أنماط الذكاء التسعة.. كيف تعرف نمطك الخاص؟
6 د
تتأمل وتُسائل نفسك، بعد ملحمةٍ كبيرةٍ بينك وبين زميلٍ لك على رقعة الشطرنج. كيف هزمني؟ وتهز رأسك مُتيقنًا، لا بدّ أنه أذكى مني. ونحن هنا يا عزيزي القارئ، نريد أن نخبرك بأنه لا يوجد أحد أذكى منك، فأنت ذكي ولكن لم تعلم ما هو نمطك بعد، فهناك أنماط الذكاء التسعة، فالذكاء ليس محصورًا في سياق واحد فحسب. وفي مقالنا هذا، سنضع أمامك الأنواع التسعة له، لذا فابحث عن نوعك، ونافس صديقك به.
نظرية الذكاءات المتعددة
ظهرت نظرية الذكاءات المتعددة في عام 1983، حينما طرحها عالم النفس الأمريكي والأستاذ في جامعة هارفرد هوارد غاردنر، في كتابه أُطُر العقل. وحسب الكتاب فإن الذكاء الذهني أو ما يُسمى حاصِل الذكاء (IQ) لا يعكس قدرة وإمكانيات الشخص الذهنية، وحدَّد هوارد تسع أنواع للذكاء، يمكن من خلالها التفريق بين قدرة الأطفال المٌختلفة. حيث إن كل فرد يملك توليفة فريدة من هذه الأنماط، التي تتداخل جميعًا في الحياة اليوميّة.
ترفض هذه النظرية اختبارات الذكاء التقليدية كونها لا تنصف الجميع، باعتبار أن لكلٍ منا نمط خاص. فكما يعتبر غاردنر أننا جميعًا نمتلك نقاط قوة ومهارات معينة نتميَّز بها عن بعضنا البعض، وعلى هذا الأساس بنى غاردنر نظريته.
أنماط الذكاء التسعة وكيف تعرف نمطك الخاص
سنلقي الآن نظرة على أنماط الذكاء التسعة، وهذه الأنماط تالية الذكر تركز على جانب محدد من مهارة أو قدرة ما. وستتمكن عزيزي القارئ من إيجاد نمطك الخاص من خلال الخصائص والميزات الموجودة. وستجد عدة أسئلة في نهاية كل نمط، عليك الإجابة عليها. ففي حال كانت معظم إجاباتك "نعم" فأنت غالبًا أصبت النمط الخاص بك.
الذكاء البصري-المكاني
يعني القدرة على التصور الذهني للعالم البصري والمكاني بدقة جيّدة جدًا، واستخدام هذه القدرة استخدامًا متكاملًا في حل المشكلات والتعبير عن الذات واتِّساع الفكر الإبداعي. وبالتالي يتميز أصحاب هذا النمط بأنهم يقرؤون الخرائط بشكلٍ ممتاز ويحلون ألعاب المتاهات كما أنهم يبدعون في الرسم والنحت وغيره، وبالتالي فهو نمط الرسّامين والنحاتين والمصممين والمهندسين المعماريين.
الأسئلة:
- هل تجيد قراءة الخرائط بشكلٍ جيِّد؟
- هل نادرًا ما تضيع الطريق؟
- هل تعتبر أنك ذو خيال واسع؟
- هل يمكنك تخيل حركة الأجسام بشكلٍ جيد؟
الذكاء اللفظي-اللغوي
يعني الحساسية للأصوات والإيقاعات ومعاني الكلمات والوظائف المختلفة للغة والقدرة على الاستخدام المُتقن للكتابة والتعبير الشفهي. ويتجلى ذلك لدى الذين يحبون كتابة المقالات واستخدام مهارات الفهم اللغوي والمناظرات والحوارات والشعر والكتابة الإبداعية بالإضافة لأصحاب الدعابة المُعتمدة على الكلمة، لذلك نراه عند الشعراء والكٌتاب.
