كيف تتخلص من عادات التسويف والمماطلة لمهامك في المذاكرة؟
هل تستيقظ من نومك، ثم تبدأ يومًا جديدًا قائلًا: “سأنتهي الْيَوْمَ من مذاكرة ٣ دروس، سأنجز كذا وكذا”، ثم تجلس على طاولتك، تهُم بالنظر إلى كتابك، ثم تقول لنفسك: “قبل أن أبدأ سأتصفح مواقع التواصل الاجتماعي سريعًا، تمسك هاتفك، تمر نصف الساعة ثم الساعة ثم نصف الْيَوْمَ ثم الْيَوْمَ بأكمله ولَم تنجز شيئًا مما قمت بتحديده!
هذه المشكلة التي يمر بها معظم الطلاب في موسم الامتحانات، وهي الفترة التي يريدون فيها إنجاز الكثير من المهام في وقت معين، هذه المشكلة هي مشكلة التسويف والمماطلة، وهي تأجيل وتأخير إنجاز عمل هام مطلوب منك لتنفيذه لاحقًا بدل القيام به في الحال، ويستبدله الشخص غالبًا بالقيام بأنشطة تبعث في نفسه المتعة والراحة الفورية.
على سبيل المثال: ينتهي بك الأمر إلى مشاهدة فيديوهات على اليوتيوب تستمتع بمتابعتها بدلًا من إنهاء ورقة بحثية تم تكليفك بها، وهو ما كنت في الأساس تنوي إنجازه من البداية عندما فتحت حاسوبك، فلقد فعلت ذلك لأنّك تسوِّف إنهاء مهامك استنادًا إلى إحساسك بأنّ مازال هناك وقتًا، ويحدث التسوّيف عندما يكون هناك فترة زمنية ملحوظة بين اللحظة التي نوى فيها الشخص إنجاز عمل ما، وبين اللحظة التي قام بها بإنجاز هذا العمل فعليًا، كما يقول عالم النفس ” كلاري لاي”.
في البداية يجب أن تحدد وتعترف ما إذا كنت تُمارس هذه العادة أم لا، حتى تستطيع مواجهة ذلك بالحلول المختلفة، وبشكل عام يظهر سلوك الشخص المسوُّف في أنّه دائمًا ما يؤجل المهام الموكلة له حتى آخر لحظة بسبب أعذار غير مقبولة وحجج واهية، يسهل تشتيت انتباهه، فدائمًا ما يقول: “أشعر الْيَوْمَ أنّي لا أستطيع القيام بذلك، سوف أنجزه غدًا”، “مازال أمامي وقت”، “الآن أنا مشغول جدًا لنترك فعل ذلك لوقت لاحق”.
إذا قسمّنا الأعمال أو المهام التي نقوم بها في حياتنا سنجد أنها ٤ أنواع:
- أعمال هامة وعاجلة مثل: (التسليمات والواجبات الدراسية التي تُنجز في آخر لحظة).
- أعمال هامة وليست عاجلة مثل (قضاء وقت مع العائلة أو اتباع نظام صحي).
- أعمال ليست هامة ولكنها عاجلة مثل: (الرد على بعض الرسائل أو المكالمات الواردة).
- أعمال ليست هامة وليست عاجلة مثل: (الانشغال بمواقع التواصل الاجتماعي أو مشاهدة الفيديوهات على اليوتيوب).
وفِي الحقيقة، أنت كطالب قد تجد صعوبة في إنهاء مذاكرتك أو واجباتك الدراسية، لأنّك دائمًا ما تؤجل الفئة الثانية من أعمالك، أو لأنّك تجعل كل مهامك تندرج تحت الفئة الأولى بدلًا من الفئة الثانية، فأنت تعلم أنّ قضاء وقت مع عائلتك شيئًا هامًا لكنك لن تتأثر كثيرًا إذا لم تفعله الْيَوْمَ أو غدًا أو هذا الأسبوع، كذلك هذا التكليف الذي تقوم بإعداده أو المشروع الذي تعمل على إنجازه أو الدروس التي تريد الانتهاء من مذاكرتها، تقول لن يحدث شيء إذا لم أنجزها الْيَوْمَ أو غدًا أو هذا الأسبوع، لكن ما يحدث في النهاية أنّك تندم في اللحظات الأخيرة عندما تجد نفسك مضغوطًا أو عندما لا تحصل على الدرجات التي تتمناها.
