هل يمكن أن تساعدك الموسيقى على الدراسة أم أنّها مجرّد حجة لتضييع الوقت؟
6 د
الاستماعُ لمقطوعة The Swan الرائعة وغيرها من أنماط الموسيقى الكلاسيكية الهادئة بين الحين والآخر، هو وسيلتي الفضلى للوصول للراحة والسكينة بعد عناء يومٍ طويلٍ من التعب والمسؤوليات المتلاحقة، لطالما كانت الموسيقى مهربي عن العالم الخارجي؛ فكنت ألجأ إليها أثناء الدراسة لتعزلني عن الضجيج المحيط وتساعدني على التركيز في دراستي، الأمر الذي لم يكن يعجب والديّ كثيراً لأنهما وجدا فيها شغلاً لعقلي عن الدراسة وإضاعةً للوقت. حاولت إقناعهما كثيراً بالعكس إلا أنّني عجزت واليوم أسعى للحصول على إجابةٍ علميّة هل للموسيقى دورٌ إيجابيٌّ يساعدنا على الدراسة؟ أم أنّها مجرد ضوضاء تشغلنا عنها؟ هذا ما سنعرفه في سطورنا اللاحقة من مقال اليوم.
أثر الموسيقى على الدراسة
دور الموسيقى بين النظريات والإثباتات في تنشيط عمل الدماغ
كثيراً ما تدور مناقشات بين الطلاب عن الطريقة التي يفضلها كلٌّ منهم في دراسته. فبعضهم يؤيد الاستماع لبعض الأغاني والمعزوفات أثناء دراسته وكيف تعطيه دافعاً ومحفزاً من خلال ما توفره من جوٍّ هادئٍ ولطيفٍ، بينما البعض الآخر من الطلاب له رأيٌّ مخالفٌ لهذه الفكرة فهم لا يتحملون سماع أي مؤثراتٍ أو أصواتٍ وهم يدرسون. فهل للموسيقى أثرٌ مشجعٌ حقاً على الدراسة؟ لنسمع رأي العلم في ذلك.
لقد بينت بعض الدراسات أن موسيقى Itunes تعتبر مسؤولةً عن إحداث تغيراتٍ إيجابيةٍ كثيرةٍ على صحة الإنسان البدنية والعقلية، حيث أن للموسيقى دور في تنشيط عمل الدماغ ونصفي الكرة المخيّة، الأيمن والأيسر في ذات الوقت مما يدفع الشخص إلى التعلم بصورةٍ أسرع ويحسّن من ذاكرته ونشاطه العقلي بشكلٍ واضح.
فوائد الاستماع للموسيقى وأثرها على صحة الطلاب العقلية والبدنية والنفسية
قد يُنظر للموسيقى بأنها مجرّد ترفيهٍ عن النفس وقضاء وقتٍ ممتعٍ ومسلٍّ برفقة ألحان وكلمات الأغاني التي نردّدها ونستمتع بها، ولكن حقيقة الأمر يتعدى ذلك إلى الكثير من الفوائد والإيجابيات التي تمنحها الموسيقى للأشخاص والتي تنعكس على حياتهم بكل نشاطٍ وهمةٍ.
إليكم أهم الفوائد التي من الممكن أن تساعد الطلاب أثناء دراستهم وتحصيلهم العلمي جراء استماعهم لبعض الألحان والأنغام الموسيقية:
للموسيقى دورٌ في تخفيف التوتر والضغط النفسي أثناء الدراسة
ذكر المركز الطبي بجامعة ميرلاند أن الموسيقى تخفف من التوتر الذي يعاني منه الطلاب في مختلف مراحلهم الدراسية وخصوصاً في الصفوف المتقدمة جراء الضغط الدراسي والنفسي، وأكد المركز على أهمية استماعهم للموسيقى وبالأخص الهادئة منها فهي تعتبر أداةً فعالةً للتخفيف من العصبية والتوتر من خلال تنظيم معدل ضربات القلب ومستويات ضغط الدم في الجسم البشري. أيضاً قد يتعرض طلاب المراحل الجامعية لضغوطاتٍ كثيرةٍ ومن الممكن أن يصيبهم الإحباط أو الضياع في جوٍّ جديدٍ مغايرٍ للمراحل الدراسية السابقة، فيبرز هنا الدور المهم للموسيقى التي تساعدهم على اجتياز هذه المرحلة بكلِّ عزيمةٍ وإرادةٍ من خلال تعديل مزاجهم وتقوية مشاعرهم وإرادتهم.