الأسئلة:
- هل أنت محاور جيد؟
- هل تمتلك القدرة على شرح القصص بشكلٍ مميز؟
- هل تحب الكتابة؟
- هل قدرتك في الحفظ مميزة؟
- هل تنظم القصائد والأشعار؟
الذكاء المنطقي-الرياضي
يعني القدرة على الإدراك والاستدلال الاستنتاجي "التفكير الاستدلالي" والاستقرائي والتحليل الرياضي، ويتجلى لدى الذين لديهن القدرة على البحث واكتشاف أنماط وعمليات حل المشكلات والمهارات والعمليات الحسابية. ويظهر هذا النمط لدى العلماء وأساتذة الرياضيات والعلوم والمهتمين بالبرمجة والمحاسبين.
الأسئلة:
- هل مستواك مُميز في الرياضيات؟
- هل تتميز عن غيرك في حل المسائل الذهنية؟
- هل حلولك في المشكلات يُجدي نفعًا؟
الذكاء الجسمي-الحركي
يعني القدرة على الاستخدام المميز للجسم في إظهار الأداء والتعبير عن الأفكار والمشاعر، حيث يكون ذوو هذه القدرة متحكمين جيدين في أجسادهم وذلك بالتحكم المثالي للجسم والتنسيق بين المرئي والحركي والمرونة والتوازن، ونرى هذا النمط عند الرياضيين مثل لاعبي كرة القدم والراقصين حتى الجراحين.
الأسئلة:
- هل ترى أنك مميز في الرقص والرياضة؟
- هل ترى أن تحكُمك بحركات جسدك مميز عن من حولك؟
- هل تشعر بأنك واعي لحركاتك، أيّ تطبق الحركات كما يراها عقلك؟
- هل هناك تنسيق بين ما تراه وما تفعله؟
- هل تستطيع أن تتوزان بشكلٍ جيد؟
الذكاء الموسيقي-الإيقاعي
يوصف بالقدرة على إدراك أنواع الإيقاعات المختلفة وأنماط النغمات ودرجاتها والأداء والتأليف الموسيقي بالإضافة للتحليل والتلحين وكل أشكال التعبير الموسيقي والاستجابة لها والانفعال بآثارها. ونراها عند محبي الموسيقى والموسيقين.
الأسئلة:
- هل تستطيع أن تتعرف على الأغنية من خلال موسيقى المُقدمة؟
- هل تجد المُتعة بالسماع لأنماط الموسيقى المُختلفة؟
- هل يصفك من حولك على أنك موسيقي؟
- هل تعزف على آلة معينة؟
الذكاء الشخصي (الذاتي)
وهو القدرة على إدراك الشخص لمشاعره الداخلية ومجال عواطفه، ويتجلَّى لدى الذين لديهم إرادة قويّة وإحساس قوي بالأنا بالإضافة لحب العمل الفردي وتجنُّب النشاطات الجماعية. ويكونون واعيين لعمليات التفكير الخاصة بهم، ويعززونها بممارسة التأملات. نراه عند الفلاسفة وعلماء النفس ورجال الدين بالإضافة للأطباء النفسيين.
الأسئلة:
- هل أنت كثير التأمل؟
- هل تمضي وقتًا طويلًا بأحلام اليقظة؟
- هل تستطيع أن تدرك ما تشعر به؟
- هل يصفك من حولك أنك مٌتأمل ومدرك لذاتك؟
الذكاء التواصلي
نصفه بالقدرة على فهم الناس وإدراك طباعهم ومزاجهم ودوافعهم بالإضافة لقراءة نواياهم عبر ملاحظة تغييرات الصوت والإيماءات وتعبيرات الوجه، وبالتالي يكون المتصفين بهذا الذكاء قادرين على إقامة العلاقات بشكلٍ جيد، بالإضافة للقدرة المميزة في العمل التعاوني وإجراء المناقشات وتقدير الثقافات الأخرى. نراه عند القادة السياسيين والتُجار والدبلوماسيين والمعلمين.