لذلك إذا أردت أن تصبح طالبًا فعالًا متفوقًا ومُنِجزًا يجب أن تجعل مهامك الدراسية تندرج تحت الفئة الثانية ليست الفئة الأولى، فالمطلوب منك إنجازه في الدراسة دائمًا عمل هام، ولكن لا تنتظر حتى يصبح من الأعمال العاجلة التي تقوم بإنجازها في آخر لحظة، وذلك حتى تنجز المطلوب منك بإتقان وتمّكن.
والتخلص من عادة التسوّيف ليس مستحيلًا لكنه يتطلب منك بذل الجهد، وامتلاك الإرادة والعزيمة لمقاومة ما يشتت انتباهك أو يعطّلك، وإليك بعض الخطوات التي تساعدك في التغلب على هذه العادة…
1- كافئ نفسك عندما تنتهي من إنجاز شيء
تعد هذه الاستراتيجية خطوة لتحفيزك بشكل كبير، فإذا وضعت لنفسك جدولًا للمذاكرة في بداية الْيَوْمَ، حدد لنفسك مكافأة ستحصل عليها في حال انتهيت من إنجاز مهامك فمثلًا: لو قمت بمذاكرة ٣ دروس الْيَوْمَ، في نهاية الْيَوْمَ قد تخرج ساعة للتنزه مع صديق، أو قد تشاهد فيلمًا، أو حتى قد تتناول قطعة من الحلوى أو أي شيء تعلم أنّك تحب كثيرًا القيام به، وبذلك يصبح دافعًا لك تتذكره كلما تشتّت انتباهك أو وجدت نفسك تماطل في الانتهاء من دروسك، وفِي المقابل عاقب نفسك إذا لم تلتزم بخطتك ولَم تنجز عملك نتيجة لتقصير منك، فمثلًا قد تمتنع عن القيام بنشاط أو فعل تستمتع بالقيام به.
2- اطلب المساعدة من صديق
ليس كل الأشخاص قادرين على المراقبة الذاتية لأنفسهم ومحاسبتها، لذلك قد تكون هذه الخطوة فعالة لك وهي أن تختار صديقًا يشجعك ويتابعك على مدار الوقت بأنّك تسير في الطريق الصحيح للالتزام بخطتك الموضوعة، يذكّرك بأهدافك وأهمية ما تقوم به، يتنافس معك للانتهاء من مهام دراسية معينة، قد يقترح عليك المكافآت والعقاب المناسب لك.
3- تذكر الآثار السلبية الناتجة عن التسويف والمماطلة
كلما وجدت نفسك في طريقك لتسويف مهامك، تذكر ما سينتج عن ذلك ويؤثر عليك بالسلب، تذكر أن ذلك يعطّلك عن تحقيق ما تحلم به، وأنك إذا لم تندم حالياً ستندم لاحقاً على عدم استغلالك للوقت الاستغلال الأمثل لإنجاز مهامك.
4- ضع خطة زمنية لتنظيم وقتك
قد تكون أهم أسباب التسويف هو عدم وضع خطة وعدم تنظيم الوقت، وما يقابله من كثرة الأعمال والمهام، ومن ثم شعور الطالب بالتوهان والحيرة لعدم معرفته من أين يبدأ وكيف سينتهي من جميع هذه المهام! لذلك وضع جدول زمني يتم فيه تقسيم الأعمال الكبيرة إلى مهام صغيرة وتنظيم الوقت بصورة واقعية لإنجاز هذه المهام الصغيرة سيجعل الرؤية واضحة أمام عينيك، وسيساعدك في البدء فورًا في تنفيذ الخطة الموضوعة بإحكام التي تدرك أنّك كلما التزمت بها وابتعدت عن التسويف ستحقق هدفك المنشود.