موسيقى الراب قد تكون حلاً جيداً لتجاوز قلق الامتحان
عندما تعاني من الأرق والقلق قد تحتاج مساجاً لعضلاتك لترتاح أعصابك ويوقف عقلك عن التفكير المستمر ، كذلك هي الموسيقى فهي تعتبر بمثابة مساجٍ للأعصاب عندما ينتابك قلق الامتحانات والخوف من تقديم الاختبارات. فقد ذكرت دراسة قدمتها جامعة كامبريدج مفادها؛ الحديث عن الدور الداعم والمعزز لموسيقى الهيب هوب وما توفره لمن يقوم بالاستماع لها من تعاملٍ جيدٍ مع المشاكل النفسية والعقلية وإدارتها بصورةٍ مناسبةٍ ومحببةٍ للنفس، لذلك إذا كنت على أبواب الامتحانات فاستعن بأحد أغاني وموسيقى الراب ولا ضير من تجريب هذه النصيحة على مسؤولية الدراسة السابقة، فربما تنعم بالراحة وتتفادى القلق والخوف.
زيادة المهارات والقدرات لأداءٍ متميزٍ وناجح
هل تعلم أن للموسيقى تأثيرٌ كبيرٌ على زيادة الأداء البدني والعقلي على حد سواء، لذلك ينصح بها في الأوقات التي تتطلب جهداً وأداءً متميزاً وهذا حال الموسيقى مع اللاعبين الرياضيين؛ فهم يستمعون لها قبيل مبارياتهم الرياضية أو أثناء تمارين التدريب ويحظون بعد ذلك بلعب متناسقٍ ويحققون الفوز في أغلب الأوقات. فقد أكدت العديد من الدراسات أثر الاستماع للموسيقى في تحفيز وتنشيط الأداء وزيادة القدرات البدنية والعقلية، فهذا تأثير الموسيقى على اللاعبين الذين يحتاجون لأداءٍ متميزٍ يحقق لهم الفوز، فكيف الحال إذا مع الطلاب؟ بالطبع الألحان والأنغام الموسيقية لها دورٌ كبيرٌ في رفع وتيرة النشاط لدى الطلبة وتخفف من ضغوطهم الدراسية وخصوصاً في الأوقات المليئة بالدروس والواجبات.
سماع بعض الموسيقى الهادئة سوف يعزز التركيز لديك
“الموسيقى تعزز وتقوي التركيز” البعض يوافق هذه المقولة والبعض يخالفها كلٌ على حسب مزاجه وما تألفه نفسه. ولكن وبحسب دراسةٍ صادرةٍ عن جامعة ستانفورد فإن الموسيقى تشجع وتحفز الدماغ على الانتباه والتركيز أكثر لهذا دعت الدراسة طلاب الجامعات للاستفادة من الموسيقى للحصول على تركيز وانتباه متقد دوماً، حيث اعتمدت هذه الدراسة على مقطوعاتٍ موسيقيةٍ ترجع للقرن التاسع عشر أكد من خلالها الباحثون أن الموسيقى تؤثر على مراكز الانتباه والإبداع والاستذكار في الدماغ، وأن هذه المؤلّفات الموسيقية التي ترجع لكبار الموسيقيين أمثال بيتهوفن وموزارت وباخ قد استخدمت فيها تقنياتٌ رائعةٌ ساهمت في تقوية التركيز والانتباه منذ 200 سنة.
