تريند 🔥

📱هواتف

نيرد! صفة قد تلاحقك خلال حياتك.. فهل هي نعمةٌ أم نقمة؟

ميس عدره
ميس عدره

5 د

بعيداً عن الثقافة اللغويّة المعتادة وسعة حروفها وتعدّد قواميسها وبحور معانيها، لم يجد النّاس كلمةً مختصرةً تصف ذلك الشّخص المهووس في الدراسة والمذاكرة، أفضل من كلمة نيرد “Nerd”، تلك الصفة التي غدت جزءاً من الثقافة الشعبيّة في مرحلة حياتنا الجامعيّة والدراسيّة على مدار العقود الفائتة والحاضرة.

كثيراً ما تتناقل وتتهافت هذه التسمية على ألسنة أصدقائنا وزملائنا سواءً أكانت بحسن أو بسوء نيّة، لكن حديثاً باتت تهمةً تلاحقنا تحت تبنّي فكرة أنّه ليس من الرّائع أن تكون ذكيّاً، وكونك على هذه السجية فأنت ستكون موضع سخرية الآخرين ومحطّ أنظارهم اللاذعة.

لكن هل حقّاً حياة عباقرة الكمبيوتر والفضاء أمثال ستيف جوبز، وإيلون ماسك ومؤسّسي جوجل، الذين غيّروا إحداثيات الكون بما يخدم البشرية، لم تكن موضعاً للتقدير والحسد من الناس؟ هل هؤلاء الأباطرة كانوا في مرمى السخرية والتهكّم بما أوصلوا إليه العالم من تقدّم وتطوّر بفضل اجتهادهم وذكائهم؟!

فمن أين تولّدت تلك الكلمة لتصبح موضع التداول اليومي بيننا من كل حدبٍ وصوب، وهل كونك Nerd يعدّ نقمةً أم نعمةً؟ دعونا نتعرّف في هذا المقال على تلك الشخصية الفريدة ونغوص في أسرار حقيقتها.


من هو النيرد Nerd؟

النيرد هو الشخص الذكي ذو العقلية المهووسة بهواية أو موضوع علميّ، يكرّس معظم وقته للمهام والاهتمامات الفكرية أو الأكاديمية أو التقنية، تراه يقضي وقته بين صفحات الكتب والمواقع العلميّة، باحثاً عن كل شاردةٍ وواردة تتعلّق بموضوعٍ يشغل تفكيره، ينظر إليه أقرانه على أنّه شخصٌ مفرطٌ في التفكير، لديه وسواسٌ قهري باغتراف المعرفة من كلّ حدبٍ وصوب، بالإضافة إلى اتّهامه بالافتقار إلى المهارات الاجتماعيّة باعتباره يقضي أغلب حياته في ممارسة أنشطةٍ مجرّدة أو تابعةٍ لمجال الخيال العلمي، والتي تصنّف ضمن خانة الاهتمامات غير المألوفة والمرغوبة عند الغالبيّة العظمى من الناس.


لماذا النيرد شخص غير محبوب بين أقرانه؟

السبب الرئيسي لعدم شعبية النيرد هو انشغال تفكيره وانصباب اهتمامه بأشياء مختلفة كلياً عمّا يلهث وراءه أغلب جيل اليوم، مثل الكتب، والاكتشافات العلميّة وأسرار عالم الطبيعة، بعيداً عن أجواء السهر والحفلات، ومتابعة آخر صيحات الموضة، والهوس بأخبار الفنانين وتحركّاتهم. يمكن تشبيهه بشخصٍ يحاول لعب كرة القدم بينما يوازن كوباً من الماء على رأسه، فهو يغرّد في عالمٍ آخر بحثاً عن إرواء شغفه وتوقه للمعرفة والعلوم التي تستهويه، وهنا تكمن المشكلة الحقيقيّة المتجلّية في الغيرة التي تترجم بإقصائه اجتماعياً ونبذه من قبل أقرانه فقط لمجرّد عدم تطابقه مع أذواقهم.


أكبر الخرافات المزعومة حول شخصيّة النيرد 

يعتقد الناس أنّ النّيرد كائنٌ مملٌ متبلّد الحس، يأكل الكتب والمراجع بنهمٍ، يدرس باستمرار ليلاً نهاراً، يخفي نفسه ضمن شخصيّةٍ انطوائيّة تميل إلى العزلة والوحدة، وعدم مشاركة الناس والاستمتاع بالأنشطة التقليديّة كمشاهدة الأفلام والخروج للتنزّه، وبالطبع هذا ليس صحيحاً فالفرق هو أنّ نوع استمتاع تلك الشخصية مختلفٌ وفريد، فقد تجده منخرطاً في المناقشات الطويلة حول السياسة أو علوم الكون أو الاختراعات والاكتشافات الجديدة وسط استمتاع محيطه بسعة خلفيته الثقاقية.

