو صلة

في النهاية… التعليم هي المهنة الوحيدة التي لا يصلح أن يكون فيها من لا يحبها، إذا لم تحب مهنة التدريس ولم يكن الوقوف في الصف والتعامل مع الطلاب أمراً ممتعاً لك ويحمل لك معنى كبيراً وتقوم به بشغف، فابحث عن عمل آخر أو حاول أن تحبه وتقوم به برغبة داخلية وشعور بالمسؤولية… فمكانك كمعلم هو مسؤولية أكثر منها مهنة لأن بين يديك ستنشئ أجيال تتأثر بكل فعل تقوم به.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ممتاز الموضوع

صحيح ومفيد عندما أحب مهنتي وطلابي سأترك أثر طيب وتأثير قوي يسمعون مني بال إشارة
كان التعليم متعه وشغف !

نظريات صائبة ولا يجادل أحد في جدواها وأهميتها بالنسبة للمدرس(ة)، ولكن تنزيلها بفضاء الحجرة الدراسية أو بفضاء المؤسسة التعليمية يحتاج – في نظري- إلى صبر ومثابرة، وبالأخص إلى الرغبة، وإلى إدراك قيمة مهنة التربية والتعليم وبالتالي الاتصاف بالخصوصيات والمميزات اللازمة على من يمارسها ، التحلي بها…

جميل شكرا جزيلا
هل يمكنني معرفة اسم الفيلم الذي تحدثت عنه في المقال؟

كلام رائع فعلآ

روووووعة ..جزاك الله خيرا

ذو صلة