زيادة القدرات المعرفية
من الفوائد المهمة والقيمة للموسيقى والتي تصب في صلب مقالنا هذا، أن الاستماع للموسيقى يعمل على تحسين عمل المخ وتعزيز المهارات المعرفية، كما ويهدئ المشاعر ويجعل النفس مرتاحةً أكثر مما ينعكس على المخ والذي بدوره يصبح أكثر قدرةً على النشاط والعمل. وذكرت الأبحاث أن الأشخاص الذين تلقوا دروساً في الموسيقى وخصوصاً في سنٍّ مبكرةٍ قبل السابعة من عمرهم؛ فإنهم يتمتعون الآن بصحةٍ عقليةٍ ممتازةٍ وهم بعيدون عن الأمراض المرتبطة بتراجع الذاكرة والزهايمر لأن تعلم الموسيقى كان بمثابة تمرينٍ منشّطٍ ومحفّزٍ لعقولهم وأدائهم المعرفي.
محفز للعاطفة والذاكرة
لا شك أن للموسيقى دورٌ جليٌّ في خلق جوٍّ من الراحة والسعادة والتركيز كما ذكرنا. ولكن محاسنها لم تنتهِ بعد فهي أيضاً محفزٌ قويٌّ للعاطفة والذاكرة. فقد أجريت دراسة على أحد الطلاب من خلال إجراء صورٍ بالرنين المغناطيسي لدماغه وذلك أثناء عزفه لبعض الأغاني المحببة لديه والتي تعوّد عليها في فترة طفولته أو مراهقته، وتم توجيه الأسئلة له ومراقبة أجوبته وردات فعله، فعبّر عن ارتباط كل مقطعٍ من هذه الأغاني بحدثٍ حصل معه سابقاً استذكره من خلال سماعه لتلك الموسيقى المحببة لقلبه وعقله وهو ما يؤكد العلاقة الوثيقة بين الموسيقى والذاكرة ودورها في استرجاع الذكريات الجميلة بعاطفةٍ ومشاعر كبيرة.
وها هو الطبيب النفسي (كورنيليوس إيكرت) مكتشف ما يعرف “دودة الأذن” في عام 1979، يتحدث عن تجربةٍ وأبحاثٍ مطولةٍ عمّا يجعلك تردد أغنية ما أو تحفظ مطلعها ويتركز في ذهنك لوقتٍ طويلٍ؛ إنها بالتأكيد الموسيقى وتلك العلامات الموسيقية التي توقظ الذاكرة وتنشطها ولولا ذلك ما بقيت تلك الأغاني عالقةً في عقولنا نستذكرها من وقتٍ لآخر. هذا ما دفع بعض الأساتذة إلى الاعتماد على تراتيب موسيقية من الأنغام الجميلة التي تجذب الطلاب وتشد انتباههم وخصوصاً في دورات اللغة.
ختاماً، قد يظن الكثيرون أنَّ الاستماع للموسيقى مجرد وقتٍ للتسلية وخلق جوٍّ من الفرح والترويح عن النفس فقط، لكن ما تعلمناه اليوم في هذا المقال قد عرّفنا على الجوانب الأكثر أهميةً للموسيقى ودورها في تحفيز العقل وتنشيطه وزيادة قدراته وإمكاناته. فلنسرق بعض الدقائق من ساعات يومنا وننعم بألحانٍ وموسيقى هادئة أو صاخبة كما تفضلون، فربما تكون علاجاً وحلاً لكثيرٍ من الأمور التي تنتابنا وتقلقٌ راحتنا.
اقرأ أيضاً: من لغة الطبيعة المشتركة بين البشر إلى حلقات النار والمعابد.. كيف أصبحت الموسيقى جزءًا من الطقوس الروحية؟
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.