5- تذكر أهدافك وطموحاتك
حتى تقوم بهذه الخطوة يجب أن تدرك لماذا تسعى لإنجاز المهام والأعمال المطلوبة منك؟ ما هي أهدافك؟ ما هي طموحاتك التي تبذل كل هذا الجهد من أجلها؟ تذكر الأحلام والطموحات البعيدة التي تحلم أن تصل لها يومًا ما وأن ما تفعله خطوة حتى لو صغيرة فهي خطوة تصل بك لهذا الطريق، والأفضل أن يكون حلمك واضحًا أمامك حتى يتجلى في ذهنك كلما وجدت نفسك تماطل في إنهاء عملك، وقد تكتب هذا الحلم بكلمات على أي ورقة وتضعها أمامك لتشاهدها طول الوقت، فمثلًا إذا كنت تحلم أن تلتحق يومًا ما بجامعة هارفرد، قد تكتب كلمة “هارفرد” على ورقة وتضعها على مكتبك، وأثناء المذاكرة كلما وجدت نفسك تسوّف مهامك وتفعل شيئًا آخر غير هام تنظر للورقة وتتذكر حلمك ثم تعود مرة أخرى لاستكمال مذاكرتك، قد تكتب اسم جائزة تحلم بالحصول عليها، اسم مكان تحلم بالذهاب إليه.
6- ابتعد عن كل ما يشتت انتباهك
لا أحد ينكر مدى التأثير الذي أحدثه التقدم التكنولوجي على حياتنا وخاصة الأجيال الحالية، فعاداتنا اليومية أصبحت لا تخلو من تصفح مواقع التواصل الاجتماعي والتواصل من خلال برامج المحادثات وغيرها، وبالرغم من الأهمية والفوائد التي تحققها هذه الوسائل إلا أنّها سببًا لضياع الكثير من أوقاتنا بدون داعي، لذلك إذا أردت أن تنتهي من مهامك الدراسية يجب أن تبتعد عن كل ما يشتت انتباهك ويفقدك تركيزك، أغلق الهاتف، أغلق التلفاز، وإذا كنت تذاكر أو تقوم بإنجاز عمل على حاسبك الإلكتروني فلا تفتح مواقع التواصل الاجتماعي من خلاله، يمكن أن تحدد لنفسك وقتا معينًا لتصفح مواقع التواصل الاجتماعي إذا انتهيت من مهام تحددها في جدولك الزمني.
7- ابدأ بالمهام السهلة
إذا كان شعورك بأنّ عليك إنجاز الكثير من الأعمال يدفعك للتسويف والمماطلة، فيمكن أن تبدأ بالمهام السهلة والتي يتطلب الانتهاء منها وقت أقصر، وهذا قد يعطيك شعور سريع بالإنجاز ويحفزك للاستمرار في الطريق الذي بدأته، ويقلل من شعورك بالإحباط الذي قد يكون السبب الرئيسي في تأجيل أي مهام تم تكليفك بها.
8- تقبل وجود النقص
أحد أسباب مماطلة الشخص الذي يسوّف في إنجاز الأعمال سعيه وراء تحقيق المثالية والكمال، فعلى سبيل المثال يقوم بتسوّيف المشروع المكلف به؛ لأنّه يرى أنّه لم يجد الفكرة المناسبة لتنفيذه حتى الآن، لم يبدأ في كتابة الورقة البحثية لأنّه لم يجد المقدمة المميزة لموضوعه حتى الآن، وإذا كنت هذا الشخص فعليك أن تبدأ فقط وتدرك أن هناك دائمًا فرصة لتحسين عملك، فمثلًا إذا كنت تسوّف مذاكرة المادة التي تشكو من طول وصعوبة منهجها لأنّك تعلم أنّك لن تستطيع إتقانها وإنجازها في وقت قصير، فيمكنك أن تبدأ حتى بتصفحها وقراءتها بشكل عام الْيَوْمَ، وبالتأكيد سيكون ذلك أفضل من عدم مذاكرتها بتاتًا وتأجيلها حتى قبل الامتحان مباشرة ولتكون هذه الخطوة الأولى لتُعيد مذاكرتها مرات عديدة حتى تتقنها.
وفِي النهاية، يجب أن تثق بذاتك حتى تستمر بالمحاولة إذا فشلت خططك، يجب أن تتأكد أنّ كل الخطوات والوسائل التي تسمعها وتقرأها للتخلص من عادة التسويف والمماطلة لن تنجح إلاّ بإرادتك وعزيمتك للوصول لهدفك، عند ذلك ستحقق الإنجازات التي حلمت بها وستحرز فيها نجاحًا ملحوظًا، وذلك لأنّك بدأت فورًا ولَم تنتظر ولم تترك الفرصة للمعوقات أن تدفعك للتسوّيف والمماطلة وأن تقف في طريق نجاحك.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.