الأسئلة:
- هل أنت المسؤول عن الصلح بين رفاقك؟
- هل تجد نفسك مُتعاطفًا؟
- هل تستطيع أن تترجم لغة الجسد جيدًا؟
- هل تستطيع أن تعرف ما يُفكر أو ما يشعر فيه الطرف الآخر دون أن تسأل؟
- هل تتعامل بشكلٍ جيد مع مشاعر الآخرين؟
هذه الأنماط آنفة الذكر، هي الموجودة في كتاب أُطر العقل، ولكن هوارد ناقش أنماطًا أخرى تتناسب مع نظريته، وقرر إضافة نمطين منهم، وهما الذكاء الطبيعي والتربوي.
الذكاء الطبيعي
يعني الحساسية للبيئة الطبيعية بالإضافة لفضولٍ فطري في استكشاف العالم الطبيعي، والقدرة على فهم الكائنات الطبيعية بأشكالها المُختلفة. ويكون لمن يتصف بهذا الذكاء حُب كبير للطبيعة والحيوانات والنباتات مما يتأثر بتقلبات الطقس وتغيرات الفصول. ونرى هذا النمط عند علماء الحيوانات والنباتات.
الأسئلة:
- هل ترى أن الطبيعة مكانًا مريحًا لك؟
- هل تستمتع بقضاء الوقت بين الأشجار والزهور؟
- هل تلاحظ التغيرات الطفيفة في البيئة؟
- هل لديك أي اهتمام بتربية حيوانات أليفة؟
الذكاء التربوي
يعني القدرة على تبسيط المعلومات وتوجيهها ونقلها للطرف الآخر بشكلٍ مُيسَر وصحيح، وبالتالي يملك أصحاب هذه القدرة عدة مهارات تمكنهم من الشرح المميز وإيصال المعلومة دون أي جهد أو تعب أو تكرار. ونرى هذا النمط عند المعلمين المميزين وأصحاب القنوات المشهورة على يوتيوب.
الأسئلة:
- هل تستمتع بتعليم من حولك؟
- هل يصفك من حولك أنك سريع في إيصال المعلومة؟
- هل تجد أن لديك عدة طرق في توصيل المعلومات؟
نقد نظرية الذكاءات المُتعددة
لاقت هذه النظرية بما تحتويه من أنماط الذكاء التسعة المتعددة، موجة كبيرة من الانتقادات، حيث وجد الباحثون أن تسميّة هذه المهارات الذهنية والموسيقية والجسمية بالذكاء يُعتبر وصفًا فضفاضًا نوعًا ما، و لا يزيد ذلك من فهمنا بل يجعل الأمر أكثر تعقيدًا. ولو سمّاها غاردنر بالمهارات لوُفِقَ بشكل أكبر، حيث أن الدافع من ورائه اجتماعي وليس علمي. ومن جهة أخرى، قد يجعل تسمية الأشخاص بأحد أنماط الذكاء، محصوري التفكير بهذا المجال ولا يجدون أنفسهم إلا به. وكما نعلم أن يكون الشخص ذكيًا أو حتى خارق الذكاء ليس من الضروري أن يوفر له لقمة العيش.
لم تنته سلسلة الانتقادات، حيث أضافت الأستاذة في علم النفس كارول دويك نقدًا يمس أساس نظرية غاردنر، حيث اعتبرت دويك في كتابها "Mindset: The New Psychology of Success" أن الذكاء والمهارة يمكن أن نحصل عليهم بالعمل المستمر والممارسة، مناقضةً النظرية السابقة التي اعتبرت أن الذكاء فطري دون أي تأثير للعمل والممارسة، وهنا تأتي نقطة ضعف النظرية التي تنسف أي جهد مبذول لكسب المهارة. المشكلة الأخيرة التي سنتطرق لها، هي ضعف الأدلة والأبحاث التجريبية حول الموضوع، فالنظرية لم تُدعم بالتجارب المتعددة.
في آخر الكلام، قد يكون بحثنا الدائم عما يُميزنا مَضيَعةً للوقت، فالأمور التي لا نجيدها نستطيع أن نُتقنها بالتعليم والعمل المستمر. فإذا كنت يا عزيزي قد خسرت هذه الجولة في الشطرنج، ما عليك سوى أن تتمرن وتتمرن لكي تظفر بالحرب مع صديقك.
اقرأ أيضاً: في طريقهم للأفول.. لماذا سيقل عدد الأساتذة الجامعيين في المستقبل؟
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.