هل يمكن لطموحك أن يكون خطراً عليك؟ اكتشف متى يكون الطموح أمراً سلبياً وكيف عليك التعامل معه
يصف العديد من رواد الأعمال الطموح بأنه وحش مرعب، قد تتساءل كيف يعقل أن يصف من تشكّل الأحلام والإبداع لب عملهم الطموح على أنه أمر سلبي! أليس هو المحرّك الأساسي الذي يدفع بهم نحو النجاح؟ وألا ينصحنا الجميع أن نصوّب عالياً حينما نضع خططنا المستقبلية وأن نسعى باتجاه ما نريد مع بذل كامل قوتنا وتسخير كلّ وقتنا لتحقيقه؟
في الحقيقة فإن جواب السؤالين معقد ولا يكفي أن نجيب عنهما بنعم أو لا، لذا وعوضاً عن إعطائك جواباً مبهماً سنحلل معاً في هذا المقال فكرة الطموح ومكوناته، وسنقدّم لك اختباراً صغيراً مكوناً من بضعة بنود لتكتشف ما إذا كان طموحك يدفع بك نحو الهاوية بدل أن يوصلك إلى القمة، وسنختم بمجموعةٍ من الحلول البسيطة.
ما هو الطموح؟
يُعرّف الطموح بشكلٍ عام على أنه السعي بشكل دائم ومستمرٍ للنجاح والإنجاز ويميل لأن يكون أمراً شخصياً يختلف من شخصٍ لآخر. يبدو الطموح في ظاهره أمراً إيجابياً وصفةً يجدر على الجميع التحلي بها، لكننا وكما سنرى فإن هناك خيطاً رفيعاً يفصل بين الطموح الإيجابي والطموح السلبي الذي يميل لأن يصبح جشعاً.
كيف تكتشف أن طموحك سلبي؟
وضعنا في هذه الفقرة مجموعةً من العوامل التي قد تشير لأن طموحك قد بدأ بالانزلاق نحو الجانب السلبي، ما عليك فعله هو أن تمسك ورقةً وقلماً وتضع إشارةً في كل مرة تجد أن ما كتبناه موجودٌ لديك فعلاً، إن كان لديك في نهاية الفقرة أكثر من 5 إشارات، فاحذر! فإنّ طموحك أصبح ساماً وعليك أن تبدأ في إعادة حساباتك والانتباه لماهية طموحك.
تشعر بالضيق طوال الوقت لكنك تأمل أن المستقبل سيكون أفضل
حين تبدأ بتخيل أحلامك وطموحاتك وتسرح في نجاحاتك المستقبلية يصبح المستقبل وجهتك المنتظرة وتتجاهل كونك تعيش الآن في هذه اللحظة، لذا تبدأ بمضاعفة جهدك وبذل المزيد لأنك تريد أن تصل إلى تلك الصورة المتخلية والعالم الوردي الذي بنيته.
لا يهمك الطريق، كلّ ما يهمك هو نقطة الوصول
حينما تضع هدفاً وتصبح مهووساً بالوصول إليه تصبح عرضةً لأمرين، أولهما أنك تنسى الاستمتاع بمراحل تقدّمك فتفقد شغفك شيئاً فشيئاً، والثاني أنك قد تفعل أيّ شيءٍ لتحقق ما تريد وقد يبدأ الأمر بالتضحية بوقتك وصحتك لتصل إلى إيذاء الأشخاص من حولك بحجة أنك ستعوضهم حين تحقق ما تريد.
أنت قلقٌ ومذعور دائماً
بسبب رغبتك الدائمة بالشعور بأنك تنجز شيئاً تُذعر بشكلٍ مستمر من عدم الإنجاز أو الفشل، كما من الممكن أن تبدأ باتباع أسلوب التخويف مع نفسك؛ ففي كل مرة تبطئ من وتيرة عملك أو تحاول أن تفعل أمراً آخر تبدأ بتخيل مشهد فشلك، ما يدفعك لأن تكون متوتراً وقلقاً طوال الوقت.
تشعر بالحسد فتضغط على نفسك أكثر
في وقتنا هذا أصبح شعور الحسد متاحاً جداً لنا جميعاً؛ فكل ما عليك فعله هو الإمساك بهاتفك النقال وتصفّح مواقع التواصل الاجتماعي لتشاهد أن أحد أصدقائك حصل على ترقية والآخر اشترى هاتفاً جديداً وهكذا… قد يدفعك ذلك لتتسأل “لم لم أحصل على ترقية بعد؟” أو أن تريد نقوداً أكثر لتشتري هاتفاً جديداً وسيقودك ذلك إلى مضاعفة جهدك أكثر، لكنك ستفتح هاتفك النقال مجدداً وترى أن صديقاً آخر اشترى منزلاً فترغب في شراء منزل مع أنك لم تكن تخطط لذلك حتى، وتستمر في فعل ذلك مقتنعاً أن طموحك هو من يحرّكك لكن الحقيقة أن الحسد والجشع هما محركاك.
تتخلص باستمرار من النشاطات والأشخاص الذين يشعروك بعدم الإنجاز
في كلّ مرةً تجلس لمشاهدة التلفاز تسمع صوتاً في داخلك يؤنبك، في كلّ مرةٍ يتصل بك صديقك ليدعوك لمشاهدة مباراة أو فيلم تعتذر منه لأن لديك عمل تريد أن تنجزه، شيئاً فشيئاً تقرر أن هذا النشاط وذلك الشخص هما مضيعةٌ للوقت ومعوقات تمنعك من الوصول إلى هدفك بشكلٍ سريع فتقرر الاستغناء الكلي عنها على أن تعوّض كل ما فاتك لاحقاً بعد أن تنال مرادك.
تجد صعوبةً في الاسترخاء وإضاعة الوقت ما ينعكس على صحتك
في كلّ مرةٍ تحاول فيها القيام بنشاطٍ ممتع لكنه لا يُسهم في دفعك باتجاه تحقيق هدفك، تشعر بتأنيب الضمير وتحاول أن تعود فوراً إلى نشاطاتٍ مرتبطة بهدفك. قد تذهب بالأمر بعيداً لدرجة أن يؤثر الأمر على صحتك الجسدية والنفسية.
لديك شعورٌ دائمٌ بالفشل
مهما أنجزت من أمورٍ، تشعر دوماً أنك لا تفعل كفاية، وأنّه بإمكانك بذل المزيد من المجهود لتحقق أمراً آخر، فتشعر بتحسنٍ بسيط، لكن يعود الشعور إليك فتبذل مزيداً من الجهد وهكذا دواليك، شيئاً فشيئاً لا يعود شيء يرضيك وتصبح عالقاً في دوامةٍ من بذل الجهد المفرط وعدم الشعور بالرضا.
لا تتقبل النقد وتتعامل معه بسلبية
الشعور الدائم بعدم الأمان والحاجة إلى التعليقات الإيجابية قد يدفعانك لترفض أيّ شخصٍ يقدّم نقداً لعملٍ قمت به، حتى إن كان محقاً فيما يقول فأنت لا تريد أصلاً أن تسمعه.
علاقاتك الاجتماعية في انهيارٍ دائم
في كثيرٍ من الأحيان يبدأ الشخص بإيذاء من حوله إما بسبب توتره الدائم فينفعل باستمرارٍ عليهم، أو يُغرق نفسه في العمل فيتجاهلهم باستمرار، كما أن الشخص الطموح بشكلٍ سلبي غالباً ما يصبح أكثر أنانيةٍ فيسعى وراء أهدافه متجاهلاً عائلته وأصدقاءه، وفيما قد يصل إلى تحقيق هدفه في النهاية لكنه سيجد نفسه وحيداً هناك.
تجعل الأمر يدور حولك وحسب وتغرق في “الأنا”
إنه لأمرٌ مفروغٌ منه أن ما يحركنا ويدفعنا في أغلب الأوقات، رغبتنا في أن نكون الأفضل لأنفسنا، فنتمنى رواتباً أعلى ومراكزاً أهم ونجاحات أكبر، لكن ما نتحدث عنه هنا هو التحوّل لإنسانٍ أناني بالكامل يركض يسعى وراء هدفٍ محدود يرتبط بمصلحته وحده بطريقةٍ مؤذيةٍ للآخرين.
مجموعة حلول لتحوّل طموحك من أمرٍ سلبي إلى دافعاً
الآن، كم نقطةً حققت في الفقرة السابقة؟ أكثر من 5 نقاط، لا تقلق فجميعنا معرّض لذلك، لكنّ الأمر المهم هو أن تدرك ذلك وتحاول أن تحسّن من نوعية طموحك وأسلوب حياتك. إليك 5 طرق فعّالة نتمنى أن تساعدك في طريقك:
تأكد دائماً من كون طموحك أمرٌ منطقي، استخدم مخطط SMART
غالباً ما يشطح خيالنا كلما فكرنا في ما نرغب بتحقيقه في المستقبل وغالباً ما يؤدي ذلك إلى الإجهاد أو الإحباط، لا أنصحك هنا بألا تحلم لكن احرص على أن يكون حلمك قابلاً للتحقيق ومنطقياً؛ ولربما أفضل وسيلةٍ لفعل ذلك هي باستخدام مخططSMART الذي تجد شرحه بالتفصيل هنا.
خذ نفساً عميقاً وانظر حولك
توقف لدقيقة وانظر إلى العالم من حولك، استمتع بالأشياء الصغيرة وحاول أن تقوم ببعض النشاطات التي كانت تجلب لك السعادة مثل إعداد وجبتك المفضلة بهدوءٍ وتركيز، أو الذهاب في نزهة مع أصدقائك المفضلين، أو صنع شيءٍ يدوي؛ من المهم أن تستعيد الهدوء والسكينة لتفكر بوضوحٍ أكثر.
استمتع فيما تفعل
صحيح أن النتائج مهمة، لكنك قد تستغرق أعواماً قبل أن تصل إليها لذا من المهم أن يكون الطريق نحو هدفك ممتعاً أيضاً، لذا احرص أن تختار فعل شيئاً يعجبك؛ ليس من الضروري أن تكون مستمتعاً فيه كلّ يوم لكن إن مضى شهر وأنت تشعر بالضيق والملل، فهل هذا ما تريد فعله لبقية حياتك؟
احتفل بإنجازاتك
تقل قيمة تحقيق الإنجازات والوصول إلى الأهداف عند الأشخاص الذين يعانون من الطموح السلبي، لذا عليك أن تعيد شعور الفرح والفخر إلى ما تقوم به، ابدأ بالاحتفال بكل إنجازٍ حتى البسيط منها واسمح لنفسك بأن تشعر بالفخر والرضا في كل مرةٍ تؤدي فيها مهمةً بطريقة صحيحة. لا تنسى أن تأخذ استراحة بعد كلّ مهمة وتقدّم لنفسك مكافئةً صغيرة.
ابدأ بتخصيص جزءٍ من وقتك للآخرين
إحدى أهم العوامل التي تدفع بك نحو السلبية المفرطة هي الانغماس فيما تريده وحدك دون أن تبالي بمن حولك، فتبدأ بالانعزال عن عائلتك وأصدقائك، والحل أن تخصص وقتاً دائماً تجبر نفسك فيه على التوقف عن العمل أو النشاط الشخصي وتلتفت لمن يحيط بك، فبينما للطموح جانبٌ مهم، ترى العديد من الدراسات أن بناء علاقاتٍ سلمية أمرٌ أهم وبإمكانك الاطلاع على هذا المقال لتقرأ أكثر عن الرابط بين العلاقات الإنسانية القوية والسعادة والطموح.
من المهم قطعاً أن تكون طموحاً إذ أنه ومن دون وجود رغبةٍ في التطور والنمو، ستبقى عالقاً تراوح في مكانك، وستُحتجر في روتينٍ كئيب، لكن ما عليك فعله هو أن تحرص دوماً على مراقبة نفسك وأفكارك وطموحاتك وألا تسمح لها بالانزلاق نحو الطموح السلبي والجشع. نتمنى لك دوماً حياةً مليئةً بالطموحات الإيجابية والرضا الداخلي.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.