إذا كنت نيرداً ستلاحظ في كثيرٍ من الأحيان نظرةً مثيرةً للشفقة يرمقك بها محيطك الاجتماعيّ والدراسيّ، لاعتقادهم أنّك مهووس بألعاب D&D الأسبوعيّة الخاصّة بك، مع اتّهامك بالغباء والتبلّد العاطفيّ، والحكم عليك مسبقاً بالمعاملة السيئة مع الجنس الآخر.


الحقيقة المشرقة: النياردة يحكمون العالم

تطول القائمة التي تستوعب ذلك القدر الهائل من الأسماء والعلامات الفارقة في تاريخ البشريّة، أمثال بيل غيتس (مؤسّس مايكروسوفت)، ستيف جوبز (مؤسّس شركة آبل)، مارك زوكربيرغ (مؤسّس موقع فيسبوك)، لاري بيدج وسيرجي برين (مؤسّسي محرّك البحث Google)، جاك دورسي (مؤسّس تويتر) وغيرهم الكثير على قائمة المهووسين بالعلم والمعرفة والتكنولوجيا، الذين قاموا بأعمالٍ عظيمة ونجحوا في أوسع ميادين الحياة.

ذلك الهوس بالمعرفة والاندفاع للتعلّم في كلّ مراحل الحياة، ليس رغبةً بكسب الكثير من المال أو نيل الشهرة والأضواء، بل لأنّهم ببساطة يحبّون ما يفعلونه ويجدون فيه إشباعاً لشغفهم وتعطّشهم الفطري للمعرفة والحقيقة، وكلّ ما يترتّب على ذلك من النجاح والشهرة والمال مجرّد مكافأة فقط.


أنت تكون نيرداً ليس عيباً


في البداية قد تشعر بالغضب والازدراء حيال تلك التسميات الفارغة والمتكررة والضحكات التي تعقبها، فكيف يجرؤ الناس على انتقادك على حبّ شيءٍ من صميم قلبك؟ مقابل ذلك الحماس الذي تفيض به عيناك وأنفاسك عند التحاور بمواضيع علميّة أو تبادل آخر المستجدات البحثيّة مع أصدقائك وزملائك، ستصطدم بشخصٍ يسخر من شغفك وحماسك ويأخذه على محمل التهكّم والتقليل من شأنك.

لكن في المرات اللاحقة ومع مرور الوقت لن تكترث بشأن منتقديك وراء ظهرك، وحتّى لو كنت مهتمّاً بما يعتقد الناس عنك، ستصل إلى قناعةٍ تامّة وإدراكٍ جوهريّ لحقيقتك الفطريّة التي تميّزك عن سائر من حولك في مكانٍ أرقى وأسمى من تفاهات وسطحيّة تلك العقول الصغيرة.

فمن الآن فصاعداً يجب أن تشعر بأنّك محظوظٌ عند مناداتك بالـ نيرد، فكونك متحمّساً لعلوم الكون، وشغوفاً بمعجزة الوعي البشري، ليست إهانةً بعد الآن.


الردّ المناسب على عبارة “أنت نيرد”

ربّما يولّد وصفك بالطالب الذي يذاكر كثيراً أحد أفضل المشاعر في العالم. إنّ ذلك الوصف الذي يستخدمه الناس من حولك لا يعني نعتك بالذكاء فحسب، بل سيتيح لك أيضاً معرفة أنّهم أقلّ ذكاءً منك، ويحسدونك على ما تمتلكه من سعة الفهم والإدراك، وذلك الحسد مرتبط ارتباطاً مباشراً بمشاعر الدونية داخلهم. لذا في المرّة القادمة التي يدعوك فيها شخصٌ ما بـ “مُلتهم الكتب” أو “عبقريّ زمانه” أو “يا نيرد”، ما عليك سوى أن تردّد مباشرةً عبارة “شكراً” مع ابتسامةٍ لطيفة.

في الوقت الحاضر، يفخر الكثير من الناس بكونهم Nerd لدرجة أنّهم قد يصابون بجنون العظمة المتولّد من كثرة المديح. وفي كثيرٍ من الأحيان سيُلقي أصدقاؤك عليك تلك الصفة من باب التودّد واستفزازك بطريقةٍ إيجابيّة.

ذو صلة

وكثيراً ما ستصدر من زملائك بشكلٍ عفويّ دون التفكير في جانب الرفض الاجتماعيّ للكلمة، لكن انطلاقاً من تقديرهم وإعجابهم بذكائك. لذلك هوّن عليك ولا تعطِ اهتماماً مبالغاً للناس من حولك.

اقرأ أيضًا: مهارات عليك تعلّمها لتقدّم عرضًا تقديميًّا ناجحًا يأسر الجمهور ويبهره

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة